حياتها المبكرة وتعليمها
ولدت إميلي جيرارد في لونجسايد، أبردينشاير، اسكتلندا، لعائلة اسكتلندية مرموقة. كانت والدتها ماري آن ماكفيرسون، ووالدها أرشيبالد جيرارد، الذي كان يعمل في الخدمة المدنية البريطانية. تلقت إميلي تعليمًا جيدًا في المنزل، حيث تعلمت اللغات والأدب والتاريخ. أظهرت منذ صغرها اهتمامًا كبيرًا بالكتابة والسرد القصصي.
في شبابها، سافرت جيرارد على نطاق واسع في أوروبا مع عائلتها، مما أتاح لها التعرف على ثقافات مختلفة. أثرت هذه التجارب بشكل كبير على كتاباتها اللاحقة، حيث استلهمت منها العديد من الأفكار والمواضيع.
الإقامة في النمسا والمجر
في عام 1869، تزوجت إميلي جيرارد من الضابط النمساوي لازار بولوز دي ريميزان، وانتقلت معه إلى النمسا-المجر. عاشت هناك لعدة سنوات، مما أتاح لها فرصة التعمق في ثقافة المنطقة وعاداتها وتقاليدها. أتقنت اللغة الألمانية واللغات المحلية الأخرى، مما ساعدها على التواصل مع السكان المحليين وفهم وجهات نظرهم.
خلال إقامتها في النمسا والمجر، جمعت جيرارد العديد من القصص والأساطير الشعبية، وخاصة من منطقة ترانسيلفانيا. كانت هذه المنطقة، المعروفة بمناظرها الطبيعية الخلابة وتاريخها الغني، مصدر إلهام كبير لكتاباتها. جمعت جيرارد هذه القصص في كتاب بعنوان “أرض ما وراء الغابة: حقائق وأساطير من ترانسيلفانيا” (The Land Beyond the Forest: Facts, Figures, and Fancies from Transylvania)، الذي نُشر في عام 1888 وحقق نجاحًا كبيرًا.
“أرض ما وراء الغابة” وتأثيرها على دراكولا
يعتبر كتاب “أرض ما وراء الغابة” لإميلي جيرارد من أهم المصادر التي استلهم منها برام ستوكر روايته الشهيرة “دراكولا”. يقدم الكتاب وصفًا تفصيليًا لمنطقة ترانسيلفانيا، بما في ذلك تاريخها وجغرافيتها وعادات وتقاليد سكانها. كما يتضمن الكتاب العديد من القصص والأساطير الشعبية حول مصاصي الدماء والأشباح والكائنات الخارقة الأخرى.
قرأ برام ستوكر كتاب “أرض ما وراء الغابة” قبل البدء في كتابة رواية “دراكولا”، واستلهم منه العديد من الأفكار والمواضيع. على سبيل المثال، استوحى ستوكر اسم “دراكولا” من شخصية تاريخية حقيقية، وهو فلاد الثالث المخوزق، حاكم ولاشيا في القرن الخامس عشر، والذي كان يُعرف أيضًا باسم “دراكولا”. كما استوحى ستوكر العديد من التفاصيل المتعلقة بمنطقة ترانسيلفانيا وعادات وتقاليد سكانها من كتاب جيرارد.
بالإضافة إلى ذلك، أثرت أساطير مصاصي الدماء التي جمعتها جيرارد في كتابها على تصوير ستوكر لشخصية دراكولا. قدمت جيرارد وصفًا تفصيليًا لمعتقدات السكان المحليين حول مصاصي الدماء، بما في ذلك قدرتهم على التحول إلى حيوانات، وشربهم للدماء، وخوفهم من الثوم والصليب.
روايات أخرى
بالإضافة إلى “أرض ما وراء الغابة”، كتبت إميلي جيرارد العديد من الروايات الأخرى التي تصور الحياة والمجتمع في أوروبا الوسطى والشرقية. تشمل هذه الروايات:
- Reata: What Stops One (1880): تدور أحداث هذه الرواية في النمسا، وتتناول قصة حب معقدة بين امرأة نمساوية وضابط إنجليزي.
- The Waters of Hercules (1885): تقع أحداث هذه الرواية في منتجع صحي في المجر، وتستكشف موضوعات الطبقة الاجتماعية والحب والخيانة.
- A Secret Mission (1891): تدور أحداث هذه الرواية في روسيا، وتتناول قصة جاسوس بريطاني يحاول كشف مؤامرة سياسية.
- The Rich Miss Riddell (1894): تتبع الرواية قصة وريثة ثرية تحاول العثور على الحب الحقيقي وسط مجتمع يسعى وراء ثروتها.
- Lot 13 (1894): رواية تدور حول قطعة أرض غامضة وما يتبعها من أحداث.
- An Electric Shock (1897): مجموعة من القصص القصيرة التي تستكشف تأثير التكنولوجيا الحديثة على المجتمع.
- Things That Have Happened (1903): مجموعة أخرى من القصص القصيرة التي تتناول موضوعات مختلفة مثل الحب والفقدان والموت.
أسلوبها الأدبي
تميز أسلوب إميلي جيرارد الأدبي بالواقعية والوصف الدقيق. كانت قادرة على تصوير الحياة والمجتمع في أوروبا الوسطى والشرقية بطريقة حية ومقنعة. كما تميزت كتاباتها بالذكاء والفكاهة، مما جعلها ممتعة للقراءة.
استخدمت جيرارد في كتاباتها العديد من العناصر الفولكلورية والأساطير الشعبية، مما أضفى عليها طابعًا مميزًا. كانت مهتمة بشكل خاص بتصوير معتقدات السكان المحليين حول مصاصي الدماء والأشباح والكائنات الخارقة الأخرى.
وفاتها وإرثها
توفيت إميلي جيرارد في فيينا، النمسا، في 11 يناير 1905، عن عمر يناهز 55 عامًا. تركت وراءها إرثًا أدبيًا غنيًا، حيث تعتبر من أهم المؤلفين الذين كتبوا عن أوروبا الوسطى والشرقية في القرن التاسع عشر. لا تزال أعمالها تحظى بتقدير كبير حتى اليوم، وخاصة كتاب “أرض ما وراء الغابة”، الذي يعتبر مصدر إلهام رئيسي لرواية دراكولا.
على الرغم من أن إميلي جيرارد لم تحظ بنفس الشهرة التي حظي بها برام ستوكر، إلا أن مساهمتها في الأدب القوطي وأدب الرعب لا يمكن إنكارها. لقد ساهمت كتاباتها في إثراء فهمنا للثقافة والفولكلور في منطقة ترانسيلفانيا، ولا تزال تلهم القراء والكتاب حتى اليوم.
خاتمة
إميلي جيرارد مؤلفة اسكتلندية بارزة، اشتهرت بكتاباتها عن أوروبا الوسطى والشرقية، وخاصة كتاب “أرض ما وراء الغابة” الذي ألهم برام ستوكر في كتابة رواية “دراكولا”. قدمت جيرارد صورة حية وواقعية للحياة والمجتمع في هذه المنطقة، واستخدمت العديد من العناصر الفولكلورية والأساطير الشعبية في كتاباتها، مما أضفى عليها طابعًا مميزًا. على الرغم من أنها لم تحظ بنفس الشهرة التي حظي بها ستوكر، إلا أن إرثها الأدبي لا يزال حيًا حتى اليوم.