مقدمة
الجمعية الوطنية الأوكرانية – الدفاع الذاتي للشعب الأوكراني (УНА-УНСО, UNA-UNSO) هي منظمة أوكرانية قومية متطرفة ظهرت في أوكرانيا خلال المراحل الأخيرة من الحقبة السوفيتية واستمرت في النشاط خلال فترة الاستقلال الأوكراني المبكرة. لعبت هذه المنظمة دورًا مثيرًا للجدل في المشهد السياسي الأوكراني، وتميزت بأيديولوجيتها القومية المتطرفة وأنشطتها السياسية والعسكرية المثيرة للجدل.
تاريخ التأسيس والتطور
تأسست الجمعية الوطنية الأوكرانية (UNA) في عام 1990، كجزء من الحركات القومية التي ظهرت في أوكرانيا في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، في ظل تفكك الاتحاد السوفيتي. وكان الهدف الأساسي للمنظمة هو تعزيز استقلال أوكرانيا والحفاظ على الهوية والثقافة الأوكرانية. في عام 1991، شكلت الجمعية جناحًا مسلحًا عرف باسم الدفاع الذاتي للشعب الأوكراني (UNSO). جمع هذا الجناح بين العناصر السياسية والعسكرية، مما سمح للمنظمة بالمشاركة في كل من الأنشطة السياسية والعمليات شبه العسكرية.
خلال فترة التسعينيات، توسعت المنظمة وزادت نفوذها، وشمل ذلك تنظيم المظاهرات والاحتجاجات، بالإضافة إلى المشاركة في الصراعات المسلحة. شاركت وحدات UNSO في صراعات في مناطق مختلفة، بما في ذلك ترانسنيستريا وأبخازيا، حيث قاتلت إلى جانب القوميين المحليين. هذه المشاركة عززت صورة المنظمة كقوة عسكرية ناشطة ومستعدة للدفاع عن المصالح القومية الأوكرانية.
الأيديولوجيا والتوجهات السياسية
تستند أيديولوجية الجمعية الوطنية الأوكرانية – الدفاع الذاتي للشعب الأوكراني إلى القومية المتطرفة، مع التركيز على:
- القومية الأوكرانية: تعزيز الهوية والثقافة الأوكرانية وتأكيد حق الأمة الأوكرانية في تقرير المصير.
- معاداة الشيوعية والشيوعية السوفيتية: اعتبار الشيوعية والاتحاد السوفيتي قوى أجنبية سعت إلى تدمير أوكرانيا وثقافتها.
- معاداة روسيا: رؤية روسيا كتهديد رئيسي لاستقلال أوكرانيا وسيادتها، واعتبارها قوة إمبريالية تسعى إلى السيطرة على الأراضي الأوكرانية.
- الدفاع عن القيم التقليدية: دعم القيم العائلية التقليدية والوطنية، مع معارضة ما يعتبرونه قيمًا غربية منحلة.
تبنت المنظمة مواقف سياسية متشددة في القضايا المتعلقة بالهوية الوطنية، وحقوق الأقليات، والعلاقات مع روسيا. وقد اتُهمت في مناسبات عديدة بالعنصرية ومعاداة السامية، بسبب تصريحاتها وأنشطتها. فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، دعت المنظمة إلى تعزيز العلاقات مع الدول الغربية والابتعاد عن النفوذ الروسي. كما أيدت المنظمة حقوق الأقليات العرقية في أوكرانيا، ولكنها في نفس الوقت تشدد على دور اللغة والثقافة الأوكرانية باعتبارها أساس الوحدة الوطنية.
الأنشطة والعمليات
شاركت الجمعية الوطنية الأوكرانية – الدفاع الذاتي للشعب الأوكراني في مجموعة واسعة من الأنشطة:
- الاحتجاجات والمظاهرات: نظمت المنظمة بانتظام مظاهرات واحتجاجات للتعبير عن آرائها السياسية والمطالبة بتحقيق أهدافها القومية.
- الدورات التدريبية العسكرية: قدمت المنظمة تدريبًا عسكريًا لأعضائها، بهدف إعدادهم للدفاع عن أوكرانيا والمشاركة في الصراعات المسلحة.
- المشاركة في الصراعات المسلحة: شاركت وحدات UNSO في صراعات في مناطق مختلفة، بما في ذلك ترانسنيستريا وأبخازيا والشيشان.
- النشاط السياسي: سعت المنظمة إلى التأثير على المشهد السياسي الأوكراني من خلال المشاركة في الانتخابات ودعم الأحزاب السياسية القومية.
كانت مشاركة UNSO في الصراعات المسلحة مثيرة للجدل بشكل خاص، حيث اتُهمت بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. وقد أدى ذلك إلى إدراجها في قائمة المنظمات الإرهابية من قبل بعض الدول.
