نشأته وتعليمه
ولد أتكينسون في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية. حصل على درجة البكالوريوس في علم النفس من جامعة ويسكونسن عام 1947، ثم حصل على درجة الماجستير والدكتوراه في علم النفس من جامعة ميشيغان في عامي 1949 و 1950 على التوالي. خلال دراسته، تأثر أتكينسون بشكل كبير بنظريات كورت ليفين ودافيد ماكليلاند، اللذين كانا لهما تأثير كبير على مساره الأكاديمي والبحثي.
نظرياته في الدافع والإنجاز
تعتبر مساهمات أتكينسون الرئيسية في علم النفس هي نظرياته حول الدافع والإنجاز. قام بتطوير نموذج رياضي للدافع، يدمج فيه مفهومي “الحاجة إلى الإنجاز” و”الخوف من الفشل”.
نموذج أتكينسون للدافع للإنجاز
يفترض نموذج أتكينسون أن سلوك الفرد في المواقف التي تنطوي على إنجاز يعتمد على ثلاثة عوامل رئيسية:
- الحاجة إلى الإنجاز (Need for Achievement): وهي رغبة الفرد في تحقيق النجاح، والتفوق في المهام، وإتقان المهارات. الأشخاص الذين لديهم حاجة عالية للإنجاز يميلون إلى اختيار مهام صعبة، ويسعون لتحقيق أهداف طموحة.
- احتمالية النجاح (Probability of Success): وهي تصور الفرد لاحتمالية نجاحه في مهمة معينة. تعتمد هذه الاحتمالية على عدة عوامل، بما في ذلك قدرات الفرد، وصعوبة المهمة، والخبرات السابقة.
- قيمة الحوافز (Incentive Value of Success): وهي قيمة النجاح بالنسبة للفرد. كلما كانت المهمة صعبة، زادت قيمة النجاح، والعكس صحيح.
وفقًا لنموذج أتكينسون، فإن الدافع للإنجاز هو نتاج تفاعل هذه العوامل الثلاثة. يميل الأفراد ذوو الحاجة العالية للإنجاز إلى اختيار المهام التي توفر تحديًا معتدلًا، حيث تكون احتمالية النجاح متوسطة، وبالتالي تكون قيمة الحافز عالية. على النقيض من ذلك، قد يتجنب الأفراد ذوو الخوف العالي من الفشل المهام الصعبة، أو يختارون مهامًا سهلة جدًا لضمان النجاح وتجنب الفشل.
نظرية أتكينسون – شانس (Atkinson-Shiffrin Model)
إلى جانب عمله على الدافع للإنجاز، تعاون أتكينسون مع ريتشارد شيفيرين في تطوير نموذج الذاكرة المعرفي، المعروف باسم نموذج أتكينسون – شيفيرين للذاكرة، أو النموذج متعدد المتاجر للذاكرة. على الرغم من أن أتكينسون اشتهر بعمله في مجال الدافع، إلا أن هذا النموذج كان له تأثير كبير على فهمنا لعمليات الذاكرة.
يقترح النموذج أن الذاكرة تتكون من ثلاثة أنواع رئيسية من المتاجر:
- الذاكرة الحسية (Sensory Memory): تستقبل هذه الذاكرة المعلومات الحسية من البيئة لفترة قصيرة جدًا.
- الذاكرة قصيرة المدى (Short-Term Memory): تعالج هذه الذاكرة المعلومات التي تم الانتباه إليها من الذاكرة الحسية. لديها قدرة محدودة، وتحتفظ بالمعلومات لفترة قصيرة ما لم يتم تكرارها أو معالجتها بشكل أكبر.
- الذاكرة طويلة المدى (Long-Term Memory): تخزن هذه الذاكرة المعلومات بشكل دائم نسبيًا. تتضمن أنواعًا مختلفة من الذاكرة، مثل الذاكرة الإجرائية (المهارات)، والذاكرة الدلالية (المعرفة العامة)، والذاكرة العرضية (الخبرات الشخصية).
