<![CDATA[
نشأته وحياته المهنية
ولد دونالد كيركباتريك في عام 1924. حصل على درجة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه من جامعة ويسكونسن. بدأ حياته المهنية في مجال التدريب والتطوير في الخمسينيات من القرن العشرين. عمل في مجموعة متنوعة من الصناعات، بما في ذلك الصناعات التحويلية والتأمين. كان شغوفًا بتطوير أساليب تقييم التدريب الفعالة. وقد أدرك الحاجة إلى نظام يمكنه قياس تأثير التدريب على المتدربين وعلى المنظمة ككل.
عمل كيركباتريك كمستشار للعديد من الشركات والمنظمات الحكومية. كما قام بالتدريس في جامعة ويسكونسن لسنوات عديدة. كان معروفًا بشخصيته الودودة وحماسه لتقييم التدريب. قدم مساهمات كبيرة في مجال التدريب والتطوير، مما جعله شخصية محورية في هذا المجال.
نموذج كيركباتريك لتقييم التدريب
يُعد نموذج كيركباتريك أحد أشهر نماذج تقييم التدريب في العالم. تم تطويره في الأصل في الخمسينيات من القرن العشرين، وتم تنقيحه وتحديثه على مر السنين. يقوم النموذج على أربعة مستويات من التقييم، كل منها يقدم نظرة ثاقبة مختلفة حول فعالية برنامج التدريب:
- المستوى الأول: رد الفعل (Reaction). يركز هذا المستوى على ما يفكر فيه المشاركون ويشعرون به حيال التدريب. يتم قياس ذلك عادةً من خلال استبيانات أو استطلاعات الرأي في نهاية البرنامج التدريبي. يتضمن هذا المستوى تقييم مدى استمتاع المشاركين بالتدريب، وما إذا كانوا يعتقدون أنه ذو قيمة.
- المستوى الثاني: التعلم (Learning). يقيس هذا المستوى مقدار المعرفة أو المهارات أو المواقف التي اكتسبها المشاركون نتيجة للتدريب. يتم تقييم ذلك عادةً من خلال الاختبارات أو الاختبارات القصيرة أو التقييمات الأخرى قبل وبعد التدريب. يهدف هذا المستوى إلى تحديد ما إذا كان المشاركون قد تعلموا بالفعل شيئًا جديدًا.
- المستوى الثالث: السلوك (Behavior). يركز هذا المستوى على التغييرات في سلوك المشاركين في العمل نتيجة للتدريب. يتم تقييم ذلك من خلال الملاحظات من المشرفين أو الزملاء، أو من خلال تقييمات الأداء قبل وبعد التدريب. يتضمن هذا المستوى تحليل ما إذا كان المشاركون يطبقون ما تعلموه في بيئة العمل.
- المستوى الرابع: النتائج (Results). يقيس هذا المستوى النتائج الملموسة التي تحققت نتيجة للتدريب. يشمل ذلك تحسينات في الإنتاجية، أو انخفاض معدل دوران الموظفين، أو زيادة رضا العملاء، أو أي أهداف أخرى ذات صلة بالعمل. يهدف هذا المستوى إلى تحديد قيمة التدريب للمنظمة.
يقدم نموذج كيركباتريك إطارًا شاملاً لتقييم التدريب. فهو يساعد المدربين والمنظمات على فهم مدى فعالية برامجهم التدريبية. من خلال جمع البيانات على مستويات متعددة، يمكن للمنظمات تحديد نقاط القوة والضعف في برامجها التدريبية وإجراء التعديلات اللازمة لتحسين النتائج.
تطبيقات نموذج كيركباتريك
يستخدم نموذج كيركباتريك في مجموعة متنوعة من السياقات، بما في ذلك:
- تقييم برامج التدريب على المهارات: يمكن استخدامه لتقييم برامج التدريب على المهارات الفنية أو القيادية.
- تقييم برامج التدريب على السلامة: يمكن استخدامه لتقييم برامج التدريب على السلامة في مكان العمل.
- تقييم برامج تطوير الموظفين: يمكن استخدامه لتقييم برامج تطوير الموظفين، مثل برامج الإعداد والتوجيه.
- تحسين العائد على الاستثمار في التدريب: يساعد النموذج في تحديد ما إذا كان التدريب يستحق التكلفة، وتحديد كيفية تحسين النتائج.
يوفر نموذج كيركباتريك إطارًا مرنًا يمكن تكييفه ليناسب مجموعة متنوعة من برامج التدريب والمنظمات. يمكن استخدامه لتقييم التدريب في أي صناعة أو قطاع.
مزايا وعيوب نموذج كيركباتريك
المزايا:
- البساطة: النموذج سهل الفهم والاستخدام.
- الشمولية: يوفر إطارًا شاملاً لتقييم التدريب.
- المرونة: يمكن تكييفه ليناسب مجموعة متنوعة من برامج التدريب.
