تاريخ الشركة الأنجليكانية
يعود تاريخ الشركة الأنجليكانية إلى الإصلاح الإنجليزي في القرن السادس عشر، عندما انفصل الملك هنري الثامن عن الكنيسة الكاثوليكية الرومانية وأعلن نفسه رئيسًا للكنيسة في إنجلترا. كان هذا الانفصال مدفوعًا برغبة هنري الثامن في الحصول على الطلاق، وهو ما لم يكن مسموحًا به في الكنيسة الكاثوليكية. ومع ذلك، سرعان ما اتخذ الإصلاح الإنجليزي أبعادًا أعمق، حيث بدأت الكنيسة في إنجلترا في تطوير هويتها اللاهوتية والطقسية الخاصة بها.
خلال فترة حكم إدوارد السادس، نجل هنري الثامن، اتخذت الكنيسة في إنجلترا خطوات كبيرة نحو البروتستانتية، مع إدخال كتاب الصلاة المشتركة وإلغاء العديد من الممارسات الكاثوليكية التقليدية. ومع ذلك، خلال فترة حكم ماري الأولى، المعروفة باسم “ماري الدموية”، تم استعادة الكاثوليكية لفترة وجيزة، وتعرض البروتستانت للاضطهاد.
مع وصول إليزابيث الأولى إلى العرش، تم إعادة تأسيس الكنيسة الأنجليكانية كهوية متميزة، تجمع بين عناصر من الكاثوليكية والبروتستانتية. تم توحيد العقيدة والطقوس الأنجليكانية في “التسعة والثلاثين مادة” وكتاب الصلاة المشتركة، اللذين لا يزالان يشكلان الأساس اللاهوتي والليتورجي للكنيسة الأنجليكانية حتى اليوم.
خلال القرون التالية، انتشرت الكنيسة الأنجليكانية في جميع أنحاء العالم من خلال الاستعمار والتبشير. تم تأسيس كنائس أنجليكانية في الأمريكتين وأفريقيا وآسيا وأستراليا، وأصبحت هذه الكنائس فيما بعد كنائس مستقلة ذات حكم ذاتي، ولكنها ظلت مرتبطة بكرسي رئيس أساقفة كانتربري.
الهيكل التنظيمي للشركة الأنجليكانية
الشركة الأنجليكانية ليست كنيسة مركزية موحدة، بل هي شركة تضم كنائس مستقلة ذات حكم ذاتي. ومع ذلك، تحافظ هذه الكنائس على علاقات وثيقة من خلال التشاور والتعاون. يرأس الشركة الأنجليكانية رئيس أساقفة كانتربري، الذي يعتبر الزعيم الروحي للشركة، على الرغم من أنه ليس لديه سلطة قانونية على الكنائس الأخرى.
تشمل الهيئات التنظيمية الرئيسية في الشركة الأنجليكانية:
- مؤتمر لامبث: اجتماع دوري لجميع الأساقفة الأنجليكانيين في جميع أنحاء العالم، يعقد كل عشر سنوات. يناقش المؤتمر القضايا اللاهوتية والاجتماعية والسياسية التي تواجه الشركة الأنجليكانية، ويصدر قرارات غير ملزمة.
- المجلس الاستشاري الأنجليكاني: هيئة دائمة تضم ممثلين من جميع الكنائس الأعضاء في الشركة الأنجليكانية. يقدم المجلس الاستشاري المشورة لرئيس أساقفة كانتربري ويساعد في تنسيق الأنشطة بين الكنائس الأعضاء.
- اجتماع رؤساء الأساقفة: اجتماع دوري لرؤساء الأساقفة في جميع الكنائس الأعضاء في الشركة الأنجليكانية. يناقش الاجتماع القضايا اللاهوتية والاجتماعية والسياسية، ويسعى إلى التوصل إلى توافق في الآراء بشأن هذه القضايا.
العقيدة الأنجليكانية
تستند العقيدة الأنجليكانية إلى الكتاب المقدس والتقاليد الكنسية. تعتبر “التسعة والثلاثين مادة” وكتاب الصلاة المشتركة من أهم الوثائق التي تحدد العقيدة الأنجليكانية. تؤكد العقيدة الأنجليكانية على أهمية الكتاب المقدس كسلطة نهائية في الأمور الدينية، وعلى أهمية الإيمان والأعمال الصالحة للخلاص.
