تاريخ بليسيمبولس
بدأ تاريخ بليسيمبولس في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، عندما بدأ تشارلز بليس، الذي كان يعمل كمهندس كيميائي، في تطوير نظام كتابة جديد. كان بليس قد شهد بنفسه الدمار الذي سببته الحرب العالمية الأولى وتأثر بشدة بالحواجز اللغوية التي حالت دون التواصل والتفاهم بين الناس. دفعه ذلك إلى البحث عن طريقة لإنشاء لغة عالمية يمكن للجميع فهمها بغض النظر عن لغتهم الأم.
استلهم بليس فكرته من الكتابة الهيروغليفية المصرية والكتابة الصينية، حيث تمثل الرموز مفاهيم وأفكارًا بدلاً من أصوات. بدأ في تطوير مجموعة من الرموز الأساسية التي تمثل مفاهيم أساسية مثل الإنسان، والحيوان، والطعام، والمشاعر. ثم قام بدمج هذه الرموز لإنشاء رموز أكثر تعقيدًا تمثل أفكارًا ومفاهيم أكثر تجريدًا.
أطلق بليس على نظامه اسم “علم المعاني” (Semantography)، ونشر كتابه الأول عن هذا النظام في عام 1949 بعنوان “علم المعاني: لغة بدون كلمات”. لم يلق كتابه استقبالًا واسع النطاق في البداية، لكنه ظل مصممًا على نشر فكرته.
في الستينيات من القرن الماضي، بدأت بليسيمبولس في اكتساب الاهتمام في كندا، وذلك بفضل جهود شيرلي ماكناوتن، وهي معالجة نطق تعمل مع الأطفال ذوي الإعاقات الجسدية. لاحظت ماكناوتن أن هؤلاء الأطفال يجدون صعوبة في تعلم اللغات المنطوقة والمكتوبة التقليدية، وقررت تجربة بليسيمبولس كوسيلة بديلة للتواصل.
اكتشفت ماكناوتن أن بليسيمبولس كانت فعالة جدًا في مساعدة الأطفال ذوي الإعاقات الجسدية على التواصل. تمكن الأطفال من تعلم الرموز بسرعة واستخدامها للتعبير عن احتياجاتهم ورغباتهم وأفكارهم. بدأت ماكناوتن في الترويج لبليسيمبولس في جميع أنحاء كندا وأسست مركز بليسيمبولس الكندي في عام 1975.
انتشر استخدام بليسيمبولس في جميع أنحاء العالم في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وأصبح يستخدم في مجموعة متنوعة من التطبيقات، بما في ذلك التواصل المعزز والبديل، والتعليم، والعلاج، والتواصل بين الثقافات.
مبادئ بليسيمبولس
تعتمد بليسيمبولس على عدد قليل من المبادئ الأساسية:
- الرمزية: تمثل الرموز في بليسيمبولس مفاهيم وأفكارًا، وليست أصواتًا.
- التركيب: يمكن دمج الرموز لإنشاء رموز أكثر تعقيدًا تمثل أفكارًا ومفاهيم أكثر تجريدًا.
- البساطة: الرموز بسيطة وسهلة التعلم والتذكر.
- العالمية: تهدف بليسيمبولس إلى أن تكون لغة عالمية يمكن للجميع فهمها بغض النظر عن لغتهم الأم.
مكونات بليسيمبولس
تتكون بليسيمبولس من ثلاثة أنواع رئيسية من الرموز:
- الرموز الأساسية: تمثل المفاهيم الأساسية مثل الإنسان، والحيوان، والطعام، والمشاعر.
- المعدلات: تستخدم لتعديل معنى الرموز الأساسية. على سبيل المثال، يمكن استخدام معدل للإشارة إلى أن الرمز يشير إلى الماضي أو المستقبل.
- المؤشرات: تستخدم لربط الرموز ببعضها البعض وإنشاء جمل.
يوجد حوالي 120 رمزًا أساسيًا في بليسيمبولس، ويمكن دمج هذه الرموز مع المعدلات والمؤشرات لإنشاء عدد غير محدود من الرموز الأكثر تعقيدًا.