التأثير والنفوذ
على الرغم من أن الجمعية الوطنية الأوكرانية – الدفاع الذاتي للشعب الأوكراني لم تكن يومًا قوة سياسية مهيمنة في أوكرانيا، إلا أنها تركت بصمة كبيرة على المشهد السياسي الأوكراني. لقد ساهمت في:
- تعزيز القومية الأوكرانية: من خلال نشر أفكارها وأنشطتها، ساعدت المنظمة في تعزيز الوعي القومي وتعزيز الهوية الأوكرانية.
- تعبئة الشباب: جذبت المنظمة الشباب الأوكرانيين الذين كانوا يبحثون عن بديل للقوى السياسية التقليدية.
- المشاركة في الصراعات المسلحة: أدت مشاركة المنظمة في الصراعات المسلحة إلى تعزيز صورتها كقوة عسكرية ناشطة، على الرغم من الجدل المحيط بها.
- إثارة الجدل: أثارت المنظمة جدلاً واسعًا بسبب أيديولوجيتها المتطرفة وأنشطتها السياسية والعسكرية.
على الرغم من تراجع نفوذها في السنوات الأخيرة، لا تزال الجمعية الوطنية الأوكرانية – الدفاع الذاتي للشعب الأوكراني تمثل رمزًا للقومية المتطرفة في أوكرانيا. وقد أثرت أفكارها وأنشطتها على الحركات القومية الأخرى في المنطقة.
الانتقادات والجدل
واجهت الجمعية الوطنية الأوكرانية – الدفاع الذاتي للشعب الأوكراني انتقادات واسعة النطاق بسبب أيديولوجيتها المتطرفة وأنشطتها المثيرة للجدل. من بين القضايا الرئيسية التي أثيرت:
- العنصرية ومعاداة السامية: اتُهمت المنظمة بالعنصرية ومعاداة السامية بسبب تصريحاتها وأنشطتها التي استهدفت مجموعات عرقية ودينية معينة.
- انتهاكات حقوق الإنسان: اتُهمت وحدات UNSO بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان خلال مشاركتها في الصراعات المسلحة، بما في ذلك القتل والتعذيب والاعتقال التعسفي.
- العلاقات مع الجماعات اليمينية المتطرفة: أقامت المنظمة علاقات مع جماعات يمينية متطرفة أخرى في أوكرانيا وخارجها، مما أثار مخاوف بشأن التعاون والتحالفات السياسية.
- النشاط السياسي: تعرضت المنظمة لانتقادات بسبب أساليبها السياسية المتطرفة واستخدامها للعنف والتهديدات لتحقيق أهدافها.
هذه الانتقادات أضرت بصورة المنظمة وأدت إلى تراجع نفوذها في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، لا تزال المنظمة تمثل رمزًا للقومية المتطرفة في أوكرانيا، وأفكارها لا تزال تلقى صدى لدى بعض الأفراد والجماعات.
التطورات الأخيرة
في السنوات الأخيرة، شهدت الجمعية الوطنية الأوكرانية – الدفاع الذاتي للشعب الأوكراني تراجعًا في نشاطها ونفوذها. وقد تأثر ذلك بعدة عوامل، بما في ذلك:
- تغير المشهد السياسي: أدى التغير في المشهد السياسي الأوكراني إلى تراجع الدعم للقوى السياسية المتطرفة.
- الضغوط القانونية: واجهت المنظمة ضغوطًا قانونية بسبب أنشطتها وأيديولوجيتها المتطرفة.
- تغير القيادة: شهدت المنظمة تغييرات في القيادة، مما أثر على قدرتها على العمل بفعالية.
- تراجع التمويل: انخفض التمويل الذي تتلقاه المنظمة من مصادر مختلفة.
على الرغم من هذه التحديات، لا تزال بعض فروع المنظمة تعمل في أوكرانيا، وتشارك في الأنشطة السياسية والاجتماعية. ومع ذلك، فإن تأثيرها محدود مقارنة بالفترة التي سبقت. تعتبر تطورات الحرب في أوكرانيا عاملًا مهمًا يؤثر على المنظمة، حيث يمكن أن تؤدي إلى إعادة تنشيط بعض الجماعات المتطرفة.
الخلاصة
الجمعية الوطنية الأوكرانية – الدفاع الذاتي للشعب الأوكراني هي منظمة قومية متطرفة تركت بصمة كبيرة على المشهد السياسي الأوكراني. تأسست في أوائل التسعينيات، وتبنت أيديولوجية قومية متطرفة، وشاركت في الأنشطة السياسية والعسكرية. على الرغم من أنها واجهت انتقادات واسعة النطاق وتراجعًا في نفوذها في السنوات الأخيرة، إلا أنها لا تزال تمثل رمزًا للقومية المتطرفة في أوكرانيا. إن فهم تاريخها وأيديولوجيتها وأنشطتها ضروري لفهم التحديات التي تواجه أوكرانيا.