<![CDATA[
نشأته وبداياته الأكاديمية
ولد جيفري فريدمان في 25 مارس 1959. تلقى تعليمه في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس (UCLA)، حيث حصل على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية. ثم حصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة هارفارد. بدأ فريدمان مسيرته الأكاديمية في جامعة كاليفورنيا، سانتا كروز، قبل أن ينتقل إلى جامعة أوكلاند في عام 1991، حيث قضى معظم حياته المهنية كأستاذ في العلوم السياسية.
أفكاره ومساهماته الفكرية
كان فريدمان مدافعًا قويًا عن الليبرالية الكلاسيكية، والتي تؤكد على أهمية الحرية الفردية، والأسواق الحرة، والحكومة المحدودة. وقد تأثر بشكل كبير بأعمال الاقتصاديين والفلاسفة الليبراليين أمثال فريدريك هايك، ولودفيغ فون ميزس، وميلتون فريدمان. كان يعتقد أن التدخل الحكومي المفرط في الاقتصاد والحياة الاجتماعية يهدد الحرية الفردية والازدهار الاقتصادي.
ركزت أبحاث فريدمان بشكل كبير على العلاقة بين الاقتصاد والسياسة. كان مهتمًا بشكل خاص بكيفية تأثير المؤسسات السياسية على الأداء الاقتصادي، وكيف يمكن تصميم المؤسسات لتعزيز النمو الاقتصادي والازدهار. كما درس أيضًا دور الأيديولوجيا في تشكيل السياسات الاقتصادية.
إضافة إلى ذلك، اهتم فريدمان بفلسفة العلوم الاجتماعية. كان يعتقد أن العلوم الاجتماعية يجب أن تتبنى منهجًا علميًا صارمًا، مع التركيز على الاختبار التجريبي، والتحليل المنطقي، والوضوح المفاهيمي. انتقد العديد من جوانب العلوم الاجتماعية السائدة، والتي اعتبرها غالبًا غير دقيقة أو متحيزة.
مجلة Critique
تعتبر مجلة “Critique” إحدى أهم إسهامات فريدمان. أسس فريدمان المجلة عام 1987، وكانت بمثابة منتدى للنقاش الفكري حول مجموعة واسعة من القضايا السياسية والاقتصادية. نشرت المجلة مقالات لكتاب وباحثين من خلفيات فكرية متنوعة، بما في ذلك الليبراليون، والليبراليون الجدد، والمحافظون، والليبراليون. ركزت المجلة على الموضوعات المتعلقة بالاقتصاد السياسي، وفلسفة العلوم الاجتماعية، والنظرية السياسية. ساهمت “Critique” في تعزيز الحوار الفكري والنقاش النقدي حول القضايا الهامة في العلوم الاجتماعية.
أعماله المنشورة
بالإضافة إلى دوره في تحرير مجلة “Critique”، نشر فريدمان العديد من المقالات والكتب التي ساهمت في فهمنا للسياسة والاقتصاد. من بين أهم أعماله:
- “The Limits of Oakeshott’s Conservatism” (1985): استكشاف لنظرية الفيلسوف السياسي مايكل أوكيشوت.
- “The Rational Choice Controversy: Economic Models of Politics Reconsidered” (1996): دراسة نقدية للمنهج العقلاني في العلوم السياسية.
- “Markets and Morals” (2000): مجموعة مقالات تستكشف العلاقة بين الأسواق والأخلاق.
- “Critical Review” (edited): تحرير مجلة “Critical Review”، والتي تعتبر استمرارًا لمجلة “Critique”.
تتميز كتابات فريدمان بالوضوح والعمق الفكري والقدرة على إثارة النقاش. لقد أثرت أعماله على جيل كامل من العلماء والطلاب، وأسهمت في تشكيل الخطاب الفكري حول القضايا السياسية والاقتصادية.
النهج المنهجي
اتسمت أبحاث فريدمان بمنهجية صارمة. كان يؤمن بأهمية البيانات التجريبية والتحليل المنطقي. كان ينتقد بشدة النهج النظرية غير القائمة على الأدلة. كان يحرص على استخدام النماذج الاقتصادية لتقييم السياسات الحكومية. اعتقد أن هذا النهج يمكن أن يساعد في اتخاذ قرارات سياسية أفضل وأكثر فعالية.
تأثيره وإرثه
ترك جيفري فريدمان إرثًا هامًا في مجال العلوم السياسية. ساهمت أفكاره في تعزيز النقاش حول الليبرالية الكلاسيكية، ودور الأسواق الحرة، وأهمية الحرية الفردية. أثرت كتاباته على عدد كبير من الباحثين والطلاب. كان لفريدمان دور كبير في إحياء الاهتمام بالفكر الليبرالي الكلاسيكي. كما أثرت مجلة “Critique” و”Critical Review” في تشكيل الخطاب الفكري حول القضايا السياسية والاقتصادية. كان له تأثير كبير على الفكر الليبرالي في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين.
بالإضافة إلى ذلك، فقد قام فريدمان بتدريس عدد كبير من الطلاب الذين أصبحوا علماء بارزين في مجالاتهم. كان معروفًا بمهاراته التعليمية الاستثنائية وقدرته على إلهام طلابه. ترك تأثيرًا دائمًا على من عرفوه، سواء من خلال كتاباته أو من خلال تعليمه.
وفاته
توفي جيفري فريدمان في 2 ديسمبر 2022. تركت وفاته فراغًا كبيرًا في عالم الفكر والعلوم السياسية. سيظل إرثه الفكري حيًا من خلال أعماله المنشورة، ومن خلال تأثيره على الأجيال القادمة من العلماء والطلاب.
خاتمة
كان جيفري فريدمان عالم سياسة أمريكيًا بارزًا، ترك بصمة واضحة في مجالات الليبرالية الكلاسيكية، والاقتصاد السياسي، وفلسفة العلوم الاجتماعية. أسس مجلة “Critique” التي كانت منبرًا مهمًا للنقاش الفكري. تميزت كتاباته بالوضوح والعمق الفكري، وأثرت على عدد كبير من العلماء والطلاب. يعتبر فريدمان شخصية محورية في الفكر السياسي الليبرالي، وإرثه الفكري سيستمر في التأثير على الأجيال القادمة.