نبذة تاريخية
بدأ مشروع WISE كجزء من برنامج ناسا للمهام الصغيرة (SMEX). تم اقتراح المهمة في عام 2003، وتم اختيارها للتطوير في عام 2004. تم بناء WISE بواسطة Ball Aerospace & Technologies Corp. في بولدر، كولورادو. تم إطلاق التلسكوب في 14 ديسمبر 2009، على متن صاروخ دلتا 2 من قاعدة فاندنبرغ للقوات الجوية في كاليفورنيا.
بعد إطلاقه، بدأ WISE على الفور في مسح السماء. استمر المسح لمدة 10 أشهر، قبل أن ينفد مبرد الهيليوم السائل، وهو أمر ضروري للحفاظ على برودة أجهزة استشعار الأشعة تحت الحمراء. بعد انتهاء مهمته الرئيسية، تم إيقاف تشغيل WISE في فبراير 2011. ومع ذلك، أعادت ناسا تنشيط WISE في عام 2013 تحت اسم “NEOWISE”، مع تركيز جديد على البحث عن الكويكبات القريبة من الأرض (NEOs).
تصميم WISE
يتكون WISE من تلسكوب عاكس بمرآة أولية بقطر 40 سم، يعمل في أربعة أطوال موجية مختلفة للأشعة تحت الحمراء: 3.4 ميكرومتر (W1)، 4.6 ميكرومتر (W2)، 12 ميكرومتر (W3)، و 22 ميكرومتر (W4). تم تصميم التلسكوب ليكون شديد الحساسية للأشعة تحت الحمراء، مما يسمح له برؤية الأجسام الخافتة والبعيدة. لتوفير الحساسية المطلوبة، تم تبريد أجهزة استشعار WISE إلى درجة حرارة تقل عن 15 كلفن (-258 درجة مئوية). تم تحقيق ذلك باستخدام نظام تبريد بالهيليوم السائل.
تم وضع WISE في مدار قطبي حول الأرض، على ارتفاع حوالي 525 كيلومترًا. سمح هذا المدار لـ WISE بمسح السماء بأكملها في غضون ستة أشهر. جمعت كل صورة التقطها WISE بيانات عن ملايين الأجسام الفلكية.
نتائج المسح
قدم مسح WISE بيانات ضخمة وغنية بالمعلومات للعلماء. بعض النتائج الرئيسية للمهمة تشمل:
- اكتشاف الآلاف من الكويكبات الجديدة والمذنبات: ساعد WISE في تحديد مدارات العديد من الكويكبات التي تقترب من الأرض، مما ساهم في جهود الدفاع عن الكواكب.
- رسم خريطة مفصلة للسماء بالأشعة تحت الحمراء: كشف المسح عن تفاصيل جديدة حول تكوين النجوم والغاز والغبار في مجرتنا.
- اكتشاف العديد من النجوم البنية: تعتبر هذه الأجسام أصغر من النجوم ولكنها أكبر من الكواكب، وقد أتاح WISE للعلماء دراسة خصائصها.
- رؤية مجرات جديدة: سمح WISE للعلماء برؤية المجرات البعيدة التي كانت مخفية عن الضوء المرئي بسبب الغبار الكوني.
- دراسة سحب الغبار الكوني: ساعد WISE في فهم كيفية تفاعل النجوم مع البيئة المحيطة بها.
أتاحت بيانات WISE للعلماء إجراء تحليلات تفصيلية للعديد من الظواهر الفلكية، من الكواكب إلى المجرات. قدمت هذه البيانات نظرة جديدة حول كيفية عمل الكون.
مهمة NEOWISE
بعد انتهاء مهمته الأصلية، أعادت ناسا تنشيط WISE في عام 2013 تحت اسم NEOWISE (Near-Earth Object Wide-field Infrared Survey Explorer). يركز NEOWISE على البحث عن الكويكبات والمذنبات القريبة من الأرض (NEOs). يستخدم NEOWISE بيانات WISE لتحديد هذه الأجسام وتتبع مساراتها المحتملة. تعتبر هذه المعلومات ضرورية لتقييم مخاطر الاصطدام المحتملة.
بفضل مهمة NEOWISE، تم اكتشاف الآلاف من NEOs، مما ساعد في تحسين فهمنا لبيئة النظام الشمسي. ساعدت البيانات التي جمعها NEOWISE في تحسين نماذج مسار الكويكبات، مما يسمح للعلماء بالتنبؤ بشكل أكثر دقة بمواقعها المستقبلية.
أهمية WISE
لعب WISE دورًا حاسمًا في تعزيز فهمنا للكون. سمحت بياناته للعلماء بإجراء اكتشافات مهمة في مجموعة متنوعة من المجالات الفلكية. كما ساهمت مهمة NEOWISE في جهود الدفاع عن الكواكب، مما ساعد في تحديد الكويكبات التي تشكل تهديدًا للأرض. يعتبر WISE مثالًا رائعًا على كيف يمكن لتلسكوب فضائي واحد أن يحدث تأثيرًا كبيرًا في مجال علوم الفضاء.
