نشأته وبداياته العلمية
ولد إلمر ماكولوم في مقاطعة كانساس، الولايات المتحدة. نشأ في بيئة ريفية، حيث كان للزراعة وتربية الحيوانات تأثير كبير على نشأته. حصل على درجة البكالوريوس في العلوم من جامعة كانساس عام 1903، ثم حصل على درجة الماجستير من نفس الجامعة عام 1904. أكمل دراسته وحصل على درجة الدكتوراه في الكيمياء العضوية من جامعة ييل عام 1906. بعد حصوله على الدكتوراه، بدأ ماكولوم مسيرته الأكاديمية في جامعة ويسكونسن-ماديسون، حيث عمل كأستاذ مساعد في الكيمياء الزراعية.
أبحاثه في مجال التغذية
بدأ ماكولوم في جامعة ويسكونسن-ماديسون في دراسة تغذية الحيوانات، وتحديدًا الأبقار. في ذلك الوقت، كان من المعروف أن بعض الأمراض تصيب الحيوانات بسبب سوء التغذية، ولكن لم يكن هناك فهم واضح لأسباب هذه الأمراض. استخدم ماكولوم الفئران في تجاربه، حيث كانت سهلة الإدارة والتكاثر. أجرى تجارب مكثفة على الفئران، وقام بتغذيتها بأنظمة غذائية مختلفة، وقام بتسجيل تأثير هذه الأنظمة على صحة الفئران ونموها.
ركزت أبحاث ماكولوم بشكل أساسي على تحديد المواد الغذائية الضرورية لنمو وصحة الكائنات الحية. كان من أوائل العلماء الذين أدركوا أهمية الفيتامينات في النظام الغذائي. في عام 1913، اكتشف ماكولوم وفريقه “العامل المساعد للنمو” في الزبدة وصفار البيض، والذي أطلق عليه لاحقًا اسم فيتامين أ. كما اكتشفوا فيتامين آخر قابل للذوبان في الماء، وهو فيتامين ب. كان هذا الاكتشاف نقطة تحول في علم التغذية، وأدى إلى فهم أفضل لأهمية الفيتامينات في الوقاية من الأمراض وعلاجها.
اكتشاف فيتامين أ
كان اكتشاف فيتامين أ من أهم إنجازات ماكولوم. في ذلك الوقت، كان يعتقد أن جميع الدهون لها نفس القيمة الغذائية. أظهر ماكولوم وفريقه أن بعض الدهون، مثل الزبدة وزيت كبد سمك القد، تحتوي على عامل ضروري للنمو، في حين أن الدهون الأخرى، مثل زيت الزيتون، تفتقر إلى هذا العامل. أطلق ماكولوم على هذا العامل اسم “عامل النمو القابل للذوبان في الدهون”. أدرك لاحقًا أنه فيتامين أ.
ساهم اكتشاف فيتامين أ في فهمنا لأهمية هذا الفيتامين في العديد من وظائف الجسم، بما في ذلك الرؤية، ونمو العظام، ووظيفة الجهاز المناعي. أظهرت الدراسات اللاحقة أن نقص فيتامين أ يمكن أن يؤدي إلى مجموعة متنوعة من المشاكل الصحية، بما في ذلك العمى، والضعف المناعي، ومشاكل النمو.
اكتشاف فيتامين ب
بالإضافة إلى عمله على فيتامين أ، ساهم ماكولوم أيضًا في اكتشاف فيتامين ب. في عام 1915، اكتشف ماكولوم وفريقه عاملًا آخر ضروريًا للنمو في نخالة القمح والخميرة، والذي أطلق عليه لاحقًا اسم فيتامين ب. أظهر هذا الاكتشاف أن هناك العديد من الفيتامينات المختلفة، لكل منها وظيفة محددة في الجسم.
أدى اكتشاف فيتامين ب إلى فهم أفضل لأهمية هذا الفيتامين في الوقاية من بعض الأمراض، مثل البري بري، وهو مرض ناتج عن نقص الثيامين (فيتامين ب1). ساهمت أبحاث ماكولوم في إدراك أهمية إدراج مجموعة متنوعة من الأطعمة في النظام الغذائي لتوفير جميع الفيتامينات الضرورية.