- التركيز على النتائج: يساعد على تحديد قيمة التدريب للمنظمة.
العيوب:
- التركيز على القياس الكمي: يركز على القياس الكمي، مما قد يؤدي إلى إغفال الجوانب النوعية للتدريب.
- التعقيد: قد يكون جمع البيانات على جميع المستويات الأربعة أمرًا معقدًا ويستغرق وقتًا طويلاً.
- العلاقة السببية: قد يكون من الصعب إثبات العلاقة السببية بين التدريب والنتائج، خاصة في المستويات العليا من النموذج.
- العوامل الخارجية: قد تتأثر النتائج بعوامل خارجية غير مرتبطة بالتدريب.
على الرغم من هذه العيوب، يظل نموذج كيركباتريك أداة قيمة لتقييم التدريب.
تأثير نموذج كيركباتريك
كان لنموذج كيركباتريك تأثير كبير على مجال التدريب والتطوير. فقد ساعد على تحويل طريقة تقييم التدريب. قبل تطوير النموذج، كان تقييم التدريب غالبًا ما يقتصر على قياس ردود فعل المشاركين. قدم نموذج كيركباتريك إطارًا أكثر شمولاً لتقييم التدريب، مما سمح للمدربين والمنظمات بفهم تأثير برامجهم التدريبية بشكل أفضل. ساعد النموذج أيضًا على زيادة الاهتمام بالعائد على الاستثمار في التدريب، مما دفع المنظمات إلى التركيز على النتائج.
أصبح نموذج كيركباتريك معيارًا ذهبيًا لتقييم التدريب. لا يزال يستخدم على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، وقد ساعد على تحسين جودة برامج التدريب وتحسين نتائج التعلم.
تطور النموذج والتعديلات عليه
على الرغم من أن نموذج كيركباتريك الأساسي قد ظل دون تغيير نسبيًا منذ تطويره، فقد تم إجراء بعض التعديلات والتحديثات عليه على مر السنين. أحد التعديلات الأكثر شيوعًا هو إضافة المستوى الخامس، الذي يركز على العائد على الاستثمار (ROI) في التدريب. يهدف هذا المستوى إلى تحديد قيمة التدريب من حيث الأرباح أو المدخرات المالية.
تم اقتراح تعديلات أخرى على النموذج، بما في ذلك:
- نموذج كيركباتريك الموسع: يتضمن هذا النموذج مستويات إضافية لتقييم التدريب، مثل مستوى “التطبيق” الذي يقيم كيفية تطبيق المشاركين للمعرفة والمهارات المكتسبة في بيئة العمل.
- نموذج فيليبس (Phillips): قام جاك فيليبس بتوسيع نموذج كيركباتريك ليشمل حساب العائد على الاستثمار (ROI) في التدريب.
على الرغم من هذه التعديلات، لا يزال نموذج كيركباتريك الأصلي هو الأكثر استخدامًا على نطاق واسع.
إرث دونالد كيركباتريك
ترك دونالد كيركباتريك إرثًا دائمًا في مجال التدريب والتطوير. ساهم عمله في تحسين جودة برامج التدريب وتحسين نتائج التعلم. يعتبر نموذج كيركباتريك أداة أساسية للمدربين والمنظمات في جميع أنحاء العالم. لقد أثر عمله على ممارسات التدريب والتطوير لسنوات عديدة، وسيستمر في التأثير عليها في المستقبل.
نصائح لتطبيق نموذج كيركباتريك
لتطبيق نموذج كيركباتريك بفعالية، ضع في اعتبارك النصائح التالية:
- تحديد الأهداف: قبل بدء التدريب، حدد أهدافًا واضحة وقابلة للقياس.
- اختيار الأساليب المناسبة: اختر أساليب التقييم المناسبة لكل مستوى من مستويات النموذج.
- جمع البيانات بانتظام: اجمع البيانات بانتظام خلال فترة التدريب وبعدها.
- تحليل البيانات: قم بتحليل البيانات لتحديد نقاط القوة والضعف في برنامج التدريب.
- اتخاذ الإجراءات التصحيحية: بناءً على نتائج التقييم، اتخذ الإجراءات التصحيحية لتحسين برنامج التدريب.
باتباع هذه النصائح، يمكنك استخدام نموذج كيركباتريك لتقييم برامج التدريب بفعالية وتحسين نتائج التعلم.
خاتمة
دونالد كيركباتريك كان رائداً في مجال التدريب والتطوير، وقدّم مساهمات كبيرة في هذا المجال. يُعد نموذج كيركباتريك لتقييم التدريب إرثًا دائمًا له. يظل هذا النموذج أداة قيّمة للمدربين والمنظمات في جميع أنحاء العالم لتقييم فعالية برامج التدريب وتحسينها. على الرغم من بعض القيود، فإن نموذج كيركباتريك لا يزال أداة أساسية لفهم تأثير التدريب على المشاركين والمنظمة ككل.