التَّشْرِيحُ
يَتَمَيَّزُ التَّشْرِيحُ التَّفْصِيلِيُّ لِلْحُفْرَةِ تَحْتَ التَّرْقُوة بِمَكَانِهَا وَالعَلاقَاتِ التَّشْرِيحِيَّةِ حَوْلَهَا. يَتَكَوَّنُ قَاعُ الحُفْرَةِ مِنَ الضِّلْعِ الثَّالِثِ، وَتُحِيطُ بِهَا مِنْ الأَعْلَى عَظْمُ التَّرْقُوة، وَمِنَ الجَانِبِ العَضَلَةُ الدَّالِيَّةُ، وَمِنَ الجِهَةِ الإِنْسِيَّةِ (القَرِيبَةِ مِنَ الخَطِّ النَّاصِفِ لِلْجِسْمِ) العَضَلَةُ الصَّدْرِيَّةُ الكَبِيرَةُ. يُوجَدُ فِي هَذِهِ الحُفْرَةِ عِدَّةُ تَرَاكِيبَ تَشْرِيحِيَّةٍ مُهِمَّةٍ، بِمَا فِي ذَلِكَ الأَوْعِيَةُ الدَّمَوِيَّةُ وَالأَعْصَابُ وَالعُقَدُ اللِّمْفَاوِيَّةُ.
الأَوْعِيَةُ الدَّمَوِيَّةُ
تَشْتَمِلُ الأَوْعِيَةُ الدَّمَوِيَّةُ فِي الحُفْرَةِ تَحْتَ التَّرْقُوة عَلَى الشِّرْيَانِ الإِبْطِيِّ (Axillary artery) وَالْوَرِيدِ الإِبْطِيِّ (Axillary vein)، وَهُمَا اسْتِمْرَارَانِ لِلشِّرْيَانِ وَالْوَرِيدِ تَحْتَ التَّرْقُوِيَّيْنِ (Subclavian artery and vein) عِنْدَ عُبُورِهِمَا لِلْحَافَّةِ الخَارِجِيَّةِ لِلضِّلْعِ الأَوَّلِ. يَقُومُ الشِّرْيَانُ الإِبْطِيُّ بِتَغْذِيَةِ الذِّرَاعِ وَالجُزْءِ العُلْوِيِّ مِنَ الصَّدْرِ، بَيْنَمَا يَقُومُ الْوَرِيدُ الإِبْطِيُّ بِتَصْفِيَةِ الدَّمِ مِنَ الأَطْرَافِ العُلْوِيَّةِ وَإِعَادَتِهِ إِلَى القَلْبِ. تُوجَدُ أَيْضًا فِي هَذِهِ المِنْطَقَةِ فُرُوعٌ مِنَ الأَوْعِيَةِ الدَّمَوِيَّةِ، مِثْلُ الشَّرَايِينِ وَالأَوْرِدَةِ الصَّدْرِيَّةِ، الَّتِي تُغَذِّي العَضَلَاتِ وَالأَنْسِجَةَ المُحِيطَةَ.
الأَعْصَابُ
تَحْتَوِي الحُفْرَةُ تَحْتَ التَّرْقُوة عَلَى ضَفِيرَةِ العُضُدِ (Brachial plexus)، وَهِيَ شَبَكَةٌ مُعَقَّدَةٌ مِنَ الأَعْصَابِ تَنْتَقِلُ مِنَ النُّخَاعِ الشَّوْكِيِّ فِي الرَّقَبَةِ إِلَى الذِّرَاعِ. تُزَوِّدُ ضَفِيرَةُ العُضُدِ الذِّرَاعَ وَالسَّاعِدَ وَاليَدَ بِالإِحْسَاسِ وَالحَرَكَةِ. تُشْكِلُ الأَعْصَابُ الوَارِدَةُ مِنَ ضَفِيرَةِ العُضُدِ مَسَارًا حَسَّاسًا لِكُلِّ مِنَ الوَخْزِ وَالشَّلَلِ فِي حَالَةِ الإِصَابَاتِ. تَشْمَلُ أَعْصَابًا مُهِمَّةً، مِثْلَ العَصَبِ المُتَّجِهِ إِلَى العَضَلَةِ الصَّدْرِيَّةِ الكَبِيرَةِ، وَالعَصَبِ المُتَّجِهِ إِلَى العَضَلَةِ الدَّالِيَّةِ، وَالعَصَبِ الإِبْطِيِّ (Axillary nerve)، وَالعَصَبِ المُتَّجِهِ إِلَى العَضَلَةِ ذَاتِ الرَّأْسَيْنِ العَضُدِيَّةِ (Biceps brachii muscle).
