نشأته وبداياته
ولد وليام هربرت والاس في منطقة أرجنتين في ليفربول، إنجلترا. عمل في الأصل كبائع، ثم انضم إلى شركة التأمين. كان رجلاً هادئاً ومنضبطاً، يتمتع بحياة هادئة نسبيًا قبل الأحداث التي غيرت حياته بشكل جذري. لم يكن لديه تاريخ جنائي أو أي سجلات تشير إلى العنف أو السلوك غير السوي.
الزواج والأسرة
تزوج والاس من جوليا في عام 1914. كان الزوجان يتمتعان بحياة هادئة في ليفربول. اشتهرا بكونهما زوجين ملتزمين ومرتبطين ببعضهما البعض. كانت جوليا امرأة تحظى باحترام كبير في مجتمعها، وعُرف عنها تفانيها في الأعمال الخيرية. لم يكن لديهما أطفال.
جريمة القتل
في 19 يناير 1931، تلقى والاس مكالمة هاتفية غريبة في مكان عمله من شخص مجهول يُعرف باسم “رجل مجهول” (Mr. Qualtrough). طلب المتصل من والاس الحضور إلى عنوان في شارع مينستير في ليفربول، مدعياً أنه يريد مقابلة والاس بشأن بوليصة تأمين. عندما وصل والاس إلى العنوان المحدد، لم يجد أي شخص أو دليل على وجود أي شخص هناك. بعد فترة وجيزة من عودته إلى منزله، اكتشف والاس زوجته جوليا مقتولة في غرفة المعيشة. كانت قد تعرضت للضرب المبرح.
التحقيق
باشرت الشرطة تحقيقاً في جريمة القتل. ركز التحقيق على والاس، على الرغم من عدم وجود دليل مباشر يربطه بالجريمة. عثرت الشرطة على بعض الأدلة الظرفية، مثل مسار رحلة والاس في ذلك المساء وتوقيت وصوله إلى العنوان الذي تلقى فيه المكالمة الهاتفية. بالإضافة إلى ذلك، تم العثور على بقع دماء في مكان الحادث، ولكن لم يتم العثور على سلاح الجريمة.
ركز المحققون على التناقضات في أقوال والاس وعلى حقيقة أنه كان المستفيد الوحيد من بوليصة التأمين على حياة زوجته. كما فحصوا سلوكه بعد اكتشاف الجريمة، والذي وصف بأنه هادئ ومتحكم فيه بشكل غير عادي.
المحاكمة
بدأت محاكمة والاس في أبريل 1931. قدم الادعاء قضية تعتمد بشكل كبير على الأدلة الظرفية. جادلوا بأن والاس قتل زوجته للحصول على المال من بوليصة التأمين الخاصة بها. لم يتم العثور على سلاح الجريمة أو أي دليل مباشر يربط والاس بالجريمة، لكن المدعين العامين أكدوا على سلوك والاس الغريب بعد اكتشاف الجريمة، وادعوا أنه تصرف بطريقة توحي بالذنب.
دافع والاس عن براءته بحزم. زعم أنه لم يكن لديه سبب لقتل زوجته، وأنه لم يكن على علم بأي شيء يتعلق بالمكالمة الهاتفية أو بالجريمة حتى عودته إلى المنزل. ومع ذلك، أدانته هيئة المحلفين في مايو 1931.
الإدانة والإفراج المشروط
حكم على والاس بالإعدام شنقاً، ولكن بعد حملة عامة ضخمة، ألغت محكمة الاستئناف الإدانة في أكتوبر 1931. وأشارت المحكمة إلى أن الأدلة الظرفية وحدها لم تكن كافية للإدانة، وأن هناك شكوكًا جدية حول ذنب والاس. على الرغم من تبرئته، إلا أنه لم تتم تبرئته بالكامل، وظل يُنظر إليه على أنه مشتبه به رئيسي في جريمة القتل.
بعد الإفراج عنه، عاد والاس إلى حياته في ليفربول. توفي في فبراير 1933، بعد عامين من تبرئته من تهمة القتل. لم يتم العثور على القاتل الحقيقي لجوليا والاس أبداً.
نظريات حول القضية
أثارت قضية والاس اهتماماً كبيراً على مر السنين، ولا يزال المحققون والباحثون يهتمون بها. ظهرت العديد من النظريات حول القضية، بما في ذلك:
- فرضية “رجل مجهول”: تفترض هذه النظرية أن “رجل مجهول” هو القاتل. ويدعم هذه النظرية حقيقة أن والاس تلقى مكالمة هاتفية تطلب منه مغادرة المنزل، مما سمح للقاتل بالوصول إلى المنزل وقتل جوليا.