أبحاثه وتأثيرها
أجرى أتكينسون العديد من الدراسات التجريبية لدعم نظرياته حول الدافع والإنجاز. استخدم أساليب بحثية متنوعة، بما في ذلك الاستبيانات، والتجارب المعملية، وتحليل السجلات. أظهرت أبحاثه أن الأفراد ذوي الحاجة العالية للإنجاز يميلون إلى اختيار مهام صعبة، والبحث عن ردود فعل حول أدائهم، والبقاء مثابرين في مواجهة التحديات. كما أظهرت أبحاثه أن الخوف من الفشل يمكن أن يعيق الدافع للإنجاز، ويؤدي إلى تجنب المهام التي يُنظر إليها على أنها تنطوي على خطر الفشل.
تأثير أبحاثه
كان لأبحاث أتكينسون تأثير كبير على العديد من المجالات، بما في ذلك علم النفس التربوي، وعلم النفس التنظيمي، وعلم النفس الرياضي. ساهمت نظرياته في:
- الفصول الدراسية: ساعدت نظريات أتكينسون المعلمين على فهم كيفية تحفيز الطلاب، وكيفية تصميم المهام التي تعزز الدافع للإنجاز.
- بيئة العمل: ساعدت نظريات أتكينسون المديرين على فهم كيفية تحفيز الموظفين، وكيفية تصميم بيئات عمل تعزز الرضا الوظيفي، والإنتاجية.
- المجال الرياضي: ساعدت نظريات أتكينسون المدربين والرياضيين على فهم كيفية إدارة القلق المتعلق بالأداء، وكيفية تحديد الأهداف، وتعزيز الدافع لتحقيق النجاح.
مساهماته في علم النفس
إلى جانب عمله النظري والبحثي، ساهم أتكينسون في علم النفس من خلال التدريس والإشراف على طلاب الدراسات العليا. قام بتدريس علم النفس في جامعة ميشيغان، وجامعة ستانفورد، وجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، وجامعة هارفارد. كان له تأثير كبير على العديد من الطلاب، الذين أصبحوا علماء نفس بارزين في حد ذاتهم. كما نشر أتكينسون العديد من الكتب والمقالات، التي ساهمت في نشر أفكاره ونظرياته على نطاق واسع.
أعماله البارزة
تتضمن أعمال أتكينسون البارزة ما يلي:
- “نظرية الدافع” (A Theory of Motivation)، 1964.
- “الدافع: نظريات ومسائل” (Motivation: Theories and Issues)، 1969.
- “سلوك الإنجاز” (Achievement Behavior)، 1977.
ساهمت هذه الأعمال في تشكيل فهمنا للدوافع الإنسانية، ولا تزال تدرس وتقتبس منها على نطاق واسع حتى اليوم.
تقديره وجوائزه
حصل أتكينسون على العديد من الجوائز والتكريمات خلال حياته المهنية، بما في ذلك جائزة المساهمة العلمية المتميزة من جمعية علم النفس الأمريكية (American Psychological Association) في عام 1978. كما شغل منصب رئيس جمعية علم النفس الأمريكية في عام 1985.
كان أتكينسون شخصية محترمة ومؤثرة في مجال علم النفس. كان معروفًا بتفكيره النقدي، وقدرته على توليد الأفكار الأصلية، والتزامه بالبحث العلمي. تركت مساهماته في علم النفس إرثًا دائمًا، ولا تزال نظرياته وأبحاثه ذات صلة بمجال علم النفس حتى اليوم.
خاتمة
كان جون وليام أتكينسون عالم نفس أمريكيًا بارزًا، اشتهر بعمله الرائد في دراسة الدافع والإنجاز. من خلال نظرياته ونماذجه البحثية، ساهم أتكينسون في فهمنا للدوافع الإنسانية، وكيفية تأثيرها على سلوكنا، واختياراتنا. تركت مساهماته في علم النفس إرثًا دائمًا، ولا تزال نظرياته وأبحاثه ذات صلة بمجال علم النفس حتى اليوم.