نشأته وبداياته
ولد بروس فان فورهيس في 29 يناير 1908، في سياتل، واشنطن. نشأ في كنف عائلة تقدر الخدمة العسكرية والانضباط. التحق بأكاديمية الولايات المتحدة البحرية في أنابوليس، وتخرج منها في عام 1929. خلال فترة وجوده في الأكاديمية، أظهر تفوقًا في الدراسات الأكاديمية والرياضية، مما أهّله لمسيرة مهنية واعدة في البحرية.
مسيرته المهنية في البحرية
بعد تخرجه من الأكاديمية البحرية، بدأ فان فورهيس مسيرته المهنية كضابط بحري. في البداية، خدم على متن عدة سفن حربية، حيث اكتسب خبرة قيمة في العمليات البحرية. سرعان ما أظهر اهتمامًا خاصًا بالطيران، فالتحق ببرنامج التدريب على الطيران التابع للبحرية الأمريكية في عام 1935. أثبت كفاءته كطيار ماهر، وتخرج بامتياز، ليصبح طيارًا بحريًا رسميًا.
بعد حصوله على لقب طيار بحري، تم تعيين فان فورهيس في عدة أسراب طيران تابعة للبحرية. شارك في مهام تدريبية وعمليات استطلاعية، حيث أظهر قدرة فائقة على قيادة الطائرات وتنفيذ المهام الصعبة. ترقى بسرعة في الرتب، وأصبح قائدًا لسرب الطائرات VP-11 في عام 1942.
الحرب العالمية الثانية
مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، وجدت الولايات المتحدة نفسها في مواجهة مباشرة مع قوى المحور في المحيط الهادئ. لعبت البحرية الأمريكية دورًا حاسمًا في هذه الحرب، وكان للطيران البحري دور بارز في المعارك البحرية والجزرية. انخرط سرب VP-11 بقيادة فان فورهيس في العمليات القتالية في منطقة جنوب المحيط الهادئ.
معركة تولاجي
في 6 يوليو 1943، قاد القائد فان فورهيس سرب VP-11 في مهمة قصف جريئة ضد مواقع يابانية شديدة التحصين في جزيرة تولاجي في جزر سليمان. كانت الجزيرة بمثابة قاعدة إمداد وتموين رئيسية للقوات اليابانية، وكان تدميرها ضروريًا لعرقلة تقدمهم في المنطقة.
على الرغم من كثافة النيران المضادة للطائرات، قاد فان فورهيس رجاله بشجاعة وتصميم. حلقت طائرته فوق المواقع اليابانية، وأطلقت قنابلها بدقة متناهية، مما أدى إلى تدمير العديد من الأهداف العسكرية الهامة. ومع ذلك، أصيبت طائرته بنيران العدو، واشتعلت فيها النيران.
بدلاً من القفز بالمظلة والنجاة بحياته، قرر فان فورهيس البقاء في الطائرة وتوجيهها بعيدًا عن مواقع صديقة. استمر في التحليق بالطائرة المشتعلة حتى سقطت في البحر، مما أدى إلى استشهاده. أنقذ قراره الشجاع حياة العديد من زملائه، ومنع وقوع خسائر فادحة في صفوف القوات الأمريكية.
وسام الشرف
تقديراً لبطولته الاستثنائية وتضحيته البطولية، مُنح القائد بروس فان فورهيس وسام الشرف بعد وفاته، وهو أعلى وسام عسكري في الولايات المتحدة. تم تسليم الوسام إلى عائلته في حفل رسمي، حيث تم الإشادة به كبطل قومي.
نص وسام الشرف الممنوح له جاء فيه:
“لخدمته المتميزة وبطولته الظاهرة كقائد لسرب الطائرات رقم 11 خلال عملية ضد قوات العدو في تولاجي، جزر سليمان، في 6 يوليو 1943. على الرغم من سوء الأحوال الجوية الشديدة والنيران الكثيفة المضادة للطائرات، قاد القائد فان فورهيس سرب طائراته بهجوم جريء ومنظم ضد مواقع العدو. حلقت طائرته مباشرة فوق الأهداف، وأطلقت قنابلها بدقة متناهية، مما أدى إلى تدمير العديد من المواقع العسكرية الهامة. أصيبت طائرته بنيران العدو، واشتعلت فيها النيران، لكنه استمر في التحليق بها بعيدًا عن مواقع صديقة حتى سقطت في البحر، مما أدى إلى استشهاده. بفضل شجاعته الاستثنائية وتفانيه في أداء واجبه، أنقذ حياة العديد من زملائه ومنع وقوع خسائر فادحة في صفوف القوات الأمريكية. إن تصرفات القائد فان فورهيس البطولية تعكس أعلى تقاليد الخدمة البحرية الأمريكية.”
إرثه وتخليده
يعتبر بروس فان فورهيس رمزًا للشجاعة والإيثار في تاريخ الطيران البحري الأمريكي. تم تخليد ذكراه في العديد من المناسبات، حيث تم تسمية قاعدة بحرية باسمه، وكذلك عدة طائرات وسفن حربية. كما تم وضع لوحات تذكارية في الأماكن التي عاش فيها، تكريمًا لخدمته وتضحيته.
قاعدة فان فورهيس البحرية
تم تسمية قاعدة فان فورهيس البحرية في جزيرة ويك تكريما له. كانت هذه القاعدة تلعب دورًا حيويًا في العمليات البحرية الأمريكية في المحيط الهادئ.
السفن والطائرات التي تحمل اسمه
تم تسمية العديد من السفن والطائرات الحربية باسمه تكريما لإسهاماته وتضحيته. هذا التكريم يعكس التقدير العميق الذي يكنه له زملاؤه وقادة البحرية الأمريكية.
اللوحات التذكارية
تم وضع العديد من اللوحات التذكارية في الأماكن التي عاش فيها بروس فان فورهيس، بما في ذلك مسقط رأسه في سياتل، والأكاديمية البحرية في أنابوليس. تهدف هذه اللوحات إلى تذكير الأجيال القادمة ببطولته وتفانيه في خدمة الوطن.
دروس مستفادة من حياته
تقدم حياة بروس فان فورهيس العديد من الدروس القيمة التي يمكن أن يستفيد منها الأفراد والمجتمعات على حد سواء. من بين هذه الدروس:
- الشجاعة والتصميم: أظهر فان فورهيس شجاعة استثنائية وتصميمًا لا يلين في مواجهة الخطر.
- الإيثار والتضحية: ضحى بحياته من أجل إنقاذ زملائه وحماية وطنه.
- القيادة والمسؤولية: تحمل مسؤولية قيادة رجاله في ظروف صعبة، وقدم لهم مثالًا يحتذى به.
- التفاني في أداء الواجب: أدى واجبه بأمانة وإخلاص، حتى في أصعب الظروف.
خاتمة
بروس فان فورهيس كان بطلاً حقيقياً تجسدت فيه قيم الشجاعة والإيثار والتضحية. قصته تلهمنا لتقديم أفضل ما لدينا في خدمة مجتمعاتنا وأوطاننا، وتذكرنا بأهمية التفاني في أداء الواجب والمسؤولية. سيظل اسمه محفوراً في ذاكرة التاريخ كرمز للتضحية من أجل الآخرين.