مقدمة
أشوت الثاني الملقب بـ “الحديد” (بالأرمنية: Աշոտ Երկաթ)، كان ملكًا لمملكة باغراتيد الأرمينية من عام 914 إلى عام 929. خلف والده الملك سمبات الأول في الحكم، وواجه تحديات جسيمة خلال فترة حكمه، بما في ذلك الغزوات الأجنبية والصراعات الداخلية. تميز عهده بالصمود والقيادة القوية، مما أكسبه لقب “الحديد”.
خلفية تاريخية
في بداية القرن العاشر، كانت أرمينيا مملكة مزدهرة تحت حكم سلالة باغراتيد. ومع ذلك، كانت المملكة محاطة بقوى طامعة، بما في ذلك الخلافة العباسية والإمبراطورية البيزنطية، بالإضافة إلى الإمارات الإسلامية المتنافسة في المنطقة. سعى سمبات الأول، والد أشوت الثاني، إلى الحفاظ على استقلال أرمينيا من خلال سياسة متوازنة بين هذه القوى، لكنه واجه معارضة داخلية وخارجية.
تولي أشوت الثاني للحكم
بعد وفاة سمبات الأول في عام 914، تولى أشوت الثاني الحكم في ظروف صعبة للغاية. كانت البلاد في حالة حرب أهلية، حيث تمرد العديد من الأمراء المحليين على السلطة المركزية. بالإضافة إلى ذلك، غزت الجيوش العربية أرمينيا، مما زاد من تعقيد الوضع. كان على أشوت الثاني أن يواجه هذه التحديات المتعددة في وقت واحد.
الصراع مع الإمارات العربية
كانت الإمارات العربية تشكل تهديدًا مستمرًا لأرمينيا. شنّت هذه الإمارات غارات متكررة على الأراضي الأرمينية، ونهبت المدن والقرى. قاد أشوت الثاني الجيش الأرميني في سلسلة من المعارك ضد الإمارات العربية، وتمكن من تحقيق بعض الانتصارات. ومع ذلك، لم يتمكن من طرد العرب بشكل كامل من أرمينيا.
- معركة سيفان: حقق أشوت الثاني انتصارًا حاسمًا على الجيش العربي في معركة بالقرب من بحيرة سيفان.
- الدفاع عن دڤين: دافع أشوت الثاني عن مدينة دڤين، العاصمة الأرمينية، ضد حصار طويل من قبل العرب.
التدخل البيزنطي
في محاولة لصد الغارات العربية، سعى أشوت الثاني إلى الحصول على مساعدة من الإمبراطورية البيزنطية. وافق الإمبراطور البيزنطي رومانوس الأول ليكابينوس على تقديم الدعم لأرمينيا، بشرط أن يعترف أشوت الثاني بسيادة الإمبراطورية البيزنطية. قبل أشوت الثاني هذا الشرط، وتم تتويجه كحاكم تابع للإمبراطورية البيزنطية في عام 922.
إخماد الثورات الداخلية
بالإضافة إلى الصراعات الخارجية، واجه أشوت الثاني أيضًا ثورات داخلية. تمرد العديد من الأمراء المحليين على سلطته، وسعوا إلى الاستقلال عن المملكة الأرمينية. قاد أشوت الثاني الجيش الأرميني في سلسلة من الحملات العسكرية ضد هؤلاء الأمراء، وتمكن من إخماد معظم الثورات. لكن بعض الأمراء ظلوا متمردين حتى نهاية فترة حكمه.
إعادة بناء أرمينيا
بعد سنوات من الحرب والصراع، بدأ أشوت الثاني في إعادة بناء أرمينيا. قام بترميم المدن والقرى التي دمرتها الحروب، وشجع التجارة والزراعة. كما قام بتعزيز الجيش الأرميني، وتحسين الدفاعات عن البلاد. بفضل جهوده، بدأت أرمينيا في التعافي من آثار الحرب.
لقب “الحديد”
اكتسب أشوت الثاني لقب “الحديد” بسبب شجاعته وقوته في المعارك، وقدرته على الصمود في وجه الصعاب. كان يُنظر إليه على أنه زعيم قوي ومخلص، ومدافع عن أرمينيا ضد أعدائها. يعكس هذا اللقب التقدير العميق الذي يكنه الشعب الأرميني لأشوت الثاني.
الحياة الشخصية
على الرغم من أن المصادر التاريخية تركز بشكل أساسي على إنجازات أشوت الثاني العسكرية والسياسية، إلا أن هناك معلومات محدودة حول حياته الشخصية. من المعروف أنه كان متزوجًا، لكن لا توجد تفاصيل كثيرة حول زوجته أو أطفاله.
الإرث
يعتبر أشوت الثاني شخصية مهمة في التاريخ الأرميني. يُذكر لكونه ملكًا قويًا وقادرًا قاد أرمينيا خلال فترة صعبة. تمكن من الحفاظ على استقلال البلاد، وإخماد الثورات الداخلية، وإعادة بناء أرمينيا بعد سنوات من الحرب. لا يزال يُنظر إليه على أنه بطل قومي في أرمينيا.
- رمز للصمود: يمثل أشوت الثاني رمزًا للصمود والقيادة القوية في التاريخ الأرميني.
- الحفاظ على الاستقلال: ساهم بشكل كبير في الحفاظ على استقلال أرمينيا في مواجهة التهديدات الخارجية.
- إعادة البناء: بدأ جهودًا لإعادة بناء أرمينيا بعد سنوات من الصراع.
أعماله المعمارية
خلال فترة حكم أشوت الثاني، تم بناء العديد من الكنائس والأديرة في أرمينيا. ساهمت هذه المباني في ازدهار الثقافة الأرمينية، وساعدت في الحفاظ على الهوية الوطنية. من بين أبرز هذه المباني:
- دير هغارتسين: تم ترميم وتوسيع دير هغارتسين خلال فترة حكم أشوت الثاني.
- كنيسة القديسة ريبسيميه: تم بناء كنيسة القديسة ريبسيميه في مدينة فغارشابات خلال فترة حكم أشوت الثاني.
علاقته بالكنيسة الأرمينية
كان أشوت الثاني يتمتع بعلاقات وثيقة مع الكنيسة الأرمينية. دعم الكنيسة ماليًا، وساعد في بناء وترميم الكنائس والأديرة. لعبت الكنيسة دورًا مهمًا في دعم حكم أشوت الثاني، والمساعدة في الحفاظ على الوحدة الوطنية.
نهاية حكمه
توفي أشوت الثاني في عام 929، بعد أن حكم أرمينيا لمدة 15 عامًا. خلفه ابنه أباش الأول في الحكم. استمرت مملكة باغراتيد الأرمينية في الازدهار لعدة عقود بعد وفاة أشوت الثاني، لكنها سقطت في نهاية المطاف تحت سيطرة الإمبراطورية البيزنطية في القرن الحادي عشر.
خاتمة
أشوت الثاني “الحديد” كان ملكًا بارزًا لأرمينيا في فترة حرجة من تاريخها. واجه تحديات داخلية وخارجية، لكنه تمكن من الحفاظ على استقلال البلاد وإخماد الثورات الداخلية. بفضل شجاعته وقيادته القوية، يُعتبر أشوت الثاني بطلاً قومياً في أرمينيا، ورمزًا للصمود والإرادة.