العُقَدُ اللِّمْفَاوِيَّةُ
تَحْتَوِي الحُفْرَةُ تَحْتَ التَّرْقُوة عَلَى عُقَدٍ لِّمْفَاوِيَّةٍ، وَهِيَ جُزْءٌ مُهِمٌّ مِنَ الجِهَازِ اللِّمْفَاوِيِّ. تَقُومُ هَذِهِ العُقَدُ بِتَصْفِيَةِ السَّائِلِ اللِّمْفَاوِيِّ وَإِزَالَةِ الفَضَلاتِ وَالْمُسَبِّبَاتِ المُعْدِيَةِ. قَدْ تَتَضَخَّمُ العُقَدُ اللِّمْفَاوِيَّةُ فِي الحُفْرَةِ تَحْتَ التَّرْقُوة اسْتِجَابَةً لِلْعَدْوَى، أَوْ كَدَلِيلٍ عَلَى مَشَاكِلَ صِحِّيَّةٍ أُخْرَى، مِثْلِ الأَوْرَامِ. فَحْصُ العُقَدِ اللِّمْفَاوِيَّةِ فِي هَذِهِ المِنْطَقَةِ ضَرُورِيٌّ لِتَشْخِيصِ بَعْضِ الحَالاتِ المَرَضِيَّةِ.
الأَهَمِّيَّةُ الإِكْلِينِيكِيَّةُ
تُعَدُّ الحُفْرَةُ تَحْتَ التَّرْقُوة مَوْقِعًا مُهِمًّا لِعِدَّةِ إِجْرَاءَاتٍ إِكْلِينِيكِيَّةٍ. يُسْتَخْدَمُ هَذَا المَوْقِعُ فِي إِدْخَالِ القَثَاطِرِ الوَرِيدِيَّةِ المَرْكَزِيَّةِ (Central venous catheters)، وَالَّتِي تُسْتَخْدَمُ لِتَوَفُّرِ الوُصُولِ الدَّمَوِيِّ عَلَى المَدَى الطَّوِيلِ، وَتُسْتَخْدَمُ فِي إِعْطَاءِ الأَدْوِيَةِ وَالسَّوَائِلِ وَالتَّغْذِيَةِ. كَذَلِكَ، تُسْتَخْدَمُ هَذِهِ المِنْطَقَةُ لِتَحْصِيلِ عَطْفَاتِ الضَّفِيرَةِ العُضُدِيَّةِ لِلتَّخْدِيرِ المَوْضِعِيِّ، وَالَّتِي تُسْتَخْدَمُ لِتَخْدِيرِ الذِّرَاعِ لِإِجْرَاءِ عَمَلِيَّاتٍ جِرَاحِيَّةٍ أَوْ إِجْرَاءَاتٍ أُخْرَى. يُمكنُ أَيْضًا تَحْسِينُ الحُفْرَةِ تَحْتَ التَّرْقُوة بِوَاسِطَةِ الإِبْرِ لِلتَّدْخِيلِ الدَّاخِلِيِّ، خَاصَّةً فِي حَالَةِ اسْتِخْرَاجِ عَيِّنَاتِ النَّسِيجِ أَوْ تَصْرِيفِ السَّوَائِلِ.
