<![CDATA[
خلفية تاريخية
شهدت فترة التسعينيات في المملكة المتحدة حوارًا مكثفًا حول الإصلاح الدستوري واللامركزية. كانت الحكومات المتعاقبة تسعى إلى إيجاد طرق لتحويل السلطة بعيدًا عن المركزية في لندن، وإعطاء المجتمعات المحلية صوتًا أكبر في القرارات التي تؤثر عليها. في هذا السياق، تم إنشاء جمعية الشمال الشرقي كجزء من سلسلة من المبادرات الإقليمية. كانت رؤية الحكومة هي أن المجالس الإقليمية ستعمل على تحسين الخدمات العامة، وتعزيز النمو الاقتصادي، وتعزيز الهوية الإقليمية. تم تصميم الجمعية لتكون بمثابة منتدى للمنظمات المحلية، والسلطات المحلية، والقطاع الخاص، ليعملوا معًا لتحقيق هذه الأهداف.
تم انتخاب أعضاء جمعية الشمال الشرقي من قبل الناخبين المحليين، مما منحها شرعية ديمقراطية. كان لدى الجمعية سلطة كبيرة على عدد من المجالات، بما في ذلك التخطيط، والنقل، والتعليم، والتدريب. كما كان لديها دور في توزيع التمويل الحكومي على المشاريع الإقليمية. على الرغم من ذلك، لم تتمتع الجمعية بنفس مستوى السلطة التي تتمتع بها الحكومات المحلية، مما أدى إلى بعض التوتر مع السلطات المحلية القائمة.
الأهداف والمسؤوليات
حددت جمعية الشمال الشرقي مجموعة واسعة من الأهداف والمسؤوليات التي تهدف إلى تحسين نوعية الحياة في المنطقة. وشملت هذه الأهداف:
- التنمية الاقتصادية: العمل على جذب الاستثمار، ودعم الشركات المحلية، وتوفير فرص العمل.
- التنمية الاجتماعية: معالجة قضايا الفقر، وعدم المساواة، وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية.
- التخطيط والإسكان: وضع خطط التنمية الإقليمية، وتوفير الإسكان بأسعار معقولة.
- النقل: تحسين البنية التحتية للنقل، وتعزيز وسائل النقل العام.
- البيئة: حماية البيئة، وتعزيز التنمية المستدامة.
لتحقيق هذه الأهداف، عملت الجمعية مع مجموعة متنوعة من الشركاء، بما في ذلك الحكومات المحلية، والشركات، والمنظمات غير الربحية، والمجتمع المدني. قامت الجمعية بتنفيذ مجموعة من البرامج والمشاريع، بما في ذلك مشاريع البنية التحتية، وبرامج التدريب، والمبادرات الاقتصادية. كما قامت الجمعية بتمثيل مصالح المنطقة على المستوى الوطني، من خلال الضغط على الحكومة والبرلمان.
الإنجازات والتحديات
على الرغم من فترة وجودها القصيرة، حققت جمعية الشمال الشرقي بعض الإنجازات. كان لها دور فعال في جذب الاستثمار إلى المنطقة، وتحسين البنية التحتية للنقل، وتعزيز التعاون بين السلطات المحلية. كما ساعدت الجمعية في رفع مستوى الوعي بالقضايا الإقليمية على المستوى الوطني.
ومع ذلك، واجهت الجمعية أيضًا عددًا من التحديات. كان أحد التحديات الرئيسية هو عدم وجود سلطة كافية لاتخاذ القرارات، مما حد من قدرتها على تنفيذ سياساتها. كما واجهت الجمعية صعوبة في التوفيق بين مصالح مختلف السلطات المحلية، والتي غالبًا ما كانت تتنافس على الموارد. بالإضافة إلى ذلك، تعرضت الجمعية لانتقادات بسبب ارتفاع التكاليف، والبيروقراطية، وعدم الكفاءة.
