تاريخ وتطوير برستو-ماتيك
في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، كانت صناعة السيارات في الولايات المتحدة تشهد تطورات سريعة في مجال ناقلات الحركة. كانت ناقلات الحركة الأوتوماتيكية الكاملة في بداياتها، وكانت شركة جنرال موتورز رائدة في هذا المجال مع ناقل الحركة “هيدراماتيك”. ومع ذلك، كانت هذه الناقلات مكلفة ومعقدة، مما جعلها غير متاحة للعديد من المستهلكين. لذلك، سعت كرايسلر إلى تطوير حل بديل يجمع بين سهولة الاستخدام وتكلفة معقولة، مما أدى إلى ظهور ناقل الحركة برستو-ماتيك.
تم تقديم برستو-ماتيك لأول مرة في عام 1946 في سيارات كرايسلر ودودج ودي سوتو وبليموث. وقد تم تسويقه على أنه حل وسط بين ناقل الحركة اليدوي التقليدي وناقل الحركة الأوتوماتيكي الكامل. كان الهدف هو توفير تجربة قيادة أكثر راحة وسهولة، خاصة في ظروف القيادة المرورية المزدحمة، دون الحاجة إلى التكلفة العالية لناقل الحركة الأوتوماتيكي الكامل.
كيفية عمل برستو-ماتيك
يعمل ناقل الحركة برستو-ماتيك بطريقة فريدة تجمع بين عناصر ناقل الحركة اليدوي والأوتوماتيكي. إليك شرح مبسط لكيفية عمله:
- الانطلاق: يبدأ السائق بالضغط على دواسة القابض وتحريك ذراع ناقل الحركة إلى وضع “L” (منخفض). عند رفع دواسة القابض، تبدأ السيارة في التحرك باستخدام نسبة التروس المنخفضة.
- التبديل إلى الترس الثاني: عند الوصول إلى سرعة معينة، يرفع السائق قدمه عن دواسة الوقود، مما يؤدي إلى تبديل ناقل الحركة تلقائيًا إلى الترس الثاني. لا يتطلب هذا الإجراء استخدام القابض.
- التبديل إلى الترس الثالث والرابع (في بعض الإصدارات): في بعض الإصدارات من برستو-ماتيك، كان هناك وضع “H” (عالي) يمكن استخدامه بعد التبديل إلى الترس الثاني. عند وضع ذراع ناقل الحركة في وضع “H”، كان النظام يسمح بالتبديل بين الترسين الثالث والرابع تلقائيًا بنفس الطريقة التي يتم بها التبديل بين الترسين الأول والثاني.
- التوقف: عند التوقف، يجب على السائق الضغط على دواسة القابض لمنع توقف المحرك، تمامًا كما هو الحال في ناقل الحركة اليدوي التقليدي.
بشكل عام، يتطلب برستو-ماتيك من السائق استخدام القابض فقط عند الانطلاق والتوقف، مما يقلل بشكل كبير من الحاجة إلى استخدام القابض مقارنة بناقل الحركة اليدوي التقليدي. ومع ذلك، لم يكن أوتوماتيكيًا بالكامل مثل ناقل الحركة الأوتوماتيكي الكامل، الذي كان يقوم بجميع عمليات التبديل تلقائيًا دون تدخل السائق.
مزايا وعيوب برستو-ماتيك
مثل أي نظام آخر، كان لناقل الحركة برستو-ماتيك مزايا وعيوب:
المزايا:
- سهولة الاستخدام: كان برستو-ماتيك أسهل في الاستخدام من ناقل الحركة اليدوي التقليدي، حيث كان يتطلب استخدام القابض فقط عند الانطلاق والتوقف.
- تكلفة أقل: كان برستو-ماتيك أقل تكلفة من ناقل الحركة الأوتوماتيكي الكامل، مما جعله خيارًا جذابًا للمستهلكين الذين يبحثون عن ناقل حركة سهل الاستخدام بسعر معقول.
- كفاءة الوقود: في بعض الحالات، كان برستو-ماتيك أكثر كفاءة في استهلاك الوقود من ناقل الحركة الأوتوماتيكي الكامل في ذلك الوقت.
العيوب:
- ليس أوتوماتيكيًا بالكامل: كان برستو-ماتيك لا يزال يتطلب بعض التدخل من السائق، مما يجعله أقل ملاءمة من ناقل الحركة الأوتوماتيكي الكامل.
- تعقيد الصيانة: على الرغم من أنه كان يُفترض أن يكون أبسط من ناقل الحركة الأوتوماتيكي الكامل، إلا أن برستو-ماتيك كان لا يزال معقدًا نسبيًا، مما قد يجعل الصيانة والإصلاح أكثر صعوبة.
- تجربة قيادة غير مألوفة: قد يجد بعض السائقين أن تجربة القيادة باستخدام برستو-ماتيك غير مألوفة أو مربكة، خاصة إذا كانوا معتادين على ناقلات الحركة اليدوية أو الأوتوماتيكية التقليدية.
السيارات التي استخدمت برستو-ماتيك
تم استخدام ناقل الحركة برستو-ماتيك في مجموعة متنوعة من سيارات كرايسلر خلال الفترة من 1946 إلى 1953، بما في ذلك:
- كرايسلر (Chrysler)
- دودج (Dodge)
- دي سوتو (DeSoto)
- بليموث (Plymouth)
وقد تم تقديم برستو-ماتيك كخيار في العديد من الطرازات المختلفة من هذه العلامات التجارية، مما يجعله متاحًا لمجموعة واسعة من المستهلكين.
