نشأته وتعليمه
ولد مايكل كريمر في مدينة نيويورك. حصل على درجة البكالوريوس في علم الأحياء التطوري من جامعة هارفارد عام 1985، ثم حصل على درجة الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في عامي 1992 و 1993 على التوالي. كان أطروحته للدكتوراه بعنوان “النمو السكاني والتغير التكنولوجي”.
مسيرته المهنية
بدأ كريمر مسيرته المهنية كأستاذ مساعد في الاقتصاد في جامعة شيكاغو في عام 1992. انتقل إلى جامعة هارفارد في عام 1999 كأستاذ للاقتصاد، وعاد إلى جامعة شيكاغو في عام 2020 كأستاذ جامعي. بالإضافة إلى عمله الأكاديمي، عمل كريمر أيضًا كمستشار للعديد من المنظمات الدولية، بما في ذلك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. كما أسس منظمة “GiveDirectly”، وهي منظمة غير ربحية تركز على تقديم تحويلات نقدية مباشرة للأسر الفقيرة في البلدان النامية.
إسهاماته في الاقتصاد التنموي
يُعتبر كريمر رائدًا في استخدام التجارب العشوائية المضبوطة (RCTs) في الاقتصاد التنموي. ساعدت هذه التجارب على توفير أدلة قوية حول فعالية التدخلات المختلفة في مجالات مثل التعليم والصحة والزراعة. من بين أبرز مساهماته:
- التعليم: أجرى كريمر العديد من الدراسات حول فعالية التدخلات التعليمية في البلدان النامية. أظهرت أبحاثه أن توفير الكتب المدرسية والملحقات الأخرى، مثل المواد الغذائية في المدارس، يمكن أن يحسن التحصيل الدراسي. كما أظهرت دراساته فعالية برامج المنح الدراسية التي تستهدف الفتيات، بالإضافة إلى أهمية المعلمين المؤهلين وذوي الدافعية.
- الصحة: ساهم كريمر في فهمنا للعوامل التي تؤثر على الصحة في البلدان النامية. على سبيل المثال، أظهرت أبحاثه فعالية برامج الوقاية من الديدان المعوية في تحسين صحة الأطفال ونتائجهم التعليمية. كما قام بدراسة تأثير الحوافز المالية على سلوكيات الرعاية الصحية.
- الزراعة: أجرى كريمر دراسات حول كيفية تحسين الإنتاجية الزراعية في البلدان النامية. ركزت أبحاثه على استخدام الأسمدة وتحسين ممارسات الزراعة.
- الفقر العالمي: عمل كريمر على فهم أسباب الفقر في البلدان النامية وسبل الحد منه. استخدمت أبحاثه أساليب تجريبية لتحديد أفضل السياسات والتدخلات لتحسين حياة الفقراء.
جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية
حصل مايكل كريمر على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية لعام 2019، بالاشتراك مع أبهيجيت بانيرجي وإستير دوفلو. مُنحت الجائزة لهم لـ”نهجهم التجريبي للحد من الفقر العالمي”. سلطت الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم الضوء على عملهم في تصميم وتقييم التدخلات التي تهدف إلى تحسين الصحة والتعليم في البلدان النامية. أدت أبحاثهم إلى فهم أعمق لأسباب الفقر وساعدت في تصميم سياسات فعالة للحد منه.
أعماله ومنشوراته البارزة
نشر مايكل كريمر العديد من المقالات والأبحاث العلمية في مجلات اقتصادية مرموقة. بعض من أبرز أعماله تشمل:
- “Population Growth and Technological Change: One Million B.C. to 1990” (1993)
- “The Impact of Educational Inputs on Educational Outcomes in Kenya” (1995)
- “Use of Randomized Evaluations to Reduce Corruption” (2000)
- “A Simple Framework for Evaluating the Impact of Health Interventions” (2002)
- “Good Economics for Hard Times” (2019) – بالاشتراك مع أبهيجيت بانيرجي
أهمية عمل كريمر
يُعد عمل مايكل كريمر ذا أهمية كبيرة في مجال الاقتصاد التنموي. لقد ساهم في تطوير منهجية الاقتصاد التجريبي وجعلها أداة قوية لتقييم فعالية السياسات والبرامج التنموية. أدت أبحاثه إلى تحسين فهمنا للعوامل التي تؤثر على الفقر، وقدمت أدلة قوية تدعم التدخلات التي تهدف إلى تحسين حياة الفقراء في جميع أنحاء العالم. عمله له تأثير كبير على صانعي السياسات والمنظمات الدولية التي تسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة والحد من الفقر.
