مقدمة
معركة ريهي (بالصينية: 热河战役; بنظام بينيين: Rèhé Zhànyì)، والتي تسمى أحيانًا معركة جيهي، كانت الجزء الثاني من عملية نيكّا، وهي حملة قامت بها إمبراطورية اليابان ضد جمهورية الصين في عام 1933. وقعت المعركة في مقاطعة ريهي الصينية (جيهي)، والتي كانت منطقة متنازع عليها بين الصين واليابان. كانت ريهي جزءًا من منشوريا، والتي غزتها اليابان في عام 1931 وأسست دولة مانشوكو الدمية. ومع ذلك، زعمت الحكومة الصينية أن ريهي جزء من الصين، وأرسلت قوات إلى المنطقة للدفاع عنها.
كانت معركة ريهي جزءًا من سلسلة من الأعمال العدائية بين الصين واليابان في ثلاثينيات القرن الماضي، والتي تصاعدت في النهاية إلى الحرب الصينية اليابانية الثانية في عام 1937. كانت المعركة انتصارًا حاسمًا لليابان، مما أدى إلى احتلالها لريهي ودمجها في مانشوكو. كان للمعركة أيضًا تأثير كبير على الوضع السياسي في الصين، مما أضعف الحكومة القومية وأدى إلى زيادة الفوضى والصراع الداخلي.
الخلفية التاريخية
في أعقاب حادثة موكدين في سبتمبر 1931، احتلت اليابان منشوريا وأسست دولة مانشوكو الدمية. لم تعترف الحكومة الصينية بقيادة شيانج كاي شيك بشرعية مانشوكو وطالبت بعودة منشوريا إلى الحكم الصيني. بالإضافة إلى ذلك، كانت مقاطعة ريهي، الواقعة بين منشوريا والصين، منطقة متنازع عليها بين البلدين. كانت ريهي اسميًا جزءًا من الصين، لكن اليابان كانت لديها أيضًا مصالح إستراتيجية واقتصادية قوية في المنطقة.
في يناير 1933، أطلقت اليابان عملية نيكّا، وهي حملة عسكرية للاستيلاء على ريهي. كان الهدف المعلن لليابان هو تأمين حدود مانشوكو وحماية مواطنيها ومصالحها في المنطقة. ومع ذلك، كان الهدف الحقيقي لليابان هو توسيع سيطرتها على شمال الصين وإنشاء موطئ قدم لمزيد من العدوان.
كانت القوات الصينية في ريهي سيئة التجهيز والتدريب، وكانت تعاني من نقص الإمدادات والدعم اللوجستي. بالإضافة إلى ذلك، كانت القيادة الصينية منقسمة وغير فعالة، حيث يقاتل أمراء الحرب المحليون والقادة العسكريون من أجل السلطة والنفوذ. على النقيض من ذلك، كانت القوات اليابانية مجهزة تجهيزًا جيدًا ومدربة تدريباً عالياً، ولديها دعم جوي ومدفعي متفوق. كان لدى اليابان أيضًا قيادة موحدة وهدف واضح، مما منحها ميزة كبيرة على الصينيين.
القوات المتحاربة
القوات الصينية:
- تألفت القوات الصينية في ريهي من مجموعة متنوعة من الوحدات، بما في ذلك قوات الجيش الشمالي الشرقي بقيادة المارشال تشانغ زويليانغ، والوحدات المحلية بقيادة أمراء الحرب الإقليميين.
- كان إجمالي عدد القوات الصينية في ريهي حوالي 120 ألف جندي، لكن العديد من هؤلاء الجنود كانوا سيئي التدريب والتجهيز.
- كانت القوات الصينية تعاني من نقص حاد في الأسلحة والمعدات الحديثة، وكان لديها القليل من الدعم الجوي أو المدفعي.
- كانت القيادة الصينية منقسمة وغير فعالة، حيث يقاتل أمراء الحرب المحليون والقادة العسكريون من أجل السلطة والنفوذ.
القوات اليابانية:
- تألفت القوات اليابانية في ريهي من جيش كوانتونغ، الذي كان قوة نخبة من الجنود المحنكين في القتال.
- كان إجمالي عدد القوات اليابانية في ريهي حوالي 30 ألف جندي، لكنهم كانوا مجهزين تجهيزًا جيدًا ومدربين تدريباً عالياً.
- تمتعت القوات اليابانية بدعم جوي ومدفعي متفوق، ولديها قيادة موحدة وهدف واضح.
- كان لدى اليابان أيضًا شبكة استخبارات واسعة في المنطقة، مما منحها ميزة كبيرة على الصينيين.
