خلفية تاريخية
في أوائل القرن العشرين، كان عمال مناجم الفحم يعملون في ظروف قاسية ولساعات طويلة. كانت الحوادث شائعة، وكانت الأمراض المهنية متفشية. ونتيجة لذلك، بدأت النقابات العمالية والمجموعات الإصلاحية في الضغط من أجل تحسين ظروف العمل وتنظيم ساعات العمل. استجابت منظمة العمل الدولية لهذه المخاوف من خلال اعتماد عدد من الاتفاقيات التي تهدف إلى حماية حقوق العمال.
كانت اتفاقية ساعات العمل (مناجم الفحم) الأصلية، التي تم اعتمادها في عام 1931، تهدف إلى الحد من ساعات العمل في مناجم الفحم إلى سبع ساعات ونصف في اليوم. ومع ذلك، لم يتم التصديق على هذه الاتفاقية من قبل عدد كاف من الدول الأعضاء لتصبح ملزمة قانونًا. ونتيجة لذلك، قررت منظمة العمل الدولية مراجعة الاتفاقية في عام 1935.
كانت اتفاقية ساعات العمل (مناجم الفحم) (مراجعة)، 1935 مشابهة للاتفاقية الأصلية، ولكنها تضمنت بعض التعديلات الطفيفة. على سبيل المثال، سمحت الاتفاقية المراجعة ببعض الاستثناءات من الحد الأقصى لساعات العمل في حالات الطوارئ.
أهداف الاتفاقية
كان الهدف الرئيسي من اتفاقية ساعات العمل (مناجم الفحم) (مراجعة)، 1935 هو تحسين ظروف عمل عمال مناجم الفحم من خلال تحديد ساعات العمل وتقليل خطر الحوادث والأمراض المهنية. تضمنت الأهداف الأخرى ما يلي:
- حماية صحة العمال وسلامتهم: من خلال الحد من ساعات العمل، كان من المتوقع أن يكون العمال أقل عرضة للإرهاق، وبالتالي أقل عرضة للحوادث والإصابات.
- تحسين نوعية حياة العمال: من خلال توفير المزيد من وقت الفراغ، كان من المتوقع أن يتمكن العمال من قضاء المزيد من الوقت مع عائلاتهم وممارسة الأنشطة الترفيهية.
- زيادة الإنتاجية: على الرغم من أن الأمر قد يبدو غير بديهي، إلا أن الحد من ساعات العمل يمكن أن يؤدي في الواقع إلى زيادة الإنتاجية على المدى الطويل. وذلك لأن العمال الذين يتمتعون بصحة جيدة ويحصلون على قسط كاف من الراحة هم أكثر إنتاجية من العمال الذين يعانون من الإرهاق والمرض.
- المساواة في المعاملة: تهدف الاتفاقية إلى ضمان معاملة عمال المناجم في جميع الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية على قدم المساواة فيما يتعلق بساعات العمل.
أحكام الاتفاقية
تضمنت اتفاقية ساعات العمل (مناجم الفحم) (مراجعة)، 1935 الأحكام الرئيسية التالية:
- الحد الأقصى لساعات العمل: حددت الاتفاقية الحد الأقصى لساعات العمل في مناجم الفحم بسبع ساعات و45 دقيقة في اليوم.
- الاستثناءات: سمحت الاتفاقية ببعض الاستثناءات من الحد الأقصى لساعات العمل في حالات الطوارئ أو في حالات أخرى استثنائية.
- الأجر الإضافي: نصت الاتفاقية على أن العمال يجب أن يحصلوا على أجر إضافي مقابل العمل الذي يتم تنفيذه خارج ساعات العمل العادية.
- التفتيش: نصت الاتفاقية على أن تقوم الحكومات بتفتيش مناجم الفحم بانتظام للتأكد من امتثالها لأحكام الاتفاقية.
- العقوبات: نصت الاتفاقية على أن تفرض الحكومات عقوبات على أصحاب العمل الذين ينتهكون أحكام الاتفاقية.
