خلفية تاريخية
مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، أدركت أستراليا الحاجة الملحة لتعزيز قدراتها البحرية. كانت البلاد بحاجة إلى سفن يمكنها حماية خطوط الإمداد الحيوية والدفاع عن سواحلها الشاسعة ضد تهديد الغواصات الألمانية واليابانية. ونتيجة لذلك، تم تصميم فئة “باثورست” من الفرقاطات لتلبية هذه الاحتياجات المحددة.
تم تصميم فئة “باثورست” في الأصل من قبل البحرية الملكية الأسترالية (RAN)، وتم بناؤها في المقام الأول في أحواض بناء السفن الأسترالية. كان هذا مشروعاً طموحاً، بالنظر إلى أن أستراليا لم تكن لديها قاعدة صناعية راسخة لبناء السفن الحربية على نطاق واسع. ومع ذلك، وبفضل التصميم المبتكر والعمالة الماهرة، تمكنت أستراليا من إنتاج عدد كبير من هذه الفرقاطات في فترة زمنية قصيرة نسبياً.
مواصفات وتصميم المدمرة “باثورست”
كانت المدمرة “باثورست” سفينة حربية صغيرة نسبياً، يبلغ طولها الإجمالي حوالي 56.7 متراً وعرضها 9.4 متراً. كان وزنها القياسي حوالي 650 طناً، بينما وصل وزنها عند التحميل الكامل إلى حوالي 1025 طناً. تم تجهيز السفينة بنظام دفع يتكون من محركين بخاريين ثلاثيين التمدد، واللذين يولدان قوة حصانية تبلغ 2000 حصان، مما يسمح لها بالوصول إلى سرعة قصوى تبلغ حوالي 16 عقدة (حوالي 30 كيلومترًا في الساعة).
كان تسليح المدمرة “باثورست” متواضعاً ولكنه فعال في دورها المخصص. شمل التسليح الرئيسي مدفع عيار 4 بوصات (102 ملم) مثبت في الأمام، والذي كان يستخدم للاشتباك مع السفن السطحية والأهداف البرية. بالإضافة إلى ذلك، كانت السفينة تحمل مجموعة متنوعة من الأسلحة المضادة للطائرات، بما في ذلك مدافع أورليكون عيار 20 ملم ومدافع لويس الرشاشة، لتوفير الحماية ضد الهجمات الجوية. والأهم من ذلك، كانت المدمرة “باثورست” مجهزة بأجهزة سونار وشحنات عمق لمكافحة الغواصات، مما يجعلها رصيداً قيماً في حماية القوافل من هجمات الغواصات.
الخدمة خلال الحرب العالمية الثانية
بعد دخولها الخدمة في البحرية الملكية الأسترالية في عام 1940، شهدت المدمرة “باثورست” خدمة مكثفة خلال الحرب العالمية الثانية. تم تكليفها في البداية بواجبات حراسة القوافل في المياه الأسترالية، حيث رافقت السفن التجارية وحمتها من هجمات الغواصات. لعبت السفينة دوراً حاسماً في الحفاظ على خطوط الإمداد مفتوحة، مما يضمن وصول الإمدادات والتعزيزات الحيوية إلى القوات المتحالفة في مسرح المحيط الهادئ.
في عام 1942، تم نقل المدمرة “باثورست” إلى منطقة غينيا الجديدة، حيث شاركت في عدد من العمليات الرئيسية. شاركت السفينة في معركة بحر المرجان، وهي معركة بحرية حاسمة ساهمت في إيقاف التقدم الياباني في جنوب المحيط الهادئ. كما شاركت في حملة غوادالكانال، حيث قدمت الدعم الناري للقوات البرية وقامت بدوريات مضادة للغواصات.
