نشأة وتكوين المجموعة
تأسست مجموعة العمل الماركسية كنتيجة لانقسام داخل الحزب الشيوعي الثوري السويدي. كان هذا الانقسام مدفوعًا بخلافات أيديولوجية حول عدد من القضايا، بما في ذلك تقييم الاتحاد السوفيتي، ودور النقابات العمالية، والتكتيكات الثورية. اعتبرت المجموعة الجديدة نفسها الوريث الحقيقي للشيوعية اليسارية، وانتقدت ما اعتبرته انحرافًا عن المبادئ الثورية الأصلية من قبل قيادة RKF. تبنى أعضاء المجموعة أفكارًا قوية حول الحاجة إلى ثورة عمالية مباشرة، ورفضوا أي شكل من أشكال التعاون مع الأحزاب الإصلاحية أو النقابات العمالية.
الأيديولوجيا والمبادئ
استندت أيديولوجية مجموعة العمل الماركسية بشكل كبير إلى الشيوعية اليسارية. كان هذا التيار داخل الحركة الشيوعية يرفض الاشتراكية الديمقراطية واللينينية السوفيتية، ويؤكد على الحاجة إلى ثورة عمالية بقيادة الطبقة العاملة نفسها، دون تدخل الأحزاب السياسية أو النقابات. كان بورديغا الشخصية الرئيسية المؤثرة في هذه الأيديولوجية، والتي دعت إلى استراتيجية ثورية صارمة تركز على مقاومة الرأسمالية من خلال النشاط المباشر للطبقة العاملة. رفضت المجموعة فكرة “الحزب الطليعي” أو أي شكل من أشكال القيادة التي تفوق العمال في النضال.
من بين المبادئ الأساسية التي تبنتها المجموعة:
- رفض الدولة: اعتبرت الدولة أداة لقمع الطبقة العاملة، وشددت على ضرورة تدميرها بدلاً من الاستيلاء عليها.
- الاستقلالية الطبقية: أكدت على ضرورة استقلالية الطبقة العاملة عن جميع الأحزاب السياسية والنقابات العمالية.
- الشيوعية العالمية: دعت إلى ثورة عالمية للقضاء على الرأسمالية وإنشاء مجتمع شيوعي عالمي.
- رفض النقابات: رأت النقابات كأداة للسيطرة على العمال من قبل الرأسمالية، ودعت إلى تنظيم العمال بشكل مباشر في المصانع وأماكن العمل.
- معارضة الحرب: عارضت جميع الحروب الإمبريالية، ورأت فيها صراعًا بين الدول الرأسمالية على حساب العمال.
ركزت المجموعة على تحليل الرأسمالية وتناقضاتها، مع التركيز على أن الأزمات الاقتصادية المتكررة هي دليل على عدم قدرتها على الاستمرار. اعتبرت المجموعة أن الثورة هي الحل الوحيد لهذه الأزمات، وأن على العمال بناء مجتمع جديد خالٍ من الاستغلال.
النشاط والعمل
شاركت مجموعة العمل الماركسية في أنشطة محدودة النطاق في السويد. تمحورت هذه الأنشطة حول نشر الأدبيات والمقالات، وعقد المناقشات والاجتماعات، والمشاركة في بعض الفعاليات العمالية. ومع ذلك، لم تحظ المجموعة بشعبية واسعة أو تأثير كبير في السويد. كان تركيزها الأساسي على نشر أفكارها بين العمال والمثقفين اليساريين.
من أبرز أنشطتها:
- نشر المنشورات: أصدرت المجموعة منشورات ومجلات باللغة السويدية لترويج أفكارها.
- المشاركة في المناقشات: شاركت في مناقشات حول قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية، وحاولت نشر رؤيتها الشيوعية اليسارية.
- العلاقات الدولية: أقامت علاقات مع مجموعات شيوعية يسارية أخرى في جميع أنحاء العالم.
كانت المجموعة ملتزمة بالعمل النظري والتحليلي، وحاولت فهم التطورات الاقتصادية والسياسية في العالم من منظور ماركسي. ومع ذلك، فإن تأثيرها العملي كان محدودًا نسبيًا بسبب صرامة مواقفها الأيديولوجية والرفض العام للشيوعية اليسارية في السويد.
التحديات والتطورات
واجهت مجموعة العمل الماركسية العديد من التحديات خلال فترة وجودها. كان أحد أكبر التحديات هو الحصول على دعم واسع النطاق من الطبقة العاملة السويدية. كان للشيوعية اليسارية جمهور ضئيل في السويد، وكان معظم العمال مرتبطين بالأحزاب والنقابات الإصلاحية. بالإضافة إلى ذلك، واجهت المجموعة صعوبات في الحفاظ على الوحدة الداخلية بسبب الاختلافات الأيديولوجية ووجهات النظر المختلفة حول التكتيكات الثورية.
