نشأة بينداون وتطورها
بدأ استخدام أسلوب بينداون في منتصف الثمانينيات في دور رعاية الأطفال في مقاطعة ستافوردشاير. تم تطوير هذا الأسلوب كرد فعل على ما اعتبره مسؤولو الرعاية الاجتماعية سلوكًا غير منضبط من قبل بعض الأطفال. تم تصميم بينداون كأداة للتحكم في السلوك، وتهدف إلى ردع السلوكيات غير المرغوب فيها من خلال العزل الفوري. تم استخدام هذا الأسلوب على الأطفال من جميع الأعمار، على الرغم من أنه كان أكثر شيوعًا مع المراهقين. كان يتم تطبيقه بشكل عام على الأطفال الذين يُعتبرون “مشاغبين” أو أولئك الذين يعانون من مشاكل سلوكية.
كانت الغرف المستخدمة للعزل، والمعروفة باسم “الغرف الخاصة” أو “غرف التأمل”، تختلف في الحجم والتصميم، ولكنها غالبًا ما كانت صغيرة، وتحتوي على القليل من الأثاث أو لا تحتوي على أي أثاث على الإطلاق. في بعض الحالات، كانت الغرف فارغة تمامًا، بينما في حالات أخرى، كان يوجد سرير أو وسادة، وربما كتاب. كان الأطفال يُحتجزون في هذه الغرف لفترات متفاوتة، تتراوح من بضع ساعات إلى عدة أيام. خلال فترة الاحتجاز، كان يُمنع الأطفال من الاتصال بالآخرين وغالبًا ما كانوا يتركون بمفردهم.
الإجراءات المتبعة في بينداون
عند تطبيق أسلوب بينداون، كان الطفل الذي يُظهر سلوكًا غير لائق يُعزل فورًا في غرفة خاصة. قبل العزل، كان يتم إعطاء الطفل تحذيرًا. إذا استمر السلوك، كان يتم نقله إلى الغرفة الخاصة. كان يتم تحديد مدة العزل من قبل العاملين في دار الرعاية، بناءً على تقديرهم لسلوك الطفل. في بعض الحالات، كان يتم تمديد فترة العزل إذا استمر الطفل في إظهار سلوك غير مرغوب فيه. كان الأطفال يخضعون للمراقبة خلال فترة العزل، إما عن طريق العاملين في دار الرعاية أو من خلال كاميرات المراقبة. في بعض الأحيان، كان يتم إعطاء الأطفال الطعام والشراب في الغرفة الخاصة، على الرغم من أن هذا لم يكن دائمًا هو الحال.
خلال فترة العزل، كان الأطفال يواجهون العزلة التامة. لم يُسمح لهم بالتحدث إلى الآخرين، ولم يكن لديهم إمكانية الوصول إلى الأنشطة الترفيهية أو التعليمية. كان الهدف من ذلك هو إزالة أي محفزات خارجية والتركيز على سلوك الطفل. كان من المفترض أن يساعد العزل الطفل على التفكير في أفعاله وتغيير سلوكه. ومع ذلك، غالبًا ما أدى العزل إلى الشعور بالوحدة والخوف والقلق.
الآثار النفسية والجسدية
أثار أسلوب بينداون جدلاً كبيرًا بسبب الآثار النفسية والجسدية الضارة التي تعرض لها الأطفال. تضمنت هذه الآثار ما يلي:
- القلق والاكتئاب: أدى العزل المطول إلى تفاقم أعراض القلق والاكتئاب لدى الأطفال.
- الصدمة النفسية: تعرض العديد من الأطفال لصدمات نفسية نتيجة للعزل القسري والظروف القاسية في الغرف الخاصة.
- تدني احترام الذات: أدى الشعور بالعزلة والإهمال إلى تدني احترام الذات لدى الأطفال.
- المشاكل السلوكية: في بعض الحالات، أدى أسلوب بينداون إلى تفاقم المشاكل السلوكية الموجودة بالفعل، بدلاً من حلها.
- المشاكل الجسدية: تعرض بعض الأطفال لمشاكل جسدية، مثل فقدان الوزن وسوء التغذية، بسبب الظروف السيئة في الغرف الخاصة.
أبلغ الأطفال عن تجارب مؤلمة، بما في ذلك الشعور بالوحدة، والخوف، واليأس. وصفوا الغرف بأنها “زنازين” و “سجون”. أشاروا إلى أنهم تعرضوا للإساءة اللفظية والجسدية من قبل العاملين في دور الرعاية. ترك هذا الأسلوب ندوبًا نفسية عميقة لدى العديد من الأطفال الذين تعرضوا له.
الجدل والانتقادات
واجه أسلوب بينداون انتقادات شديدة من قبل المهنيين والمنظمات الحقوقية. تم انتقاد الأسلوب لانتهاكه حقوق الأطفال الأساسية، مثل الحق في الحرية، والحق في عدم التعرض للمعاملة القاسية أو اللاإنسانية، والحق في الحصول على الرعاية المناسبة. اعتبر الكثيرون أن أسلوب بينداون شكل من أشكال الإساءة وإساءة المعاملة.
أشارت الانتقادات إلى أن أسلوب بينداون لم يكن فعالاً في تحسين سلوك الأطفال. بل على العكس، فقد أدى إلى تفاقم مشاكلهم السلوكية والصحية النفسية. كما أُشير إلى أن الأسلوب يفتقر إلى الشفافية والمساءلة، مما يسمح بإساءة المعاملة. أدت هذه الانتقادات إلى إجراء تحقيقات رسمية في دور رعاية الأطفال في ستافوردشاير.