سير المعركة
بدأت معركة ريهي في 23 فبراير 1933، عندما شن الجيش الياباني هجومًا واسع النطاق على مقاطعة ريهي. تقدمت القوات اليابانية بسرعة، واستولت على العديد من المدن والبلدات الرئيسية. كانت القوات الصينية متفوقة عددياً، لكنها لم تكن قادرة على مقاومة قوة النيران المتفوقة والتكتيكات اليابانية.
في 4 مارس، استولت القوات اليابانية على عاصمة ريهي، تشنغده. كانت المدينة تدافع عنها قوة كبيرة من الجنود الصينيين، لكنهم سرعان ما سحقتهم القوات اليابانية. بعد سقوط تشنغده، انهارت المقاومة الصينية، وبدأت القوات اليابانية في احتلال بقية ريهي.
خلال المعركة، ارتكبت القوات اليابانية العديد من الفظائع ضد المدنيين الصينيين. ورد أن الجنود اليابانيين قتلوا واغتصبوا ونهبوا المدنيين، وأحرقوا القرى والبلدات. أثارت هذه الفظائع غضبًا واسع النطاق في الصين وخارجها، وساعدت في تشويه سمعة اليابان في نظر العالم.
بحلول نهاية شهر مارس، كانت اليابان قد احتلت ريهي بالكامل. كانت المعركة انتصارًا حاسمًا لليابان، وكان لها تأثير كبير على الوضع السياسي في الصين.
النتائج
كان لمعركة ريهي عدد من النتائج الهامة، بما في ذلك:
- الاحتلال الياباني لريهي: كانت النتيجة الأكثر مباشرة للمعركة هي احتلال اليابان لريهي. ضمت اليابان ريهي إلى دولة مانشوكو الدمية، مما أدى إلى توسيع سيطرتها على شمال الصين.
- إضعاف الحكومة القومية الصينية: كانت معركة ريهي ضربة كبيرة للحكومة القومية الصينية بقيادة شيانج كاي شيك. كشفت الهزيمة عن ضعف الجيش الصيني وفشل القيادة الصينية. أدت المعركة أيضًا إلى زيادة الفوضى والصراع الداخلي في الصين.
- تصعيد العدوان الياباني: شجعت معركة ريهي اليابان على مواصلة عدوانها في الصين. في عام 1937، أطلقت اليابان الحرب الصينية اليابانية الثانية، والتي استمرت حتى نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945.
- تدهور العلاقات الصينية اليابانية: أدت معركة ريهي إلى تدهور العلاقات بين الصين واليابان. أثارت الفظائع التي ارتكبتها القوات اليابانية خلال المعركة غضبًا واسع النطاق في الصين، وساعدت في تشويه سمعة اليابان في نظر العالم.
ردود الفعل الدولية
أدانت عصبة الأمم العدوان الياباني في ريهي، لكنها لم تتخذ أي إجراءات ملموسة لوقف العدوان. كانت الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى وقوى غربية أخرى مترددة في التدخل في الصراع، حيث كانت تركز على مشاكلها الاقتصادية الخاصة وكانت حريصة على تجنب الحرب مع اليابان.
أثار عدم رد الفعل الدولي على العدوان الياباني في ريهي غضبًا وإحباطًا واسع النطاق في الصين. اعتبر العديد من الصينيين أن القوى الغربية منافقة وغير راغبة في الدفاع عن مبادئ العدالة والحرية. ساعد هذا الشعور في تغذية المشاعر القومية المناهضة للإمبريالية في الصين، وأدى إلى زيادة الدعم للحزب الشيوعي الصيني.
الآثار الثقافية
تركت معركة ريهي ندبة عميقة على الذاكرة الثقافية للصين. أصبحت المعركة رمزًا للضعف والإذلال الوطني، وتستخدم غالبًا في الأدب والأفلام والأعمال الفنية الأخرى لاستحضار مشاعر الحزن والغضب. كما يتم تدريس المعركة في المدارس الصينية كجزء من تاريخ البلاد، وهي تهدف إلى تذكير الطلاب بأهمية الوحدة الوطنية والقوة.
خاتمة
كانت معركة ريهي حدثًا مهمًا في تاريخ الصين واليابان. كانت المعركة انتصارًا حاسمًا لليابان، مما أدى إلى احتلالها لريهي وتصعيد عدوانها في الصين. كان للمعركة أيضًا تأثير كبير على الوضع السياسي في الصين، مما أضعف الحكومة القومية وأدى إلى زيادة الفوضى والصراع الداخلي. لا تزال معركة ريهي قضية حساسة في العلاقات الصينية اليابانية، وهي تذكير دائم بأهمية السلام والتفاهم.