حياته المبكرة وتعليمه
ولد تشارلز هارولد دود في ريكسهام، ويلز، في 7 أبريل 1884. تلقى تعليمه في كلية جامعة شمال ويلز، بانجور، حيث درس الكلاسيكيات والفلسفة. ثم انتقل إلى كلية مانشستر، أكسفورد، لدراسة اللاهوت. خلال فترة وجوده في أكسفورد، تأثر دود بشدة بالحركة اللاهوتية الليبرالية، التي أكدت على أهمية العقل والتجربة في فهم الدين. كما تأثر بالعمل الرائد لألبرت شفايتزر حول “البحث عن يسوع التاريخي”.
بعد الانتهاء من دراساته في أكسفورد، تم تعيين دود وزيرًا في الكنيسة المشيخية الإنجليزية. خدم في العديد من الكنائس في جميع أنحاء إنجلترا قبل أن يعود إلى الأوساط الأكاديمية في عام 1930.
حياته الأكاديمية
في عام 1930، تم تعيين دود أستاذًا لللاهوت الكتابي في جامعة مانشستر. في عام 1936، أصبح أستاذًا للعهد الجديد في جامعة كامبريدج، وهو المنصب الذي شغله حتى تقاعده في عام 1953. خلال فترة عمله في كامبريدج، أصبح دود شخصية رائدة في الدراسات الكتابية، وجذب الطلاب والعلماء من جميع أنحاء العالم.
كان دود باحثًا غزير الإنتاج، نشر العديد من الكتب والمقالات حول مجموعة واسعة من الموضوعات المتعلقة بالعهد الجديد. تشمل بعض أشهر أعماله:
- المواعظ الرسولية وتطورها (1936)
- تفسير العهد الجديد (1953)
- الإنجيل التاريخي (1938)
- أسس الإيمان المسيحي (1952)
- في إنجيل يوحنا (1963)
كان لعمل دود تأثير كبير على الدراسات الكتابية، ولا يزال يُقرأ ويدرس على نطاق واسع حتى اليوم.
علم الأخرويات المحققة
ربما يكون دود معروفًا على نطاق واسع بترويجه لعلم الأخرويات المحققة. يرى هذا الرأي أن النبوءات المتعلقة “بالأيام الأخيرة” و “مجيء ملكوت الله” لم تكن تتحدث عن مستقبل بعيد، بل تحققت بالفعل في حياة يسوع، وموته، وقيامته. بالنسبة لدود، فإن ملكوت الله ليس حدثًا مستقبليًا، بل هو حقيقة حاضرة تم تدشينها من خلال خدمة يسوع.
يجادل دود بأن يسوع لم يأت ليعلن عن ملكوت سيأتي في المستقبل، بل لتدشينه في الوقت الحاضر. إن كلمات يسوع وأعماله، وخاصة موته وقيامته، هي إعلان وتجسيد لملكوت الله. وبالتالي، فإن المسيحيين لا ينتظرون ملكوتًا مستقبليًا، بل يعيشون بالفعل في الملكوت الذي تم تدشينه من خلال المسيح.
أثار علم الأخرويات المحققة جدلاً كبيرًا بين علماء الكتاب المقدس. يجادل بعض العلماء بأن دود بالغ في تقدير مدى تحقق النبوءات المتعلقة بالزمن الأخير. يجادل آخرون بأن علم الأخرويات المحققة يقدم فهمًا مهمًا لأهمية خدمة يسوع وحاضر الملكوت في حياة المؤمنين.
مساهمات أخرى
بالإضافة إلى عمله في علم الأخرويات، قدم دود مساهمات مهمة في مجالات أخرى من الدراسات الكتابية. كان باحثًا رائدًا في الأناجيل السينوبتيكية، وكتب على نطاق واسع عن طبيعة وأهمية معجزات يسوع. كما كان مهتمًا بتطوير اللاهوت الكتابي، وهو نهج للاهوت يسعى إلى تأسيس العقيدة المسيحية على الكتاب المقدس نفسه.
كان دود مدافعًا قويًا عن أهمية الدراسة التاريخية للكتاب المقدس. يعتقد أن فهم السياق التاريخي للكتاب المقدس أمر ضروري لتفسيره بدقة. كما شدد على أهمية استخدام الأساليب الأدبية لتحليل الكتاب المقدس.
