تسلسل الأحداث
بدأت القصة في حوالي الساعة 8:30 مساءً بتوقيت جرينتش، عندما سمع السكان المحليون دويًا مدويًا وشعروا بهزة أرضية خفيفة. تبع ذلك رؤية أضواء غريبة تتحرك في السماء فوق الجبال. وصف الشهود هذه الأضواء بأنها ساطعة ومتوهجة، وتتحرك بسرعة وبشكل غير منتظم. بعضهم قال إنها كانت على شكل جسم طائر كبير، بينما وصفها آخرون بأنها مجرد أضواء منفصلة.
أحد الشهود الرئيسيين كان ممرضة تدعى باتريسيا إيفانز، التي كانت تقود سيارتها بالقرب من الجبال عندما رأت ضوءًا برتقاليًا كبيرًا يضيء السماء. وصفت إيفانز الضوء بأنه “مثل كرة قدم مضيئة” وأنه كان يتحرك بسرعة كبيرة قبل أن يسقط فجأة باتجاه الأرض. اتصلت إيفانز بالشرطة للإبلاغ عن الحادث، وسرعان ما بدأت السلطات المحلية في تلقي مكالمات مماثلة من سكان آخرين في المنطقة.
بالإضافة إلى الأضواء، أفاد بعض الشهود بسماع أصوات غريبة، مثل صفير أو همهمة، تصدر من اتجاه الجبال. كما وردت تقارير عن انقطاع التيار الكهربائي في بعض المناطق القريبة من موقع الحادث.
التفسيرات الرسمية
بعد التحقيق في الحادث، قدمت وزارة الدفاع البريطانية (MoD) تفسيرًا رسميًا لما حدث. وفقًا للوزارة، فإن الضوضاء والهزة الأرضية التي شعر بها السكان كانت ناتجة عن زلزال صغير بلغت قوته 3.5 درجة على مقياس ريختر، وكان مركزه بالقرب من بلدة بلايني فيستينيوج. أما الأضواء التي شوهدت في السماء، فقد عزت الوزارة ذلك إلى ظاهرة طبيعية تُعرف باسم “الأضواء الأرضية” (Earthlights)، وهي عبارة عن ومضات ضوئية تظهر أحيانًا قبل أو أثناء الزلازل.
وأضافت وزارة الدفاع أن التقارير عن انقطاع التيار الكهربائي كانت مجرد مصادفة، وأنها لا ترتبط بالضرورة بالزلزال أو بالأضواء التي شوهدت في السماء. كما نفت الوزارة بشدة أي تورط لأجسام طائرة مجهولة أو كائنات فضائية في الحادث.
نظريات المؤامرة والشكوك
على الرغم من التفسيرات الرسمية، إلا أن العديد من الأشخاص لم يقتنعوا بها، واستمروا في الاعتقاد بأن حادثة جبال بيروين كانت شيئًا أكثر من مجرد زلزال وأضواء أرضية. ظهرت العديد من نظريات المؤامرة التي تتحدث عن تكتم حكومي على الحقيقة، وأن الأضواء التي شوهدت في السماء كانت في الواقع أجسامًا طائرة مجهولة، وأن السلطات حاولت التستر على الأمر لحماية الأمن القومي.
إحدى أكثر نظريات المؤامرة انتشارًا تدعي أن جسمًا طائرًا مجهولًا قد تحطم في جبال بيروين، وأن الجيش البريطاني قام بإخفاء الحطام ونقل الكائنات الفضائية التي ربما كانت على متن الطائرة إلى قاعدة عسكرية سرية. تستند هذه النظرية إلى بعض الشهادات التي تتحدث عن رؤية مركبات عسكرية تتحرك في المنطقة بعد الحادث، وإلى بعض التقارير التي تفيد بأن بعض المناطق في الجبال قد أغلقت أمام الجمهور لفترة من الوقت.
من بين الأسباب التي تدفع البعض إلى الشك في التفسيرات الرسمية هو أن الزلزال الذي وقع في ذلك اليوم كان ضعيفًا نسبيًا، ولا يكفي لتفسير الضوضاء القوية والهزة الأرضية التي شعر بها السكان. كما أن الأضواء التي شوهدت في السماء كانت مختلفة عن الأضواء الأرضية المعتادة، حيث كانت تتحرك بسرعة وبشكل غير منتظم، وكانت ساطعة جدًا.
الشهود والتحقيقات المستقلة
أجرى العديد من الباحثين والمهتمين بالأجسام الطائرة المجهولة تحقيقات مستقلة في حادثة جبال بيروين، وحاولوا جمع المزيد من المعلومات من الشهود وتحليل الأدلة المتاحة. أحد أبرز هؤلاء الباحثين هو آندي كولكا، الذي أجرى مقابلات مع العديد من الشهود ونشر كتابًا عن الحادث بعنوان “The Berwyn Mountains UFO Crash”.
خلص كولكا إلى أن هناك أدلة قوية تشير إلى أن شيئًا غير عادي قد حدث في جبال بيروين في ليلة 23 يناير 1974، وأن التفسيرات الرسمية لا تقدم تفسيرًا كاملاً لما حدث. ومع ذلك، لم يتمكن كولكا من تقديم دليل قاطع على أن الأضواء التي شوهدت في السماء كانت بالفعل أجسامًا طائرة مجهولة، أو أن هناك أي دليل على تحطم جسم طائر في الجبال.
في عام 2014، نشرت الأرشيفات الوطنية البريطانية بعض الوثائق السرية المتعلقة بحادثة جبال بيروين، والتي كانت قد ظلت سرية لأكثر من 40 عامًا. لم تكشف هذه الوثائق عن أي معلومات جديدة جوهرية، ولكنها أكدت أن وزارة الدفاع البريطانية قد أخذت الحادث على محمل الجد، وأنها قد أجرت تحقيقًا شاملاً في الأمر.
الأثر الثقافي
تركت حادثة جبال بيروين أثرًا كبيرًا على الثقافة الشعبية في ويلز، وأصبحت جزءًا من الفلكلور المحلي. ألهمت الحادثة العديد من الفنانين والكتاب والموسيقيين، الذين قاموا بإنتاج أعمال فنية مستوحاة من الأحداث الغريبة التي وقعت في الجبال.
تستمر حادثة جبال بيروين في جذب السياح إلى المنطقة، حيث يأتي الكثيرون لزيارة موقع الحادث ومحاولة فهم ما حدث في تلك الليلة الغامضة. كما أن هناك العديد من المنظمات والمجموعات التي تنظم فعاليات ومؤتمرات حول الأجسام الطائرة المجهولة في المنطقة.
خاتمة
تبقى حادثة جبال بيروين لغزًا محيرًا، ولا يزال الجدل قائمًا حول طبيعة الأحداث التي وقعت في تلك الليلة. على الرغم من التفسيرات الرسمية، إلا أن العديد من الأشخاص ما زالوا يعتقدون بأن هناك شيئًا أكثر من ذلك قد حدث، وأن الحقيقة الكاملة لم تكشف بعد. سواء كانت الأضواء التي شوهدت في السماء أجسامًا طائرة مجهولة أم ظاهرة طبيعية، فإن حادثة جبال بيروين ستظل دائمًا جزءًا من تاريخ ويلز وذاكرة سكانها.