<![CDATA[
نشأته وتعليمه
ولد هربرت كلارك في عام 1940. حصل على درجة البكالوريوس في علم النفس من جامعة ميشيغان في عام 1962، ثم حصل على درجة الماجستير والدكتوراه في علم النفس من جامعة جونز هوبكنز في عامي 1964 و1967 على التوالي. خلال دراسته للدكتوراه، بدأ كلارك في تطوير اهتمامه بعلم النفس اللغوي تحت إشراف البروفيسور وليام جاي. ليڤي.
مسيرته المهنية
بدأ كلارك مسيرته الأكاديمية كأستاذ مساعد في جامعة كارنيجي ميلون في عام 1967. في عام 1971، انتقل إلى جامعة ستانفورد، حيث قضى معظم مسيرته المهنية. شغل كلارك مناصب مختلفة في ستانفورد، بما في ذلك منصب رئيس قسم علم النفس. وقد تقاعد من التدريس في عام 2013، لكنه لا يزال نشطًا في البحث والكتابة.
أبحاثه ومساهماته
تركزت أبحاث كلارك بشكل أساسي على كيفية استخدام الناس للغة في التفاعل والتواصل اليومي. كان له دور أساسي في فهم كيفية تحقيق الأشخاص للتفاهم المشترك في المحادثات. طور كلارك نظرية أساسية حول “المجتمع المشترك” (Common Ground)، وهي مجموعة المعارف والمعتقدات والافتراضات التي يشترك فيها الأفراد في التفاعل اللغوي. هذه النظرية توفر إطارًا لفهم كيف يتواصل الناس بفعالية.
من أبرز مساهمات كلارك:
- نظرية المجتمع المشترك: تصف هذه النظرية المعلومات والمعارف التي يشترك فيها المشاركون في المحادثة. وهي حجر الزاوية في فهم كيفية بناء المعنى المشترك.
- دراسة الاستدلالات: اهتم كلارك بكيفية استخدام الناس للاستدلالات لفهم المعنى الخفي في المحادثات، وكيفية بناء المعنى المشترك من خلال هذه الاستدلالات.
- تحليل المحادثة: أجرى كلارك تحليلات مفصلة للمحادثات، مسلطًا الضوء على كيفية تنظيم الناس للتبادلات اللغوية، وكيفية استخدامهم للإيماءات والإشارات غير اللفظية.
- التعاون في المحادثة: ركز كلارك على كيفية تعاون الناس لبناء المعنى المشترك، وكيفية استجابة المتحدثين لبعضهم البعض، وكيفية تعديل أساليبهم لتحقيق الفهم المتبادل.
أحد المفاهيم الرئيسية التي طرحها كلارك هو مفهوم “التنسيق”. يؤكد كلارك أن المتحدثين في المحادثات يسعون إلى تنسيق أفعالهم اللغوية مع بعضهم البعض. وهذا يشمل تنسيق الكلمات المستخدمة، والمفاهيم التي يتم التعبير عنها، والافتراضات التي يتم إجراؤها. يحدث التنسيق من خلال عملية معقدة تتضمن التغذية الراجعة المستمرة بين المتحدثين. على سبيل المثال، عندما يستخدم المتحدث كلمة أو تعبيرًا، فإن المستمع يستجيب من خلال الإشارة إلى ما إذا كان قد فهم أو لم يفهم. بناءً على رد فعل المستمع، يمكن للمتحدث تكييف لغته أو تقديم المزيد من المعلومات لتسهيل الفهم.
عمل كلارك أيضًا على دراسة عملية الإشارة المرجعية، وكيف يستخدم الناس اللغة للإشارة إلى الأشياء في العالم. لقد أظهر أن عملية الإشارة المرجعية ليست عملية فردية فحسب، بل هي عملية اجتماعية. يعتمد المتحدثون على بعضهم البعض لبناء المعنى المشترك، ويستخدمون مجموعة متنوعة من الإشارات، بما في ذلك الكلمات والإيماءات والإشارات البيئية، لتحقيق ذلك.
الجوائز والتكريمات
حاز كلارك على العديد من الجوائز والتكريمات خلال مسيرته المهنية تقديراً لمساهماته في مجال علم النفس اللغوي. وتشمل:
- جائزة جمعية العلوم النفسية للإنجاز مدى الحياة (2003).
- انتخب زميلًا في الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم.
- حصل على زمالة جمعية علم النفس الأمريكية.
مؤلفاته
نشر كلارك العديد من المقالات والكتب المؤثرة في مجال علم النفس اللغوي. من أبرز مؤلفاته:
- لغة في استخدامها (Using Language) (1977): يقدم الكتاب نظرة عامة على كيفية استخدام الناس للغة في المواقف الاجتماعية، مع التركيز على عمليات الفهم والتوليد.
- تشارك الأفعال (Joint Action) (1996): يبحث في كيفية قيام الناس بأعمال مشتركة، مثل المحادثات، من خلال التنسيق والتعاون.
يعتبر عمل كلارك ذا تأثير كبير على فهمنا لكيفية عمل اللغة، وكيف يتواصل الناس مع بعضهم البعض. تعتبر أفكاره ونظرياته أساسية في مجالات مختلفة، بما في ذلك علم النفس اللغوي، وعلم الحاسوب، والذكاء الاصطناعي.
إرثه
ترك هربرت كلارك إرثًا دائمًا في مجال علم النفس اللغوي. لقد أثر عمله على عدد لا يحصى من الباحثين والطلاب. تواصل أفكاره ونظرياته في تشكيل البحوث الجارية في مجالات مثل معالجة اللغة، والذكاء الاصطناعي، والتواصل الاجتماعي. إن تركيزه على الفهم المشترك والتنسيق في المحادثات قد ألقى ضوءًا جديدًا على تعقيد وسحر اللغة البشرية.
خاتمة
يعد هربرت إتش. كلارك شخصية رائدة في مجال علم النفس اللغوي، وقد قدم مساهمات كبيرة في فهمنا لكيفية استخدام الناس للغة للتواصل والتفاعل. من خلال نظرياته حول المجتمع المشترك والتنسيق في المحادثات، ساهم كلارك في تغيير الطريقة التي نفكر بها في اللغة والتواصل. أثرت أبحاثه على العديد من المجالات، ولا يزال عمله يلهم الباحثين والطلاب حتى يومنا هذا.