العمل على الكالسيوم والفوسفور
إلى جانب عمله على الفيتامينات، أجرى ماكولوم أبحاثًا مهمة حول المعادن، وخاصة الكالسيوم والفوسفور. أدرك أن هذين المعدنين ضروريان لصحة العظام والأسنان، وأن نقصهم يمكن أن يؤدي إلى الكساح، وهو مرض يصيب الأطفال ويسبب تشوهات في العظام.
أظهرت أبحاث ماكولوم أن امتصاص الكالسيوم والفوسفور يعتمد على وجود فيتامين آخر، وهو فيتامين د. اكتشف ماكولوم وفريقه أن فيتامين د يتكون عندما تتعرض بعض الأطعمة، مثل الحليب، للأشعة فوق البنفسجية. ساهم هذا الاكتشاف في تطوير الأطعمة المدعمة بفيتامين د، مما ساعد في القضاء على الكساح في العديد من البلدان.
أهمية أبحاثه في علم التغذية
أحدثت أبحاث إلمر ماكولوم ثورة في علم التغذية. كان من أوائل العلماء الذين أدركوا أهمية الفيتامينات والمعادن في النظام الغذائي. ساهمت اكتشافاته في فهمنا لأهمية التغذية في الوقاية من الأمراض وعلاجها. كما ساعدت أبحاثه في تطوير الأطعمة المدعمة بالفيتامينات والمعادن، مما ساهم في تحسين صحة الإنسان.
ألهمت أبحاث ماكولوم جيلًا كاملاً من علماء التغذية، وأثرت بشكل كبير على توصيات التغذية الحكومية والممارسات الطبية. يعتبر ماكولوم أبًا لعلم التغذية الحديث، وإرثه مستمر في التأثير على صحة الإنسان حتى يومنا هذا.
مساهماته الأخرى
بالإضافة إلى أبحاثه الأساسية، ساهم ماكولوم أيضًا في العديد من المجالات الأخرى. كتب العديد من الكتب والمقالات العلمية، ونشر كتبًا عن التغذية للجمهور العام. شغل منصب رئيس الجمعية الأمريكية للتغذية، وكان عضوًا في العديد من اللجان والمنظمات العلمية. كان ماكولوم مروجًا قويًا لأهمية التغذية السليمة، وعمل على نشر الوعي بأهمية التغذية الصحية للجميع.
إرثه وتأثيره
ترك إلمر ماكولوم إرثًا دائمًا في علم التغذية. ساهمت أبحاثه في فهمنا للفيتامينات والمعادن وأهميتها لصحة الإنسان. أدت اكتشافاته إلى تحسين كبير في صحة الإنسان والوقاية من الأمراض. لا يزال عمله يؤثر على الممارسات الطبية والتوصيات الغذائية حتى اليوم. يعتبر ماكولوم رمزًا لعلم التغذية، وستظل مساهماته في هذا المجال محط تقدير واعتراف.
الجوائز والتكريمات
حصل إلمر ماكولوم على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لعمله. حصل على وسام إليوت كريسون من معهد فرانكلين عام 1929. انتخب في الأكاديمية الوطنية للعلوم عام 1923. كما حصل على العديد من الدرجات الفخرية من الجامعات المرموقة.
خاتمة
إلمر ماكولوم كان رائدًا في علم التغذية، ويعتبر اكتشافه للفيتامينات أ وب، بالإضافة إلى عمله على المعادن، من أهم الإنجازات في هذا المجال. ساهمت أبحاثه في فهمنا العميق لتأثير النظام الغذائي على صحة الإنسان، وأدت إلى تحسينات كبيرة في الوقاية من الأمراض وعلاجها. إرثه العلمي مستمر في التأثير على صحة الإنسان حتى يومنا هذا، ويعد مثالًا للعالم الملتزم بعمله وأبحاثه.