مقدمة
إريك كامبكا (16 سبتمبر 1910 – 24 يناير 1975) كان عضواً في قوات الأمن الخاصة (SS) في ألمانيا النازية، وعمل كسائق أساسي لأدولف هتلر. شغل هذا المنصب الحساس منذ عام 1934 وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945. كان كامبكا شاهداً على العديد من الأحداث التاريخية الهامة خلال فترة حكم هتلر، وشارك بشكل مباشر في بعضها. بعد الحرب، تم استجوابه من قبل الحلفاء، وقدم شهادته في محاكمات نورمبرغ، مما ساهم في فهم أعمق للحياة داخل الدائرة المقربة من هتلر.
الحياة المبكرة والالتحاق بقوات الأمن الخاصة
ولد إريك كامبكا في 16 سبتمبر 1910، في مدينة كوبلينز بألمانيا. انضم إلى الحزب النازي في عام 1930 وإلى قوات الأمن الخاصة في عام 1932. سرعان ما لفت انتباه المسؤولين بفضل مهاراته في القيادة وولائه للحزب. في عام 1934، تم اختياره ليكون ضمن فريق السائقين المسؤولين عن نقل أدولف هتلر، وهو ما مثل نقطة تحول حاسمة في حياته المهنية.
العمل كسائق لهتلر
بصفته السائق الأساسي لهتلر، كان كامبكا مسؤولاً عن سلامة الزعيم النازي أثناء تنقلاته. كان يقود سيارات هتلر في مختلف المناسبات، سواء كانت رحلات رسمية أو زيارات شخصية. هذا الدور منحه وصولاً فريداً إلى هتلر والدائرة المقربة منه. كان كامبكا شاهداً على العديد من القرارات الهامة والمحادثات السرية التي جرت داخل السيارة، مما جعله شخصية محورية في فهم ديناميكيات السلطة في ألمانيا النازية.
تضمنت مسؤوليات كامبكا أيضًا إدارة أسطول سيارات هتلر، والتأكد من صيانتها الدورية وتجهيزها بشكل كامل. كان يشرف على فريق من السائقين والميكانيكيين، ويتأكد من أن جميع السيارات في حالة ممتازة وجاهزة للاستخدام في أي وقت. بالإضافة إلى ذلك، كان كامبكا مسؤولاً عن تخطيط مسارات الرحلات، وتقييم المخاطر الأمنية المحتملة، واتخاذ التدابير اللازمة لضمان سلامة هتلر.
خلال فترة عمله كسائق لهتلر، شهد كامبكا العديد من الأحداث الهامة، بما في ذلك المؤتمرات الحزبية الكبرى، والاجتماعات مع القادة الأجانب، والزيارات إلى الجبهات الأمامية خلال الحرب العالمية الثانية. كان حاضراً أيضاً في مناسبات اجتماعية مختلفة، مثل الحفلات والمآدب، حيث كان يشاهد تفاعل هتلر مع شخصيات بارزة في الحزب النازي والمجتمع الألماني.
كامبكا والأحداث التاريخية
كان كامبكا شاهداً على العديد من الأحداث التاريخية الهامة خلال فترة عمله كسائق لهتلر. من بين هذه الأحداث:
- ليلة السكاكين الطويلة (Night of the Long Knives): كان كامبكا حاضراً خلال عملية التطهير التي قام بها هتلر ضد خصومه السياسيين في عام 1934. شهد بنفسه اعتقال وإعدام العديد من الشخصيات البارزة في الحزب النازي، مما تركه بصدمة كبيرة.
- ضم النمسا (Anschluss): كان كامبكا جزءاً من الموكب الذي رافق هتلر إلى النمسا في عام 1938، عندما تم ضمها إلى ألمانيا. شهد بنفسه الحشود الهائلة التي استقبلت هتلر في فيينا، وعبرت عن دعمها للوحدة بين البلدين.
- غزو بولندا (Invasion of Poland): كان كامبكا جزءاً من الدائرة المقربة من هتلر خلال بداية الحرب العالمية الثانية. شهد بنفسه القرارات الحاسمة التي اتخذها هتلر بشأن غزو بولندا، والخطط العسكرية التي تم وضعها لتحقيق النصر.
