نشأته وتعليمه
ولد فلويد هنري ألبورت في ميلووكي، ويسكونسن. نشأ في بيئة أكاديمية، حيث كان والده محامياً ووالدته معلمة. تلقى ألبورت تعليمه المبكر في ميلووكي، ثم التحق بجامعة هارفارد، حيث حصل على درجة البكالوريوس في عام 1911، ودرجة الماجستير في عام 1912، ودرجة الدكتوراه في الفلسفة عام 1919. خلال دراسته في هارفارد، تأثر ألبورت بشكل كبير بالمنهج التجريبي في علم النفس، مما دفعه إلى تركيز دراسته على السلوكيات القابلة للملاحظة والقياس.
مسيرته المهنية
بدأ ألبورت مسيرته المهنية كأستاذ في علم النفس بجامعة هارفارد. في عام 1924، نشر كتابه الرائد “علم النفس الاجتماعي”، الذي أصبح نصًا أساسيًا في هذا المجال. انتقل ألبورت إلى جامعة سيراكيوز في عام 1924، حيث أسس قسم علم النفس، وعمل فيه كرئيس حتى تقاعده في عام 1956. خلال فترة وجوده في سيراكيوز، أشرف على عدد كبير من طلاب الدراسات العليا، وأثر بشكل كبير على تطور علم النفس كعلم. بالإضافة إلى عمله الأكاديمي، عمل ألبورت أيضًا كمستشار للعديد من المؤسسات الحكومية والخاصة، وقدم مساهمات قيمة في قضايا السياسة الاجتماعية.
أهم مساهماته في علم النفس
تركزت مساهمات ألبورت الرئيسية في علم النفس على دراسة العلاقات بين الفرد والمجتمع. اعتقد ألبورت أن سلوك الفرد يتأثر بشكل كبير بوجود الآخرين، سواء كان هذا الوجود فعليًا أو متخيلًا. فيما يلي بعض أهم إسهاماته:
- نظرية التسهيل الاجتماعي: أجرى ألبورت تجارب على كيفية تأثير وجود الآخرين على أداء الأفراد. وجد أن وجود الآخرين يمكن أن يعزز الأداء في المهام البسيطة أو المألوفة، ولكنه قد يعيق الأداء في المهام المعقدة أو الجديدة.
- علم النفس الاجتماعي: يعتبر ألبورت مؤسسًا لعلم النفس الاجتماعي كعلم منفصل. قام بتعريف هذا المجال على أنه الدراسة العلمية لكيفية تأثير مشاعر وأفكار وسلوكيات الأفراد بوجود الآخرين.
- دراسة المواقف: بحث ألبورت في تكوين المواقف وتغييرها. كان مهتمًا بشكل خاص بكيفية تأثير الدعاية والإعلام على المواقف العامة.
- نظرية الإدراك الاجتماعي: قدم ألبورت مساهمات مهمة في فهمنا لكيفية إدراك الناس لأنفسهم وللآخرين. ركز على عمليات المعالجة المعرفية التي تكمن وراء الأحكام الاجتماعية.
- السلوك الجماعي: درس ألبورت السلوك الجماعي، بما في ذلك سلوك الحشود، ونشر الإشاعات، والرأي العام. سعى إلى فهم العوامل التي تؤثر على سلوك الأفراد داخل المجموعات.
علم النفس الاجتماعي: الكتاب الذي غير المفاهيم
نُشر كتاب ألبورت “علم النفس الاجتماعي” في عام 1924، ويعتبر هذا الكتاب العمل الأكثر تأثيرًا لألبورت. قدم هذا الكتاب إطارًا منهجيًا لفهم السلوك الاجتماعي، وأصبح الأساس للدراسات والبحوث اللاحقة في هذا المجال. ركز ألبورت في كتابه على استخدام المنهج التجريبي في دراسة السلوك الاجتماعي، مع التركيز على الأساليب الموضوعية والقياس الدقيق. ناقش الكتاب مواضيع متنوعة، مثل التفاعل الاجتماعي، وتكوين المواقف، وتأثير الجماعات على الأفراد.
أكد ألبورت في كتابه على أهمية دراسة الأفراد في سياقهم الاجتماعي. جادل بأن سلوك الفرد لا يمكن فهمه بشكل كامل بمعزل عن البيئة الاجتماعية التي يتواجد فيها. وقد أثر هذا النهج على العديد من علماء النفس، وساهم في تطور علم النفس الاجتماعي كعلم مستقل. ساعد الكتاب في إرساء الأساس لفهم كيفية تأثير العوامل الاجتماعية على سلوكنا وأفكارنا ومشاعرنا.