تؤمن الكنيسة الأنجليكانية بالثالوث القدوس: الله الآب، والله الابن، والله الروح القدس، إله واحد في ثلاثة أقانيم. تؤمن الكنيسة أيضًا بتجسد يسوع المسيح، أي أن الله الابن صار إنسانًا في شخص يسوع المسيح، وعاش ومات وقام من بين الأموات لخلاص البشرية.
تؤمن الكنيسة الأنجليكانية بالأسرار المقدسة، وهي العلامات الخارجية الظاهرة للنعمة الداخلية الروحية. تعترف الكنيسة الأنجليكانية بسرين رئيسيين: المعمودية والعشاء الرباني. كما تعترف الكنيسة بخمسة أسرار أخرى: التثبيت، والتوبة، والمسحة بالزيت، والكهنوت، والزواج.
القضايا المعاصرة التي تواجه الشركة الأنجليكانية
تواجه الشركة الأنجليكانية العديد من القضايا المعاصرة، بما في ذلك:
- الخلافات حول المثلية الجنسية: تعد قضية المثلية الجنسية من أكثر القضايا إثارة للخلاف في الشركة الأنجليكانية. تتبنى بعض الكنائس الأعضاء مواقف أكثر ليبرالية بشأن المثلية الجنسية، بينما تتبنى كنائس أخرى مواقف أكثر تحفظًا. وقد أدى هذا الخلاف إلى انقسامات داخل الشركة الأنجليكانية.
- التغيرات الاجتماعية والثقافية: تواجه الشركة الأنجليكانية تحديات بسبب التغيرات الاجتماعية والثقافية السريعة في العالم. يجب على الكنيسة أن تجد طرقًا للتواصل مع الناس في عالم متغير مع الحفاظ على وفائها لتعاليم الكتاب المقدس والتقاليد الكنسية.
- الفقر والظلم: تشعر الشركة الأنجليكانية بقلق عميق إزاء الفقر والظلم في العالم. تسعى الكنيسة إلى معالجة هذه القضايا من خلال برامج المساعدات الإنسانية والدعوة إلى العدالة الاجتماعية.
- العلاقات بين الأديان: تلتزم الشركة الأنجليكانية بتعزيز العلاقات السلمية بين الأديان المختلفة. تسعى الكنيسة إلى الحوار والتعاون مع أتباع الديانات الأخرى من أجل بناء عالم أفضل للجميع.
أهمية الشركة الأنجليكانية
تعتبر الشركة الأنجليكانية قوة مهمة في العالم اليوم. تضم الشركة ملايين الأعضاء في جميع أنحاء العالم، وتلعب دورًا مهمًا في حياة العديد من المجتمعات. تلتزم الشركة الأنجليكانية بالتبشير بالإنجيل، وخدمة المحتاجين، والدعوة إلى العدالة الاجتماعية. تسعى الشركة الأنجليكانية إلى أن تكون نورًا للعالم وملحًا للأرض.
الانتشار الجغرافي للشركة الأنجليكانية
تنتشر الكنائس الأنجليكانية في جميع أنحاء العالم، مع وجود كبير في:
- إنجلترا: حيث يوجد كرسي رئيس أساقفة كانتربري، الزعيم الروحي للشركة.
- الولايات المتحدة: حيث توجد الكنيسة الأسقفية، وهي كنيسة أنجليكانية كبيرة.
- كندا: حيث توجد الكنيسة الأنجليكانية في كندا.
- أستراليا: حيث توجد الكنيسة الأنجليكانية في أستراليا.
- أفريقيا: حيث توجد كنائس أنجليكانية نامية في العديد من البلدان، مثل نيجيريا وأوغندا وكينيا.
- آسيا: حيث توجد كنائس أنجليكانية في العديد من البلدان، مثل الهند واليابان والفلبين.
خاتمة
الشركة الأنجليكانية هي شركة عالمية متنوعة من الكنائس المستقلة ذات الحكم الذاتي التي تشترك في عقيدة وتراث ليتورجي مشتركين. تأسست الشركة الأنجليكانية في القرن السادس عشر نتيجة للإصلاح الإنجليزي، وقد لعبت دورًا مهمًا في تاريخ المسيحية. تواجه الشركة الأنجليكانية العديد من القضايا المعاصرة، ولكنها تظل ملتزمة بالتبشير بالإنجيل، وخدمة المحتاجين، والدعوة إلى العدالة الاجتماعية.