تظل بيانات WISE موردًا قيمًا للعلماء في جميع أنحاء العالم. يتم استخدامها في مجموعة متنوعة من الدراسات، من دراسة تكوين النجوم إلى البحث عن الكواكب خارج المجموعة الشمسية. سيستمر WISE في المساهمة في فهمنا للكون لسنوات قادمة.
التقنيات المستخدمة في WISE
استخدم WISE تقنيات متطورة لتنفيذ مهامه. بعض هذه التقنيات تشمل:
- أجهزة استشعار الأشعة تحت الحمراء: تم تصميم أجهزة الاستشعار الخاصة بـ WISE لتكون شديدة الحساسية للأشعة تحت الحمراء، مما يسمح لها برؤية الأجسام الخافتة والبعيدة.
- نظام التبريد: كان نظام التبريد بالهيليوم السائل ضروريًا للحفاظ على برودة أجهزة الاستشعار وتوفير أداء فعال.
- المدار القطبي: سمح المدار القطبي لـ WISE بمسح السماء بأكملها.
- معالجة البيانات: تم استخدام خوارزميات معقدة لمعالجة البيانات التي جمعها WISE وتكوين صور وخرائط دقيقة.
كانت هذه التقنيات ضرورية لنجاح مهمة WISE. ساعدت في جعل WISE أداة قوية ومهمة في مجال علم الفلك.
التحديات التي واجهت WISE
واجهت مهمة WISE عددًا من التحديات. بعض هذه التحديات تشمل:
- نظام التبريد: كان نظام التبريد بالهيليوم السائل محدودًا في مدة عمله. عندما نفد الهيليوم، توقف WISE عن العمل في أطوال موجية الأشعة تحت الحمراء الطويلة.
- الضوضاء الخلفية: كانت الضوضاء الخلفية من الأرض والشمس والنجوم تشكل تحديًا في معالجة البيانات.
- إدارة البيانات: كانت كمية البيانات التي جمعها WISE هائلة، مما يتطلب معالجة وإدارة مكثفة.
على الرغم من هذه التحديات، حقق WISE نجاحًا كبيرًا. أثبتت المهمة قدرتها على جمع بيانات قيمة وتحقيق أهدافها العلمية.
التراث العلمي لـ WISE
ترك WISE إرثًا علميًا كبيرًا. ساهمت بياناته في تقدم فهمنا للكون في العديد من المجالات. يمكن رؤية إرث WISE في:
- الاكتشافات العلمية: أدت بيانات WISE إلى اكتشافات مهمة، مثل تحديد آلاف الكويكبات الجديدة والنجوم البنية والمجرات البعيدة.
- المنشورات العلمية: تم استخدام بيانات WISE في آلاف المنشورات العلمية، مما يدل على أهمية البيانات وموثوقيتها.
- التأثير على البحوث المستقبلية: استمرت بيانات WISE في التأثير على البحوث الفلكية، حيث يستمر العلماء في استخدامها لتحقيق المزيد من الاكتشافات.
لا يزال WISE يلهم العلماء والمهندسين على حد سواء، ويُعد مثالًا رائعًا على قوة التكنولوجيا والبحث العلمي.
الفرق بين WISE و James Webb Space Telescope (JWST)
على الرغم من أن كلاهما من التلسكوبات الفضائية، إلا أن WISE و JWST (تلسكوب جيمس ويب الفضائي) يختلفان بشكل كبير في أهدافهما وقدراتهم:
- النطاق: يركز WISE على الأشعة تحت الحمراء واسعة النطاق، بينما يغطي JWST طيفًا أوسع، بما في ذلك الأشعة تحت الحمراء القريبة والمتوسطة.
- الحجم والتعقيد: WISE أصغر وأبسط نسبيًا، في حين أن JWST أكبر وأكثر تعقيدًا.
- المدار: WISE في مدار أرضي منخفض، بينما يقع JWST في مدار حول الشمس.
- التركيز العلمي: WISE موجه نحو مسح السماء واكتشاف الأجسام، بينما يهدف JWST إلى دراسة التفاصيل الدقيقة للأجسام الفلكية البعيدة.
يعمل كلا التلسكوبين على تعزيز فهمنا للكون، حيث يوفر كل منهما رؤى فريدة تعتمد على تقنياته المتميزة.
خاتمة
كان مستكشف المسح بالأشعة تحت الحمراء واسع المجال (WISE) تلسكوبًا فضائيًا تاريخيًا أطلقته وكالة ناسا في عام 2009. قام WISE بمسح السماء بأكملها بالأشعة تحت الحمراء، مما أتاح للعلماء رؤية الكون بطرق جديدة. اكتشف WISE آلاف الكويكبات الجديدة والنجوم البنية والمجرات البعيدة. لعبت مهمة NEOWISE دورًا حاسمًا في البحث عن الكويكبات القريبة من الأرض. تركت بيانات WISE إرثًا علميًا كبيرًا، ولا تزال تُستخدم في البحوث الفلكية حتى اليوم. ساهم WISE بشكل كبير في فهمنا للكون ويستمر في إلهام العلماء والمهندسين.
المراجع
“`