طوال فترة خدمتها الحربية، اكتسبت المدمرة “باثورست” سمعة طيبة بسبب موثوقيتها وقدرتها على التحمل. غالباً ما كانت تعمل في ظروف قاسية، بما في ذلك البحار الهائجة والطقس الاستوائي، ولكنها استمرت في تقديم أداء جيد. لعب طاقم السفينة، بقيادة ضباط أكفاء، دوراً حيوياً في نجاحها. أظهروا شجاعة وتفانياً في مواجهة الخطر، وحافظوا على السفينة تعمل بفعالية في جميع الأوقات.
ما بعد الحرب
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، تم إيقاف تشغيل المدمرة “باثورست” في عام 1945. بيعت السفينة لاحقاً للاستخدام التجاري، وتم تحويلها إلى سفينة صيد حيتان. ومع ذلك، استمرت ذكراها في أذهان أولئك الذين خدموا على متنها وفي المجتمع الأسترالي الأوسع.
اليوم، يتم الحفاظ على عدد قليل من سفن فئة “باثورست” كمتاحف عائمة أو معالم تاريخية. هذه السفن بمثابة تذكير ملموس بمساهمة أستراليا في المجهود الحربي المتحالف ودور البحرية الملكية الأسترالية في حماية البلاد ومصالحها.
إرث المدمرة “باثورست”
تركت المدمرة “باثورست” إرثاً دائماً في تاريخ البحرية الأسترالية. كانت بمثابة شهادة على قدرة أستراليا على بناء سفن حربية قادرة في زمن الحرب. كما أظهرت أهمية الفرقاطات الصغيرة في حماية الشحن التجاري ومكافحة الغواصات. لعبت سفن فئة “باثورست”، بما في ذلك المدمرة “باثورست”، دوراً حيوياً في تأمين خطوط الإمداد الحيوية التي كانت ضرورية لنجاح المجهود الحربي المتحالف في مسرح المحيط الهادئ.
بالإضافة إلى ذلك، ساعدت المدمرة “باثورست” في تعزيز مكانة أستراليا كقوة بحرية إقليمية. أظهرت قدرة البلاد على تصميم وبناء وتشغيل سفن حربية حديثة للعالم، مما عزز مصداقيتها ونفوذها في المنطقة.
لا تزال قصة المدمرة “باثورست” تلهم الأجيال القادمة من البحارة الأستراليين. تجسد السفينة قيم الشجاعة والتفاني والخدمة التي لا تزال أساسية في البحرية الملكية الأسترالية حتى اليوم.
حقائق مثيرة للاهتمام حول المدمرة “باثورست”
- تم بناء المدمرة “باثورست” في حوض بناء السفن Cockatoo Island Dockyard في سيدني، أستراليا.
- تم إطلاقها في 14 فبراير 1941، ودخلت الخدمة في البحرية الملكية الأسترالية في 6 ديسمبر 1941.
- خلال الحرب العالمية الثانية، سافرت المدمرة “باثورست” أكثر من 200,000 ميل بحري.
- شاركت السفينة في عدد من العمليات الرئيسية، بما في ذلك معركة بحر المرجان وحملة غوادالكانال.
- تم إيقاف تشغيل المدمرة “باثورست” في عام 1945، وبيعت للاستخدام التجاري.
صور للمدمرة “باثورست”
(لا يمكنني تضمين صور هنا، ولكن يمكن العثور عليها بسهولة عبر البحث على الإنترنت عن “HMAS Bathurst J158”).
خاتمة
المدمرة الأسترالية “باثورست” (HMAS Bathurst (J158)) كانت سفينة حربية متعددة الاستخدامات خدمت البحرية الملكية الأسترالية بامتياز خلال الحرب العالمية الثانية. لعبت دوراً حيوياً في حماية الشحن التجاري، ومكافحة الغواصات، وتقديم الدعم للقوات البرية في مسرح المحيط الهادئ. إرث السفينة يكمن في مساهمتها في المجهود الحربي المتحالف وفي تعزيز مكانة أستراليا كقوة بحرية إقليمية.