أسباب الإلغاء
في عام 2004، قررت الحكومة البريطانية إجراء استفتاء على إنشاء جمعية إقليمية منتخبة في الشمال الشرقي. صوت الناخبون برفض هذا الاقتراح، مما أدى إلى إضعاف شرعية الجمعية القائمة. في عام 2009، أعلنت الحكومة عن نيتها إلغاء جمعية الشمال الشرقي، بحجة أنها لم تكن فعالة بما فيه الكفاية. تم حل الجمعية رسميًا في 31 مارس 2009.
هناك عدد من العوامل التي ساهمت في قرار إلغاء الجمعية. أولاً، كان هناك نقص في الدعم العام للجمعية، كما يتضح من نتيجة الاستفتاء. ثانيًا، اعتقدت الحكومة أن الجمعية كانت غير فعالة، وأنها لم تحقق أهدافها بالكامل. ثالثًا، كان هناك خلاف بين الحكومة والسلطات المحلية حول دور الجمعية وسلطتها. أخيرًا، كان هناك تغيير في القيادة الحكومية، حيث أصبحت الحكومة الجديدة أكثر حذرًا بشأن الحكم الإقليمي.
التأثير والإرث
أثار إلغاء جمعية الشمال الشرقي جدلاً كبيرًا. يرى بعض المؤيدين أن الجمعية كانت بمثابة صوت مهم للمنطقة، وأن إلغاءها أضر بقدرة المنطقة على التأثير على السياسات الوطنية. ويعتقدون أن الجمعية حققت بعض الإنجازات، وأنها كانت تسير في الاتجاه الصحيح.
من ناحية أخرى، يرى البعض أن الجمعية كانت غير فعالة، وأن إلغاءها كان ضروريًا. ويعتقدون أن الجمعية كانت مكلفة للغاية، وأنها لم تحقق أهدافها بالكامل. كما يشيرون إلى أن الجمعية كانت تفتقر إلى الدعم العام، وأنها كانت في صراع دائم مع السلطات المحلية.
بغض النظر عن وجهة النظر، فإن إرث جمعية الشمال الشرقي معقد. أثبتت التجربة أن الحكم الإقليمي في بريطانيا يمكن أن يكون صعبًا، وأن هناك تحديات كبيرة في تنسيق السياسات الإقليمية. ومع ذلك، تركت الجمعية وراءها بعض الإنجازات، بما في ذلك تحسين البنية التحتية، وتعزيز التعاون الإقليمي، ورفع مستوى الوعي بالقضايا الإقليمية. ربما الأهم من ذلك، أن الجمعية أثارت نقاشًا مهمًا حول مستقبل الحكم الإقليمي في بريطانيا.
المقارنة مع المجالس الإقليمية الأخرى
كانت جمعية الشمال الشرقي واحدة من عدد من المجالس الإقليمية التي تم إنشاؤها في إنجلترا في أواخر التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. على الرغم من أن هذه المجالس كانت تهدف إلى تحقيق أهداف مماثلة، إلا أنها اختلفت في هيكلها وسلطتها وفعاليتها. على سبيل المثال، كان لدى بعض المجالس سلطة أكبر على التخطيط والنقل من غيرها. كما اختلفت المجالس في قدرتها على التعاون مع السلطات المحلية والقطاع الخاص. شهدت بعض المجالس نجاحًا أكبر من غيرها في تحقيق أهدافها.
تم حل معظم المجالس الإقليمية في إنجلترا في السنوات التي أعقبت إلغاء جمعية الشمال الشرقي. كان السبب الرئيسي هو نقص الدعم العام لهذه المجالس. كما اعتقدت الحكومة أن المجالس لم تكن فعالة بما فيه الكفاية. ومع ذلك، لا يزال هناك نقاش حول دور الحكم الإقليمي في بريطانيا. يعتقد بعض الخبراء أن هناك حاجة إلى نوع من الحكم الإقليمي لمعالجة القضايا الإقليمية، مثل التنمية الاقتصادية والبيئة والنقل. ويدعون إلى إنشاء مجالس إقليمية جديدة، أو إلى منح المجالس القائمة سلطة أكبر.
