نشأته وتعليمه
ولد زلمان نحميا غولدبرغ في القدس، في فلسطين تحت الانتداب البريطاني، لعائلة متدينة. كان والده، الحاخام شموئيل غولدبرغ، عالمًا بارزًا في التلمود، بينما كانت والدته، ريبيكا، تنحدر من عائلة حاخامية عريقة. تلقى غولدبرغ تعليمه المبكر في المؤسسات الدينية التقليدية، بما في ذلك مدرسة إيتس تشايم في القدس. أظهر منذ صغره ذكاءً حادًا وقدرة استثنائية على استيعاب التوراة والتلمود. التحق فيما بعد بيشيفا كولتور في القدس، حيث درس تحت إشراف الحاخام يتسحاق تسفي، وهو عالم بارز في الشريعة اليهودية.
تزوج زلمان نحميا غولدبرغ من ليفيا، ابنة الحاخام يتسحاق كوهين، في عام 1951. أنجب الزوجان عدة أطفال، وكرسوا حياتهم لتعليم ونشر التوراة والشريعة اليهودية.
مسيرته المهنية
بعد زواجه، بدأ غولدبرغ مسيرته المهنية في التدريس في عدة يشيفوت (مدارس دينية يهودية). كان معروفًا بأسلوبه التعليمي الواضح والمبسط، وقدرته على تبسيط المفاهيم المعقدة في التلمود والشريعة اليهودية. ألقى محاضرات وحاضر في جميع أنحاء إسرائيل، وأثر في عدد لا يحصى من الطلاب والباحثين.
بالإضافة إلى التدريس، عمل غولدبرغ كـ”posek” (خبير في الشريعة اليهودية)، حيث كان يقدم الإرشادات والتوجيهات حول مجموعة واسعة من المسائل الشرعية. كان يُنظر إليه على أنه سلطة رائدة في الشريعة اليهودية، وكان رأيه مطلوبًا بشدة في القضايا المعقدة. تميزت فتاواه بالدقة والعمق، والتزامه الصارم بالقواعد الشرعية.
كان غولدبرغ أيضًا مؤلفًا غزير الإنتاج. كتب عددًا كبيرًا من الكتب والمقالات حول مجموعة واسعة من الموضوعات اليهودية، بما في ذلك التلمود، والشريعة اليهودية، والفلسفة اليهودية، وأخلاقيات اليهودية. ساهمت كتاباته بشكل كبير في نشر المعرفة بالشريعة اليهودية، وتعميق الفهم الديني.
إسهاماته الفكرية
تميزت مساهمات غولدبرغ الفكرية بالجمع بين الدقة الأكاديمية والالتزام الديني العميق. كان قادرًا على تحليل النصوص التلمودية والشريعة اليهودية بعمق، مع الحفاظ على إيمانه التقليدي. ركز في كتاباته على تفسير النصوص اليهودية القديمة في سياق العصر الحديث، وتطبيق المبادئ اليهودية على التحديات المعاصرة.
ركز غولدبرغ بشكل خاص على أهمية التعليم في الحياة اليهودية. آمن بأن التعليم هو المفتاح لفهم التوراة والشريعة اليهودية، وأنه ضروري للحفاظ على التقاليد اليهودية. شجع على دراسة التوراة والتلمود بين جميع أفراد المجتمع اليهودي، بغض النظر عن خلفيتهم أو مستواهم التعليمي.
بالإضافة إلى ذلك، كان غولدبرغ مدافعًا قويًا عن أهمية الأخلاق في الحياة اليهودية. اعتقد أن الأخلاق هي جوهر الشريعة اليهودية، وأن اليهود يجب أن يسعوا جاهدين للعيش وفقًا للمبادئ الأخلاقية للتوراة. تحدث علنًا ضد الظلم والفساد، ودعا إلى العدالة والمساواة للجميع.
مكانته وتأثيره
حظي زلمان نحميا غولدبرغ بتقدير واحترام كبيرين في العالم الأرثوذكسي اليهودي. كان يُنظر إليه على أنه معلم ومرشد روحي، وكان رأيه مطلوبًا بشدة في المسائل الشرعية. أثرت كتاباته ومحاضراته في عدد لا يحصى من الأشخاص، وساعدت في تشكيل فهمهم للشريعة اليهودية واليهودية بشكل عام.
كان غولدبرغ معروفًا بتواضعه وتفانيه في خدمة الآخرين. كان دائمًا على استعداد لتقديم المساعدة والنصيحة للآخرين، بغض النظر عن خلفيتهم أو معتقداتهم. كان يتمتع بشخصية دافئة ومرحة، وكان محبًا للجميع.
ترك غولدبرغ إرثًا دائمًا في العالم اليهودي. استمرت كتاباته وأعماله في إلهام وتعليم الناس من جميع أنحاء العالم. كان مثالاً يحتذى به للعالم، وساهم بشكل كبير في الحفاظ على التقاليد اليهودية ونشرها.
وفاته
توفي زلمان نحميا غولدبرغ في 20 أغسطس 2020، عن عمر يناهز 89 عامًا. أقيمت له جنازة كبيرة في القدس، حضرها الآلاف من المعزين من جميع أنحاء العالم. دُفن في مقبرة جبل الزيتون في القدس.
كان لوفاته خسارة كبيرة للعالم الأرثوذكسي اليهودي. لقد كان حاخامًا بارزًا، وفقيهًا متميزًا، ومعلمًا مخلصًا، وشخصية محبوبة. سيظل إرثه حيًا من خلال كتاباته، وأعماله، وتأثيره على الأجيال القادمة.
أعماله البارزة
ترك زلمان نحميا غولدبرغ إرثًا غنيًا من الأعمال المكتوبة. من بين أعماله البارزة:
- “She’eilot U’Teshuvot”: وهي مجموعة من أسئلته وأجوبته حول القضايا الشرعية.
- “Minchat Shlomo”: سلسلة من المجلدات التي تشرح التلمود والشريعة اليهودية.
- “Torat Tehila”: عمل على موضوعات دينية مختلفة.
ساهمت هذه الأعمال في تعميق فهم الشريعة اليهودية، وأثرت في عدد كبير من الطلاب والباحثين.
إرثه
يُذكر زلمان نحميا غولدبرغ كشخصية بارزة في تاريخ اليهودية الحديث. كان عالمًا ذا معرفة واسعة، ومفكرًا عميقًا، ومعلمًا مخلصًا، ورجلًا فاضلاً. تركت مساهماته الفكرية والروحية إرثًا دائمًا يستمر في التأثير على الأجيال القادمة. كان مثالاً يحتذى به للعالم، وساهم بشكل كبير في الحفاظ على التقاليد اليهودية ونشرها.
خاتمة
زلمان نحميا غولدبرغ كان حاخامًا بارزًا، وفقيهًا في الشريعة اليهودية، ومؤلفًا غزير الإنتاج، ومعلمًا مخلصًا. ترك إرثًا دائمًا من خلال كتاباته، وتعاليمه، وتفانيه في خدمة الآخرين. ساهمت مساهماته بشكل كبير في فهم الشريعة اليهودية وتعزيز القيم الأخلاقية اليهودية. سيُذكر كشخصية محترمة ومؤثرة في تاريخ اليهودية.
المراجع
- JTA Obituary: Rabbi Zalman Nechemia Goldberg, leading authority on Jewish law, dies at 89
- Wikipedia: Zalman Nechemia Goldberg
- Orthodox Union: Rabbi Zalman Nechemia Goldberg, Z”L
- Chabad.org: Rabbi Zalman Nechemia Goldberg Dies at 89
“`