الخلفية والتاريخ
استوحى كريستوفر إشروود روايته “وداعًا لبرلين” من تجاربه الشخصية في العيش في برلين في الفترة ما بين عامي 1929 و 1933. وقد شهد صعود الحزب النازي وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المدينة. قام إشروود بتحويل هذه التجارب إلى سلسلة من القصص المترابطة، يقدم فيها شخصيات متنوعة تعيش في برلين، بما في ذلك سالي بولز، المغنية الإنجليزية الغريبة الأطوار، والعديد من الألمان الذين يكافحون من أجل البقاء في ظل الظروف الصعبة.
اقتبس جون فان دروتن الرواية إلى مسرحية “أنا كاميرا”، مع التركيز بشكل خاص على العلاقة بين كريستوفر إشروود وسالي بولز. تم عرض المسرحية لأول مرة في 28 نوفمبر 1951، في مسرح إمباير في مدينة نيويورك. لعبت جولي هاريس دور سالي بولز، بينما لعبت ماري مكارتي دور فراولين شنايدر. حققت المسرحية نجاحًا كبيرًا، وفازت جولي هاريس بجائزة توني لأفضل ممثلة.
الشخصيات الرئيسية
- كريستوفر إشروود: الراوي والمراقب. كاتب شاب يسجل الأحداث من حوله دون تدخل. يمثل وجهة نظر خارجية، حيث يرى ويصف الحياة في برلين دون إصدار أحكام.
- سالي بولز: مغنية إنجليزية غريبة الأطوار تعيش في برلين. شخصية حيوية ومتهورة، تسعى إلى المتعة والإثارة دون الاهتمام بالعواقب. علاقتها مع كريستوفر معقدة، تجمع بين الصداقة والإعجاب المتبادل.
- فراولين شنايدر: مالكة المنزل الذي يعيش فيه كريستوفر وسالي. امرأة ألمانية مسنة تكافح من أجل البقاء في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. تمثل الطبقة العاملة الألمانية التي تعاني من الفقر والبطالة.
- فريتز ويندل: أحد المستأجرين في منزل فراولين شنايدر. شاب يهودي يقع في حب ناتاليا لانداور.
- ناتاليا لانداور: وريثة ثرية تقع في حب فريتز ويندل. تمثل الطبقة العليا الألمانية التي تحاول الحفاظ على نمط حياتها في ظل الظروف المتغيرة.
الحبكة والأحداث الرئيسية
تدور أحداث المسرحية في برلين في أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي. يروي كريستوفر إشروود، وهو كاتب إنجليزي شاب، قصص الأشخاص الذين يقابلهم في المدينة. يلتقي بسالي بولز، المغنية الإنجليزية الغريبة الأطوار، ويقيمان معًا في منزل فراولين شنايدر. تشارك سالي في علاقات متعددة، وتسعى إلى المتعة والإثارة دون الاهتمام بالعواقب. يراقب كريستوفر حياتها، ويسجل الأحداث من حوله دون تدخل.
تتطور العلاقة بين كريستوفر وسالي، حيث يصبحان صديقين مقربين. يساعد كريستوفر سالي في التغلب على مشاكلها، بينما تلهم سالي كريستوفر لاستكشاف جوانب جديدة من شخصيته. في الوقت نفسه، يشهد كريستوفر صعود الحزب النازي وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في برلين.
تتزوج فراولين شنايدر من هير شولتز، وهو بائع فاكهة يهودي، لكنها تضطر إلى فسخ الخطوبة خوفًا من عواقب صعود النازيين. تقع ناتاليا لانداور وفريتز ويندل في الحب، لكنهما يواجهان صعوبات بسبب اختلاف الطبقات الاجتماعية والخطر المتزايد على اليهود في ألمانيا.
في نهاية المسرحية، يقرر كريستوفر مغادرة برلين، مدركًا أن المدينة تتغير بسرعة وأن المستقبل غير مؤكد. يودع سالي والأشخاص الآخرين الذين قابلهم، ويغادر برلين مع شعور بالحزن والترقب.
المواضيع والرسائل الرئيسية
تتناول مسرحية “أنا كاميرا” العديد من المواضيع الرئيسية، بما في ذلك:
- الحياة في برلين خلال جمهورية فايمار: تصور المسرحية الحياة في برلين في فترة مضطربة من التاريخ الألماني. تسلط الضوء على التدهور الاقتصادي والاجتماعي، وصعود الحزب النازي، والخطر المتزايد على اليهود والأقليات الأخرى.