دورها في التنمية الاقتصادية
أحد الأهداف الرئيسية لجمعية الشمال الشرقي كان تعزيز التنمية الاقتصادية في المنطقة. لقد قامت الجمعية بعدد من المبادرات لتحقيق هذا الهدف، بما في ذلك:
- جذب الاستثمار: عملت الجمعية على جذب الاستثمار من الشركات المحلية والدولية.
- دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة: قدمت الجمعية الدعم للشركات الصغيرة والمتوسطة، من خلال توفير التمويل والمشورة والتدريب.
- تطوير البنية التحتية: استثمرت الجمعية في تطوير البنية التحتية، مثل الطرق والموانئ والمطارات، لتحسين القدرة التنافسية للمنطقة.
- التدريب والتعليم: عملت الجمعية على تحسين مهارات القوى العاملة في المنطقة، من خلال توفير برامج التدريب والتعليم.
على الرغم من هذه الجهود، كان تأثير الجمعية على التنمية الاقتصادية محدودًا. يرجع ذلك إلى عدد من العوامل، بما في ذلك نقص السلطة، وصعوبة التنسيق مع السلطات المحلية، والركود الاقتصادي. ومع ذلك، لعبت الجمعية دورًا في رفع مستوى الوعي بالقضايا الاقتصادية في المنطقة، وفي تعزيز التعاون بين الشركات والسلطات المحلية.
جمعية الشمال الشرقي والبيئة
أدركت جمعية الشمال الشرقي أهمية حماية البيئة وتعزيز التنمية المستدامة. قامت الجمعية بعدد من المبادرات لتحقيق هذا الهدف، بما في ذلك:
- وضع خطط التنمية المستدامة: وضعت الجمعية خطط التنمية المستدامة للمنطقة، والتي تهدف إلى تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة.
- دعم مشاريع الطاقة المتجددة: قدمت الجمعية الدعم لمشاريع الطاقة المتجددة، مثل مزارع الرياح.
- تعزيز كفاءة الطاقة: عملت الجمعية على تعزيز كفاءة الطاقة في المنازل والشركات.
- حماية التنوع البيولوجي: دعمت الجمعية مشاريع حماية التنوع البيولوجي في المنطقة.
كان تأثير الجمعية على البيئة محدودًا. يرجع ذلك إلى عدد من العوامل، بما في ذلك نقص السلطة، وصعوبة التنسيق مع السلطات المحلية، والموارد المحدودة. ومع ذلك، لعبت الجمعية دورًا في رفع مستوى الوعي بالقضايا البيئية في المنطقة، وفي تعزيز التعاون بين المنظمات البيئية والسلطات المحلية.
التعاون الإقليمي والدولي
سعت جمعية الشمال الشرقي إلى تعزيز التعاون الإقليمي والدولي. قامت الجمعية بعدد من المبادرات لتحقيق هذا الهدف، بما في ذلك:
- بناء علاقات مع المناطق الأخرى في أوروبا: بنت الجمعية علاقات مع المناطق الأخرى في أوروبا، من خلال تبادل الخبرات، والتعاون في المشاريع.
- جذب الاستثمار الأجنبي المباشر: عملت الجمعية على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر من الشركات الدولية.
- الترويج للمنطقة في الخارج: روجت الجمعية للمنطقة في الخارج، من خلال المشاركة في المعارض التجارية، وعقد المؤتمرات.
- دعم التبادل الثقافي: دعمت الجمعية التبادل الثقافي مع المناطق الأخرى في العالم.
لعبت الجمعية دورًا في تعزيز التعاون الإقليمي والدولي. ساعدت الجمعية في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المنطقة، وفي تعزيز صورة المنطقة في الخارج. كما ساعدت الجمعية في بناء علاقات مع المناطق الأخرى في أوروبا، وفي دعم التبادل الثقافي.