مساهماته في GiveDirectly
بالإضافة إلى عمله الأكاديمي، أسس مايكل كريمر منظمة “GiveDirectly”، وهي منظمة غير ربحية تركز على تقديم تحويلات نقدية مباشرة للأسر الفقيرة. يعتمد نموذج “GiveDirectly” على فكرة أن تقديم الأموال مباشرة إلى الفقراء هو وسيلة فعالة لمساعدتهم على تحسين حياتهم. تقوم المنظمة بتحويل الأموال مباشرة إلى الأسر الفقيرة دون أي شروط، مما يسمح لهم باتخاذ قرارات بشأن كيفية إنفاقها. أظهرت الدراسات أن هذه التحويلات النقدية يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على الصحة والتعليم والوضع الاقتصادي للأسر.
التحديات والاتجاهات المستقبلية
على الرغم من الإسهامات الكبيرة التي قدمها مايكل كريمر في الاقتصاد التنموي، إلا أن هناك بعض التحديات والاتجاهات المستقبلية التي يجب أخذها في الاعتبار. أحد التحديات هو ضرورة تصميم وتقييم التدخلات التي تراعي السياقات المحلية المختلفة. قد لا تكون التدخلات التي تنجح في بلد ما فعالة بالضرورة في بلد آخر. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الباحثين التركيز على تقييم الآثار طويلة الأجل للتدخلات التنموية. من الضروري أيضًا تطوير طرق جديدة لتقييم التكاليف والفوائد الاجتماعية للتدخلات.
من بين الاتجاهات المستقبلية في الاقتصاد التنموي، هناك اهتمام متزايد بالبيانات الضخمة والتعلم الآلي. يمكن استخدام هذه الأدوات لتحليل كميات كبيرة من البيانات واكتشاف الأنماط التي قد تكون غير مرئية للباحثين. هناك أيضًا اهتمام متزايد بالاستدامة البيئية والعدالة الاجتماعية في مجال التنمية الاقتصادية. يجب أن تأخذ التدخلات في الاعتبار تأثيرها على البيئة والمساواة بين الجنسين.
الأخلاقيات في البحث التجريبي
أحد الجوانب الهامة في عمل كريمر والباحثين الآخرين في مجال الاقتصاد التجريبي هو مراعاة الأخلاقيات في البحث. يتضمن ذلك التأكد من الحصول على موافقة مستنيرة من المشاركين في التجارب، وحماية خصوصيتهم، والتأكد من أن التجارب لا تسبب ضررًا للمشاركين. يجب على الباحثين أيضًا أن يكونوا شفافين بشأن أساليبهم ونتائجهم، وأن يشاركوا البيانات مع الباحثين الآخرين.
التعاون والشراكات
يعتبر التعاون والشراكات أمرًا بالغ الأهمية في مجال الاقتصاد التنموي. عمل كريمر مع العديد من الباحثين وصانعي السياسات والمنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية. يتيح هذا التعاون تبادل المعرفة والخبرات وتصميم وتنفيذ وتقييم التدخلات التنموية بشكل فعال. من خلال العمل معًا، يمكن للباحثين والمنظمات أن يكون لها تأثير أكبر على الحد من الفقر وتحسين حياة الناس في جميع أنحاء العالم.
خاتمة
مايكل كريمر هو شخصية بارزة في مجال الاقتصاد التنموي، وقد قدم مساهمات كبيرة في فهمنا لأسباب الفقر وسبل الحد منه. من خلال استخدامه للتجارب العشوائية المضبوطة، قدم أدلة قوية حول فعالية التدخلات المختلفة في مجالات التعليم والصحة والزراعة. أدت أبحاثه إلى تصميم سياسات وبرامج أكثر فعالية لتحسين حياة الفقراء في جميع أنحاء العالم. بالإضافة إلى ذلك، عمله في “GiveDirectly” يدل على التزامه بتحويل النتائج البحثية إلى عمل ملموس. إن إسهاماته في مجال الاقتصاد التنموي جديرة بالتقدير وتستمر في إلهام الباحثين وصانعي السياسات والمنظمات في جميع أنحاء العالم.
المراجع
- The Nobel Prize in Economic Sciences 2019 – Michael Kremer – Facts
- Michael Kremer – Harvard University
- GiveDirectly
- Population Growth and Technological Change: One Million B.C. to 1990
“`