تجاهل حقوق الأطفال: تم انتقاد بينداون لعدم احترامه حقوق الأطفال الأساسية. اعتبرت طريقة العزل انتهاكًا لحق الطفل في الحرية والكرامة.
عدم فعالية الأسلوب: أثبت بينداون عدم فعاليته في تحسين سلوك الأطفال على المدى الطويل. غالبًا ما تفاقمت المشاكل السلوكية بعد تعرض الطفل لهذه التجربة.
إساءة الاستخدام المحتملة: فتحت طريقة بينداون الباب أمام إساءة الاستخدام من قبل العاملين في دور الرعاية، حيث لم يكن هناك رقابة كافية.
الآثار النفسية الضارة: تسببت هذه الطريقة في آثار نفسية سلبية على الأطفال، مثل القلق، والاكتئاب، والصدمات النفسية.
التحقيقات والنتائج
أدت الانتقادات المتزايدة والادعاءات بالإساءة إلى إجراء تحقيقات رسمية في دور رعاية الأطفال في ستافوردشاير. كشفت هذه التحقيقات عن أدلة على سوء المعاملة، بما في ذلك الاستخدام المفرط لأسلوب بينداون، والإهمال، والإساءة الجسدية واللفظية. وجدت التحقيقات أن أسلوب بينداون غالبًا ما كان يُستخدم بشكل غير لائق، دون مراعاة احتياجات الأطفال أو صحتهم النفسية.
أسفرت التحقيقات عن توصيات لتحسين رعاية الأطفال في دور الرعاية. تضمنت هذه التوصيات ما يلي:
- حظر استخدام أسلوب بينداون: أوصت التحقيقات بحظر استخدام أسلوب بينداون في دور رعاية الأطفال.
- تحسين التدريب: أوصت التحقيقات بتحسين تدريب العاملين في دور الرعاية، بما في ذلك التدريب على رعاية الأطفال والصحة النفسية.
- تعزيز الرقابة والمساءلة: أوصت التحقيقات بتعزيز الرقابة والمساءلة في دور رعاية الأطفال، لضمان عدم تكرار إساءة المعاملة.
- توفير الدعم النفسي للأطفال: أوصت التحقيقات بتوفير الدعم النفسي للأطفال الذين تعرضوا للإساءة في دور الرعاية.
التأثير على السياسات والممارسات
أدت فضيحة بينداون إلى تغييرات كبيرة في سياسات وممارسات رعاية الأطفال في إنجلترا. تم حظر استخدام أسلوب بينداون في جميع دور رعاية الأطفال. تم تعزيز الرقابة والمساءلة في دور الرعاية، وتم توفير المزيد من التدريب للعاملين. تم التركيز على توفير بيئة آمنة وداعمة للأطفال. كان لهذا التأثير تأثير كبير على تحسين رعاية الأطفال في إنجلترا، حيث تم التركيز على حقوق الأطفال ورفاههم.
أدت هذه الفضيحة إلى تغييرات مهمة في سياسات رعاية الأطفال في المملكة المتحدة، حيث أدركت السلطات الحاجة إلى حماية الأطفال من الإساءة وتوفير بيئة آمنة وداعمة لهم.
مقترحات بديلة لإدارة السلوك
بعد حظر بينداون، تم اعتماد العديد من الأساليب البديلة لإدارة سلوك الأطفال في دور الرعاية. تضمنت هذه الأساليب ما يلي:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): وهو علاج نفسي يساعد الأطفال على تغيير أنماط التفكير والسلوك السلبية.
- العلاج باللعب: وهو علاج يستخدم اللعب لمساعدة الأطفال على التعبير عن مشاعرهم ومعالجة المشاكل.
- تدريب الوالدين: وهو برنامج يوفر للوالدين المهارات اللازمة لإدارة سلوك أطفالهم بشكل فعال.
- تقنيات إدارة السلوك الإيجابي: تتضمن مكافأة السلوك الإيجابي وتجاهل السلوك السلبي.
تهدف هذه الأساليب إلى معالجة الأسباب الكامنة وراء المشاكل السلوكية، بدلاً من مجرد قمع السلوكيات غير المرغوب فيها. يتميز هذا النهج بتوفير بيئة أكثر إيجابية وداعمة للأطفال. تم تصميم هذه الأساليب لتلبية احتياجات الأطفال بشكل أكثر فعالية.
الدروس المستفادة
كانت قضية بينداون بمثابة تذكير صارخ بأهمية حماية الأطفال وضمان سلامتهم ورفاههم. أكدت القضية على الحاجة إلى اتباع نهج قائم على حقوق الطفل، حيث يتم احترام حقوق الأطفال وحمايتها. أظهرت القضية أيضًا أهمية المساءلة والشفافية في دور رعاية الأطفال، وكذلك الحاجة إلى توفير التدريب المناسب للعاملين. لا تزال قضية بينداون تؤثر على سياسات وممارسات رعاية الأطفال حتى اليوم.
خاتمة
كانت بينداون أسلوبًا مثيرًا للجدل لإدارة السلوك استخدم في دور رعاية الأطفال في إنجلترا في الثمانينيات. أثبت الأسلوب أنه ضار نفسيًا وجسديًا للأطفال. أدى الجدل والنتائج التي كشفت عنها التحقيقات إلى حظر الأسلوب وإصلاحات في سياسات رعاية الأطفال. تعتبر قضية بينداون بمثابة تذكير بأهمية حماية حقوق الأطفال وتوفير بيئة آمنة وداعمة لهم.