العَلامَاتُ وَالأَعْرَاضُ
قَدْ تَكُونُ الإِصَابَاتُ فِي الحُفْرَةِ تَحْتَ التَّرْقُوة مُرْتَبِطَةً بِعِدَّةِ عَلامَاتٍ وَأَعْرَاضٍ. قَدْ تَشْتَمِلُ هَذِهِ الأَعْرَاضُ عَلَى الأَلَمِ، وَالتَّوَرُّمِ، وَالكَدَمَاتِ، وَصُعُوبَةِ تَحْرِيكِ الذِّرَاعِ. قَدْ يَكُونُ الأَلَمُ حَادًّا أَوْ مُزْمِنًا، وَقَدْ يَكُونُ مُرَافِقًا لِخَدَرٍ أَوْ ضَعْفٍ فِي الذِّرَاعِ. قَدْ تَدُلُّ بَعْضُ العَلامَاتِ، كَتَضَخُّمِ العُقَدِ اللِّمْفَاوِيَّةِ، عَلَى مَشَاكِلَ صِحِّيَّةٍ أَكْثَرَ خُطُورَةً، وَلِذَا، فَإِنَّ التَّشْخِيصَ المُبَكِّرَ ضَرُورِيٌّ.
التَّشْخِيصُ
لِتَشْخِيصِ المَشَاكِلِ فِي الحُفْرَةِ تَحْتَ التَّرْقُوة، يَبْدَأُ الأَطِبَّاءُ بِالفَحْصِ البَدَنِيِّ، وَيَتَضَمَّنُ هَذَا الفَحْصُ تَحْسِينَ المِنْطَقَةِ وَالبَحْثَ عَنِ العَلامَاتِ وَالأَعْرَاضِ، مِثْلِ الأَلَمِ وَالتَّوَرُّمِ وَتَغَيُّرِ اللَّوْنِ. قَدْ يُطْلَبُ إِجْرَاءُ تَصْوِيرٍ إِشْعَاعِيٍّ، مِثْلَ الأَشِعَّةِ السِّينيَّةِ أَوْ التَّصْوِيرِ بِالرَّنِينِ المِغْنَاطِيسِيِّ (MRI)، لِتَحْدِيدِ أَيِّ إِصَابَاتٍ فِي العَظْمِ أَوْ الأَنْسِجَةِ الرَّخْوَةِ. قَدْ يُجْرَى أَيْضًا تَخْطِيطٌ كَهْرَبِيٌّ لِلْعَضَلَاتِ (EMG) لِتَقْيِيمِ وَظِيفَةِ الأَعْصَابِ وَالعَضَلَاتِ. إِذَا اشْتُبِهَ فِي وُجُودِ عَدْوَى، قَدْ تُؤْخَذُ عَلامَاتٌ مُعَايَنَةٌ لِلتَّحْلِيلِ المِخْبَرِيِّ.
العِلَاجُ
يَعْتَمِدُ عِلَاجُ المَشَاكِلِ فِي الحُفْرَةِ تَحْتَ التَّرْقُوة عَلَى سَبَبِ المُشْكِلَةِ وَشِدَّتِهَا. فِي حَالَةِ الإِصَابَاتِ الطَّفِيفَةِ، قَدْ يَشْمَلُ العِلَاجُ الرَّاحَةَ وَالْعِلاجَ الطِّبِّيَّ وَاسْتِخْدَامَ كَمَّادَاتٍ بَارِدَةٍ لِتَقْلِيلِ الأَلَمِ وَالتَّوَرُّمِ. قَدْ يَكُونُ الدَّوَاءُ، مِثْلُ مُسَكِّنَاتِ الأَلَمِ أَوِ المُضَادَّاتِ الحَيَوِيَّةِ، ضَرُورِيًّا لِلتَّعَامُلِ مَعَ الأَعْرَاضِ. فِي حَالَةِ الإِصَابَاتِ الشَّدِيدَةِ، قَدْ تَكُونُ الجِرَاحَةُ ضَرُورِيَّةً، خَاصَّةً لِإِصْلاحِ الكُسُورِ أَوْ الأَضْرَارِ فِي الأَوْعِيَةِ الدَّمَوِيَّةِ أَوِ الأَعْصَابِ. قَدْ يَتَطَلَّبُ التَّعَافِي مِنَ الإِصَابَاتِ العِلاجَ الطَّبِيعِيَّ لِتَحْسِينِ النَّطَاقِ الحَرَكِيِّ وَالقُوَّةِ.