- الحياد والملاحظة: يمثل كريستوفر إشروود دور المراقب الحيادي الذي يسجل الأحداث من حوله دون تدخل. تثير المسرحية أسئلة حول دور الفنان في المجتمع، وما إذا كان من الممكن حقًا البقاء محايدًا في ظل الظروف الصعبة.
- الحرية والمسؤولية: تسعى سالي بولز إلى الحرية والمتعة دون الاهتمام بالعواقب. تثير المسرحية أسئلة حول العلاقة بين الحرية والمسؤولية، وما إذا كان من الممكن حقًا العيش بحرية دون تحمل مسؤولية أفعالك.
- الحب والخسارة: تتناول المسرحية قصص حب مختلفة، بما في ذلك العلاقة بين كريستوفر وسالي، والعلاقة بين فراولين شنايدر وهير شولتز، والعلاقة بين ناتاليا لانداور وفريتز ويندل. تسلط الضوء على صعوبات الحب في ظل الظروف الصعبة، والخسائر التي يمكن أن يتكبدها الناس بسبب الظروف السياسية والاجتماعية.
التأثير والأهمية
كانت مسرحية “أنا كاميرا” مؤثرة للغاية، وقد تم تحويلها إلى فيلم سينمائي ناجح عام 1955 يحمل نفس الاسم، من بطولة جولي هاريس ولورنس هارفي. كما تم تحويلها إلى مسرحية موسيقية بعنوان “Cabaret” عام 1966، والتي حققت نجاحًا كبيرًا وفازت بالعديد من الجوائز. ساهمت “Cabaret” في تعزيز شعبية قصة “أنا كاميرا”، وجعلتها معروفة لجمهور أوسع.
تعتبر “أنا كاميرا” عملًا مهمًا في الأدب والمسرح، لأنها تقدم صورة حية ومؤثرة للحياة في برلين خلال جمهورية فايمار. تسلط الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية الهامة، وتثير أسئلة حول دور الفرد في المجتمع. كما أنها عمل فني يجمع بين الكوميديا والدراما، ويقدم شخصيات معقدة ومثيرة للاهتمام.
الاقتباسات السينمائية والمسرحية الموسيقية
كما ذكرنا سابقًا، تم اقتباس المسرحية إلى فيلم سينمائي عام 1955، وقد لعبت جولي هاريس دور سالي بولز مرة أخرى. على الرغم من بعض التغييرات في الحبكة والشخصيات، حافظ الفيلم على الروح الأصلية للمسرحية. يعتبر الفيلم من كلاسيكيات السينما، وقد ساهم في تعزيز شعبية قصة “أنا كاميرا”.
أما المسرحية الموسيقية “Cabaret” فقد قدمت تفسيرًا أكثر جرأة وإثارة للجدل لقصة “أنا كاميرا”. ركزت المسرحية الموسيقية على الجوانب الجنسية والسياسية للقصة، وقدمت شخصية سالي بولز بطريقة أكثر تعقيدًا وإثارة. حققت “Cabaret” نجاحًا كبيرًا وفازت بالعديد من الجوائز، بما في ذلك جائزة توني لأفضل مسرحية موسيقية. تم تحويل “Cabaret” أيضًا إلى فيلم سينمائي عام 1972، من بطولة ليزا مينيلي ومايكل يورك. يعتبر الفيلم من كلاسيكيات السينما الموسيقية، وقد ساهم في تعزيز شعبية قصة “أنا كاميرا” بشكل أكبر.
خاتمة
أنا كاميرا هي مسرحية مؤثرة تصور الحياة في برلين خلال فترة جمهورية فايمار المضطربة. من خلال عيون الراوي كريستوفر إشروود، نشاهد شخصيات متنوعة تكافح من أجل البقاء وتواجه تحديات سياسية واجتماعية كبيرة. تتناول المسرحية مواضيع مهمة مثل الحياد، والحرية، والمسؤولية، والحب، والخسارة، وتقدم رؤية فريدة للتاريخ الألماني. سواء كانت في شكل مسرحية، فيلم سينمائي، أو مسرحية موسيقية، تظل قصة “أنا كاميرا” ذات صلة ومؤثرة حتى اليوم.