مقدمة
دستور دونومور، الذي وُضع بواسطة لجنة دونومور، كان بمثابة دستور سريلانكا (سيلان سابقًا) من عام 1931 إلى عام 1947، وهي فترة شهدت تحولات كبيرة في المشهد السياسي والاجتماعي للجزيرة. يمثل هذا الدستور علامة فارقة في تاريخ سريلانكا، حيث أدخل نظام الاقتراع العام للبالغين وأنهى التمثيل الطائفي، مما أدى إلى تغييرات جذرية في طريقة إدارة البلاد.
تشكيل لجنة دونومور
في أواخر العشرينات من القرن الماضي، تصاعدت المطالبات بالإصلاح الدستوري في سيلان، مما دفع الحكومة البريطانية إلى تعيين لجنة ملكية برئاسة إيرل أوف دونومور في عام 1927. كان الهدف الرئيسي للجنة هو دراسة الدستور القائم وتقديم توصيات لإجراء التغييرات اللازمة. تكونت اللجنة من شخصيات بارزة من مختلف الخلفيات، بما في ذلك السياسيين والخبراء الدستوريين، مما ساهم في إعداد تقرير شامل ومدروس.
أعضاء لجنة دونومور
- إيرل أوف دونومور (الرئيس)
- السير ماثيو ناثان
- الدكتور دروموند شيلز
- السير جيفري بتلر
- تي. ريدواي
أهم توصيات لجنة دونومور
قدمت لجنة دونومور سلسلة من التوصيات الجذرية التي غيرت وجه السياسة في سيلان. من بين أبرز هذه التوصيات:
- إدخال الاقتراع العام للبالغين: كان هذا التغيير الأكثر أهمية، حيث منح حق التصويت لجميع المواطنين البالغين بغض النظر عن العرق أو الطبقة أو الجنس. قبل ذلك، كان حق التصويت مقصورًا على فئة معينة من السكان.
- إلغاء التمثيل الطائفي: كان التمثيل الطائفي يضمن تمثيل مجموعات عرقية ودينية معينة في المجلس التشريعي. أوصت اللجنة بإلغاء هذا النظام واستبداله بنظام التمثيل الجغرافي، حيث يتم انتخاب المرشحين من الدوائر الانتخابية على أساس عدد السكان.
- إنشاء مجلس تنفيذي يتألف من لجان: اقترحت اللجنة إنشاء مجلس تنفيذي يتألف من لجان، حيث يكون لكل لجنة مسؤولية محددة. كان الهدف من ذلك هو زيادة كفاءة الإدارة وتعزيز المساءلة.
- نظام وزاري جديد: أوصت اللجنة بنظام وزاري جديد يتم فيه اختيار الوزراء من بين أعضاء المجلس التشريعي. كان هذا النظام يهدف إلى تعزيز التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
نظام اللجان التنفيذية
كان نظام اللجان التنفيذية من بين الابتكارات الرئيسية التي أدخلها دستور دونومور. بموجب هذا النظام، تم تقسيم السلطة التنفيذية بين عدة لجان، كل منها مسؤولة عن مجال معين من مجالات الحكم، مثل التعليم والصحة والزراعة. كان يرأس كل لجنة عضو منتخب من المجلس التشريعي، مما يوفر درجة من السيطرة الديمقراطية على السلطة التنفيذية. كان هذا النظام يهدف إلى الحد من سلطة الحاكم البريطاني وتعزيز مشاركة السكان المحليين في الحكم.
تطبيق دستور دونومور
تم تطبيق دستور دونومور في عام 1931، مما أدى إلى إجراء انتخابات عامة وفقًا للقواعد الجديدة. كانت الانتخابات علامة فارقة في تاريخ سريلانكا، حيث شارك فيها عدد كبير من الناخبين لأول مرة. أدى تطبيق الدستور إلى تغييرات كبيرة في المشهد السياسي، حيث ظهرت أحزاب سياسية جديدة تمثل مختلف شرائح المجتمع.
نتائج وتأثيرات دستور دونومور
كان لدستور دونومور تأثيرات عميقة على سريلانكا. من بين أهم هذه التأثيرات:
- زيادة المشاركة السياسية: أدى إدخال الاقتراع العام للبالغين إلى زيادة كبيرة في المشاركة السياسية، حيث أصبح لجميع المواطنين الحق في التصويت وانتخاب ممثليهم.
- توسيع نطاق الديمقراطية: ساهم إلغاء التمثيل الطائفي في توسيع نطاق الديمقراطية، حيث أصبح التمثيل يعتمد على عدد السكان وليس على العرق أو الدين.
- تعزيز الحكم الذاتي: ساهم نظام اللجان التنفيذية في تعزيز الحكم الذاتي، حيث أصبح للسكان المحليين دور أكبر في إدارة شؤونهم.
- نشوء أحزاب سياسية جديدة: أدى تطبيق الدستور إلى نشوء أحزاب سياسية جديدة تمثل مختلف شرائح المجتمع، مما أدى إلى تنوع أكبر في المشهد السياسي.
الانتقادات الموجهة إلى دستور دونومور
على الرغم من إيجابياته، تعرض دستور دونومور لبعض الانتقادات. من بين أبرز هذه الانتقادات:
- عدم كفاية السلطة التنفيذية: رأى البعض أن نظام اللجان التنفيذية كان غير فعال وأنه أدى إلى ضعف السلطة التنفيذية.
- عدم وجود مسؤولية جماعية: انتقد البعض عدم وجود مسؤولية جماعية للجان التنفيذية، مما أدى إلى صعوبة محاسبة الوزراء.
- سيطرة المجموعات المهيمنة: على الرغم من إلغاء التمثيل الطائفي، إلا أن البعض رأى أن المجموعات المهيمنة لا تزال تسيطر على السياسة.
نهاية دستور دونومور
استمر العمل بدستور دونومور حتى عام 1947، عندما تم استبداله بدستور جديد منح سريلانكا استقلالها. ومع ذلك، فإن دستور دونومور ترك إرثًا دائمًا على سريلانكا، حيث ساهم في تطوير الديمقراطية وتعزيز الحكم الذاتي.
الإرث الدائم
لا يزال دستور دونومور يُذكر حتى اليوم باعتباره علامة فارقة في تاريخ سريلانكا. لقد مهد الطريق للاستقلال وساهم في تطوير الديمقراطية. على الرغم من الانتقادات التي وجهت إليه، إلا أنه يظل جزءًا هامًا من تاريخ سريلانكا.
خاتمة
كان دستور دونومور بمثابة فترة انتقالية حاسمة في تاريخ سريلانكا، حيث شهدت البلاد تحولات ديمقراطية كبيرة وإصلاحات دستورية جذرية. على الرغم من وجود بعض العيوب، إلا أن الدستور ساهم في تمهيد الطريق نحو الاستقلال وتعزيز المشاركة السياسية وتوسيع نطاق الديمقراطية. لا يزال إرث دستور دونومور حيًا حتى اليوم، حيث يمثل علامة فارقة في مسيرة سريلانكا نحو الحكم الذاتي والديمقراطية.