تأثيره وإرثه
ترك فلويد هنري ألبورت إرثًا دائمًا في علم النفس. فقد ساهمت أعماله في تأسيس علم النفس الاجتماعي كعلم منفصل، وأثرت على عدد كبير من الباحثين والعلماء. يعتبر “أب علم النفس التجريبي الاجتماعي” بسبب تركيزه على المنهج التجريبي وأهمية القياس الموضوعي في دراسة السلوك الاجتماعي. لا تزال أفكاره ونظرياته تؤثر على مجالات مختلفة مثل علم النفس الاجتماعي، وعلم النفس الصناعي، وعلم النفس السياسي.
شجع ألبورت على البحث في السلوكيات القابلة للملاحظة والقياس، مما ساهم في تحويل علم النفس إلى علم تجريبي أكثر. لقد ألهمت أعماله عددًا كبيرًا من الباحثين والعلماء لمواصلة دراسة العلاقة المعقدة بين الفرد والمجتمع. بالإضافة إلى ذلك، قدم ألبورت مساهمات قيمة في فهم كيفية تأثير الدعاية والإعلام على المواقف العامة، وهي مسألة تظل ذات صلة كبيرة في عالم اليوم.
كان ألبورت شخصية مؤثرة في تطوير علم النفس، حيث شجع على التفكير النقدي والمنهجية العلمية. يعتبر كتابه “علم النفس الاجتماعي” نصًا كلاسيكيًا، ولا يزال يقرأ على نطاق واسع في الجامعات والكليات. لقد ترك إرثًا دائمًا في علم النفس، وأعماله مستمرة في تشكيل فهمنا للسلوك الاجتماعي.
أعماله البارزة
بالإضافة إلى كتابه “علم النفس الاجتماعي”، نشر ألبورت عددًا من المقالات والكتب الأخرى التي ساهمت في تقدم علم النفس. وتشمل:
- “عناصر علم النفس الاجتماعية” (1924)
- “علم النفس الاجتماعي” (1935) – طبعة منقحة ومحدثة لكتابه الأصلي.
- “نظرية الإدراك الاجتماعي” (1955)
ساهمت هذه الأعمال في توسيع فهمنا للسلوك الاجتماعي، وساعدت في تطوير أساليب البحث في علم النفس الاجتماعي.
نقد أعماله
على الرغم من أهمية أعمال ألبورت، فقد تعرضت لانتقادات من بعض الباحثين. بعض هذه الانتقادات تشمل:
- التركيز المفرط على الفردية: يرى البعض أن ألبورت قد ركز بشكل كبير على الفرد على حساب العوامل الاجتماعية الأوسع.
- المنهجية التجريبية الضيقة: يجادل البعض بأن اعتماد ألبورت المفرط على المنهجية التجريبية قد قلل من أهمية الأساليب البحثية الأخرى، مثل الدراسات النوعية.
- إهمال بعض القضايا الاجتماعية: يرى بعض النقاد أن ألبورت لم يولِ اهتمامًا كافيًا لبعض القضايا الاجتماعية المهمة، مثل الفقر والتمييز.
على الرغم من هذه الانتقادات، لا يزال عمل ألبورت يمثل مساهمة كبيرة في علم النفس، ولا يزال يُقرأ ويدرس على نطاق واسع.
خاتمة
فلويد هنري ألبورت شخصية محورية في تاريخ علم النفس، وخاصة في مجال علم النفس الاجتماعي. من خلال تركيزه على المنهج التجريبي، وتقديمه لكتاب “علم النفس الاجتماعي” الرائد، ساهم في تأسيس هذا المجال كعلم مستقل. امتد تأثيره إلى ما وراء حدود علم النفس، وأثر على مجالات مثل علم الاجتماع والعلوم السلوكية. من خلال دراسة سلوك الفرد في سياق المجموعة، قدم ألبورت مساهمات أساسية في فهمنا لكيفية تفاعل الناس مع بعضهم البعض وكيف يتأثرون بالمجتمع من حولهم.
المراجع
- Floyd Henry Allport – Encyclopedia Britannica
- Floyd Henry Allport – Wikipedia
- Floyd Henry Allport and the Origins of Social Psychology – Psychology Today
- Floyd Allport – Biography of a Social Psychologist – Verywell Mind
“`