نشأتها وحياتها المبكرة
ولدت بيرل ويذرينجتون في 24 يونيو 1914 في باريس، فرنسا، لعائلة بريطانية. قبل الحرب، عملت في السفارة البريطانية في باريس. بعد سقوط فرنسا في عام 1940، قررت ويذرينجتون العودة إلى بريطانيا مع والدتها وأخواتها الأربع. حاولت العودة إلى بريطانيا عن طريق إسبانيا، ولكنها تقطعت بها السبل في مرسيليا قبل أن تتمكن من ذلك. في نهاية المطاف، تمكنت العائلة من العودة إلى بريطانيا في أواخر عام 1942.
تجنيدها في وحدة العمليات الخاصة
بعد عودتها إلى بريطانيا، تطوعت ويذرينجتون في وحدة العمليات الخاصة (SOE)، وهي منظمة سرية بريطانية تم تشكيلها لتنفيذ عمليات تخريب وتجسس في الأراضي التي تحتلها ألمانيا. تم تجنيدها بسبب إتقانها للغة الفرنسية ومعرفتها بفرنسا. تلقت تدريباً مكثفاً في مجالات مختلفة، بما في ذلك القتال واللاسلكي والتخريب.
عملها في فرنسا
في سبتمبر 1943، تم إنزال ويذرينجتون بالمظلة في فرنسا، بالقرب من مدينة أورليان، تحت الاسم الحركي “ماري”. كانت مهمتها الأصلية هي العمل كحاملة بريد لشبكة “المحاسب” بقيادة موريس ساوثجيت (“فيليب”). لكن الأمور سرعان ما تغيرت.
بعد فترة وجيزة من وصولها، تم القبض على ساوثجيت من قبل الجستابو. تمكنت ويذرينجتون من تجنب الاعتقال وتولت قيادة الشبكة. اتخذت الاسم الحركي “بولين” ونقلت مقر عملياتها إلى منطقة لور. تحت قيادتها، نمت شبكة “المحاسب” بشكل كبير، لتضم أكثر من 3500 مقاتل مقاومة.
مهام شبكة “المحاسب”:
- تنفيذ عمليات تخريب ضد أهداف ألمانية، مثل خطوط السكك الحديدية والمصانع.
- جمع المعلومات الاستخباراتية عن تحركات القوات الألمانية.
- مساعدة الطيارين المتحالفين الذين تم إسقاطهم على الهروب إلى بريطانيا.
- توفير الدعم اللوجستي للمقاتلين الفرنسيين الأحرار.
قادت ويذرينجتون رجالها في معارك ضارية ضد القوات الألمانية. في إحدى الحوادث، قادت هجوماً على مقر الجستابو في مدينة مونلوسون، مما أسفر عن مقتل العديد من الضباط الألمان وتحرير العديد من سجناء المقاومة. غالباً ما كانت تقود المقاتلين في عمليات تخريب جريئة، مما أدى إلى تعطيل خطوط الإمداد الألمانية وإضعاف القدرة القتالية للعدو.
كانت ويذرينجتون معروفة بشجاعتها وتصميمها. كانت أيضاً قائدة ماهرة وقادرة على إلهام رجالها. على الرغم من المخاطر الكبيرة، استمرت في قيادة شبكة “المحاسب” حتى نهاية الحرب.
معركة غابة تشيتيني
في يونيو 1944، بعد إنزال النورماندي، تعرضت شبكة ويذرينجتون لهجوم من قبل القوات الألمانية. اضطرت هي ورجالها إلى الانسحاب إلى غابة تشيتيني. هناك، حاصرتهم القوات الألمانية المتفوقة عدداً وعتاداً. على الرغم من ذلك، تمكنت ويذرينجتون ورجالها من الصمود لمدة ثلاثة أيام، مما تسبب في خسائر فادحة للألمان قبل أن يتمكنوا من الانسحاب.
بعد معركة غابة تشيتيني، تمكنت ويذرينجتون ورجالها من الانضمام إلى القوات المتحالفة التي كانت تتقدم عبر فرنسا. شاركت شبكة “المحاسب” في تحرير العديد من المدن والبلدات الفرنسية.
بعد الحرب
بعد الحرب، تم تكريم ويذرينجتون بأوسمة عديدة، بما في ذلك وسام الإمبراطورية البريطانية برتبة ضابط (OBE) من قبل الحكومة البريطانية، ووسام جوقة الشرف من قبل الحكومة الفرنسية.
على الرغم من إنجازاتها، شعرت ويذرينجتون بخيبة أمل لأنها لم تحصل على وسام جورج، وهو أعلى وسام مدني بريطاني للشجاعة. قيل لها إنها لم تكن مؤهلة لأنها كانت امرأة. ومع ذلك، تلقت لاحقًا شهادة تقدير خاصة من الحكومة البريطانية.
تزوجت ويذرينجتون من الكولونيل موريس كورنيولي، وهو ضابط فرنسي التقت به خلال الحرب. عاشا معاً في فرنسا حتى وفاته في عام 1982. عادت ويذرينجتون إلى بريطانيا في عام 1990.
في عام 2006، عن عمر يناهز 91 عاماً، مُنحت ويذرينجتون رتبة قائد الإمبراطورية البريطانية (CBE). توفيت في 24 فبراير 2008، عن عمر يناهز 93 عاماً.
إرثها
تعتبر بيرل ويذرينجتون واحدة من أكثر الشخصيات النسائية إلهاماً في المقاومة الفرنسية. كانت امرأة شجاعة وقوية الإرادة قادت رجالها في معارك ضارية ضد القوات الألمانية. ساهمت بشكل كبير في تحرير فرنسا من الاحتلال النازي.
قصتها هي شهادة على قوة الروح الإنسانية وقدرة الأفراد على إحداث فرق في مواجهة الشدائد.
خاتمة
كانت بيرل ويذرينجتون، المعروفة بأسماء ماري وبولين الحركية، عميلة استثنائية في وحدة العمليات الخاصة البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية. بعد هبوطها في فرنسا، سرعان ما تولت قيادة شبكة “المحاسب” وأظهرت شجاعة قيادية منقطعة النظير، حيث قادت آلاف المقاتلين في عمليات تخريبية واستخباراتية حاسمة. على الرغم من التحديات الهائلة والمخاطر الشخصية الجسيمة، أظهرت ويذرينجتون تصميماً لا يلين وقدرة على إلهام الآخرين، مما جعلها شخصية بارزة في تاريخ المقاومة الفرنسية. تبقى قصتها تذكيراً قوياً بالشجاعة والتضحية اللتين قدمهما الأفراد في سبيل الحرية.