مقدمة
واركاري (باللغة الماراثية: वारकरी؛ النطق: [ʋaːɾkəɾiː]؛ المعنى: ‘الشخص الذي يؤدي الواري’) هي سامبرادايه (حركة دينية) داخل تقاليد فاكتي الهندوسية المهاراتية. يشير المصطلح واركاري إلى أولئك الحجاج الذين يزورون بانداربور على أساس سنوي، متجهين إلى ضريح اللورد فيثوبا.
تعتبر حركة واركاري تقليدًا مهمًا في ولاية ماهاراشترا الهندية، حيث تمتد جذورها إلى قرون مضت. تشتهر هذه الحركة بتفانيها العميق تجاه اللورد فيثوبا (أو فيثال)، وهو تجسيد للإله الهندوسي فيشنو. يعكس اسم “واركاري” نفسه جوهر هذه الممارسة، حيث يشير إلى الشخص الذي يقوم برحلة حج منتظمة، أو “واري”، إلى بانداربور، وهي بلدة مقدسة تقع في ولاية ماهاراشترا.
أصول حركة واركاري وتاريخها
تعود أصول حركة واركاري إلى القرن الثالث عشر، ويعود الفضل في تأسيسها إلى القديس جنانيشوار (جناناديف). لعب جنانيشوار دورًا حاسمًا في نشر فلسفة فاكتي من خلال كتاباته، وخاصة تعليقه على البهاغافاد غيتا المعروف باسم “جنانشواري”. شجع جنانيشوار الناس من جميع الطبقات الاجتماعية على عبادة فيثوبا من خلال الحب والإخلاص، مما أرسى الأساس لحركة واركاري.
على مر القرون، استمرت حركة واركاري في التطور والانتشار، وذلك بفضل جهود العديد من القديسين والشعراء. كان نامديف وتوكارام وإكناث من بين الشخصيات البارزة التي ساهمت في الحركة من خلال أناشيدهم الدينية (أبانغاس) وتعاليمهم. أكدت هذه الشخصيات على أهمية الإخلاص والخدمة والتسامح، والتي أصبحت المبادئ الأساسية لحركة واركاري.
فلسفة حركة واركاري ومعتقداتها
تتمحور فلسفة حركة واركاري حول مفهوم فاكتي، وهو الإخلاص المحب للإله. يؤمن الواركاريون بأن فيثوبا هو الإله الأسمى، وأن الإخلاص وحده هو الطريق إلى الخلاص. يشددون على أهمية المساواة بين جميع البشر، بغض النظر عن طبقتهم أو عقيدتهم أو جنسهم.
تشمل المعتقدات الأساسية لحركة واركاري:
- الإخلاص (فاكتي): الإخلاص المحب والكامل للورد فيثوبا هو جوهر الممارسة.
- المساواة: يتم التعامل مع جميع الأفراد على قدم المساواة، بغض النظر عن الطبقة أو العقيدة أو الجنس.
- الخدمة (سيفا): خدمة المحتاجين والمجتمع ككل هي جانب أساسي من جوانب الحياة الروحية.
- التسامح: تشجيع التسامح والاحترام تجاه جميع الأديان والمعتقدات.
- أهمية الاسم: ترديد اسم فيثوبا هو وسيلة قوية للوصول إلى حالة من النعيم الروحي.
ممارسات حركة واركاري وشعائرها
تشمل ممارسات حركة واركاري مجموعة متنوعة من الطقوس والشعائر، وأهمها واري، وهي رحلة الحج السنوية إلى بانداربور. يسير الواركاريون، الذين يرتدون ملابس بسيطة ويحملون أعلامًا (دهواج) وصورًا لفيثوبا، لمسافات طويلة سيرًا على الأقدام، ويغنون الأناشيد الدينية (أبانغاس) على طول الطريق.
تشمل الممارسات الأخرى التي يتبعها الواركاريون:
- كيرتان: عروض سرد القصص الدينية والغناء المصحوبة بالآلات الموسيقية.
- باجان: غناء الأناشيد الدينية الجماعية.
- قراءة الكتب المقدسة: دراسة النصوص الدينية مثل جنانشواري وبهاغافاد غيتا.
- الخدمة في المعبد: التطوع في معبد فيثوبا في بانداربور.