الخلافات والانتقادات
لم تكن جمعية الشمال الشرقي خالية من الجدل والانتقادات. تعرضت الجمعية لانتقادات بسبب عدد من الأسباب، بما في ذلك:
- ارتفاع التكاليف: اتُهمت الجمعية بأنها باهظة التكلفة، وأنها لم تحقق عائدًا كافيًا على الاستثمار.
- البيروقراطية: اتُهمت الجمعية بأنها بيروقراطية، وأنها كانت بطيئة في اتخاذ القرارات.
- نقص السلطة: اتُهمت الجمعية بأنها تفتقر إلى السلطة الكافية لتنفيذ سياساتها.
- عدم التنسيق مع السلطات المحلية: اتُهمت الجمعية بأنها لم تتعاون بشكل كاف مع السلطات المحلية.
أدت هذه الانتقادات إلى تآكل الدعم العام للجمعية، وإلى قرار الحكومة بإلغائها.
المقارنة مع الحكم المحلي
غالبًا ما قورنت جمعية الشمال الشرقي بالحكم المحلي. كان هناك جدل حول ما إذا كان الحكم الإقليمي ضروريًا، أو ما إذا كان الحكم المحلي كافيًا. يعتقد بعض المؤيدين أن الحكم الإقليمي ضروري لمعالجة القضايا الإقليمية، وأن الحكم المحلي غير قادر على القيام بذلك. ويعتقدون أن الحكم الإقليمي يمكن أن يساعد في تعزيز التنمية الاقتصادية، وتحسين الخدمات العامة، وتعزيز الهوية الإقليمية.
من ناحية أخرى، يعتقد بعض المعارضين أن الحكم المحلي كافٍ، وأن الحكم الإقليمي غير ضروري. ويعتقدون أن الحكم الإقليمي يمكن أن يكون مكلفًا، وأن يكون غير فعال. كما يشيرون إلى أن الحكم الإقليمي يمكن أن يؤدي إلى تداخل في السلطات، وإلى صراع بين السلطات المحلية والإقليمية.
التوجهات المستقبلية للحكم الإقليمي
بعد إلغاء جمعية الشمال الشرقي، كان هناك نقاش حول مستقبل الحكم الإقليمي في بريطانيا. هناك عدد من الاتجاهات المستقبلية المحتملة، بما في ذلك:
- إعادة إحياء الحكم الإقليمي: قد يكون هناك اهتمام بإعادة إحياء الحكم الإقليمي، من خلال إنشاء مجالس إقليمية جديدة، أو من خلال منح المجالس القائمة سلطة أكبر.
- تعزيز الحكم المحلي: قد يكون هناك اهتمام بتعزيز الحكم المحلي، من خلال منح السلطات المحلية سلطة أكبر، ومن خلال تعزيز التعاون بين السلطات المحلية.
- تحديد دور الحكومة المركزية: قد يكون هناك اهتمام بتحديد دور الحكومة المركزية، في العلاقة مع الحكم الإقليمي والمحلي.
سيعتمد مستقبل الحكم الإقليمي في بريطانيا على عدد من العوامل، بما في ذلك الدعم العام، والظروف الاقتصادية، والمناقشات السياسية.
خاتمة
كانت جمعية الشمال الشرقي تجربة مثيرة للاهتمام في الحكم الإقليمي في بريطانيا. على الرغم من أنها لم تنجح في تحقيق جميع أهدافها، إلا أنها لعبت دورًا في رفع مستوى الوعي بالقضايا الإقليمية، وفي تعزيز التعاون الإقليمي والدولي. أثار إلغاء الجمعية جدلاً كبيرًا حول مستقبل الحكم الإقليمي في بريطانيا. من المؤكد أن إرث الجمعية سيستمر في التأثير على النقاش حول دور الحكم الإقليمي في السنوات القادمة.