نبذة تاريخية
تم بناء السفينة في الأصل في حوض بناء السفن “أتلانتيك شانتير” (Atlantique Chantiers) في فرنسا عام 1966. خدمت لسنوات عديدة تحت أسماء مختلفة قبل أن يتم شراؤها من قبل شركة “ميناوس لاينز” (Minoan Lines) اليونانية في عام 1989. تم تجديدها وتحديثها، وأعيد تسميتها إلى “إم إس إكسبريس سامينا”. كانت تعمل على خطوط مختلفة في بحر إيجه، تنقل الركاب والمركبات بين الجزر اليونانية.
حادث الغرق
في 26 سبتمبر 2000، كانت “إم إس إكسبريس سامينا” في طريقها من بيرايوس إلى ناكسوس وباروس وميكونوس وساموس. غادرت بيرايوس متأخرة بحوالي ساعتين بسبب مشاكل في الميناء. أثناء اقترابها من باروس، انحرفت السفينة عن مسارها واصطدمت بصخور بورتس آيلتس، وهي مجموعة من الجزر الصغيرة غير المأهولة والنتوءات الصخرية التي تبعد حوالي ميلين بحريين عن ميناء باريكيا.
أدى الاصطدام إلى إحداث ثقب كبير في هيكل السفينة، مما تسبب في دخول كميات كبيرة من المياه بسرعة. تفاقم الوضع بسبب عوامل متعددة، بما في ذلك:
- الرياح القوية: كانت الرياح تهب بقوة تصل إلى 8 درجات على مقياس بوفورت، مما جعل المناورة صعبة.
- الظلام: وقع الحادث في الظلام الدامس، مما قلل من الرؤية.
- أخطاء بشرية: تشير التحقيقات اللاحقة إلى أن أخطاء بشرية، بما في ذلك عدم الالتزام بالإجراءات القياسية وعدم وجود ضابط مؤهل على الجسر، ساهمت في وقوع الحادث.
- أبواب مقاومة للماء مفتوحة: تم العثور على العديد من الأبواب المقاومة للماء مفتوحة، مما سمح للمياه بالانتشار بسرعة في جميع أنحاء السفينة.
بدأت السفينة في الغرق بسرعة، مما أدى إلى حالة من الذعر والفوضى على متنها. لم يكن هناك ما يكفي من سترات النجاة لجميع الركاب، وكانت عملية الإخلاء غير منظمة. تأخر إطلاق قوارب النجاة بسبب صعوبة خفضها في الرياح القوية.
وصلت سفن الإنقاذ من باروس والجزر المجاورة، بالإضافة إلى سفن تابعة لخفر السواحل اليوناني، لتقديم المساعدة. تم إنقاذ العديد من الركاب، ولكن لسوء الحظ، فقد 81 شخصًا حياتهم في هذه المأساة.
التحقيقات والمحاكمات
أجرت السلطات اليونانية تحقيقًا شاملاً في أسباب غرق “إم إس إكسبريس سامينا”. كشف التحقيق عن سلسلة من الإهمالات والأخطاء التي ساهمت في وقوع الحادث. تم توجيه اتهامات جنائية إلى العديد من المسؤولين، بمن فيهم قبطان السفينة والضباط الآخرون وممثلو الشركة المالكة.
أدت المحاكمات اللاحقة إلى إدانة العديد من المتهمين بتهم القتل غير العمد والإهمال. تم الحكم على قبطان السفينة وكبير الضباط بالسجن لمدد طويلة. كما تم تغريم شركة “ميناوس لاينز” بمبالغ كبيرة.
تأثير الحادث
كان لغرق “إم إس إكسبريس سامينا” تأثير عميق على اليونان. أثارت المأساة غضبًا واسع النطاق ودعوات إلى تحسين معايير السلامة في صناعة الشحن اليونانية. أدت الكارثة إلى مراجعة شاملة لقواعد السلامة والإجراءات التنظيمية المتعلقة بعبارات الركاب.
نتيجة لذلك، تم تطبيق قوانين جديدة تهدف إلى تحسين السلامة على متن السفن، بما في ذلك:
- تدريب أفضل للطاقم: تم تعزيز متطلبات التدريب لأفراد الطاقم، مع التركيز على إجراءات السلامة والاستجابة للطوارئ.
- فحوصات سلامة أكثر صرامة: تم تكثيف عمليات التفتيش على السفن للتأكد من أنها تلبي معايير السلامة الدولية.
- تحسين معدات السلامة: تم إلزام السفن بحمل معدات سلامة كافية، بما في ذلك سترات النجاة وقوارب النجاة وأجهزة الاتصال.
- مراقبة أفضل: تم تركيب أنظمة مراقبة أكثر تطوراً على السفن لتتبع موقعها وسرعتها.
أصبح غرق “إم إس إكسبريس سامينا” بمثابة تذكير مأساوي بأهمية السلامة في البحر. ساهمت الكارثة في إحداث تغييرات إيجابية في صناعة الشحن اليونانية، بهدف منع وقوع حوادث مماثلة في المستقبل.
الدروس المستفادة
يمكن استخلاص العديد من الدروس الهامة من كارثة “إم إس إكسبريس سامينا”، بما في ذلك:
- أهمية التدريب: يجب أن يتلقى أفراد الطاقم تدريبًا شاملاً على إجراءات السلامة والاستجابة للطوارئ.
- الالتزام بالإجراءات: يجب على جميع أفراد الطاقم الالتزام بالإجراءات القياسية والبروتوكولات لضمان التشغيل الآمن للسفينة.
- الحفاظ على الأبواب المقاومة للماء مغلقة: يجب التأكد من إغلاق جميع الأبواب المقاومة للماء لمنع انتشار المياه في حالة حدوث تسرب.
- توفر معدات السلامة الكافية: يجب أن تحمل السفن معدات سلامة كافية لجميع الركاب وأفراد الطاقم.
- أهمية الصيانة: يجب صيانة السفن بانتظام للتأكد من أنها في حالة جيدة.
- ثقافة السلامة: يجب على الشركات المشغلة للسفن تعزيز ثقافة السلامة التي تشجع على الإبلاغ عن المخاوف وتحديد المخاطر المحتملة.
تخليد الذكرى
تم نصب نصب تذكاري في باروس لإحياء ذكرى ضحايا غرق “إم إس إكسبريس سامينا”. يقف النصب التذكاري كتذكير دائم بالمأساة وأهمية السلامة في البحر.
خاتمة
تعد كارثة “إم إس إكسبريس سامينا” فاجعة مأساوية أسفرت عن فقدان أرواح بريئة وأثارت أسئلة حاسمة حول معايير السلامة البحرية. سلطت الكارثة الضوء على الحاجة إلى تحسينات كبيرة في التدريب والإجراءات التنظيمية وثقافة السلامة في صناعة الشحن. على الرغم من مرور سنوات عديدة على الحادث، إلا أن ذكراه لا تزال حية، وتذكرنا بأهمية اليقظة والالتزام بالسلامة في كل جانب من جوانب الملاحة البحرية.