نشأتها وتعليمها
نشأت أروى في كنف أسرة الصليحيين، الذين أسسوا دولة قوية في اليمن. تلقت تعليمًا متميزًا في مختلف العلوم، بما في ذلك الفقه والأدب والشعر والتاريخ. برزت بذكائها وفطنتها، وأظهرت اهتمامًا كبيرًا بالشؤون السياسية والإدارية للدولة. كان لها اطلاع واسع على المذاهب الإسلامية، وخاصة المذهب الإسماعيلي الذي اعتنقه الصليحيون.
زواجها وتوليها الحكم
تزوجت أروى من الأمير أحمد بن علي الصليحي، ابن عمها وولي العهد. بعد وفاة زوجها، تولت أروى الحكم بوصاية على ابنها الطفل، ثم استقلت بالحكم بعد بلوغه. تميزت فترة حكمها بالاستقرار والازدهار، وقامت بالعديد من الإصلاحات الإدارية والاقتصادية التي ساهمت في تعزيز قوة الدولة الصليحية.
دورها السياسي والإداري
لعبت أروى الصليحي دورًا محوريًا في السياسة اليمنية خلال فترة حكمها. عملت على توحيد البلاد وتوسيع نفوذ الدولة الصليحية، وقادت العديد من الحملات العسكرية الناجحة ضد الأعداء. كما اهتمت بتطوير البنية التحتية، وقامت ببناء المساجد والمدارس والمستشفيات. عرفت أروى بحكمتها وعدلها، وكانت تستشير العلماء والفقهاء في اتخاذ القرارات الهامة.
- تعزيز الأمن والاستقرار: عملت أروى على توفير الأمن والاستقرار في البلاد، وقضت على الفتن والاضطرابات.
- تطوير الاقتصاد: اهتمت أروى بتطوير الاقتصاد، وشجعت التجارة والصناعة والزراعة.
- نشر العلم والثقافة: قامت أروى بنشر العلم والثقافة، وأنشأت المدارس والمكتبات.
علاقتها بالدعوة الفاطمية
كانت أروى الصليحي داعمة قوية للدعوة الفاطمية الإسماعيلية، ولعبت دورًا هامًا في نشرها في اليمن والهند. أقامت علاقات وثيقة مع الخلفاء الفاطميين في مصر، وكانت ترسل إليهم الأموال والهدايا. كما ساهمت في بناء المساجد والمراكز الدينية التي تخدم الدعوة الإسماعيلية.
يعتبرها الإسماعيليون شخصية مقدسة، ويجلونها تبجيلاً خاصاً، حيث رفعها الداعي الإسماعيلي في عصره إلى مرتبة “الحجة”، وهي أعلى مرتبة في المذهب الإسماعيلي بعد الإمام.
إنجازاتها المعمارية
تركت أروى الصليحي بصمة واضحة في مجال العمارة، حيث قامت ببناء العديد من المساجد والمدارس والقلاع والحصون. من أبرز إنجازاتها المعمارية:
- جامع الملكة أروى في جبلة: يعتبر هذا الجامع من أهم المعالم الإسلامية في اليمن، ويتميز بتصميمه الفريد وزخارفه الجميلة.
- قلعة ذي جبلة: كانت هذه القلعة مقرًا لحكم أروى الصليحي، وتعتبر من أهم القلاع التاريخية في اليمن.
- ترميم وتوسيع المساجد: قامت أروى بترميم وتوسيع العديد من المساجد القديمة في اليمن.
صفاتها الشخصية
اشتهرت أروى الصليحي بالعديد من الصفات الحميدة، منها:
- الحكمة والذكاء: كانت أروى تتمتع بحكمة كبيرة وذكاء حاد، مما ساعدها على اتخاذ القرارات الصائبة.
- العدل والإنصاف: كانت أروى تحرص على العدل والإنصاف في حكمها، وتتعامل مع جميع الناس على قدم المساواة.
- الكرم والجود: كانت أروى كريمة جوادة، تنفق الأموال على الفقراء والمحتاجين.
- الشجاعة والإقدام: كانت أروى شجاعة مقدامة، تقود الجيوش بنفسها في المعارك.
- التدين والورع: كانت أروى متدينة ورعة، تحرص على أداء العبادات والشعائر الدينية.
مكانتها في التاريخ
تحظى أروى الصليحي بمكانة مرموقة في التاريخ الإسلامي، وتعتبر واحدة من أعظم النساء اللاتي حكمن في العالم الإسلامي. يرى فيها الكثيرون نموذجًا للمرأة القوية القادرة على القيادة وتحقيق الإنجازات. وقد ألهمت قصتها العديد من النساء في مختلف العصور.
تعد أروى الصليحي رمزًا للقيادة النسائية الرشيدة، فقد استطاعت بحكمتها وعدلها أن تحقق الاستقرار والازدهار لبلادها، وأن تترك بصمة واضحة في التاريخ. لقد كانت امرأة استثنائية جمعت بين السلطة والمعرفة، وبين السياسة والدين، مما جعلها شخصية فريدة في التاريخ الإسلامي.
خاتمة
أروى الصليحي، الملكة الحرة لليمن، شخصية تاريخية بارزة تركت إرثًا عظيمًا في السياسة والإدارة والعمارة. تميزت بالحكمة والعدل والشجاعة، وساهمت في ازدهار اليمن ونشر الدعوة الإسماعيلية. تظل أروى رمزًا للقيادة النسائية الناجحة ومصدر إلهام للأجيال القادمة.