<![CDATA[
خلفية تاريخية
في أوائل عام 1893، أُطيح بالملكة ليليو كيوكولاني، آخر حاكم هاواي مستقل، في انقلاب قام به بشكل أساسي مواطنون أمريكيون مقيمون في هاواي بدعم من القوات الأمريكية البحرية. أثار هذا الحدث جدلاً كبيرًا في الولايات المتحدة، حيث اتهمت العديد من الأصوات الحكومة الأمريكية بالتورط في الإطاحة بالملكة. نتيجة لذلك، أمر الرئيس الأمريكي غروفر كليفلاند بإجراء تحقيق مستقل في هذه المسألة.
تشكيل لجنة بلوونت
تم اختيار بنجامين بلوونت لقيادة هذا التحقيق بسبب خبرته في الشؤون الخارجية وسمعته كشخص نزيه. أُعطي بلوونت صلاحيات واسعة لجمع الأدلة، بما في ذلك الحق في استجواب الشهود والوصول إلى الوثائق الحكومية. سافر بلوونت إلى هاواي في مارس 1893 وبدأ تحقيقًا شاملاً.
أعمال التحقيق
أمضى بلوونت عدة أسابيع في هاواي، حيث أجرى مقابلات مع شهود من خلفيات مختلفة، بما في ذلك أعضاء الحكومة الملكية، والقادة الأمريكيين، والمواطنين الهاواييين. جمع بلوونت كمية كبيرة من الأدلة، بما في ذلك الرسائل والوثائق الرسمية وشهادات الشهود. ركز تحقيقه على فهم دور الدبلوماسي الأمريكي جون ستيفنز، الذي كان قد اعترف بالسيطرة على الحكومة المؤقتة بعد الإطاحة بالملكة.
نتائج تقرير بلوونت
في يوليو 1893، قدم بلوونت تقريره إلى الرئيس كليفلاند. أدان التقرير بشدة دور الدبلوماسي الأمريكي في الإطاحة بالملكة ليليو كيوكولاني، وخلص إلى أن الولايات المتحدة قد تصرفت بشكل غير لائق من خلال التدخل في شؤون هاواي الداخلية. وجد التقرير أن الممثل الدبلوماسي الأمريكي في هاواي، جون ستيفنز، قد تجاوز سلطته من خلال دعم المتآمرين الذين أطاحوا بالملكة. اتهم التقرير ستيفنز بإصدار أوامر لقوات المارينز الأمريكية بالنزول إلى الشاطئ لدعم الثورة، مما أدى إلى خلق جو من الخوف والترهيب الذي مهد الطريق للإطاحة بالملكة.
أوصى التقرير بإعادة الملكة ليليو كيوكولاني إلى السلطة. ومع ذلك، رفضت الحكومة المؤقتة في هاواي التنازل عن السلطة، مما أدى إلى أزمة سياسية.
ردود الفعل على التقرير
أثار تقرير بلوونت ردود فعل متباينة في الولايات المتحدة وهاواي. في الولايات المتحدة، أيد الديمقراطيون تقرير بلوونت، بينما انتقد الجمهوريون التقرير واعتبروه متحيزًا. في هاواي، رحب الملكيون بالتقرير، بينما عارضته الحكومة المؤقتة بشدة. كان للتقرير تأثير كبير على النقاش حول مستقبل هاواي.
تقرير مورغان
نظرًا لعدم الرضا عن تقرير بلوونت، أمرت الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ بإجراء تحقيق خاص بها. تم تكليف لجنة بقيادة السيناتور جون ت. مورغان بإجراء هذا التحقيق، والذي عُرف باسم تقرير مورغان. وصل تقرير مورغان إلى استنتاجات مختلفة تمامًا عن تقرير بلوونت. على عكس تقرير بلوونت، برأ تقرير مورغان جون ستيفنز واتهم الملكة ليليو كيوكولاني بالتحريض على العنف وقيادة حكومة غير شرعية. جادل تقرير مورغان بأن التدخل الأمريكي كان مبررًا لحماية المصالح الأمريكية في هاواي.
تأثير تقرير بلوونت على السياسة الأمريكية
على الرغم من أن توصيات تقرير بلوونت لم تنفذ بالكامل، إلا أن التقرير كان له تأثير كبير على السياسة الأمريكية. أبرز التقرير أهمية الالتزام بالمبادئ الديمقراطية والنزاهة في الشؤون الخارجية. كما أثار التقرير نقاشًا حول دور الولايات المتحدة في العالم والحاجة إلى احترام سيادة الدول الأخرى. على الرغم من أن الرئيس كليفلاند كان يأمل في إعادة الملكة إلى السلطة، إلا أن الضغط السياسي من قبل القوميين الأمريكيين واللوبيات المؤيدة للضم حال دون ذلك.