استخدامات بليسيمبولس
تستخدم بليسيمبولس في مجموعة متنوعة من التطبيقات، بما في ذلك:
- التواصل المعزز والبديل (AAC): يستخدم بليسيمبولس لمساعدة الأشخاص ذوي الإعاقات الجسدية والكلامية على التواصل. يمكن للأشخاص استخدام بليسيمبولس للتعبير عن احتياجاتهم ورغباتهم وأفكارهم.
- التعليم: يستخدم بليسيمبولس لتعليم الأطفال ذوي صعوبات التعلم. يمكن أن يساعد بليسيمبولس الأطفال على فهم المفاهيم المجردة وتطوير مهارات القراءة والكتابة.
- العلاج: يستخدم بليسيمبولس في العلاج لمساعدة الأشخاص على التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم. يمكن أن يساعد بليسيمبولس الأشخاص على التعامل مع الصدمات النفسية وتحسين صحتهم العقلية.
- التواصل بين الثقافات: يمكن استخدام بليسيمبولس كوسيلة للتواصل بين الأشخاص الذين يتحدثون لغات مختلفة. نظرًا لأن بليسيمبولس يعتمد على الرموز بدلاً من الكلمات، فإنه يمكن أن يتجاوز الحواجز اللغوية ويسمح للأشخاص بالتواصل مع بعضهم البعض بغض النظر عن لغتهم الأم.
مزايا وعيوب بليسيمبولس
لبليسيمبولس العديد من المزايا والعيوب:
المزايا:
- سهولة التعلم: الرموز بسيطة وسهلة التعلم والتذكر.
- العالمية: يمكن للجميع فهم بليسيمبولس بغض النظر عن لغتهم الأم.
- المرونة: يمكن استخدام بليسيمبولس في مجموعة متنوعة من التطبيقات.
- التمكين: يمكن أن تمكن بليسيمبولس الأشخاص ذوي الإعاقات الجسدية والكلامية من التواصل والتعبير عن أنفسهم.
العيوب:
- الغموض: يمكن أن تكون الرموز غامضة في بعض الأحيان، وقد يكون من الصعب فهم المعنى المقصود.
- القيود: لا يمكن التعبير عن جميع المفاهيم والأفكار باستخدام بليسيمبولس.
- الاعتماد على التكنولوجيا: غالبًا ما يتطلب استخدام بليسيمبولس استخدام التكنولوجيا، مثل أجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية.
- قلة الدعم: لا يوجد الكثير من الدعم المتاح لبليسيمبولس مقارنة باللغات الأخرى.
التحديات المستقبلية
على الرغم من الفوائد العديدة التي تقدمها بليسيمبولس، إلا أنها تواجه العديد من التحديات المستقبلية. من بين هذه التحديات:
- زيادة الوعي: لا يزال بليسيمبولس غير معروف على نطاق واسع، وهناك حاجة إلى زيادة الوعي به بين الجمهور.
- تطوير الموارد: هناك حاجة إلى تطوير المزيد من الموارد التعليمية والتدريبية لبليسيمبولس.
- التكامل مع التكنولوجيا: هناك حاجة إلى دمج بليسيمبولس بشكل أفضل مع التكنولوجيا، مثل أجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية.
- توسيع نطاق الاستخدام: هناك حاجة إلى توسيع نطاق استخدام بليسيمبولس في مجموعة متنوعة من التطبيقات.
خاتمة
بليسيمبولس هي لغة اصطناعية فريدة من نوعها ولها تاريخ طويل ومثير للاهتمام. على الرغم من أنها تواجه بعض التحديات، إلا أنها تظل أداة قيمة للأشخاص ذوي الإعاقات الجسدية والكلامية، وكذلك لأولئك الذين يبحثون عن وسيلة للتواصل بين الثقافات. مع زيادة الوعي وتطوير الموارد، يمكن أن تلعب بليسيمبولس دورًا مهمًا في تعزيز التواصل والتفاهم بين الناس في جميع أنحاء العالم.