مقدمة
أنيبال ماريا دي فرانسيا، أو حنّا مريم دي فرانسيا كما يُعرف أحيانًا (5 يوليو 1851 – 1 يونيو 1927)، هو قديس مبجّل في الكنيسة الكاثوليكية. اشتهر بتفانيه في خدمة الفقراء والأيتام، وأسس جماعتين دينيتين هما بنات الزيا الغيورات وأبناء القلب الأقدس. تُعرف رسالته بـ “Rogate”، وهي كلمة لاتينية تعني “صلّوا”، وتركز على أهمية الصلاة من أجل الدعوات.
نشأته وحياته المبكرة
ولد أنيبال ماريا دي فرانسيا في ميسينا، صقلية، في عائلة نبيلة. كان والده، فرانسيسكو دي فرانسيا، ماركيز سانتا كاترينا، ووالدته، آنا توسكانو، امرأة تتميز بتقواها الشديدة. فقد والده في سن مبكرة، مما أثر فيه بعمق وجعله أكثر حساسية لمعاناة الآخرين. تلقى تعليمه في كلية كوليجيوم سان توربيو في ميسينا، حيث أظهر ذكاءً استثنائيًا وميلًا قويًا نحو الدين.
في شبابه، كان أنيبال ماريا ينجذب بشكل خاص إلى حياة القديسين، وخاصة حياة القديس لويس غونزاغا، الذي اشتهر بنقائه وتفانيه في خدمة المرضى. شعر أنيبال ماريا بدعوة قوية لخدمة الله والفقراء، وقرر دخول الإكليريكية بعد فترة وجيزة من حصوله على شهادته.
حياته الكهنوتية
سيم أنيبال ماريا كاهنًا في 16 مارس 1878. بعد رسامته، كرس نفسه لخدمة أفقر الأحياء في ميسينا، وخاصة حي أفينيون، وهو حي فقير ومكتظ بالسكان. صدمته الظروف المعيشية المروعة التي رأى فيها الأطفال المهجورين والفقراء المدقعين. شعر أنه مدعو للقيام بشيء ملموس للتخفيف من معاناتهم وتوفير التعليم والرعاية لهم.
بدأ أنيبال ماريا في جمع الأطفال المهجورين والمشردين في ميسينا، وتوفير المأوى والطعام والتعليم لهم. أنشأ دارًا للأيتام ومدرسة مهنية لتعليمهم المهارات اللازمة لكسب لقمة العيش. سعى أيضًا إلى غرس القيم المسيحية فيهم ومساعدتهم على اكتشاف دعوتهم في الحياة.
تأسيس الجماعات الدينية
أدرك أنيبال ماريا أن عمله في خدمة الفقراء والأيتام يتطلب مساعدة الآخرين. لذلك، أسس جماعتين دينيتين: بنات الزيا الغيورات وأبناء القلب الأقدس.
- بنات الزيا الغيورات: تأسست عام 1887، وتكرس هذه الجماعة النسائية لخدمة الفقراء والأيتام، وخاصة الفتيات. يركزون على توفير التعليم والرعاية الصحية والروحية للفتيات المحرومات، وتمكينهن من أن يصبحن نساء مستقلات ومسؤولات.
- أبناء القلب الأقدس: تأسست عام 1897، وتكرس هذه الجماعة الذكورية لخدمة الفقراء والأيتام، وخاصة الأولاد. يعملون على توفير التعليم والتدريب المهني والرعاية الروحية للأولاد المحرومين، وتأهيلهم ليصبحوا رجالًا مسؤولين ومساهمين في المجتمع.
كانت رسالة الجماعتين الدينية متجذرة في مفهوم “Rogate”، وهي كلمة لاتينية تعني “صلّوا”. كان أنيبال ماريا يعتقد أن الصلاة هي مفتاح الحصول على الدعوات الكافية لخدمة احتياجات الكنيسة والعالم. شجع أعضاء الجماعتين على الصلاة المستمرة من أجل الدعوات، وكرس حياته لنشر هذه الرسالة.
رسالة الـ Rogate
كانت رسالة “Rogate” محور حياة وعمل أنيبال ماريا دي فرانسيا. كان يعتقد أن الدعوات ضرورية لخير الكنيسة والعالم، وأن الصلاة هي الوسيلة الأكثر فعالية للحصول على الدعوات. كتب العديد من المقالات والكتب حول هذا الموضوع، وشجع الآخرين على الانضمام إليه في الصلاة من أجل الدعوات.
