نشأته وتعليمه
ولد تشارلز تشاونسى في بوسطن، ماساتشوستس، لعائلة بارزة. كان والده، تشارلز تشاونسى الأب، تاجرًا ناجحًا. تلقى تشارلز الصغير تعليمه في مدرسة بوسطن اللاتينية، ثم التحق بكلية هارفارد، وتخرج منها عام 1721. بعد تخرجه، درس اللاهوت استعدادًا للخدمة الدينية.
مسيرته الدينية
بدأ تشارلز تشاونسى مسيرته الدينية كواعظ في كنيسة الأولى في بوسطن في عام 1727، وهي الكنيسة التي خدم فيها حتى وفاته. كان خطيبًا موهوبًا ومعلمًا ذا شعبية كبيرة. ومع ذلك، بدأت آراؤه اللاهوتية تختلف عن آراء العديد من زملائه في رجال الدين خلال الصحوة الكبرى.
معارضته للصحوة الكبرى
كان تشاونسى منتقدًا صريحًا للصحوة الكبرى. لقد اعتقد أن الحركة كانت مفرطة في المشاعر، وأنها أدت إلى الانقسام في الكنائس، وأنها أضعفت أهمية العقل والتعليم. كان يعتقد أن الصحوة الكبرى تشجع على التجربة الدينية الذاتية على حساب اللاهوت المنظم والطقوس الدينية التقليدية.
عارض تشاونسى بشدة الوعظ المتحمس للواعظين المتجولين مثل جورج وايتفيلد، الذي كان يلقي خطبًا مؤثرة تجذب حشودًا كبيرة. رأى تشاونسى أن أساليب وايتفيلد غير منظمة ومضرة. لقد اعتقد أن الصحوة الكبرى خلقت جوًا من التعصب والاضطراب.
اتهم تشاونسى قادة الصحوة الكبرى بنشر الهرطقة والغموض. لقد رأى أن تركيزهم على التجربة الدينية الشخصية أدى إلى إهمال أهمية اللاهوت والتعليم الصحيح. لقد جادل بأن الصحوة الكبرى شجعت على الإفراط في العاطفة على حساب العقلانية والانضباط.
بالإضافة إلى انتقاداته للوعظ المتحمس، عارض تشاونسى أيضًا بعض جوانب اللاهوت الكالفيني. على سبيل المثال، اختلف مع فكرة الإدانة المزدوجة، التي تقول إن الله قدّر بعض الناس للخلاص والبعض الآخر للعذاب الأبدي قبل ولادتهم. لقد اعتقد أن هذه العقيدة تجعل الله يبدو غير عادل وغير رحيم.
آراؤه اللاهوتية
في حين عارض تشاونسى الصحوة الكبرى، إلا أنه لم يكن تقليديًا بالكامل في آرائه اللاهوتية. كان ليبراليًا نسبيًا في تفكيره، وأكد على أهمية العقل والأخلاق. كان يعتقد أن الله رحيم، وأن جميع البشر لديهم فرصة للخلاص.
كان تشاونسى يؤمن بأهمية التعليم. لقد اعتقد أن التعليم يساعد الناس على فهم الكتاب المقدس بشكل أفضل واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن دينهم. كان مؤمنًا قويًا بأهمية العقلانية في الحياة الدينية. لقد اعتقد أن العقل يجب أن يستخدم لفهم الكتاب المقدس واللاهوت.
بالإضافة إلى ذلك، كان تشاونسى يؤمن بأهمية الأخلاق. لقد اعتقد أن الأخلاق يجب أن تكون جزءًا أساسيًا من الحياة الدينية. لقد جادل بأن المسيحيين يجب أن يعيشوا حياة فاضلة وأن يسعوا إلى معاملة الآخرين بعدل وإحسان.
مساهماته
على الرغم من معارضته للصحوة الكبرى، إلا أن تشاونسى كان شخصية مؤثرة في وقته. كان خطيبًا ومفكرًا محترمًا، وقد أثرت كتاباته وآراؤه على العديد من الأشخاص. لعب دورًا مهمًا في الحفاظ على التقليد اللاهوتي الليبرالي في المستعمرات الأمريكية.
كان تشاونسى مؤلفًا غزير الإنتاج، ونشر عددًا من الكتب والمقالات طوال حياته المهنية. من بين أعماله الأكثر شهرة: “اعتراضات على قيامة القديسين: في رسالة السيد وليام فيلتون، من إيمانه، وما إلى ذلك” (1743)، و “التحذير من الزنادقة” (1752)، و “مراجعة بعض الآراء المتعلقة بالروحانية” (1762). في هذه الأعمال، دافع عن وجهات نظره حول اللاهوت والليبرالية الدينية. كما كان ناشطًا سياسيًا. أيد القضية الأمريكية في الثورة الأمريكية.
خلال حياته، كان تشاونسى شخصية مؤثرة في بوسطن وما وراءها. كان من أنصار التعليم العالي، وخدم كأمين لكلية هارفارد لسنوات عديدة. ساعد في تشكيل المشهد الفكري والديني في عصره.
ترك تشاونسى إرثًا دائمًا. لقد كان مفكرًا بارزًا، ومدافعًا عن العقلانية والأخلاق، وشخصية محورية في تاريخ الدين الأمريكي. يعتبر إرثه مهمًا لفهمه لنمو الفكر الديني في أمريكا.
تأثيره
كان لتشارلز تشاونسى تأثير كبير على التفكير الديني في المستعمرات الأمريكية. لقد ساعد في الحفاظ على التقليد اللاهوتي الليبرالي في مواجهة الصحوة الكبرى. كما أثرت كتاباته وآراؤه على العديد من الأشخاص، بمن فيهم قادة آخرون في الكنيسة والسياسة.
استمر تأثير تشاونسى في الشعور به بعد وفاته. كان إرثه بمثابة تذكير بأهمية العقلانية والأخلاق في الحياة الدينية. كما ساعد في تمهيد الطريق لصعود الليبرالية الدينية في أمريكا.
حياته الشخصية
تزوج تشارلز تشاونسى من كاثرين هارفارد في عام 1729. أنجب الزوجان ستة أطفال، توفي منهم أربعة في مرحلة الطفولة. كانت كاثرين هارفارد ابنة جون هارفارد، مؤسس كلية هارفارد.
كان تشاونسى رجلًا متعلمًا ومثقفًا. كان يحب القراءة والكتابة، وكان لديه مكتبة كبيرة. كان أيضًا يتمتع بروح الدعابة وكان محبوبًا من قبل الكثيرين.
وفاته
توفي تشارلز تشاونسى في بوسطن في 10 فبراير 1787، عن عمر يناهز 82 عامًا. ودفن في مقبرة كينغز تشابل في بوسطن.
ترك تشاونسى إرثًا دائمًا كشخصية مؤثرة في التاريخ الديني الأمريكي. لقد دافع عن العقل والأخلاق، ولعب دورًا مهمًا في تشكيل تطور الفكر الديني في المستعمرات الأمريكية.
خاتمة
كان تشارلز تشاونسى شخصية مهمة في تاريخ الدين الأمريكي. لقد عارض الصحوة الكبرى، وأكد على أهمية العقل والأخلاق، ولعب دورًا رئيسيًا في تشكيل التفكير الديني في عصره. على الرغم من معارضته للصحوة الكبرى، إلا أنه كان مفكرًا وليبراليًا في اللاهوت، وترك إرثًا دائمًا.
المراجع
“`