نشأته وتعليمه
ولد شيكاريبورا رانغاناثا راو في 1 يوليو 1922 في ولاية كارناتاكا الهندية. تلقى تعليمه الأولي في بلدته الأصلية، ثم التحق بالجامعة لمواصلة دراسته في مجال الآثار والتاريخ. حصل على درجة الدكتوراه في الآثار القديمة، مما أهله لبدء مسيرته المهنية في هذا المجال المثير.
مسيرته المهنية
بدأ الدكتور إس. آر. راو مسيرته المهنية في هيئة المسح الأثري للهند (ASI)، وهي المؤسسة الحكومية المسؤولة عن التنقيب والحفاظ على المواقع الأثرية في البلاد. عمل في الهيئة لعدة سنوات، وشارك في العديد من الحفريات في مواقع مختلفة في جميع أنحاء الهند. اكتسب خلال هذه الفترة خبرة قيمة في مجال التنقيب والتحليل الأثري، مما ساعده على تطوير مهاراته القيادية والإدارية.
ترقى راو تدريجيًا في المناصب داخل هيئة المسح الأثري للهند، وأصبح في النهاية مديرًا للحفريات. قاد خلال فترة عمله مديرًا العديد من المشاريع الهامة، والتي ساهمت في الكشف عن جوانب جديدة من تاريخ الهند القديم. كان يتمتع بشخصية قيادية قوية ورؤية واضحة، مما جعله قادرًا على توجيه فرق البحث والتنقيب بكفاءة وفعالية.
اكتشاف موقع دواركا الغارق
يُعتبر اكتشاف موقع دواركا الغارق من أبرز إنجازات الدكتور إس. آر. راو. يعتقد الهندوس أن دواركا كانت مدينة مقدسة حكمها اللورد كريشنا، أحد أهم الآلهة في الهندوسية. ذكرت النصوص الهندوسية القديمة أن المدينة غرقت في البحر بعد وفاة كريشنا.
قاد الدكتور راو فريقًا من الباحثين والغواصين في عام 1983 للبحث عن بقايا دواركا في خليج كامبهات (Khambhat) قبالة سواحل ولاية غوجارات. استخدم الفريق تقنيات متطورة مثل السونار والروبوتات التي يتم التحكم فيها عن بعد لاستكشاف قاع البحر. بعد سنوات من البحث والتنقيب، تمكن الفريق من العثور على بقايا مدينة غارقة يعتقد أنها دواركا المذكورة في النصوص الهندوسية القديمة.
أثار اكتشاف دواركا الغارقة جدلاً واسعًا بين المؤرخين وعلماء الآثار. يعتقد البعض أن الاكتشاف يؤكد صحة النصوص الهندوسية القديمة ويثبت وجود مدينة دواركا التاريخية. بينما يرى آخرون أن البقايا التي تم العثور عليها قد تكون لمستوطنة قديمة أخرى، ولا يمكن الجزم بأنها دواركا المذكورة في الأساطير.
بغض النظر عن الجدل الدائر حول هوية المدينة الغارقة، فإن اكتشافها يعتبر إنجازًا علميًا كبيرًا. فقد ساهم في تطوير تقنيات التنقيب تحت الماء، وفتح الباب أمام المزيد من الأبحاث حول الحضارات القديمة التي ازدهرت على طول سواحل الهند.
اكتشافات ومساهمات أخرى
بالإضافة إلى اكتشاف دواركا الغارقة، قام الدكتور إس. آر. راو بالعديد من الاكتشافات والمساهمات الأخرى في مجال الآثار الهندية. قاد حفريات في العديد من المواقع الهامة، مثل:
- لوثال (Lothal): وهي مدينة قديمة تعود إلى حضارة وادي السند، تقع في ولاية غوجارات. كشفت الحفريات التي قادها راو في لوثال عن تفاصيل مهمة حول التخطيط الحضري والتجارة والصناعة في حضارة وادي السند.
- رانجبور (Rangpur): وهو موقع أثري آخر يعود إلى حضارة وادي السند، يقع أيضًا في ولاية غوجارات. ساهمت الحفريات في رانجبور في فهم التوزيع الجغرافي لحضارة وادي السند وامتدادها إلى مناطق جديدة.
- بورخادي (Purkhadi): وهو موقع أثري يقع في ولاية ماهاراشترا. كشفت الحفريات في بورخادي عن بقايا مستوطنة قديمة تعود إلى العصر الحجري الحديث.
بالإضافة إلى الحفريات، قام الدكتور راو بتأليف العديد من الكتب والمقالات العلمية حول الآثار الهندية. ساهمت كتاباته في نشر المعرفة حول الحضارات القديمة في الهند بين الباحثين والجمهور على حد سواء. كما شارك في العديد من المؤتمرات والندوات الدولية، حيث قدم أبحاثه واكتشافاته إلى المجتمع العلمي العالمي.
الجوائز والتكريم
تقديراً لإنجازاته ومساهماته في مجال الآثار الهندية، حصل الدكتور إس. آر. راو على العديد من الجوائز والتكريمات، من بينها:
- جائزة بادما شري (Padma Shri)، وهي واحدة من أعلى الأوسمة المدنية في الهند.
- جائزة الجمعية الآسيوية (Asiatic Society Award).
- العديد من الجوائز والأوسمة الأخرى من المؤسسات العلمية والثقافية في الهند وخارجها.
إرثه
ترك الدكتور إس. آر. راو إرثًا غنيًا من المعرفة والاكتشافات في مجال الآثار الهندية. ساهمت أبحاثه وحفرياته في فهمنا للحضارات القديمة في شبه القارة الهندية، وخاصة حضارة وادي السند. كما ألهم العديد من الباحثين والطلاب لمواصلة العمل في مجال الآثار والمساهمة في الكشف عن المزيد من أسرار الماضي.
حياته الشخصية
كان الدكتور إس. آر. راو شخصية محبوبة ومحترمة من قبل زملائه وطلابه. كان يتمتع بشخصية متواضعة ومتفانية في عمله. كان يؤمن بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي للهند ونقله إلى الأجيال القادمة. توفي في 3 يناير 2013 عن عمر يناهز 90 عامًا.
خاتمة
كان الدكتور شيكاريبورا رانغاناثا راو عالم آثار هنديًا بارزًا، اشتهر باكتشافه لموقع دواركا الغارق، بالإضافة إلى مساهماته الكبيرة في فهم حضارة وادي السند من خلال حفرياته في لوثال وغيرها. ترك راو إرثًا علميًا هامًا، ألهم العديد من الباحثين في مجال الآثار وساهم في الحفاظ على التراث الثقافي للهند.