<![CDATA[
نشأته وبداياته
ولد ماتيو جوفرير في مدينة بريسا في إيطاليا عام 1659. على الرغم من عدم وجود الكثير من المعلومات حول نشأته، يعتقد أنه تدرب في بداية حياته المهنية في ورشة عمل صانع آلات كمان، ربما في منطقة بريشيا حيث تعلم أصول الحرفة. انتقل في وقت لاحق إلى البندقية، حيث أسس ورشته الخاصة حوالي عام 1685. في البندقية، ازدهرت أعماله، وسرعان ما اكتسب سمعة طيبة كصانع آلات موهوب.
أعماله وتأثيره
اشتهر جوفرير بشكل خاص بصناعة آلات التشيلو، والتي تتميز بصوتها الدافئ والعميق. كما صنع أيضًا الكمانات والفيولا، ولكن التشيلو هي التي أكسبته شهرة عالمية. تميزت آلاته بالجودة العالية للخشب المستخدم والتشطيبات الدقيقة، بالإضافة إلى التصميمات الجمالية. كان جوفرير ماهرًا في اختيار الخشب المناسب لصنع آلاته، وغالبًا ما استخدم خشب القيقب والصنوبر ذا الجودة العالية للحصول على أفضل صوت ممكن. استخدم في عملية الصناعة الورنيش ذو الجودة العالية الذي ساهم في تعزيز جمال ورنين الآلات.
كان لجوفرير تأثير كبير على صانعي الآلات الوترية الآخرين في عصره، ولا سيما في منطقة البندقية. قدمت ورشته التدريب للعديد من الحرفيين الذين استمروا في العمل في هذا المجال. تعتبر آلات جوفرير من بين الأمثلة الأكثر قيمة على الآلات الوترية، وغالبًا ما تُستخدم في الحفلات الموسيقية المهمة وتسجيلات الأوركسترا الكبرى. لا تزال أعماله تُدرس وتُحترم من قبل صانعي الآلات الوترية في جميع أنحاء العالم.
التقنيات والأساليب
استخدم جوفرير مجموعة متنوعة من التقنيات والأساليب المبتكرة في صناعة الآلات الوترية. كان حريصًا على إتقان كل جانب من جوانب عملية التصنيع، من اختيار الخشب إلى التشطيب النهائي. كان يستخدم أدوات خاصة لتشكيل الخشب وتجميع الأجزاء المختلفة للآلة، وكان يتمتع بمهارة عالية في تصميم ووضع فتحات الصوت، مما أثر بشكل كبير على جودة الصوت. تميزت آلاته أيضًا بـ “الرقبة” (neck) المنحنية بشكل فريد، مما أعطى الآلات صوتًا مميزًا.
من بين التقنيات المحددة التي استخدمها جوفرير، يمكن ذكر ما يلي:
- اختيار الخشب: كان جوفرير يولي أهمية كبيرة لاختيار الأخشاب المناسبة، وكان ينتقي أجود أنواع خشب القيقب والصنوبر لتحقيق أفضل جودة صوت.
- التصميم الداخلي: كان جوفرير يولي اهتمامًا خاصًا لتصميم الهيكل الداخلي للآلات، بما في ذلك القضبان الصوتية وأعمدة الصوت، لتحديد جودة الصوت.
- الورنيش: كان يستخدم ورنيشًا عالي الجودة، والذي كان يساهم في حماية الخشب وتحسين خصائص الصوت.
- الزخرفة: كان جوفرير يزين آلاته بزخارف دقيقة، مثل الحواف المنحوتة والزخارف الخشبية.
آلاته الشهيرة
تشمل أبرز آلات جوفرير التي لا تزال موجودة وتشهد على مهارته:
- تشيلو “ألتو” (Alto): تميز بصوته الغني والعميق، ويعتبر مثالًا رائعًا على حرفته.
- تشيلو “برينس” (Prince): يحمل هذا التشيلو اسمًا بارزًا، ويُعرف بجودته الاستثنائية وصوته القوي.
- الكمانات والفيولا: على الرغم من شهرته بتشيلو، إلا أنه صنع أيضًا كميات قليلة من الكمانات والفيولا التي تتميز بالجودة العالية والندرة.
تعتبر هذه الآلات من بين كنوز الموسيقى الكلاسيكية، وتُستخدم في العروض الموسيقية الهامة، كما أنها من مقتنيات الهواة والمتاحف.