على الرغم من هذه التحديات، استمرت المجموعة في نشر أفكارها والمشاركة في النقاشات السياسية. مع مرور الوقت، تطورت بعض وجهات نظرها لتتناسب مع التغيرات في الوضع السياسي والاقتصادي العالمي. ومع ذلك، ظلت المجموعة ملتزمة بمبادئها الأساسية للشيوعية اليسارية.
العلاقات مع المجموعات الأخرى
أقامت مجموعة العمل الماركسية علاقات مع مجموعات شيوعية يسارية أخرى في جميع أنحاء العالم. كان هذا التعاون مهمًا لتبادل الأفكار والخبرات، وتنسيق الجهود. ومع ذلك، كانت العلاقات مع المجموعات الأخرى غالبًا ما تكون معقدة بسبب الاختلافات الأيديولوجية والتكتيكية. ركزت المجموعة بشكل خاص على التواصل مع الجماعات التي تتبنى وجهات نظر مشابهة لأفكار بورديغا.
بالإضافة إلى ذلك، أقامت المجموعة علاقات مع بعض الجماعات الثورية الأخرى في السويد، على الرغم من الاختلافات الأيديولوجية. هدفت هذه العلاقات إلى تعزيز التعاون في بعض القضايا المشتركة، مثل مكافحة الفاشية والعنصرية.
الانهيار والحل
انهارت مجموعة العمل الماركسية في نهاية المطاف بسبب مجموعة من العوامل. تضمنت هذه العوامل عدم القدرة على الحصول على دعم واسع النطاق، والصعوبات في الحفاظ على الوحدة الداخلية، والتغيرات في المشهد السياسي السويدي. لم يعد لدى المجموعة القدرة على تجنيد أعضاء جدد أو الحفاظ على أنشطتها على المدى الطويل. أدى ذلك إلى تراجع تدريجي في أنشطتها وفي النهاية إلى حلها. على الرغم من ذلك، تركت المجموعة إرثًا صغيرًا في تاريخ الحركة الشيوعية السويدية، كمثال على الشيوعية اليسارية التي استمرت لفترة من الزمن.
أهمية دراسة مجموعة العمل الماركسية
على الرغم من قصر عمرها وتأثيرها المحدود، فإن دراسة مجموعة العمل الماركسية مهمة لعدة أسباب. أولاً، توفر دراسة المجموعة فهمًا أعمق للشيوعية اليسارية وتطورها. ثانيًا، تساعد في فهم التحديات التي تواجهها الجماعات الثورية في سياق سياسي واجتماعي معين. ثالثًا، يمكن أن توفر دروسًا حول أهمية الوحدة الداخلية والعلاقات مع الجماعات الأخرى. أخيرًا، تذكرنا الدراسة بأهمية النقد الذاتي والتقييم المستمر للأفكار والتكتيكات.
تعتبر دراسة مجموعة العمل الماركسية بمثابة تذكير بأن الحركات الثورية غالبًا ما تواجه صعوبات كبيرة في تحقيق أهدافها. ومع ذلك، فإن دراسة هذه الحركات يمكن أن تساعدنا على فهم أفضل للعالم من حولنا، وتعزيز التفكير النقدي، وتطوير استراتيجيات أكثر فعالية للتغيير الاجتماعي.
أثر مجموعة العمل الماركسية
على الرغم من أن مجموعة العمل الماركسية لم تحقق أهدافها في تغيير المجتمع السويدي، إلا أنها تركت أثرًا محدودًا في تاريخ الحركة الشيوعية في السويد. قدمت المجموعة مساهمات في النقاش حول الشيوعية اليسارية، وساعدت في نشر أفكار بورديغا. كما ألهمت بعض الأفراد على مواصلة النشاط السياسي والفكري.
بالإضافة إلى ذلك، فإن دراسة المجموعة توفر لنا فهمًا أفضل للتحديات التي تواجهها الحركات الثورية، مثل صعوبة الحصول على الدعم، والحفاظ على الوحدة الداخلية، والتكيف مع التغيرات السياسية والاقتصادية. يمكن لهذه الدروس أن تكون مفيدة للنشطاء والمفكرين السياسيين الذين يسعون إلى تغيير المجتمع في المستقبل.
خاتمة
كانت مجموعة العمل الماركسية مجموعة شيوعية يسارية ظهرت في السويد في أواخر السبعينيات. استندت المجموعة إلى أفكار الشيوعية اليسارية، وخاصة تلك التي طورها أميديو بورديغا. على الرغم من أنها لم تحظ بشعبية واسعة أو تأثير كبير، إلا أنها تركت إرثًا صغيرًا في تاريخ الحركة الشيوعية السويدية، كمثال على محاولة تطبيق الشيوعية اليسارية في سياق معين. دراسة المجموعة توفر فهمًا للشيوعية اليسارية، وتحديات الحركات الثورية، وأهمية النقد الذاتي.
المراجع
“`