حياتها المبكرة ونشاطها الثوري
ولدت ألكسندرا أرتيوخينا في عام 1889 في قرية بالقرب من ريازان، روسيا. انخرطت في الحركة الثورية في سن مبكرة، متأثرة بالأفكار الماركسية المتنامية في روسيا في أوائل القرن العشرين. انضمت إلى حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي (لاحقًا الحزب الشيوعي) في عام 1910، وسرعان ما أصبحت ناشطة في تنظيم العمال في المصانع والمناطق الصناعية.
كرست أرتيوخينا جهودها لتنظيم العاملات، مدركة أن النساء يواجهن تحديات فريدة بسبب جنسهن بالإضافة إلى استغلالهن الطبقي. عملت على رفع الوعي السياسي بين النساء العاملات، وتشجيعهن على المشاركة في النضال من أجل حقوقهن الاقتصادية والاجتماعية.
بسبب نشاطها الثوري، تعرضت أرتيوخينا للاضطهاد من قبل السلطات القيصرية. تم اعتقالها عدة مرات ونُفيت إلى مناطق نائية في روسيا. ومع ذلك، لم تتوقف عن نشاطها الثوري، واستمرت في العمل السري لتنظيم العمال ونشر الأفكار الماركسية.
دورها في ثورة أكتوبر والحرب الأهلية
لعبت ألكسندرا أرتيوخينا دورًا هامًا في ثورة أكتوبر عام 1917. عملت بنشاط على حشد الدعم للثورة بين العمال والجنود، وشاركت في الاستيلاء على السلطة في موسكو. بعد الثورة، انضمت إلى الحكومة البلشفية، وعملت في عدد من المناصب الهامة.
خلال الحرب الأهلية الروسية (1917-1922)، لعبت أرتيوخينا دورًا حاسمًا في تنظيم الدفاع عن الجمهورية السوفيتية. عملت على حشد الدعم للجيش الأحمر، وتنظيم الإمدادات والخدمات اللوجستية. كما شاركت في العمل السياسي والإيديولوجي، لرفع معنويات الجنود والسكان المدنيين.
عملها في الحركة النسائية السوفيتية
بعد الحرب الأهلية، كرست ألكسندرا أرتيوخينا جهودها لتعزيز حقوق المرأة في المجتمع السوفيتي. أصبحت شخصية بارزة في “زينوتديل” (Zhenotdel)، وهو قسم المرأة في الحزب الشيوعي، الذي كان مسؤولاً عن تنفيذ سياسات المساواة بين الجنسين. عملت أرتيوخينا على تحسين ظروف عمل النساء، وتوفير التعليم والتدريب المهني لهن، وحمايتهن من التمييز والعنف.
كانت أرتيوخينا مؤمنة بشدة بأهمية تحرير المرأة من خلال المشاركة في العمل المنتج والنشاط السياسي. دعت إلى إنشاء دور حضانة عامة ومطاعم جماعية لتخفيف عبء الأعمال المنزلية عن النساء، وتمكينهن من المشاركة الكاملة في الحياة العامة.
كما دعمت أرتيوخينا إلغاء القوانين التمييزية ضد المرأة، وتسهيل إجراءات الطلاق، وحماية حقوق الأمهات والأطفال. لعبت دورًا هامًا في تطوير التشريعات التي تهدف إلى تحقيق المساواة بين الجنسين في التعليم والعمل والسياسة.
على الرغم من التقدم الكبير الذي تم إحرازه في مجال حقوق المرأة في الاتحاد السوفيتي في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، واجهت أرتيوخينا تحديات كبيرة في سعيها لتحقيق المساواة الكاملة. استمرت التحيزات الجنسية في الوجود، ولا يزال العديد من الرجال (وحتى بعض النساء) يقاومون فكرة مشاركة المرأة في الحياة العامة.
بالإضافة إلى ذلك، تعرضت “زينوتديل” لانتقادات من قبل بعض المسؤولين في الحزب الشيوعي، الذين اعتبروا أن القسم يركز بشكل كبير على قضايا المرأة على حساب القضايا الطبقية. في عام 1930، تم حل “زينوتديل”، مما شكل ضربة قوية للحركة النسائية السوفيتية.
مناصبها السياسية والإدارية
شغلت ألكسندرا أرتيوخينا عددًا من المناصب السياسية والإدارية الهامة في الاتحاد السوفيتي. كانت عضوًا في اللجنة التنفيذية المركزية لعموم روسيا، وهي الهيئة التشريعية العليا في الجمهورية السوفيتية. كما عملت كعضوة في مجلس مدينة موسكو، وترأست عددًا من اللجان الحكومية.
في عام 1934، تم تعيين أرتيوخينا مديرة لمصنع تريوخجورني، وهو أحد أكبر مصانع النسيج في موسكو. شغلت هذا المنصب لمدة 25 عامًا، وأشرفت على تطوير المصنع وتحسين ظروف عمل العمال. خلال الحرب العالمية الثانية، لعب المصنع دورًا هامًا في إنتاج الملابس والمعدات للجيش الأحمر.
بفضل قيادتها الفعالة، تمكنت أرتيوخينا من تحويل مصنع تريوخجورني إلى مؤسسة نموذجية، معروفة بإنتاجها عالي الجودة وظروف عملها الجيدة. حصلت على العديد من الأوسمة والجوائز تقديرًا لإسهاماتها في تطوير الصناعة السوفيتية.
إرثها
توفيت ألكسندرا أرتيوخينا في عام 1969 عن عمر يناهز 79 عامًا. تركت وراءها إرثًا هامًا كواحدة من رواد الحركة النسائية في روسيا والاتحاد السوفيتي. ساهمت بشكل كبير في تحسين ظروف عمل النساء، وتوفير التعليم والتدريب المهني لهن، وحمايتهن من التمييز والعنف.
تُذكر أرتيوخينا كمناضلة ملتزمة من أجل المساواة بين الجنسين والعدالة الاجتماعية. كانت مثالاً للمرأة الثورية التي كرست حياتها لخدمة الشعب وتحقيق المثل العليا الاشتراكية.
على الرغم من أن الحركة النسائية السوفيتية واجهت العديد من التحديات والنكسات، إلا أن عمل أرتيوخينا وغيره من النسويات السوفيتيات ساهم في تحقيق تقدم كبير في مجال حقوق المرأة. تمكنت النساء في الاتحاد السوفيتي من الحصول على فرص تعليم وعمل لم تكن متاحة لهن من قبل، وأصبحن يشاركن بشكل متزايد في الحياة السياسية والاجتماعية.
لا يزال إرث ألكسندرا أرتيوخينا يلهم المناضلين من أجل المساواة بين الجنسين في جميع أنحاء العالم. تذكرنا قصة حياتها بأهمية النضال من أجل حقوق المرأة، وضرورة مواجهة التحيزات الجنسية والتمييز بكل أشكاله.
خاتمة
ألكسندرا أرتيوخينا، ثورية بلشفية ونسوية ماركسية، لعبت دورًا محوريًا في الحركة العمالية النسائية في روسيا. من خلال نشاطها الثوري، ومشاركتها في ثورة أكتوبر، وعملها في “زينوتديل”، ساهمت في تحسين ظروف المرأة وتعزيز المساواة بين الجنسين في المجتمع السوفيتي. على الرغم من التحديات، يبقى إرثها مصدر إلهام للمناضلين من أجل حقوق المرأة في جميع أنحاء العالم.