ضم هاواي
في عام 1898، بعد سنوات قليلة من صدور تقرير بلوونت، ضمت الولايات المتحدة هاواي. أدت الحرب الأمريكية الإسبانية إلى زيادة الاهتمام الأمريكي بالبحرية والمواقع الاستراتيجية في المحيط الهادئ، مما أدى إلى تسهيل الضم. على الرغم من أن تقرير بلوونت أدان التدخل الأمريكي في هاواي، إلا أن التقرير لم يمنع الضم في النهاية. كان ضم هاواي بمثابة تحول تاريخي في العلاقات الأمريكية الهاوائية.
أهمية تقرير بلوونت اليوم
لا يزال تقرير بلوونت وثيقة مهمة لدراسة التاريخ الأمريكي والهاوائي. يقدم التقرير رؤى قيمة حول الأحداث التي أدت إلى ضم هاواي ويسلط الضوء على التوترات المعقدة التي تنطوي عليها القوة الأمريكية في الخارج. يُنظر إلى التقرير على أنه مثال على محاولة أمريكية للتحقيق في سلوكها الأخلاقي في الشؤون الخارجية، على الرغم من أنه لم يمنع الضم في النهاية. لا يزال التقرير يمثل تذكيرًا بأهمية المساءلة والعدالة في العلاقات الدولية.
أوجه القصور والقيود
على الرغم من أهمية تقرير بلوونت، إلا أنه لا يخلو من أوجه القصور والقيود. أولاً، اتُهم التقرير بالتحيز، حيث ركز بلوونت على الأدلة التي تدعم وجهة نظره المسبقة. ثانيًا، لم يقم التقرير بتحليل جميع العوامل التي أدت إلى الإطاحة بالملكة، مثل العوامل الاقتصادية والاجتماعية. ثالثًا، تجاهل التقرير إلى حد كبير وجهة نظر السكان الأمريكيين الأصليين في هاواي.
الإرث
ترك تقرير بلوونت إرثًا دائمًا في تاريخ العلاقات الأمريكية الهاوائية. أثار التقرير نقاشًا حول دور الولايات المتحدة في الخارج وأهمية احترام سيادة الدول الأخرى. على الرغم من أن توصيات التقرير لم تنفذ بالكامل، إلا أنه ساهم في زيادة الوعي العام حول القضايا الأخلاقية المتعلقة بالسياسة الخارجية. لا يزال التقرير يدرس حتى اليوم، ويقدم رؤى قيمة حول الأحداث التي شكلت تاريخ هاواي والولايات المتحدة.
الفرق بين تقرير بلوونت وتقرير مورغان
كان هناك اختلاف كبير بين تقرير بلوونت وتقرير مورغان، وهما تقريران متنافسان حول الإطاحة بمملكة هاواي. توصل تقرير بلوونت، الذي أُعد بناءً على أوامر الرئيس كليفلاند، إلى أن التدخل الأمريكي كان غير قانوني وغير مبرر. اتهم التقرير الدبلوماسي الأمريكي، جون ستيفنز، بالتواطؤ في الإطاحة بالملكة ليليو كيوكولاني. على النقيض من ذلك، برأ تقرير مورغان، الذي أُعد بأمر من مجلس الشيوخ، ستيفنز وخلص إلى أن الولايات المتحدة قد تصرفت بشكل صحيح لحماية مصالحها في هاواي. اتهم التقرير الملكة بالتحريض على العنف والعمل ضد المصالح الأمريكية. هذه الاختلافات تعكس وجهات نظر سياسية مختلفة بشكل كبير حول دور الولايات المتحدة في العالم.
أهمية التقرير في العصر الحديث
لا يزال تقرير بلوونت ذا صلة بالعصر الحديث، حيث يوفر رؤى قيمة حول تاريخ الاستعمار والتدخل الأمريكي في الخارج. في وقت تتزايد فيه المناقشات حول العدالة العرقية والعدالة الاجتماعية، يساعد التقرير على تسليط الضوء على عواقب التدخل الأمريكي في هاواي. كما يساعد التقرير على فهم التوترات المعقدة التي تنطوي عليها القوة الأمريكية في الخارج. كما أنه يساعد على توضيح أهمية احترام سيادة الدول الأخرى.
خاتمة
يعتبر تقرير بلوونت وثيقة تاريخية مهمة، قدمت تحليلًا نقديًا لدور الولايات المتحدة في الإطاحة بمملكة هاواي. على الرغم من أن توصياته لم تنفذ بالكامل، إلا أن التقرير أثار نقاشًا مهمًا حول السياسة الخارجية الأمريكية وأهمية النزاهة والعدالة. يظل التقرير مصدرًا قيمًا للباحثين والطلاب المهتمين بتاريخ هاواي والعلاقات الأمريكية الهاوائية. يعكس التقرير أيضًا التوتر بين المصالح الإمبريالية الأمريكية والمبادئ الديمقراطية التي تدعي الولايات المتحدة أنها تدافع عنها.