نبذة عن الاتفاقية
تهدف اتفاقية تحديد أماكن البحارة، 1920، إلى ضمان توفير خدمات توظيف بحارة فعالة ومنظمة، وحماية البحارة من الممارسات غير العادلة أو الاحتيالية التي قد تنشأ عن عمليات التوظيف. تتناول الاتفاقية جوانب مختلفة تتعلق بتوظيف البحارة، بدءًا من إنشاء مكاتب توظيف عامة مجانية إلى تنظيم عمل مكاتب التوظيف الخاصة.
تعتبر هذه الاتفاقية جزءًا من مجموعة الاتفاقيات التي وضعتها منظمة العمل الدولية بهدف تحسين ظروف عمل البحارة وحماية حقوقهم. وقد تم تعديلها وتنقيحها لاحقًا باتفاقيات أخرى أكثر شمولاً وحديثة، مثل اتفاقية العمل البحري، 2006.
أهداف الاتفاقية
تسعى اتفاقية تحديد أماكن البحارة، 1920، إلى تحقيق الأهداف التالية:
- إنشاء مكاتب توظيف عامة مجانية: تلتزم الدول الأعضاء بإنشاء مكاتب توظيف عامة للبحارة تعمل بشكل مجاني، بهدف تسهيل عملية إيجاد فرص عمل مناسبة لهم.
- تنظيم مكاتب التوظيف الخاصة: في حال وجود مكاتب توظيف خاصة للبحارة، يجب أن تخضع لرقابة صارمة من قبل السلطات المختصة، وأن تعمل وفقًا لقواعد ولوائح محددة تضمن حماية حقوق البحارة.
- منع الممارسات غير العادلة: تحظر الاتفاقية أي ممارسات غير عادلة أو احتيالية قد تستغل البحارة أثناء عملية التوظيف، مثل فرض رسوم غير مبررة أو تقديم معلومات مضللة حول شروط العمل.
- ضمان المؤهلات المناسبة: تشجع الاتفاقية على التأكد من أن البحارة الذين يتم توظيفهم يمتلكون المؤهلات والشهادات اللازمة للقيام بالمهام المطلوبة على متن السفن.
- توفير معلومات دقيقة: تلزم الاتفاقية مكاتب التوظيف بتوفير معلومات دقيقة وكاملة للبحارة حول شروط العمل، بما في ذلك الأجور، وساعات العمل، وظروف المعيشة على متن السفينة.
أحكام الاتفاقية
تتضمن اتفاقية تحديد أماكن البحارة، 1920، مجموعة من الأحكام التي تحدد التزامات الدول الأعضاء بشأن توظيف البحارة. تشمل هذه الأحكام:
- المادة 1: تلتزم كل دولة عضو في منظمة العمل الدولية تصدق على هذه الاتفاقية بإنشاء مكاتب عامة مجانية لتحديد أماكن البحارة.
- المادة 2: تخضع عمليات تحديد أماكن البحارة لرقابة السلطات المختصة، سواء كانت تتم عن طريق مكاتب عامة أو خاصة.
- المادة 3: يجب أن يكون لدى كل مكتب لتحديد أماكن البحارة سجل دقيق بأسماء البحارة الذين يسعون للحصول على عمل وأسماء السفن التي تبحث عن بحارة.
- المادة 4: يجب أن تكون خدمات تحديد أماكن البحارة مجانية للبحارة.
- المادة 5: تحظر الاتفاقية أي شكل من أشكال التمييز بين البحارة على أساس الجنسية أو الدين أو العرق.
- المادة 6: يجب على الدول الأعضاء اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان حصول البحارة على معلومات دقيقة حول شروط العمل قبل توقيع عقود العمل.
- المادة 7: يجب على الدول الأعضاء التعاون مع بعضها البعض لضمان توفير خدمات توظيف فعالة للبحارة عبر الحدود.
التصديقات
حتى الآن، صدقت العديد من الدول على اتفاقية تحديد أماكن البحارة، 1920، مما يعكس التزامها بتحسين ظروف عمل البحارة وحماية حقوقهم. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن بعض الدول اختارت عدم التصديق على هذه الاتفاقية، أو قامت بسحب تصديقها لاحقًا، ربما بسبب وجود قوانين وطنية تتعارض مع أحكام الاتفاقية، أو بسبب تفضيلها للالتزام باتفاقيات أخرى أكثر حداثة وشمولاً.
من المهم ملاحظة أن التصديق على اتفاقية دولية لا يعني بالضرورة التنفيذ الكامل لأحكامها على أرض الواقع. ففي بعض الحالات، قد تواجه الدول صعوبات في تطبيق بعض أحكام الاتفاقية بسبب القيود المالية أو المؤسسية، أو بسبب مقاومة من أصحاب المصالح. لذلك، من الضروري أن تراقب منظمة العمل الدولية بانتظام مدى امتثال الدول الأعضاء لالتزاماتها بموجب الاتفاقيات التي صدقت عليها.