لعب دود أيضًا دورًا مهمًا في حركة الوحدة المسكونية. كان يعتقد أن المسيحيين من جميع الطوائف يجب أن يعملوا معًا لتحقيق الوحدة. شارك في العديد من الحوارات المسكونية، وعمل بلا كلل لتعزيز التفاهم والتعاون بين المسيحيين.
تأثيره وإرثه
كان لتشارلز هارولد دود تأثير عميق على الدراسات الكتابية واللاهوت المسيحي. كان باحثًا لامعًا ومعلمًا مؤثرًا، وألهمت أعماله أجيالًا من العلماء والطلاب. يظل علم الأخرويات المحققة موضوعًا للنقاش والنقاش بين علماء الكتاب المقدس، ولا تزال رؤيته لأهمية خدمة يسوع وحاضر الملكوت ذات صلة اليوم.
بالإضافة إلى ذلك، كان دود شخصية مؤثرة في حركة الوحدة المسكونية، وساهم في تعزيز الحوار والتفاهم بين مختلف الطوائف المسيحية. ترك إرثًا دائمًا كواحد من أبرز علماء الكتاب المقدس واللاهوتيين في القرن العشرين.
أعماله الرئيسية
- المواعظ الرسولية وتطورها (The Apostolic Preaching and Its Developments): يحلل هذا الكتاب الأنماط والخصائص الأساسية للتبشير المسيحي المبكر.
- تفسير العهد الجديد (New Testament Interpretation): يقدم نظرة عامة شاملة على مبادئ وممارسات تفسير العهد الجديد.
- الإنجيل التاريخي (The Historical Gospel): يستكشف العلاقة بين يسوع التاريخي والإنجيل كما هو معروض في الأناجيل.
- أسس الإيمان المسيحي (The Foundations of Christian Belief): يحدد المعتقدات الأساسية للإيمان المسيحي وكيفية فهمها.
- في إنجيل يوحنا (According to the Scriptures): يقدم دراسة متعمقة لإنجيل يوحنا، مع التركيز على استخدامه للعهد القديم.
الجدل والنقد
على الرغم من تأثيره الكبير، لم يكن عمل دود خاليًا من الجدل والنقد. تلقى علم الأخرويات المحققة على وجه الخصوص انتقادات من أولئك الذين يعتقدون أن النبوءات المتعلقة بالزمن الأخير لم تتحقق بالكامل بعد. يجادل هؤلاء النقاد بأن بعض النبوءات، مثل تلك المتعلقة بالمجيء الثاني للمسيح والدينونة الأخيرة، لا تزال مستقبلية.
بالإضافة إلى ذلك، اتهم بعض العلماء دود بالتقليل من أهمية البعد المستقبلي لملكوت الله. يجادلون بأنه من خلال التركيز على تحقيق الملكوت في الماضي والحاضر، فإنه فشل في إعطاء ما يكفي من الاهتمام للأمل المسيحي في مستقبل يتم فيه تأسيس ملكوت الله بالكامل.
ومع ذلك، يظل عمل دود مؤثرًا ويستمر في إلهام العلماء والطلاب. يجادل أنصاره بأن علم الأخرويات المحققة يوفر فهمًا حيويًا لأهمية خدمة يسوع وحاضر ملكوت الله في حياة المؤمنين.
خاتمة
كان تشارلز هارولد دود شخصية بارزة في الدراسات الكتابية واللاهوت المسيحي في القرن العشرين. اشتهر بترويجه لعلم الأخرويات المحققة، وهو تفسير يؤكد أن العديد من النبوءات المتعلقة بالزمن الأخير قد تحققت بالفعل في حياة يسوع وموته وقيامته. كان لعمل دود تأثير كبير على فهم العهد الجديد واللاهوت المسيحي، ولا يزال يُقرأ ويدرس على نطاق واسع حتى اليوم. بالإضافة إلى ذلك، كان دود شخصية مؤثرة في حركة الوحدة المسكونية، وساهم في تعزيز الحوار والتفاهم بين مختلف الطوائف المسيحية.