<![CDATA[
حياته المبكرة وتعليمه
وُلد كارلو غولدوني في البندقية لعائلة من الطبقة المتوسطة. كان والده طبيبًا، وكانت والدته من عائلة نبيلة. أظهر غولدوني شغفًا بالمسرح منذ صغره، حيث كان يهرب من المدرسة لمشاهدة العروض المسرحية. على الرغم من رغبة والده في أن يصبح محاميًا، إلا أن غولدوني كان مصممًا على متابعة شغفه بالمسرح.
درس غولدوني الفلسفة في ريميني والقانون في بافيا، لكنه لم يكمل دراسته في أي منهما. بدلاً من ذلك، انضم إلى فرقة مسرحية متجولة وبدأ في كتابة المسرحيات. في عام 1734، حصل على وظيفة كاتب مسرحي في مسرح سان سامويلي في البندقية، حيث بدأ في تطوير أسلوبه الخاص في الكتابة الكوميدية.
إصلاح الكوميديا الإيطالية
كان غولدوني недоволен بالطريقة التقليدية التي كانت تُكتب بها الكوميديا الإيطالية. كانت “كوميديا ديل آرتي” تعتمد بشكل كبير على الارتجال والأنماط النمطية للشخصيات، مما جعلها تبدو متكررة وغير واقعية. أراد غولدوني أن يخلق كوميديا أكثر واقعية وتأملية، كوميديا تعكس حياة الناس العاديين ومشاكلهم.
لتحقيق ذلك، بدأ غولدوني في كتابة نصوص مسرحية كاملة، بدلاً من الاعتماد على الارتجال. قام أيضًا بتطوير شخصيات أكثر تعقيدًا وواقعية، مستوحاة من الأشخاص الذين كان يعرفهم في الحياة الواقعية. بالإضافة إلى ذلك، سعى غولدوني إلى دمج عناصر من الدراما الجادة في كوميدياته، مما جعلها أكثر عمقًا وتأثيرًا.
لم يكن إصلاح غولدوني للكوميديا الإيطالية موضع ترحيب عالمي. واجه معارضة شديدة من الممثلين الذين اعتادوا على الارتجال، ومن النقاد الذين اعتقدوا أن الكوميديا يجب أن تكون مضحكة فقط ولا يجب أن تتناول قضايا جادة. ومع ذلك، استمر غولدوني في تطوير أسلوبه، وبمرور الوقت اكتسب المزيد والمزيد من الشعبية.
أشهر أعماله
كتب غولدوني أكثر من 200 مسرحية، تتنوع بين الكوميديا والدراما والأوبريت. من بين أشهر أعماله:
- خادم سيدين (Il servitore di due padroni): تعتبر هذه المسرحية واحدة من أشهر مسرحيات غولدوني وأكثرها تمثيلاً. تحكي قصة خادم ذكي يحاول خدمة سيدين مختلفين في نفس الوقت، مما يؤدي إلى سلسلة من المواقف الكوميدية.
- المروحة (Il ventaglio): كوميديا تدور حول مروحة تسبب سلسلة من سوء الفهم والغيرة بين مجموعة من الشخصيات. تعتبر هذه المسرحية مثالًا جيدًا على قدرة غولدوني على خلق مواقف كوميدية معقدة من خلال تفاعلات الشخصيات.
- مقهى (La bottega del caffè): مسرحية تدور أحداثها في مقهى في البندقية وتستكشف حياة مجموعة من الزبائن المختلفين. تعتبر هذه المسرحية تصويرًا واقعيًا لحياة البندقية في القرن الثامن عشر.
- عائلة عالم الآثار (La famiglia dell’antiquario): كوميديا تسخر من هوس جمع التحف القديمة. تعتبر هذه المسرحية مثالًا على قدرة غولدوني على انتقاد جوانب مختلفة من المجتمع.
- امرأة لعوب (La donna di garbo): كوميديا تدور حول امرأة ذكية تتلاعب بالرجال من حولها لتحقيق أهدافها. تعتبر هذه المسرحية مثالًا على قدرة غولدوني على خلق شخصيات نسائية قوية ومعقدة.
سنواته الأخيرة ووفاته
في عام 1762، انتقل غولدوني إلى باريس، حيث عمل ككاتب مسرحي في الكوميديا الإيطالية. على الرغم من أنه حقق بعض النجاح في باريس، إلا أنه كان يشعر بالحنين إلى البندقية وإلى جمهوره الإيطالي. توفي غولدوني في باريس عام 1793، عن عمر يناهز 85 عامًا.
على الرغم من مرور أكثر من قرنين على وفاته، لا تزال مسرحيات غولدوني تُعرض في جميع أنحاء العالم. يعتبر غولدوني واحدًا من أعظم كتاب المسرح في إيطاليا، وقد أثر عمله على العديد من الكتاب المسرحيين اللاحقين.
تأثيره وإرثه
ترك كارلو غولدوني إرثًا دائمًا في عالم المسرح. يعتبر رائدًا في الكوميديا الحديثة، وقد ألهم العديد من الكتاب المسرحيين اللاحقين. كان لعمله تأثير كبير على تطوير الكوميديا في إيطاليا وأوروبا بشكل عام.
بالإضافة إلى ذلك، ساهم غولدوني في تطوير اللغة الإيطالية المسرحية. استخدم لغة بسيطة وواضحة، مما جعل مسرحياته في متناول جمهور أوسع. كما ساهم في تطوير الشخصيات المسرحية الإيطالية، حيث قدم شخصيات أكثر واقعية وتعقيدًا.
لا تزال مسرحيات غولدوني تحظى بشعبية كبيرة في جميع أنحاء العالم. تُعرض مسرحياته في العديد من المسارح، وتُدرس في الجامعات والمدارس. يعتبر غولدوني رمزًا للثقافة الإيطالية، ويُحتفل به كواحد من أعظم كتاب المسرح في التاريخ.
خاتمة
كارلو غولدوني كان كاتبًا مسرحيًا إيطاليًا بارزًا أحدث ثورة في الكوميديا الإيطالية من خلال التخلي عن الارتجال لصالح النصوص المكتوبة والشخصيات الواقعية. ترك إرثًا غنيًا من المسرحيات التي لا تزال تُعرض وتُدرس حتى اليوم، مما يجعله شخصية محورية في تاريخ المسرح العالمي.