لماذا لم تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ؟
على الرغم من اعتمادها في عام 1935، لم تدخل اتفاقية ساعات العمل (مناجم الفحم) (مراجعة) حيز التنفيذ قط. ويرجع ذلك إلى أن عددًا قليلاً جدًا من الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية صدق عليها. لكي تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ، كان يجب أن يتم التصديق عليها من قبل دولتين على الأقل من بين الدول الثماني التي كانت تعتبر منتجين رئيسيين للفحم في ذلك الوقت. لم يتم تحقيق هذا الشرط قط.
هناك عدد من الأسباب التي تفسر سبب عدم تصديق العديد من الدول على الاتفاقية. أحد الأسباب هو أن بعض الدول كانت قلقة من أن الحد من ساعات العمل سيؤدي إلى انخفاض في إنتاج الفحم وزيادة في التكاليف. سبب آخر هو أن بعض الدول كانت تعتقد أن الاتفاقية تتدخل بشكل كبير في شؤونها الداخلية. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت الظروف السياسية والاقتصادية في فترة ما بين الحربين العالميتين في عدم إعطاء الأولوية لتصديق الاتفاقية.
تأثير الاتفاقية
على الرغم من أن اتفاقية ساعات العمل (مناجم الفحم) (مراجعة) لم تدخل حيز التنفيذ قط، إلا أنها كان لها بعض التأثير على ظروف عمل عمال مناجم الفحم. في بعض البلدان، أدت الاتفاقية إلى زيادة الوعي بقضايا ساعات العمل وظروف العمل في صناعة الفحم. في بلدان أخرى، أدت الاتفاقية إلى اعتماد قوانين ولوائح وطنية تنظم ساعات العمل في مناجم الفحم.
بالإضافة إلى ذلك، ساهمت الاتفاقية في تطوير معايير العمل الدولية. كانت الاتفاقية واحدة من سلسلة من الاتفاقيات التي اعتمدتها منظمة العمل الدولية والتي تهدف إلى حماية حقوق العمال. ساعدت هذه الاتفاقيات في تشكيل قوانين العمل والممارسات في جميع أنحاء العالم.
الدروس المستفادة
هناك عدد من الدروس التي يمكن تعلمها من تجربة اتفاقية ساعات العمل (مناجم الفحم) (مراجعة)، 1935. أحد الدروس هو أن اعتماد اتفاقيات العمل الدولية ليس كافياً لضمان حماية حقوق العمال. يجب على الدول أيضًا التصديق على هذه الاتفاقيات وتنفيذها على المستوى الوطني.
درس آخر هو أن الظروف السياسية والاقتصادية يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في تحديد ما إذا كان سيتم التصديق على اتفاقية العمل الدولية أم لا. في حالة اتفاقية ساعات العمل (مناجم الفحم) (مراجعة)، 1935، ساهمت الأزمة الاقتصادية العالمية والصعود السياسي للفاشية والنازية في عدم إعطاء الأولوية لتصديق الاتفاقية.
التطورات اللاحقة
على الرغم من أن اتفاقية 1935 لم تدخل حيز التنفيذ، إلا أن قضية ساعات العمل في مناجم الفحم ظلت مطروحة على طاولة منظمة العمل الدولية. في عام 1957، تم اعتماد اتفاقية جديدة بشأن ساعات العمل (مناجم الفحم)، وهي اتفاقية رقم 127. دخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ في عام 1960، ولكنها أيضًا لم تحظ بتصديق واسع النطاق.
في العقود الأخيرة، مع تراجع صناعة الفحم في العديد من البلدان، أصبحت قضايا ساعات العمل أقل أهمية. ومع ذلك، لا تزال ظروف العمل في المناجم تشكل تحديًا في بعض المناطق، وتظل معايير العمل الدولية ذات صلة بضمان حماية العمال.
خاتمة
اتفاقية ساعات العمل (مناجم الفحم) (مراجعة)، 1935 هي مثال على اتفاقية لمنظمة العمل الدولية لم تدخل حيز التنفيذ قط بسبب نقص التصديقات. على الرغم من ذلك، ساهمت الاتفاقية في تطوير معايير العمل الدولية وزيادة الوعي بقضايا ساعات العمل وظروف العمل في صناعة الفحم. تقدم قصة هذه الاتفاقية دروسًا قيمة حول أهمية التصديق على اتفاقيات العمل الدولية وتنفيذها، وحول تأثير الظروف السياسية والاقتصادية على معايير العمل.