التطورات اللاحقة
مع مرور الوقت، ظهرت اتفاقيات أخرى أكثر شمولاً وحديثة تتناول قضايا توظيف البحارة بشكل أوسع. من أبرز هذه الاتفاقيات:
- اتفاقية العمل البحري، 2006: تعتبر هذه الاتفاقية بمثابة “الركيزة الرابعة” للقانون البحري الدولي، حيث تجمع بين معظم الاتفاقيات والتوصيات السابقة لمنظمة العمل الدولية المتعلقة بالبحارة في وثيقة واحدة شاملة. تغطي هذه الاتفاقية جوانب مختلفة من عمل البحارة، بما في ذلك شروط العمل، والحماية الاجتماعية، والسلامة والصحة المهنية، وتسهيلات الرعاية الاجتماعية.
- اتفاقية توظيف وترخيص البحارة، 1978 (المعدلة في 1995): تحدد هذه الاتفاقية المعايير الدنيا لتدريب البحارة وترخيصهم، وتضمن حصولهم على المؤهلات اللازمة للقيام بالمهام المطلوبة على متن السفن.
تهدف هذه الاتفاقيات الحديثة إلى توفير حماية أفضل للبحارة، وضمان حصولهم على ظروف عمل عادلة ولائقة، وتعزيز السلامة والأمن في الصناعة البحرية.
تأثير الاتفاقية
على الرغم من أن اتفاقية تحديد أماكن البحارة، 1920، قد تبدو قديمة بعض الشيء في ضوء الاتفاقيات الأحدث والأكثر شمولاً، إلا أنها لعبت دورًا مهمًا في تاريخ حماية حقوق البحارة. فقد ساهمت في:
- رفع مستوى الوعي: ساعدت الاتفاقية في تسليط الضوء على أهمية توفير خدمات توظيف فعالة ومنظمة للبحارة، وحماية حقوقهم من الممارسات غير العادلة.
- وضع معايير دولية: ساهمت الاتفاقية في وضع معايير دولية لتنظيم عمليات توظيف البحارة، مما أثر على التشريعات الوطنية في العديد من الدول.
- تمهيد الطريق لاتفاقيات لاحقة: مهدت الاتفاقية الطريق لاعتماد اتفاقيات أخرى أكثر شمولاً وحديثة، مثل اتفاقية العمل البحري، 2006، التي تعتبر اليوم المعيار الدولي الرئيسي لحماية حقوق البحارة.
بشكل عام، يمكن القول أن اتفاقية تحديد أماكن البحارة، 1920، كانت خطوة مهمة نحو تحسين ظروف عمل البحارة وحماية حقوقهم، على الرغم من أنها قد تجاوزتها التطورات اللاحقة في القانون البحري الدولي.
التحديات المستمرة
على الرغم من التقدم الكبير الذي تم إحرازه في مجال حماية حقوق البحارة، لا تزال هناك بعض التحديات التي تواجه هذه الفئة من العمال. تشمل هذه التحديات:
- صعوبة التنفيذ: قد يكون من الصعب تنفيذ أحكام الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالبحارة بشكل فعال في جميع أنحاء العالم، بسبب الاختلافات في القوانين والأنظمة الوطنية، ونقص الموارد، وصعوبة الوصول إلى السفن التي تعمل في المياه الدولية.
- الاستغلال والانتهاكات: لا يزال بعض البحارة يتعرضون للاستغلال والانتهاكات، مثل الأجور المنخفضة، وساعات العمل الطويلة، وظروف المعيشة غير الصحية، وعدم الحصول على الرعاية الطبية المناسبة.
- القرصنة والتهديدات الأمنية: يواجه البحارة تهديدات أمنية متزايدة، مثل القرصنة والهجمات الإرهابية، مما يعرض حياتهم للخطر.
- التغيرات التكنولوجية: تتسبب التغيرات التكنولوجية في الصناعة البحرية في تغيير طبيعة عمل البحارة، مما يتطلب منهم اكتساب مهارات جديدة والتكيف مع التحديات الجديدة.
يتطلب التغلب على هذه التحديات بذل جهود متواصلة من قبل الحكومات، ومنظمات أصحاب العمل، ومنظمات العمال، والمنظمات الدولية، لضمان حصول البحارة على الحماية التي يستحقونها.
خاتمة
اتفاقية تحديد أماكن البحارة، 1920، تمثل علامة فارقة في تاريخ حماية حقوق البحارة. على الرغم من ظهور اتفاقيات أحدث وأكثر شمولاً، إلا أن هذه الاتفاقية ساهمت في رفع مستوى الوعي بأهمية توفير خدمات توظيف منظمة للبحارة، ووضع معايير دولية لتنظيم عمليات التوظيف، وتمهيد الطريق لاتفاقيات لاحقة. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات مستمرة تواجه البحارة في جميع أنحاء العالم، مما يتطلب بذل جهود متواصلة لضمان حصولهم على الحماية التي يستحقونها.