أهمية الواري
يعتبر الواري أهم شعائر حركة واركاري. إنها رحلة حج سنوية يسير فيها الواركاريون من مختلف أنحاء ولاية ماهاراشترا إلى بانداربور لعبادة اللورد فيثوبا. تستغرق الرحلة عادةً عدة أسابيع، وغالبًا ما يغطي الحجاج مئات الكيلومترات سيرًا على الأقدام. إن الواري ليس مجرد رحلة مادية، بل هو أيضًا رحلة روحية. يعتقد الواركاريون أن المشي إلى بانداربور يساعدهم على تنقية أذهانهم وقلوبهم، ويقربهم من الله.
خلال الواري، يتبع الواركاريون نظامًا غذائيًا بسيطًا ونمط حياة بسيط. ينامون في العراء ويأكلون الطعام الذي يقدمه المتطوعون. يقضون وقتهم في الغناء والصلاة والاستماع إلى الخطب الدينية. إن الواري هو وقت التفكير والتأمل والنمو الروحي.
تأثير حركة واركاري على المجتمع
كان لحركة واركاري تأثير عميق على المجتمع في ولاية ماهاراشترا. لقد ساهمت في تعزيز الوحدة الاجتماعية والمساواة، وشجعت على الإخلاص والخدمة والتسامح. كما أنها لعبت دورًا في الحفاظ على التراث الثقافي لولاية ماهاراشترا.
تعتبر حركة واركاري قوة حيوية في ولاية ماهاراشترا حتى اليوم. يستمر ملايين الواركاريين في المشاركة في الواري كل عام، وتستمر تعاليم الحركة في إلهام الناس من جميع مناحي الحياة.
شخصيات بارزة في حركة واركاري
ساهمت العديد من الشخصيات البارزة في تشكيل حركة واركاري عبر التاريخ. من بين هؤلاء:
- جنانشوار: مؤسس حركة واركاري ومؤلف جنانشواري.
- نامديف: قديس وشاعر بارز اشتهر بأناشيده الدينية.
- توكارام: قديس وشاعر بارز آخر معروف بأبانغاسه، التي تتناول مواضيع روحية واجتماعية.
- إكناث: قديس وعالم قام بتحرير جنانشواري وكتب العديد من الأعمال الأخرى.
- غورامهاراج: قديس من القرن العشرين كرس حياته لخدمة الفقراء والمحتاجين.
حركة واركاري في العصر الحديث
تستمر حركة واركاري في الازدهار في العصر الحديث، حيث يجذب الواري السنوي أعدادًا متزايدة من الحجاج كل عام. تحافظ الحركة على مبادئها الأساسية في الإخلاص والمساواة والخدمة، وتتكيف مع تحديات العصر الحديث.
تستخدم حركة واركاري أيضًا التكنولوجيا الحديثة لنشر رسالتها. يتم بث الكيرتان والباجان على الإنترنت، وهناك العديد من مواقع الويب ووسائل التواصل الاجتماعي المخصصة للحركة. تضمن هذه الجهود أن تظل تعاليم حركة واركاري ذات صلة ويمكن الوصول إليها للأجيال القادمة.
أهمية حركة واركاري اليوم
في عالم يزداد فيه الانقسام وعدم اليقين، تقدم حركة واركاري رسالة أمل ووحدة. تشدد الحركة على أهمية الإخلاص والخدمة والتسامح، وهي قيم مهمة بشكل خاص اليوم. من خلال المشاركة في الواري والمشاركة في ممارسات أخرى لحركة واركاري، يمكن للناس أن يجدوا السلام الداخلي والاتصال بالله.
خاتمة
تعتبر حركة واركاري تقليدًا دينيًا وثقافيًا حيويًا في ولاية ماهاراشترا، الهند. بتركيزها على الإخلاص والمساواة والخدمة، تستمر في إلهام الملايين من الناس. إن رحلة الحج السنوية (الواري) هي شهادة على التفاني العميق للواركاريين تجاه اللورد فيثوبا. من خلال تعاليمها وممارساتها، تقدم حركة واركاري طريقًا إلى السلام الداخلي والاتصال بالله، وتعزز قيمًا مجتمعية مهمة.