<![CDATA[
معايير الاختيار
يتم اختيار الصالحين بين الأمم بناءً على عدة معايير صارمة تحددها لجنة خاصة في ياد فاشيم. تشمل هذه المعايير:
- المخاطرة بالحياة: يجب على الشخص أن يكون قد خاطر بحياته أو حريته أو سمعته لإنقاذ اليهود من الموت أو الأذى.
- عدم طلب المقابل: يجب أن يكون الدافع وراء الإنقاذ إنسانيًا بحتًا، دون توقع أي مكافأة مالية أو أي مصلحة شخصية أخرى.
- الإنقاذ الفعلي: يجب أن يكون الشخص قد ساهم بشكل مباشر في إنقاذ حياة اليهود، سواء من خلال إخفائهم، أو توفير الطعام والملابس لهم، أو مساعدتهم على الهروب.
- شهادة الناجين: تعتمد اللجنة على شهادات الناجين أو شهود العيان الآخرين للتأكد من صحة الوقائع.
أبرز الصالحين بين الأمم حسب البلد
بولندا
كانت بولندا موطنًا لأكبر عدد من اليهود قبل الحرب العالمية الثانية، وشهدت أيضًا أكبر عدد من الصالحين بين الأمم. من أبرزهم:
- إيرينا سيندلر (Irena Sendler): ممرضة بولندية عملت في وارسو، تمكنت من إنقاذ آلاف الأطفال اليهود من خلال تهريبهم من حي اليهود.
- أوسكار شيندلر (Oskar Schindler): رجل أعمال ألماني قام بتوظيف اليهود في مصنعه، وحماهم من الترحيل إلى معسكرات الإبادة.
- يان كارسكي (Jan Karski): مقاوم بولندي نقل شهادات عن المحرقة إلى الحلفاء، وحاول حثهم على التدخل.
هولندا
قدم الهولنديون مساهمات كبيرة في إنقاذ اليهود، على الرغم من الاحتلال النازي. من بينهم:
- كورنيليا “كوري” تن بوم (Corrie ten Boom): امرأة هولندية مسيحية ساعدت في إخفاء اليهود في منزلها، وتعرضت للاعتقال والسجن.
- يوهانس بوست (Johannes Post): مقاوم هولندي نشط ساعد في إخفاء اليهود وتزوير الوثائق، قُتل على يد النازيين.
فرنسا
شهدت فرنسا أيضًا جهودًا كبيرة لإنقاذ اليهود، خاصة في المناطق غير المحتلة. من الأمثلة:
- أندريه تروكمي (André Trocmé): قس فرنسي قاد مجموعة من القرويين في قرية لو شامبون سور لينيون لإخفاء اليهود.
- فاليري جيسكار ديستان (Valéry Giscard d’Estaing): الرئيس الفرنسي السابق الذي لعب دورًا في الاعتراف بالصالحين بين الأمم.
إيطاليا
في إيطاليا، ساعد العديد من الأفراد في إنقاذ اليهود، على الرغم من تحالف إيطاليا مع ألمانيا النازية في البداية. من بين هؤلاء:
- جيوكو بيرلاسكا (Giorgio Perlasca): رجل إيطالي تظاهر بأنه دبلوماسي إسباني وأنقذ آلاف اليهود في بودابست.
- الأب ماريا بيني (Father Maria Benedetti): كاهن كاثوليكي ساعد في إخفاء اليهود في دير.
ألمانيا
على الرغم من أن ألمانيا كانت قلب النظام النازي، إلا أن هناك ألمانًا أظهروا شجاعة استثنائية في مساعدة اليهود. من الأمثلة:
- أوسكار شيندلر (Oskar Schindler): رجل الأعمال الألماني الذي تم ذكره سابقًا، والذي أنقذ أكثر من ألف يهودي.
- فيلي براينر (Willi Braune): ألماني ساعد في إخفاء اليهود في منزله.
بلجيكا
في بلجيكا، شارك العديد من الأشخاص في إنقاذ اليهود. من أبرزهم:
- ماريا كاردي (Marie Cardon): امرأة بلجيكية أخفت طفلًا يهوديًا وعائلته.