- فرضية السرقة: تفترض هذه النظرية أن جريمة القتل كانت عملية سطو تحولت إلى قتل. ربما دخل اللصوص إلى المنزل في محاولة للسرقة، وعندما قاومت جوليا، قاموا بقتلها.
- فرضية الانتقام: تفترض هذه النظرية أن جوليا كانت لديها أعداء ربما قاموا بقتلها.
على الرغم من هذه النظريات، لم يتم حل القضية بشكل قاطع، ولا يزال لغزاً قائماً.
تأثير القضية
أثرت قضية والاس بشكل كبير على القانون الجنائي البريطاني، وتحديداً فيما يتعلق بالأدلة الظرفية. أثارت القضية نقاشاً حول مدى كفاية الأدلة الظرفية لإدانة المتهمين، وأدت إلى مراجعة معايير الإثبات في المحاكم. كما أثرت القضية على الثقافة الشعبية، وألهمت العديد من الكتب والأفلام والمسلسلات التلفزيونية. ولا تزال القضية موضوعاً للتحقيق والاهتمام حتى اليوم.
العوامل التي أدت إلى الإدانة
هناك عدة عوامل ساهمت في إدانة والاس، على الرغم من عدم وجود دليل مباشر ضده:
- الأدلة الظرفية: اعتمدت القضية بشكل كبير على الأدلة الظرفية، بما في ذلك مسار رحلة والاس، وتوقيت المكالمة الهاتفية، وسلوكه بعد اكتشاف الجريمة.
- التناقضات: تم التركيز على التناقضات في أقوال والاس.
- بوليصة التأمين: كان والاس المستفيد الوحيد من بوليصة التأمين على حياة زوجته، مما خلق دافعاً محتملاً للجريمة.
- الافتقار إلى الدفاع القوي: لم يكن لدى والاس فريق دفاع قوي، مما أضر بقضيته.
العوامل التي أدت إلى التبرئة
على الرغم من إدانته في البداية، تم تبرئة والاس في محكمة الاستئناف. كان هناك عدد من العوامل التي أدت إلى ذلك:
- عدم وجود دليل مباشر: لم يكن هناك دليل مباشر يربط والاس بالجريمة.
- الشك: وجدت محكمة الاستئناف أن هناك شكوكاً كبيرة حول ذنب والاس.
- الأدلة غير الحاسمة: اعتبرت الأدلة الظرفية المستخدمة ضد والاس غير حاسمة.
تحليل القضية
تعد قضية والاس مثالاً معقداً على نظام العدالة الجنائية. يثير أسئلة حول طبيعة الأدلة، ودور الأدلة الظرفية، وأهمية الشك في نظام العدالة. تذكرنا هذه القضية بأنه حتى في القضايا التي تبدو واضحة، يجب أن يكون هناك دائماً مجال للشك.
على الرغم من مرور سنوات عديدة، لا يزال لغز من قتل جوليا والاس قائماً. تثير القضية أسئلة مهمة حول الأدلة والإدانة والعدالة، وتستمر في إثارة اهتمام الجمهور.
العناصر الأساسية في القضية
تتضمن القضية العديد من العناصر الأساسية التي ساهمت في تعقيدها:
- “رجل مجهول”: المكالمة الهاتفية الغامضة التي تلقاها والاس والتي أدت إلى إبعاده عن المنزل.
- الأدلة المادية المحدودة: عدم وجود سلاح الجريمة، وقلة الأدلة المادية القاطعة.
- سلوك والاس: سلوك والاس الغريب بعد اكتشاف الجريمة، والذي اعتبره البعض علامة على الذنب.
- الأدلة الظرفية: الاعتماد الكبير على الأدلة الظرفية بدلاً من الأدلة المباشرة.
- الشك: الشك الذي أدى إلى تبرئة والاس في محكمة الاستئناف.
الأسئلة المفتوحة
لا تزال هناك العديد من الأسئلة المفتوحة حول قضية والاس، بما في ذلك:
- من هو “رجل مجهول”؟
- ما هو الدافع الحقيقي للجريمة؟
- أين سلاح الجريمة؟
- هل كان والاس بريئاً حقاً؟
خاتمة
كانت قضية ويليام هربرت والاس واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في تاريخ الجريمة البريطانية. على الرغم من إدانته في البداية بقتل زوجته، تم تبرئته في وقت لاحق في محكمة الاستئناف، وظل الغموض يلف القضية حتى يومنا هذا. لا يزال التحقيق في هذه القضية مفتوحًا، ولا تزال النظريات تتشكل حول من ارتكب الجريمة وما هي الدوافع. تُظهر هذه القضية تعقيد العدالة الجنائية، وتثير أسئلة حول طبيعة الأدلة والشك في نظام العدالة.