خلفية تاريخية
تعود جذور العمل الإيجابي إلى حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة في الستينيات. في عام 1961، أصدر الرئيس جون كينيدي الأمر التنفيذي 10925، الذي حظر التمييز على أساس العرق أو الدين أو الأصل القومي من قبل المقاولين الحكوميين. ثم وسع الرئيس ليندون جونسون هذا الأمر في عام 1965، وأضاف الجنس كفئة محمية. في عام 1967، أصدر جونسون الأمر التنفيذي 11246، الذي يتطلب من المقاولين الحكوميين اتخاذ إجراءات إيجابية لتوظيف الأقليات.
كان الهدف من هذه الإجراءات هو معالجة آثار التمييز التاريخي، الذي أدى إلى حرمان الأقليات من فرص متساوية في مجالات مثل التعليم والتوظيف والإسكان. اعتقد المؤيدون أن العمل الإيجابي ضروري لتصحيح هذه الظلم التاريخي وتحقيق مجتمع أكثر عدالة وإنصافًا.
أنواع العمل الإيجابي
يتخذ العمل الإيجابي أشكالًا مختلفة، بما في ذلك:
- العمل الإيجابي في التوظيف: يشمل هذا النوع من العمل الإيجابي جهودًا لتوظيف وتمثيل مجموعات معينة في القوى العاملة، مثل الأقليات العرقية والإثنية والنساء. قد يشمل ذلك تحديد أهداف التوظيف، والبحث عن مرشحين مؤهلين من هذه المجموعات، وتوفير التدريب والتطوير.
- العمل الإيجابي في التعليم: يهدف هذا النوع من العمل الإيجابي إلى زيادة تمثيل الطلاب من خلفيات متنوعة في مؤسسات التعليم العالي. قد يشمل ذلك النظر في العرق أو الجنس كعامل في القبول، وتقديم المنح الدراسية والبرامج الداعمة للطلاب من المجموعات الممثلة تمثيلاً ناقصًا.
- العمل الإيجابي في المقاولات الحكومية: يتطلب هذا النوع من العمل الإيجابي من الشركات التي تتعاقد مع الحكومة الفيدرالية أو الحكومات المحلية الالتزام بسياسات العمل الإيجابي، مثل توفير حصص معينة للمقاولات من الشركات المملوكة للأقليات أو النساء.
الحجج المؤيدة للعمل الإيجابي
يدعم المؤيدون العمل الإيجابي بناءً على عدة حجج رئيسية:
- تصحيح التمييز التاريخي: يجادل المؤيدون بأن العمل الإيجابي ضروري لتصحيح آثار التمييز في الماضي، والذي أدى إلى حرمان الأقليات من فرص متساوية.
- تعزيز التنوع: يؤكد المؤيدون أن العمل الإيجابي يعزز التنوع في التعليم والتوظيف، مما يؤدي إلى بيئات عمل وتعلم أكثر ثراءً وشمولية.
- تحقيق المساواة: يرى المؤيدون أن العمل الإيجابي يساعد على تحقيق المساواة في الفرص، من خلال توفير فرص متساوية لجميع الأفراد، بغض النظر عن عرقهم أو جنسهم أو خلفيتهم.
- تعزيز العدالة الاجتماعية: يجادل المؤيدون بأن العمل الإيجابي هو أداة مهمة لتعزيز العدالة الاجتماعية والقضاء على الظلم.
الحجج المعارضة للعمل الإيجابي
يعارض معارضو العمل الإيجابي هذه السياسات بناءً على عدد من الحجج:
- التمييز العكسي: يجادل المعارضون بأن العمل الإيجابي يؤدي إلى التمييز العكسي، من خلال إعطاء الأفضلية لمجموعات معينة على حساب مجموعات أخرى.
- عدم الكفاءة: يزعم المعارضون أن العمل الإيجابي يؤدي إلى اختيار مرشحين غير مؤهلين، مما يؤثر سلبًا على الجودة والكفاءة في التعليم والتوظيف.
- إدامة التمييز: يجادل المعارضون بأن العمل الإيجابي يديم التمييز، من خلال التركيز على العرق والجنس بدلاً من التركيز على الجدارة.
- عدم الفعالية: يرى المعارضون أن العمل الإيجابي غير فعال في تحقيق أهدافه، وأنه لم ينجح في القضاء على التمييز أو تحقيق المساواة.
القضايا القانونية
واجه العمل الإيجابي تحديات قانونية كبيرة على مر السنين. قضت المحكمة العليا في الولايات المتحدة في عدد من القضايا التي تحدت سياسات العمل الإيجابي، بما في ذلك قضية *Regents of the University of California v. Bakke* (1978) و *Gratz v. Bollinger* (2003) و *Grutter v. Bollinger* (2003). في هذه القضايا، أقرت المحكمة بأنه يمكن النظر في العرق كعامل في القبول بالجامعات، ولكن فقط كعامل من بين عوامل أخرى، وليس كعامل حاسم. وقد وضعت المحكمة قيودًا على استخدام العمل الإيجابي في مجالات أخرى، مثل التوظيف.
في الآونة الأخيرة، ألغت المحكمة العليا العمل الإيجابي في قبول الجامعات في قضية *Students for Fair Admissions, Inc. v. Harvard* (2023) و *Students for Fair Admissions, Inc. v. University of North Carolina* (2023)، مما أدى إلى تغييرات كبيرة في سياسات القبول في الجامعات الأمريكية.
التأثيرات والنتائج
كان للعمل الإيجابي تأثيرات كبيرة على المجتمع الأمريكي. فقد ساعد في زيادة تمثيل الأقليات والنساء في مجالات مثل التعليم والتوظيف، ولكنه أثار أيضًا جدلاً واسعًا حول العدالة والإنصاف والمساواة. أظهرت الدراسات نتائج متفاوتة حول فعالية العمل الإيجابي في تحقيق أهدافه. في حين أن بعض الدراسات تشير إلى أن العمل الإيجابي قد ساعد في زيادة التنوع، إلا أن دراسات أخرى تشير إلى أنه قد يكون له تأثيرات سلبية على بعض المجموعات.
أدت التغييرات الأخيرة في سياسات العمل الإيجابي إلى إعادة تقييم دور هذه السياسات في المجتمع الأمريكي. من المتوقع أن تستمر النقاشات حول العمل الإيجابي في المستقبل، مع استمرار المحكمة العليا في لعب دور رئيسي في تشكيل هذه السياسات.
الجدل المستمر
لا يزال العمل الإيجابي موضوعًا مثيرًا للجدل في الولايات المتحدة. يجادل المؤيدون بأن العمل الإيجابي ضروري لمعالجة التمييز التاريخي وتعزيز التنوع، بينما يجادل المعارضون بأنه يؤدي إلى التمييز العكسي ويقلل من الكفاءة. تستمر المحاكم في لعب دور رئيسي في تحديد نطاق واستخدام العمل الإيجابي. من المحتمل أن يستمر هذا الجدل في المستقبل، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيق مجتمع أكثر عدالة وإنصافًا.
خاتمة
العمل الإيجابي في الولايات المتحدة هو سياسات وبرامج تهدف إلى معالجة التمييز وتحقيق المساواة في الفرص. على الرغم من أهدافه النبيلة، فقد أثار جدلاً واسعًا على مر السنين، مع حجج قوية من كلا الجانبين. مع التغييرات الأخيرة في القوانين والسياسات، لا يزال العمل الإيجابي موضوعًا مهمًا للنقاش والتقييم في المجتمع الأمريكي.