بدائل برستو-ماتيك
في الوقت الذي تم فيه تقديم برستو-ماتيك، كانت هناك العديد من البدائل الأخرى المتاحة في السوق، بما في ذلك:
- ناقل الحركة اليدوي التقليدي: كان هذا هو الخيار الأكثر شيوعًا والأقل تكلفة، ولكنه يتطلب من السائق استخدام القابض وذراع ناقل الحركة بشكل متكرر.
- ناقل الحركة الأوتوماتيكي الكامل (مثل هيدراماتيك): كان هذا الخيار الأكثر راحة وسهولة في الاستخدام، ولكنه كان أيضًا الأكثر تكلفة.
- ناقلات الحركة شبه الأوتوماتيكية الأخرى: كانت هناك بعض ناقلات الحركة شبه الأوتوماتيكية الأخرى المتاحة في السوق، ولكنها لم تكن شائعة مثل برستو-ماتيك.
يعتبر برستو-ماتيك مثالًا على الجهود التي بذلتها شركات صناعة السيارات في ذلك الوقت لتطوير حلول وسط بين ناقل الحركة اليدوي التقليدي وناقل الحركة الأوتوماتيكي الكامل، بهدف توفير تجربة قيادة أكثر راحة وسهولة للمستهلكين.
برستو-ماتيك في الثقافة الشعبية
على الرغم من أن برستو-ماتيك لم يحقق نفس مستوى الشهرة الذي حققته بعض ناقلات الحركة الأخرى، إلا أنه لا يزال يمثل جزءًا مهمًا من تاريخ صناعة السيارات الأمريكية. غالبًا ما يتم تذكره من قبل هواة السيارات القديمة ومحبي التاريخ باعتباره ابتكارًا فريدًا ومحاولة مبكرة لتطوير ناقل حركة أوتوماتيكي أكثر سهولة في الاستخدام.
يمكن العثور على سيارات مجهزة بناقل الحركة برستو-ماتيك في العديد من معارض السيارات القديمة والمتاحف، مما يسمح للزوار برؤية هذا الابتكار الفريد عن قرب وتقدير الهندسة والتصميم الذي كان وراءه.
تأثير برستو-ماتيك على صناعة السيارات
على الرغم من أن برستو-ماتيك لم يستمر طويلًا في الإنتاج، إلا أنه ساهم في تطوير ناقلات الحركة الأوتوماتيكية في المستقبل. فقد أظهر أن هناك طلبًا على ناقلات الحركة التي تكون أسهل في الاستخدام من ناقلات الحركة اليدوية التقليدية، وأن المستهلكين كانوا على استعداد لدفع المزيد مقابل هذه الميزة. كما ساعد في تمهيد الطريق لابتكارات أخرى في مجال ناقلات الحركة، مثل ناقلات الحركة الأوتوماتيكية بالكامل التي أصبحت شائعة في وقت لاحق.
بالإضافة إلى ذلك، ساهم برستو-ماتيك في تعزيز مكانة كرايسلر كشركة رائدة في مجال الابتكار التكنولوجي في صناعة السيارات. فقد أظهر أن الشركة كانت على استعداد لتجربة تقنيات جديدة ومختلفة، وأنها كانت ملتزمة بتوفير أفضل تجربة قيادة ممكنة لعملائها.
صيانة وإصلاح برستو-ماتيك اليوم
نظرًا لأن برستو-ماتيك لم يعد قيد الإنتاج منذ عقود، فقد يكون من الصعب العثور على قطع الغيار أو الفنيين المتخصصين في صيانته وإصلاحه. ومع ذلك، لا يزال هناك عدد قليل من الهواة والميكانيكيين المتخصصين الذين لديهم خبرة في العمل مع هذه الأنواع من ناقلات الحركة. إذا كنت تمتلك سيارة مجهزة بناقل الحركة برستو-ماتيك، فمن المهم العثور على ميكانيكي متخصص لديه الخبرة والمعرفة اللازمة لصيانة وإصلاح سيارتك بشكل صحيح.
بالإضافة إلى ذلك، قد يكون من الضروري البحث عن قطع الغيار المستعملة أو المعاد تصنيعها، حيث أن قطع الغيار الجديدة لم تعد متاحة. يمكن العثور على هذه الأنواع من قطع الغيار من خلال نوادي السيارات القديمة أو الموردين المتخصصين في قطع غيار السيارات الكلاسيكية.
خاتمة
كان برستو-ماتيك ناقل حركة شبه أوتوماتيكي فريدًا من نوعه تم إنتاجه بواسطة شركة كرايسلر من عام 1946 إلى عام 1953. كان يمثل حلاً وسطًا بين ناقل الحركة اليدوي التقليدي وناقل الحركة الأوتوماتيكي الكامل، بهدف توفير تجربة قيادة أكثر سهولة وراحة للمستهلكين. على الرغم من أنه لم يحقق نفس مستوى النجاح الذي حققته بعض ناقلات الحركة الأخرى، إلا أنه لا يزال يمثل جزءًا مهمًا من تاريخ صناعة السيارات الأمريكية وقد ساهم في تطوير ناقلات الحركة الأوتوماتيكية في المستقبل.