المُضَاعَفَاتُ المُحْتَمَلَةُ
قَدْ تَكُونُ المَشَاكِلُ فِي الحُفْرَةِ تَحْتَ التَّرْقُوة مُرْتَبِطَةً بِعِدَّةِ مُضَاعَفَاتٍ مُحْتَمَلَةٍ. قَدْ تَشْمَلُ هَذِهِ المُضَاعَفَاتُ العَدْوَى، وَالنَّزِيفَ، وَالتَّلَيُّفَ (تشكل الأنسجة الندبية)، وَتَلَفَ الأَعْصَابِ. قَدْ تُؤَدِّي العَدْوَى إِلَى تَشَكُّلِ خَرَاجٍ، بَيْنَمَا قَدْ يُؤَدِّي النَّزِيفُ إِلَى تَشَكُّلِ وَرَمٍ دَمَوِيٍّ. قَدْ يُؤَدِّي تَلَفُ الأَعْصَابِ إِلَى ضَعْفٍ أَوْ فَقْدٍ للإِحْسَاسِ فِي الذِّرَاعِ. مَعْرِفَةُ هَذِهِ المُضَاعَفَاتِ مُهِمَّةٌ لِاتِّخَاذِ القَرَارَاتِ العِلاجِيَّةِ المُنَاسِبَةِ وَتَقْلِيلِ مَخَاطِرِهَا.
نصائح للوقاية
يُمكنُ لِبَعْضِ التَّدَابِيرِ أَنْ تُسَاعِدَ فِي الوِقَايَةِ مِنَ المُشْكِلَاتِ فِي الحُفْرَةِ تَحْتَ التَّرْقُوة. يُمْكِنُ لِتَجَنُّبِ الإصَابَاتِ، خَاصَّةً أَثْنَاءَ الرِّيَاضَةِ أَوِ الأَنْشِطَةِ، أَنْ يُقَلِّلَ مِنَ الخَطَرِ. اسْتِخْدَامُ مُعَدَّاتِ الحِمَايَةِ، مِثْلَ وَاقِيَاتِ الكَتِفِ وَالذِّرَاعِ، يُسَاعِدُ أَيْضًا. الحِفَاظُ عَلَى وَضْعِيَّةِ جَسَدٍ جَيِّدَةٍ وَتَجَنُّبُ الإِجْرَاءِ المُتَكَرِّرِ لِحَرَكَاتِ الذِّرَاعِ قَدْ يُقَلِّلُ مِنْ خَطَرِ الإصَابَاتِ. إِذَا كَانَ هُنَاكَ أَيُّ أَعْرَاضٍ أَوْ مَشَاكِلَ، فَمِنَ المُهِمِّ طَلَبُ المَشُورَةِ الطِّبِّيَّةِ الفَوْرِيَّةِ.
خاتمة
الحُفْرَةُ تَحْتَ التَّرْقُوة مَجَالٌ مُهِمٌّ فِي التَّشْرِيحِ، وَتَشْمَلُ عِدَّةَ تَرَاكِيبَ مُهِمَّةٍ، مِنْهَا الأَوْعِيَةُ الدَّمَوِيَّةُ، وَالأَعْصَابُ، وَالعُقَدُ اللِّمْفَاوِيَّةُ. فَهْمُ هَذَا المَجَالِ ضَرُورِيٌّ لِلْكَثِيرِ مِنَ الإِجْرَاءَاتِ الإِكْلِينِيكِيَّةِ وَالتَّشْخِيصِيَّةِ. إِذَا كَانَ هُنَاكَ أَيُّ مُشْكِلَاتٍ فِي هَذِهِ المِنْطَقَةِ، فَإِنَّ التَّشْخِيصَ المُبَكِّرَ وَالعِلَاجَ الفَعَّالَ أَمْرَانِ ضَرُورِيَّانِ لِتَجَنُّبِ المُضَاعَفَاتِ وَتَحْسِينِ الصِّحَّةِ العَامَّةِ.