<![CDATA[
نشأته وبداياته
ولد جورج هيلز في بلدة أيثورن بمقاطعة كنت في إنجلترا. تلقى تعليمه في كلية سانت كاترين، كامبريدج، حيث تفوق في دراسته وحصل على درجة البكالوريوس في عام 1839، ثم درجة الماجستير في عام 1842. بعد تخرجه، بدأ حياته المهنية كقسيس في الكنيسة الأنجليكانية، حيث خدم في عدة رعايا في إنجلترا قبل أن يقرر الانتقال إلى كندا.
كان هيلز يتمتع بشخصية قوية وإرادة صلبة، مما جعله قائدًا طبيعيًا. تميز أيضًا بقدرته على التواصل مع الآخرين، مما ساعده على بناء علاقات قوية مع مختلف شرائح المجتمع. بالإضافة إلى ذلك، كان يتمتع بعقلية استباقية ورؤية واضحة لمستقبل الكنيسة، مما دفعه إلى اتخاذ قرارات حاسمة لتطويرها وتوسيع نطاقها.
مسيرته في كندا
وصل هيلز إلى كندا في عام 1859، حيث عُين أول أسقف لأبرشية كولومبيا البريطانية. كانت هذه المنطقة آنذاك لا تزال في مراحلها الأولى من التطور، وكانت الكنيسة الأنجليكانية في حاجة ماسة إلى القيادة القوية والتوجيه. تولى هيلز هذه المسؤولية بكل تفانٍ وإخلاص، وعمل على تأسيس الكنائس والمدارس والمؤسسات الخيرية في جميع أنحاء الأبرشية.
واجه هيلز العديد من التحديات في بداية مسيرته في كندا. كانت المنطقة نائية وصعبة التضاريس، وكان عليه التعامل مع مجموعة متنوعة من السكان، بما في ذلك المستوطنين الأوروبيين والسكان الأصليين. ومع ذلك، لم تثنه هذه التحديات عن مهمته، بل على العكس، عززت عزيمته وإصراره على تحقيق أهدافه.
إسهاماته في تطوير الكنيسة
خلال فترة أسقفيته، قدم هيلز مساهمات كبيرة في تطوير الكنيسة الأنجليكانية في كولومبيا البريطانية. قام بتأسيس العديد من الكنائس في المدن والبلدات الناشئة، وعمل على توفير التعليم والتدريب للقساوسة والكهنة المحليين. بالإضافة إلى ذلك، لعب دورًا حيويًا في تأسيس المدارس والمؤسسات الخيرية التي قدمت الدعم والرعاية للمجتمع.
- بناء الكنائس: قام هيلز بالإشراف على بناء العديد من الكنائس في جميع أنحاء كولومبيا البريطانية. كانت هذه الكنائس بمثابة مراكز روحية واجتماعية للمجتمعات المحلية، وقدمت الدعم الروحي والاجتماعي للمؤمنين.
- تأسيس المدارس: أدرك هيلز أهمية التعليم في تطوير المجتمع، فقام بتأسيس عدد من المدارس التي قدمت التعليم الأساسي والتدريب المهني للأطفال والشباب.
- دعم السكان الأصليين: أولى هيلز اهتمامًا خاصًا بالسكان الأصليين، وعمل على إنشاء مدارس داخلية لتوفير التعليم لهم، وتقديم الدعم والرعاية لهم.
- الخدمة المجتمعية: قام هيلز بتأسيس عدد من المؤسسات الخيرية التي قدمت الدعم والرعاية للمحتاجين، بما في ذلك المستشفيات والملاجئ.
علاقته بالسكان الأصليين
كانت علاقة هيلز بالسكان الأصليين في كولومبيا البريطانية معقدة ومتناقضة. من ناحية، كان يؤمن بأهمية تبشيرهم بالمسيحية وتقديم التعليم لهم. قام بتأسيس مدارس داخلية تهدف إلى تعليم الأطفال الأصليين وإدماجهم في المجتمع الكندي. ومع ذلك، أدت هذه المدارس في كثير من الأحيان إلى إلحاق الأذى بالأطفال الأصليين، حيث تعرضوا للإساءة الجسدية والنفسية، وفقدوا ثقافتهم ولغتهم.
يجب النظر إلى إرث هيلز في سياق تاريخي أوسع. في ذلك الوقت، كان يُنظر إلى التبشير والتعليم على أنهما وسيلة لتحضير السكان الأصليين ودمجهم في المجتمع الكندي. ومع ذلك، أدت السياسات التي تبناها هيلز والكنيسة الأنجليكانية إلى عواقب وخيمة على السكان الأصليين، ولا تزال آثارها محسوسة حتى اليوم.
أعماله الأدبية
بالإضافة إلى عمله كأسقف، كان هيلز كاتبًا غزير الإنتاج. كتب العديد من المقالات والمواعظ والرسائل التي تناولت مجموعة واسعة من القضايا الدينية والاجتماعية. قدمت كتاباته رؤى قيمة حول معتقداته وأفكاره، وساعدت في نشر الإيمان المسيحي وتثقيف الجمهور.
من بين أعماله الأدبية البارزة:
- “رسائل من كولومبيا البريطانية” (Letters from British Columbia): وهي مجموعة من الرسائل التي كتبها هيلز خلال فترة إقامته في كندا، والتي تقدم نظرة ثاقبة على الحياة في المنطقة في تلك الفترة.
- “تقرير سنوي عن أبرشية كولومبيا البريطانية” (Annual Report of the Diocese of British Columbia): وهي تقارير سنوية قدمها هيلز حول أنشطة الكنيسة في الأبرشية.
- العديد من المواعظ والمقالات الدينية التي نشرت في مجلات الكنيسة.
تأثيره وإرثه
ترك جورج هيلز إرثًا دائمًا في كندا، وخاصة في مقاطعة كولومبيا البريطانية. لقد أسس كنيسة قوية ومزدهرة، وساهم في تطوير التعليم والخدمة المجتمعية. على الرغم من الجدل المحيط بمسؤولياته فيما يتعلق بالمدارس الداخلية، لا يزال يُنظر إليه على أنه شخصية مهمة في تاريخ كندا.
يعتبر هيلز مثالاً للقائد الديني الذي عمل بجد وتفانٍ لتحقيق أهدافه. لقد كان شخصًا يتمتع بشخصية قوية ورؤية واضحة، وترك بصمة واضحة على المجتمع الكندي. لا تزال إسهاماته في تطوير الكنيسة والتعليم والخدمة المجتمعية محسوسة حتى اليوم.
وفاته
توفي جورج هيلز في 10 ديسمبر 1895، تاركًا وراءه إرثًا غنيًا من العمل والخدمة. دفن في مقبرة كاتدرائية المسيح في فيكتوريا، كولومبيا البريطانية. لا يزال يُحتفى بذكراه في الكنيسة الأنجليكانية في كندا، ويُنظر إليه على أنه أحد القادة البارزين في تاريخ الكنيسة.
خاتمة
كان جورج هيلز أسقفًا أنجليكانيًا كنديًا بارزًا، وترك بصمة واضحة في تاريخ الكنيسة الأنجليكانية في كندا، وخاصة في مقاطعة كولومبيا البريطانية. ساهم في تأسيس الكنائس والمدارس والمؤسسات الخيرية، وعمل على نشر الإيمان المسيحي وتعزيز التعليم والخدمة المجتمعية. على الرغم من الجدل المحيط بمسؤولياته فيما يتعلق بالمدارس الداخلية، إلا أنه يظل شخصية مهمة في تاريخ كندا، وإرثه لا يزال يتردد صداه حتى اليوم.