تاريخ الكنيسة
تعود جذور المسيحية في إستونيا إلى القرن الثاني عشر، عندما بدأ المبشرون الألمان والدنماركيون في التبشير بين السكان المحليين الوثنيين. في القرن الثالث عشر، تم غزو إستونيا من قبل فرسان التيوتون، الذين فرضوا الكاثوليكية على السكان. ومع ذلك، ظلت الأرثوذكسية موجودة في إستونيا، خاصة في المناطق الشرقية من البلاد التي كانت تحت السيطرة الروسية.
في القرن التاسع عشر، بدأت الحركة القومية الإستونية في النمو، وبدأ الإستونيون في المطالبة بمزيد من الحكم الذاتي من روسيا. في عام 1918، أعلنت إستونيا استقلالها. بعد الاستقلال، بدأ الإستونيون في البحث عن طرق لتقليل النفوذ الروسي في بلادهم، بما في ذلك في المجال الديني. في عام 1920، ناشدت الحكومة الإستونية البطريرك المسكوني في القسطنطينية للمساعدة في إنشاء كنيسة أرثوذكسية إستونية مستقلة.
في عام 1923، منح البطريرك المسكوني الكنيسة الإستونية الأرثوذكسية الاستقلالية الذاتية. ومع ذلك، رفضت الكنيسة الروسية الأرثوذكسية الاعتراف باستقلال الكنيسة الإستونية، واستمرت في اعتبارها جزءًا من أراضيها. أدى هذا إلى انقسام بين الأرثوذكس في إستونيا، حيث اختار البعض البقاء تحت سلطة الكنيسة الروسية، بينما انضم آخرون إلى الكنيسة الإستونية المستقلة.
خلال الحرب العالمية الثانية، احتلت كل من ألمانيا النازية والاتحاد السوفيتي إستونيا. تعرضت كلتا الحكومتين للاضطهاد الديني، وتم إغلاق العديد من الكنائس. في عام 1940، تم ضم إستونيا إلى الاتحاد السوفيتي، وأصبحت الكنيسة الإستونية الأرثوذكسية تحت سيطرة الكنيسة الروسية الأرثوذكسية. تم إعدام العديد من رجال الدين الأرثوذكس أو نفيهم إلى سيبيريا.
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، استعادت إستونيا استقلالها. استعادت الكنيسة الإستونية الأرثوذكسية استقلالها الذاتي في عام 1993. ومع ذلك، استمر الانقسام بين الأرثوذكس في إستونيا، حيث لا تزال هناك أبرشية كبيرة تابعة للبطريركية الروسية.
الوضع الحالي
اليوم، الكنيسة الإستونية الرسولية الأرثوذكسية هي واحدة من أكبر الكنائس في إستونيا. لديها حوالي 60 أبرشية وحوالي 60000 عضو. يرأس الكنيسة المتروبوليت ستيفانوس من تالين وإستونيا بأكملها. تقع الكنيسة الإستونية الأرثوذكسية في شراكة كاملة مع الكنائس الأرثوذكسية الأخرى المعترف بها من قبل البطريركية المسكونية.
الكنيسة نشطة في الحياة الاجتماعية والثقافية في إستونيا. تدير العديد من المدارس والمؤسسات الخيرية. كما أنها تشارك في الحوار بين الأديان.
تعتبر الكنيسة الإستونية الرسولية الأرثوذكسية جزءًا مهمًا من التراث الثقافي والديني لإستونيا. إنها شهادة على صمود الشعب الإستوني وإيمانه.
العلاقات مع الكنائس الأخرى
تحافظ الكنيسة الإستونية الرسولية الأرثوذكسية على علاقات جيدة مع الكنائس الأرثوذكسية الأخرى في جميع أنحاء العالم، وخاصة تلك التي تتبع البطريركية المسكونية في القسطنطينية. كما أنها تشارك في الحوار المسكوني مع الكنائس المسيحية الأخرى.
العلاقة مع الكنيسة الروسية الأرثوذكسية معقدة بسبب تاريخ الانقسام بينهما. ومع ذلك، تسعى الكنيسة الإستونية إلى الحفاظ على علاقات محترمة مع الكنيسة الروسية، على أمل أن يتم حل الخلافات بينهما في المستقبل.
الأبرشيات والمؤسسات
تشمل بعض الأبرشيات والمؤسسات الهامة التابعة للكنيسة الإستونية الرسولية الأرثوذكسية ما يلي:
- أبرشية تالين
- أبرشية بارنو وسار
- أبرشية تارتو
- دير بيختيتسا
- مدرسة اللاهوت في تالين
المعتقدات والممارسات
تتبع الكنيسة الإستونية الرسولية الأرثوذكسية المعتقدات والممارسات التقليدية للكنيسة الأرثوذكسية الشرقية. وتشمل هذه المعتقدات:
- الإيمان بالله الواحد المثلث الأقانيم: الآب والابن والروح القدس.
- الإيمان بيسوع المسيح، ابن الله، الذي تجسد من العذراء مريم وصلب ومات وقام من الأموات لخلاص البشرية.
- الإيمان بالكتاب المقدس كسلطة معصومة في الأمور المتعلقة بالإيمان والممارسة.
- الإيمان بالأسرار السبعة: المعمودية، والتثبيت، والتناول، والتوبة، ومسحة المرضى، والكهنوت، والزواج.
- الإيمان بالشفاعة من القديسين.
- الإيمان بالحياة الأبدية.
تشمل الممارسات الأرثوذكسية الشرقية:
- حضور القداس الإلهي بانتظام.
- الصلاة والصيام.
- تقديم الصدقات.
- تكريم الأيقونات.
- الاحتفال بالأعياد الدينية.
التحديات المستقبلية
تواجه الكنيسة الإستونية الرسولية الأرثوذكسية العديد من التحديات في المستقبل، بما في ذلك:
- تناقص عدد الأعضاء بسبب العلمنة والهجرة.
- الحفاظ على التراث الثقافي والديني في مواجهة التغيرات الاجتماعية.
- تحسين العلاقات مع الكنيسة الروسية الأرثوذكسية.
- جذب الشباب إلى الكنيسة.
- توفير التعليم الديني المناسب لأعضائها.
على الرغم من هذه التحديات، تظل الكنيسة الإستونية الرسولية الأرثوذكسية ملتزمة بخدمة شعب إستونيا ونشر رسالة الإنجيل.
خاتمة
الكنيسة الإستونية الرسولية الأرثوذكسية هي كنيسة أرثوذكسية ذات تاريخ طويل ومثير للاهتمام. لقد لعبت دورًا مهمًا في الحياة الدينية والثقافية لإستونيا. على الرغم من التحديات التي تواجهها، تظل الكنيسة ملتزمة بخدمة شعب إستونيا ونشر رسالة الإنجيل. إنها تمثل رمزًا للصمود والإيمان بالنسبة للإستونيين، وتساهم في الحفاظ على تراثهم الثقافي والديني.