التعاون مع عائلته
عمل جوفرير في ورشته مع أفراد عائلته، بمن فيهم ابنه فرانسيسكو جوفرير. وقد ساعد ذلك في الحفاظ على تقاليد صنع الآلات الوترية التي بدأها ماتيو. انتقلت مهارات ومعرفة ماتيو إلى الأجيال القادمة، مما ساهم في استمرار الإرث العظيم للعائلة في صناعة الآلات الموسيقية.
التقدير والإرث
لا تزال آلات ماتيو جوفرير تحظى بتقدير كبير من قبل الموسيقيين وهواة جمع التحف على حد سواء. تُباع آلاته بمبالغ كبيرة في المزادات، مما يشير إلى قيمتها التاريخية والفنية. يُعتبر جوفرير أحد أعظم صانعي آلات الكمان على الإطلاق، وقد ترك إرثًا دائمًا في عالم الموسيقى. تأثيره يمتد إلى يومنا هذا، حيث يستمر صانعو الآلات الوترية في دراسة وتقدر تقنياته وأساليبه.
مقارنة مع صانعي آلات الكمان الآخرين
للمقارنة، كان هناك العديد من صانعي آلات الكمان البارزين الآخرين في عصره، مثل أنطونيو ستراديفاري في كريمونا. بينما اشتهر ستراديفاري بدقة صناعة الكمانات والفيولا، اشتهر جوفرير بتشيلو. تميزت آلات جوفرير بصوتها الدافئ والعميق، في حين تميزت آلات ستراديفاري بالصوت الساطع والقوي. يعتبر كل من جوفرير وستراديفاري من بين أهم صانعي الآلات الوترية في التاريخ، وقد أثرت أعمالهم بشكل كبير على تطور صناعة الآلات الوترية.
التأثير على صناعة الآلات الوترية الحديثة
لا يزال إرث جوفرير يؤثر على صناعة الآلات الوترية الحديثة. يدرس صانعو الآلات الوترية المعاصرون أساليبه وتقنياته، ويحاولون إعادة إنتاج جودة الصوت المتميزة لآلاته. تستلهم العديد من الشركات المصنعة للآلات الوترية من تصميمات جوفرير وتقنياته في إنتاج آلاتهم. هذا يضمن استمرار تراثه في عالم الموسيقى.
العصر الذي عاش فيه
عاش ماتيو جوفرير في فترة تاريخية مهمة في إيطاليا وأوروبا بشكل عام. شهد العصر الباروكي ازدهارًا ثقافيًا وفنيًا كبيرًا، وشمل ذلك الموسيقى وصناعة الآلات الموسيقية. كان هناك طلب كبير على الآلات الوترية في تلك الفترة، مما ساهم في ازدهار عمل جوفرير. كان لديه أيضًا اتصال مع العديد من الموسيقيين والملحنين في عصره، مما ساعده على تحسين آلاته لتلبية احتياجاتهم.
نصائح للعناية بآلات جوفرير (أو أي آلة وترية قيمة)
نظرًا لقيمة آلات جوفرير التاريخية والفنية، من الضروري العناية بها بشكل صحيح للحفاظ على قيمتها وجودتها. إليك بعض النصائح:
- الرطوبة ودرجة الحرارة: يجب الحفاظ على الآلة في بيئة مستقرة من حيث الرطوبة ودرجة الحرارة، حيث يمكن للتغيرات الكبيرة أن تتلف الخشب.
- التنظيف: يجب تنظيف الآلة بانتظام باستخدام قطعة قماش ناعمة ونظيفة. يجب تجنب استخدام المواد الكيميائية أو المنظفات القوية.
- التخزين: يجب تخزين الآلة في علبة واقية عندما لا تكون قيد الاستخدام.
- الصيانة: يجب فحص الآلة بانتظام من قبل فني مؤهل، لإجراء أي إصلاحات ضرورية.
- التعامل: يجب التعامل مع الآلة بحذر لتجنب التلف.
خاتمة
كان ماتيو جوفرير صانع آلات كمان موهوبًا، اشتهر بجودة آلات التشيلو الخاصة به. لقد ترك إرثًا دائمًا في عالم الموسيقى، ولا تزال آلاته تحظى بتقدير كبير من قبل الموسيقيين وهواة جمع التحف على حد سواء. تميزت آلاته بصوتها الدافئ والعميق، وجودة الصنع العالية، والتصميمات الجمالية. كان لجوفرير تأثير كبير على صانعي الآلات الوترية الآخرين في عصره، ولا تزال أعماله تُدرس وتُحترم من قبل صانعي الآلات الوترية في جميع أنحاء العالم.