- الأب جوزيف أندريه (Father Joseph André): كاهن كاثوليكي ساعد في إنقاذ الأطفال اليهود.
الدول الأخرى
بالإضافة إلى الدول المذكورة أعلاه، هناك عدد كبير من الصالحين بين الأمم من دول أخرى مثل:
- النرويج:
- الدنمارك:
- اليونان:
- المجر:
- سويسرا:
إن قائمة الصالحين بين الأمم تتوسع باستمرار مع اكتشاف المزيد من القصص البطولية، ويتم الاعتراف بأشخاص جدد كل عام. يعكس هذا التكريم الإنسانية في أبهى صورها، ويوفر درسًا قيمًا عن الشجاعة والرحمة في أوقات الأزمات.
أهمية التكريم
إن تكريم الصالحين بين الأمم له أهمية كبيرة لعدة أسباب:
- إحياء الذكرى: يساهم في تذكر ضحايا المحرقة وتقدير من ساعدوهم، ويحافظ على ذكرى هذه الفترة المظلمة في التاريخ.
- الإلهام: يوفر أمثلة ملهمة عن الشجاعة الإنسانية، ويشجع على التمسك بالقيم الإنسانية في مواجهة الظلم.
- التوعية: يساهم في نشر الوعي حول المحرقة وتأثيرها، ويحث على عدم تكرار مثل هذه الفظائع.
- التعليم: يوفر موردًا تعليميًا قيمًا للطلاب والباحثين، ويساعد في فهم تعقيدات المحرقة.
دور ياد فاشيم
تضطلع مؤسسة ياد فاشيم بدور محوري في تكريم الصالحين بين الأمم. تقوم المؤسسة بما يلي:
- البحث والتوثيق: تقوم بالبحث عن قصص الإنقاذ والتحقق منها، وتوثيقها في أرشيف المؤسسة.
- الاعتراف والتكريم: تمنح لقب “الصالح بين الأمم” للأفراد المؤهلين، وتقيم مراسم تكريم لهم.
- التوعية والتثقيف: تنظم معارض ومؤتمرات وورش عمل لتوعية الجمهور حول المحرقة والصالحين بين الأمم.
- الحفاظ على الذاكرة: تعمل على الحفاظ على ذكرى الصالحين بين الأمم من خلال إنشاء النصب التذكارية والمواقع التراثية.
تحديات الإنقاذ
واجه الصالحون بين الأمم العديد من التحديات أثناء محاولتهم إنقاذ اليهود. وشملت هذه التحديات:
- الخوف من الاعتقال والموت: كان النازيون يعاقبون بشدة أي شخص يساعد اليهود، بما في ذلك الإعدام.
- نقص الموارد: كان على المنقذين توفير الطعام والملابس والمأوى لليهود، غالبًا في ظل ظروف صعبة.
- السرية: كان على المنقذين الحفاظ على سرية أنشطتهم، وتجنب لفت الانتباه إليهم.
- التمييز: واجه المنقذون التمييز والتحيز من قبل بعض أفراد المجتمع الذين أيدوا النازيين.
الدروس المستفادة
تقدم قصص الصالحين بين الأمم دروسًا قيمة للإنسانية. فهي تعلمنا:
- أهمية الشجاعة: يجب أن نكون شجعانًا في مواجهة الظلم، وأن ندافع عن حقوق الآخرين.
- قوة الإنسانية: حتى في أحلك الساعات، يمكن للإنسانية أن تنتصر.
- مسؤوليتنا الجماعية: علينا أن نتحمل مسؤولية حماية الآخرين، خاصة أولئك الذين يتعرضون للاضطهاد.
- أهمية التسامح: يجب أن نتعلم من الماضي، ونسعى إلى بناء مجتمع أكثر تسامحًا وإنصافًا.
خاتمة
الصالحون بين الأمم هم شهود على الإنسانية في أسمى معانيها. إنهم يمثلون الأمل والرحمة في زمن الإبادة الجماعية. إن تذكرهم وتكريمهم هو واجب علينا جميعًا، لأنهم علمونا أن الشجاعة والرحمة يمكن أن تزدهر حتى في أحلك الظروف. قصصهم يجب أن تلهمنا جميعًا للدفاع عن الإنسانية والعدالة في عالمنا.