خلفية التطوير
بعد حرب 1948، وجد الجيش الإسرائيلي نفسه يمتلك عددًا كبيرًا من دبابات “إم 4 شيرمان” التي تم الحصول عليها من مصادر مختلفة. على الرغم من كونها دبابة قوية في وقتها، إلا أن الشيرمان بدأت تتقادم بحلول الخمسينيات من القرن العشرين، خاصةً مع ظهور دبابات أحدث وأكثر تطوراً في الجيوش العربية. كانت المدفعية الرئيسية للشيرمان، وهي مدفع عيار 75 ملم أو 76 ملم، غير قادرة على اختراق دروع الدبابات السوفيتية الحديثة. بالإضافة إلى ذلك، كانت قوة المحرك وناقل الحركة في الشيرمان محدودتين، مما أثر على قدرتها على المناورة في التضاريس الوعرة.
لمعالجة هذه المشاكل، بدأ الجيش الإسرائيلي برنامجًا طموحًا لتحديث دبابات الشيرمان. تضمن هذا البرنامج تركيب مدافع أقوى، وتحسين المحركات وناقلات الحركة، وتحديث أنظمة التحكم في إطلاق النار. كان الهدف هو تحويل الشيرمان إلى دبابة قادرة على المنافسة مع الدبابات الحديثة في ساحة المعركة.
شيرمان إم-50
كانت “شيرمان إم-50” أول نسخة مطورة من الشيرمان. تميزت بتركيب مدفع فرنسي عيار 75 ملم CN 50 عالي السرعة. كان هذا المدفع الجديد أكثر قوة بكثير من المدفع الأصلي للشيرمان، وقادرًا على اختراق دروع الدبابات السوفيتية T-34 و T-54 من مسافات معقولة. بالإضافة إلى ذلك، تم تزويد “شيرمان إم-50” بمحرك ديزل Cummins بقوة 460 حصانًا، مما زاد من قوة الدبابة وقدرتها على المناورة.
تم إنتاج “شيرمان إم-50” بنوعين رئيسيين: نوع بمدفع قصير ونوع بمدفع طويل. النوع ذو المدفع القصير تم تركيبه على هيكل الشيرمان الأصلي، بينما النوع ذو المدفع الطويل تم تركيبه على هيكل أطول قليلاً لتوفير مساحة أكبر للمدفع الأطول. شاركت “شيرمان إم-50” في حرب 1956 (العدوان الثلاثي) وحرب 1967 (حرب الأيام الستة)، وأثبتت فعاليتها في القتال ضد الدبابات العربية.
- المدفع: مدفع فرنسي عيار 75 ملم CN 50
- المحرك: محرك ديزل Cummins بقوة 460 حصان
- الدروع: دروع محسنة مقارنة بالشيرمان الأصلية
- الأداء: قدرة محسنة على اختراق الدروع والمناورة
شيرمان إم-51
كانت “شيرمان إم-51” نسخة أكثر تطوراً من “شيرمان إم-50”. تميزت بتركيب مدفع فرنسي عيار 105 ملم Modèle F1، وهو نفس المدفع المستخدم في دبابة AMX-30 الفرنسية. كان هذا المدفع أقوى بكثير من المدفع عيار 75 ملم المستخدم في “شيرمان إم-50″، وقادرًا على تدمير معظم الدبابات العربية في ذلك الوقت. تم تزويد “شيرمان إم-51” أيضًا بمحرك ديزل Cummins بقوة 460 حصانًا، ونظام تعليق محسّن.
بسبب حجم المدفع الكبير، كان من الضروري تعديل برج الدبابة “شيرمان إم-51” لاستيعابه. تم تمديد البرج وتوسيعه، وتم تركيب نظام ارتداد جديد للمدفع. شاركت “شيرمان إم-51” في حرب 1967 (حرب الأيام الستة) وحرب 1973 (حرب أكتوبر)، وأثبتت فعاليتها في القتال ضد الدبابات العربية، بما في ذلك الدبابات السوفيتية T-54 و T-55 و T-62.
- المدفع: مدفع فرنسي عيار 105 ملم Modèle F1
- المحرك: محرك ديزل Cummins بقوة 460 حصان
- الدروع: دروع محسنة مقارنة بالشيرمان الأصلية
- الأداء: قدرة فائقة على اختراق الدروع وتدمير الدبابات
الخدمة القتالية
شاركت كل من “شيرمان إم-50” و “شيرمان إم-51” في العديد من الحروب والمعارك، وأثبتت فعاليتها في القتال. لعبت هاتان الدبابتان دورًا حاسمًا في انتصارات إسرائيل في حرب 1967 وحرب 1973. على الرغم من أنها كانت تعتمد على هيكل دبابة قديمة، إلا أن التحديثات والتعديلات التي تم إدخالها عليها جعلتها قادرة على المنافسة مع الدبابات الحديثة في ذلك الوقت.
بعد حرب 1973، بدأت إسرائيل في استبدال “شيرمان إم-50” و “شيرمان إم-51” بدبابات أحدث، مثل دبابات “ميركافا” الإسرائيلية الصنع. ومع ذلك، استمرت بعض هذه الدبابات في الخدمة في جيوش أخرى، مثل جيش تشيلي، حتى التسعينيات من القرن العشرين.
إرث سوبر شيرمان
تُعتبر “سوبر شيرمان” مثالًا رائعًا على كيفية تحديث وتطوير الأسلحة القديمة لجعلها قادرة على مواجهة التهديدات الحديثة. أظهرت هذه الدبابة قدرة إسرائيل على الابتكار والتكيف في مواجهة التحديات العسكرية. لا تزال “سوبر شيرمان” تحظى بتقدير كبير من قبل هواة التاريخ العسكري وعشاق الدبابات، وهي شهادة على براعة المهندسين الإسرائيليين وقدرتهم على تحويل دبابة قديمة إلى سلاح فعال وقوي.
خاتمة
تمثل “سوبر شيرمان” قصة نجاح في مجال التحديث العسكري، حيث تم تحويل دبابة “إم 4 شيرمان” القديمة إلى سلاح فعال ومنافس للدبابات الحديثة في ذلك الوقت. من خلال تركيب مدافع أقوى، وتحسين المحركات وناقلات الحركة، وتحديث أنظمة التحكم في إطلاق النار، تمكن الجيش الإسرائيلي من تحويل الشيرمان إلى دبابة قادرة على لعب دور حاسم في الحروب والمعارك التي خاضها. لا تزال “سوبر شيرمان” تحظى بتقدير كبير كرمز للابتكار والتكيف في المجال العسكري.