<![CDATA[
تاريخ التطوير والتصميم
بدأ تطوير المدمرات من فئة ليهي في أواخر الخمسينيات، حيث أدركت البحرية الأمريكية الحاجة إلى سفن قادرة على التعامل مع التهديدات الجوية المتزايدة وتقديم قدرات قتالية متعددة المهام. في ذلك الوقت، كان الاعتماد على البنادق المضادة للطائرات يقل تدريجياً، وأصبح من الواضح أن الصواريخ الموجهة ستلعب دورًا حاسمًا في الدفاع الجوي. نتيجة لذلك، تم تصميم فئة ليهي لتكون أول فئة من المدمرات الصاروخية الموجهة في البحرية الأمريكية، مع التركيز على قدرات الدفاع الجوي القوية.
تم تحديد التصميم الأولي لهذه السفن في عام 1958، مع وضع خطط لبناء سفن تحمل صواريخ “تيرير” المضادة للطائرات. تميزت هذه السفن بتصميم هيكل محسّن لضمان الاستقرار والقدرة على تحمل الظروف البحرية القاسية. كما تم تجهيزها برادارات وأنظمة استشعار متطورة لتوفير الوعي الظرفي الشامل. استمر بناء السفن من فئة ليهي على مدار عدة سنوات، ودخلت أول سفينة في الفئة، يو إس إس ليهي (DLG-16)، الخدمة في عام 1962.
التصميم والتكوين
كانت المدمرات من فئة ليهي عبارة عن سفن كبيرة، يبلغ طولها حوالي 566 قدمًا (173 مترًا) وعرضها 55 قدمًا (17 مترًا). بلغ وزن الإزاحة القياسي حوالي 5670 طنًا، بينما وصل وزن الإزاحة الكامل إلى ما يقرب من 7800 طن. كان تصميم الهيكل يعتمد على تصميم المدمرة “فورت سامنر” ولكن مع تعديلات كبيرة لاستيعاب معدات الصواريخ وأنظمة الرادار الجديدة.
تم تجهيز السفن من فئة ليهي بنظام دفع تقليدي، يشتمل على غلايات تعمل بالزيت الترددي وأربع توربينات بخارية. أنتج هذا النظام سرعة قصوى تزيد عن 30 عقدة (56 كم/ساعة). كان الطاقم النموذجي يتكون من حوالي 370 ضابطًا وبحارًا.
كانت المدمرات من فئة ليهي تتميز بتسليح قوي ومتوازن. شمل التسليح الأصلي صواريخ تيرير للدفاع الجوي، بالإضافة إلى صواريخ ASROC المضادة للغواصات، ومدفعين عيار 5 بوصات/54. في وقت لاحق، خضعت السفن لترقيات مختلفة، بما في ذلك إضافة صواريخ هارون المضادة للسفن وصواريخ توماهوك كروز. كما تم تجهيز السفن بأنظمة حرب إلكترونية متطورة.
كانت هذه السفن مجهزة بمجموعة متنوعة من أجهزة الاستشعار، بما في ذلك الرادارات الخاصة بالكشف الجوي والسطحي، والسونار للكشف عن الغواصات، وأنظمة القيادة والسيطرة. سمحت هذه الأنظمة للسفن بتتبع الأهداف الجوية والسطحية والتعامل معها بشكل فعال، بالإضافة إلى توفير الوعي الظرفي الشامل.
الخدمة في البحرية الأمريكية
خدمت المدمرات من فئة ليهي في البحرية الأمريكية لعدة عقود، وشهدت العديد من العمليات والنزاعات. لعبت السفن دورًا حاسمًا في الحرب الباردة، حيث قامت بدوريات في المحيط الأطلسي والباسيفيكي، لمراقبة النشاط السوفيتي وتقديم الدعم للقوات المتحالفة. شاركت السفن أيضًا في حرب فيتنام، حيث قدمت دعمًا ناريًا للقوات البرية، وقامت بدوريات في المياه الإقليمية الفيتنامية.
خلال فترة خدمتها، خضعت المدمرات من فئة ليهي للعديد من الترقيات والتعديلات لتحسين قدراتها وإطالة عمرها. تضمنت هذه الترقيات تركيب أسلحة وأنظمة استشعار جديدة، وتحسين أنظمة القيادة والسيطرة، وتحديث أنظمة الإدارة. ساعدت هذه الترقيات السفن على الحفاظ على صلتها بالتهديدات الناشئة والاحتفاظ بقدرتها على القتال الفعال.