- محاولة اغتيال هتلر (20 July plot): كان كامبكا حاضراً في مقر هتلر في راستنبورغ في 20 يوليو 1944، عندما حاول الكولونيل كلاوس فون شتاوفنبرغ اغتيال هتلر. شهد بنفسه الانفجار الذي وقع في غرفة الاجتماعات، والجهود التي بذلت لإنقاذ هتلر.
نهاية الحرب العالمية الثانية
في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، بقي كامبكا مع هتلر في مخبأ الفوهرر في برلين. شهد بنفسه تدهور الحالة النفسية لهتلر، واليأس الذي استولى عليه بسبب الخسائر المتتالية التي تكبدتها ألمانيا. بعد انتحار هتلر في 30 أبريل 1945، شارك كامبكا في حرق جثته في حديقة المستشارية.
بعد سقوط برلين في يد القوات السوفيتية، تم القبض على كامبكا من قبل الحلفاء. تم استجوابه من قبل ضباط الاستخبارات، وقدم معلومات قيمة حول حياة هتلر والدائرة المقربة منه. تم استخدامه لاحقاً كشاهد في محاكمات نورمبرغ، حيث قدم شهادته حول جرائم الحرب التي ارتكبها النظام النازي.
الاستجواب والمحاكمات
بعد اعتقاله، خضع كامبكا للعديد من جلسات الاستجواب من قبل الحلفاء. قدم معلومات تفصيلية حول حياة هتلر اليومية، وعلاقاته مع مساعديه، وقراراته السياسية والعسكرية. كما قدم معلومات حول الأحداث التاريخية التي شهدها، مثل ليلة السكاكين الطويلة وضم النمسا وغزو بولندا ومحاولة اغتيال هتلر.
تم استخدام شهادة كامبكا في محاكمات نورمبرغ، حيث تم تقديمها كدليل ضد كبار المسؤولين النازيين المتهمين بارتكاب جرائم حرب. ساهمت شهادته في فهم أعمق لطبيعة النظام النازي وجرائمه، وفي إدانة العديد من المتهمين.
الحياة بعد الحرب
بعد الحرب، أطلق سراح كامبكا وعاد إلى الحياة المدنية. عمل كميكانيكي سيارات، وحاول الابتعاد عن الأضواء وتجنب الحديث عن ماضيه. ومع ذلك، ظل موضوع اهتمام المؤرخين والصحفيين، الذين سعوا للحصول على معلومات إضافية حول حياة هتلر والنظام النازي.
نشر كامبكا مذكراته في عام 1968، بعنوان “كنت سائق هتلر” (Ich war Hitlers Chauffeur). قدم الكتاب رؤية فريدة من الداخل لحياة هتلر والدائرة المقربة منه. أصبح الكتاب من الكتب الأكثر مبيعاً، وتمت ترجمته إلى العديد من اللغات.
توفي إريك كامبكا في 24 يناير 1975، عن عمر يناهز 64 عاماً. على الرغم من أنه لم يكن شخصية رئيسية في النظام النازي، إلا أنه لعب دوراً هاماً كسائق لهتلر وشاهد على العديد من الأحداث التاريخية الهامة. تظل شهادته ومذكراته مصدراً قيماً لفهم فترة مظلمة في التاريخ الألماني.
إرث إريك كامبكا
على الرغم من أن إريك كامبكا لم يكن شخصية بارزة في النظام النازي، إلا أن دوره كسائق شخصي لأدولف هتلر جعله شاهداً على العديد من الأحداث الحاسمة في التاريخ. إن شهادته ومذكراته تقدم لنا نظرة فريدة من الداخل إلى حياة هتلر وقراراته، وتسلط الضوء على الديناميكيات المعقدة للسلطة في ألمانيا النازية. يظل إرث كامبكا بمثابة تذكير بأهوال الحرب والإيديولوجيات المتطرفة، وأهمية الحذر واليقظة في مواجهة التعصب والعنف.
خاتمة
كان إريك كامبكا شخصية مثيرة للجدل بسبب ارتباطه بالنظام النازي. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أهمية شهادته في فهم فترة مظلمة من التاريخ. قدم كامبكا معلومات قيمة حول حياة هتلر والدائرة المقربة منه، وساهم في كشف جرائم الحرب التي ارتكبها النظام النازي. على الرغم من أنه لم يكن شخصية رئيسية في النظام النازي، إلا أن دوره كسائق لهتلر جعله شاهداً على العديد من الأحداث التاريخية الهامة.