كان أنيبال ماريا يرى أن نقص الدعوات هو علامة على أزمة روحية في العالم. كان يعتقد أن العديد من الناس كانوا مشغولين جدًا بشؤونهم الخاصة لدرجة أنهم نسوا أن يصلوا من أجل الدعوات. لذلك، دعا إلى تجديد الصلاة من أجل الدعوات، وحث المؤمنين على جعلها جزءًا منتظمًا من حياتهم الروحية.
تستمر رسالة “Rogate” في إلهام الناس في جميع أنحاء العالم اليوم. تعمل الجماعات الدينية التي أسسها أنيبال ماريا دي فرانسيا في العديد من البلدان، وتقدم التعليم والرعاية للفقراء والأيتام. يواصلون أيضًا نشر رسالة “Rogate” وتشجيع الآخرين على الصلاة من أجل الدعوات.
أعماله وكتاباته
بالإضافة إلى تأسيس الجماعات الدينية ونشر رسالة “Rogate”، كان أنيبال ماريا دي فرانسيا كاتبًا غزير الإنتاج. كتب العديد من الكتب والمقالات حول مواضيع دينية وروحية مختلفة. تتضمن بعض أعماله البارزة ما يلي:
- “إعلان عن عظمة رسالة الصلاة من أجل الدعوات”: هذا الكتاب هو عرض شامل لرسالة “Rogate”. يشرح أهمية الصلاة من أجل الدعوات، وكيف يمكن للمؤمنين أن يصبحوا مشاركين فعالين في هذه المهمة.
- “سيرة ذاتية”: يروي هذا الكتاب قصة حياة أنيبال ماريا دي فرانسيا. يقدم نظرة ثاقبة على خلفيته ونشأته ودعوته لخدمة الفقراء والأيتام.
- “رسائل روحية”: تحتوي هذه المجموعة على رسائل كتبها أنيبال ماريا دي فرانسيا إلى مختلف الأفراد، بما في ذلك أعضاء الجماعات الدينية والأصدقاء والمؤمنين. تقدم هذه الرسائل إرشادات روحية وتشجيعًا وتوجيهات عملية.
تُرجمت كتابات أنيبال ماريا دي فرانسيا إلى العديد من اللغات، وتستمر في إلهام الناس في جميع أنحاء العالم اليوم.
وفاته وتقديسه
توفي أنيبال ماريا دي فرانسيا في ميسينا في 1 يونيو 1927. كان عمره 75 عامًا. ترك وراءه إرثًا من الحب والرحمة والخدمة. تم تطويبه من قبل البابا يوحنا بولس الثاني في 7 أكتوبر 1990، وتم إعلانه قديسًا من قبل البابا يوحنا بولس الثاني أيضًا في 16 مايو 2004.
يحتفل الكاثوليك بعيد القديس أنيبال ماريا دي فرانسيا في 1 يونيو من كل عام. يُعتبر شفيعًا للأيتام والفقراء والدعوات.
إرثه
لا يزال إرث القديس أنيبال ماريا دي فرانسيا حيًا وقويًا اليوم. تواصل الجماعات الدينية التي أسسها عمله في خدمة الفقراء والأيتام في جميع أنحاء العالم. تستمر رسالة “Rogate” في إلهام الناس للصلاة من أجل الدعوات. يعتبر القديس أنيبال ماريا دي فرانسيا مثالاً ساطعًا للحب المسيحي والخدمة والتفاني.
تأثيره يتجاوز حدود الكنيسة الكاثوليكية. يعتبر قدوة حسنة لأي شخص يسعى إلى إحداث فرق في العالم ومساعدة المحتاجين. حياته هي شهادة على قوة الحب والرحمة والإيمان.
خاتمة
كان أنيبال ماريا دي فرانسيا قديسًا استثنائيًا كرس حياته لخدمة الفقراء والأيتام. أسس جماعتين دينيتين، بنات الزيا الغيورات وأبناء القلب الأقدس، لنشر رسالة “Rogate”، وهي الصلاة من أجل الدعوات. لا يزال إرثه يلهم الناس في جميع أنحاء العالم اليوم، ويُذكر كمثال ساطع للحب المسيحي والخدمة والتفاني.