تولت المدمرات من فئة ليهي مهامًا متنوعة، بما في ذلك:
- حماية القوافل
- توفير الدعم الناري للقوات البرية
- مراقبة الحركة البحرية
- مكافحة الغواصات
- حماية السفن الحربية الأخرى
تم تقاعد المدمرات من فئة ليهي تدريجيًا من الخدمة في البحرية الأمريكية في أواخر الثمانينيات والتسعينيات، حيث تم استبدالها بسفن أكثر حداثة وقدرة، مثل المدمرات من فئة تيكوندروغا. على الرغم من تقاعدها، فقد تركت هذه السفن إرثًا دائمًا في تاريخ البحرية الأمريكية، حيث ساهمت في الحفاظ على السلام والاستقرار في جميع أنحاء العالم.
التأثير والإرث
كان للمدمرات من فئة ليهي تأثير كبير على تصميم وتطوير السفن الحربية في جميع أنحاء العالم. كانت السفن الأولى من نوعها التي دمجت صواريخ موجهة في تصميمها، مما أدى إلى تغيير كبير في قدرات الدفاع الجوي والبحرية. أثر تصميم وتكنولوجيا فئة ليهي على تصميم السفن اللاحقة، بما في ذلك المدمرات من فئة تيكوندروغا والمدمرات من فئة أرليه بيرك.
بالإضافة إلى تأثيرها على تصميم السفن، ساهمت المدمرات من فئة ليهي في تطوير التقنيات العسكرية الجديدة. ساعدت التجارب والدروس المستفادة من هذه السفن في تطوير أنظمة الرادار والصواريخ وأنظمة القيادة والسيطرة الأكثر تقدمًا. وقد ساهمت هذه التطورات في تعزيز الأمن القومي للولايات المتحدة وحلفائها.
تركت المدمرات من فئة ليهي إرثًا دائمًا في تاريخ البحرية الأمريكية. خدم العديد من أفراد الطاقم بشجاعة وشرف على متن هذه السفن، وشاركوا في العديد من العمليات والنزاعات الهامة. تظل المدمرات من فئة ليهي رمزًا لقوة وشجاعة البحرية الأمريكية، وتذكيرًا بأهمية الاستعداد للدفاع عن الأمن القومي.
الاستنتاجات والدروس المستفادة
بشكل عام، كانت المدمرات من فئة ليهي سفنًا مهمة في تاريخ البحرية الأمريكية. ساهمت هذه السفن في تعزيز القدرات القتالية للبحرية، والمساعدة في الحفاظ على السلام والاستقرار في جميع أنحاء العالم. ساهمت المدمرات من فئة ليهي أيضًا في تطوير التقنيات العسكرية الجديدة وتغيير تصميم السفن الحربية في جميع أنحاء العالم.
الدروس المستفادة من المدمرات من فئة ليهي عديدة ومتنوعة. أظهرت هذه السفن أهمية الاستثمار في التكنولوجيا العسكرية المتقدمة، والحاجة إلى تطوير سفن قادرة على التعامل مع مجموعة واسعة من التهديدات. أظهرت أيضًا أهمية الحفاظ على أسطول بحري قوي ومستعد للدفاع عن المصالح الوطنية.
تذكرنا المدمرات من فئة ليهي بأهمية التفكير المستقبلي في تصميم السفن، والحاجة إلى التكيف مع التهديدات والتغيرات الجديدة. أظهرت هذه السفن أيضًا أهمية التعاون بين البحرية والصناعة لتحقيق التطورات التكنولوجية. يمثل الإرث الدائم للمدمرات من فئة ليهي شهادة على قوة البحرية الأمريكية وقدرتها على التكيف والابتكار.
خاتمة
مثلت المدمرات من فئة ليهي فئة رائدة من المدمرات الصاروخية الموجهة، لعبت دورًا حاسمًا في الحرب الباردة والعديد من النزاعات الأخرى. تميزت بتسليحها القوي وقدراتها المتنوعة، وأثرت بشكل كبير على تصميم السفن الحربية والتكنولوجيا العسكرية. ترك إرث هذه السفن بصمة دائمة في تاريخ البحرية الأمريكية، وتبقى رمزًا للقوة والابتكار.