تأسيس أجينتر برس
تأسست أجينتر برس في عام 1960 على يد الكابتن الفرنسي جان فرانسوا تشولييه، وهو ضابط سابق في المخابرات الفرنسية. جمع تشولييه حوله مجموعة من الشخصيات اليمينية المتطرفة، بمن فيهم ضباط سابقون في الجيش، وعملاء مخابرات، وشخصيات سياسية. كان الهدف الرئيسي من تأسيس المنظمة هو مكافحة الشيوعية، وحماية القيم الغربية التقليدية، وتعزيز المصالح الغربية في جميع أنحاء العالم. اتخذت المنظمة من لشبونة بالبرتغال مقرًا لها، واستغلت الوضع السياسي المضطرب في البرتغال خلال فترة حكم الديكتاتور أنطونيو دي أوليفيرا سالازار لتوسيع نطاق عملياتها.
أنشطة أجينتر برس
مارست أجينتر برس مجموعة متنوعة من الأنشطة، بما في ذلك:
- التدريب على العمليات السرية: قامت المنظمة بتدريب المرتزقة والأفراد من الجماعات اليمينية المتطرفة على استخدام الأسلحة، والتكتيكات العسكرية، وتقنيات الاستخبارات.
- دعم الجماعات اليمينية المتطرفة: قدمت أجينتر برس الدعم المالي واللوجستي والتدريب للجماعات اليمينية المتطرفة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك أوروبا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.
- التدخل في الشؤون السياسية: شاركت المنظمة في محاولات انقلاب، وعمليات اغتيال، وأنشطة تخريب في العديد من البلدان، بهدف الإطاحة بالحكومات اليسارية أو الشيوعية، أو تلك التي تعتبر غير صديقة للغرب.
- نشر الدعاية: استخدمت أجينتر برس وسائل الإعلام لنشر الدعاية المناهضة للشيوعية، والترويج لأيديولوجيات اليمين المتطرف، وتشويه سمعة المعارضين السياسيين.
أهداف أجينتر برس
كانت أهداف أجينتر برس متعددة، ولكن يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
- مكافحة الشيوعية: كان هذا هو الهدف الرئيسي للمنظمة، حيث سعت إلى منع انتشار الشيوعية في جميع أنحاء العالم، ودعم الأنظمة المناهضة للشيوعية.
- حماية القيم الغربية: رأت المنظمة أن الشيوعية تهدد القيم الغربية التقليدية، مثل الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والرأسمالية. لذا، عملت على حماية هذه القيم.
- تعزيز المصالح الغربية: سعت المنظمة إلى تعزيز المصالح السياسية والاقتصادية الغربية في جميع أنحاء العالم، من خلال دعم الأنظمة الحليفة، والتأثير على السياسات الحكومية.
- دعم الأنظمة الاستبدادية: فضلت المنظمة الأنظمة الاستبدادية اليمينية على الأنظمة الديمقراطية اليسارية، وقدمت الدعم لتلك الأنظمة.
العمليات البارزة لأجينتر برس
شاركت أجينتر برس في عدد من العمليات البارزة، من بينها:
- المشاركة في محاولة انقلاب البرتغال (1961): ساعدت المنظمة في محاولة انقلاب فاشلة ضد حكومة أنطونيو دي أوليفيرا سالازار في البرتغال.
- دعم الجماعات اليمينية المتطرفة في أوروبا: قدمت المنظمة الدعم المالي واللوجستي للجماعات اليمينية المتطرفة في فرنسا وإيطاليا وألمانيا الغربية.
- المشاركة في “عملية غلاديو”: يُعتقد أن أجينتر برس كانت جزءًا من شبكة “عملية غلاديو”، وهي شبكة سرية من منظمات المخابرات الغربية التي دعمت الجماعات اليمينية المتطرفة في أوروبا خلال فترة الحرب الباردة.
- التدخل في أفريقيا: شاركت المنظمة في عمليات سرية في أفريقيا، بما في ذلك دعم الجماعات المناهضة للشيوعية في أنغولا وموزمبيق.
العلاقات مع وكالات الاستخبارات
أقامت أجينتر برس علاقات وثيقة مع العديد من وكالات الاستخبارات الغربية، بما في ذلك وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) وجهاز الأمن العام الفرنسي (SDECE). قدمت هذه الوكالات الدعم المالي واللوجستي للمنظمة، واستخدمتها لتنفيذ عمليات سرية في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، لم يتم الكشف بشكل كامل عن مدى العلاقة بين أجينتر برس ووكالات الاستخبارات، مما يجعل من الصعب تحديد دور هذه الوكالات في أنشطة المنظمة بدقة.
نهاية أجينتر برس
بدأت أجينتر برس في التراجع في أوائل السبعينيات، وذلك لعدة أسباب. أحد هذه الأسباب هو التغييرات السياسية في البرتغال بعد ثورة القرنفل عام 1974، والتي أدت إلى زوال نظام سالازار. سبب آخر هو زيادة الضغط على المنظمة من قبل وسائل الإعلام والباحثين، الذين كشفوا عن أنشطتها السرية. على الرغم من تراجعها، استمرت بعض عناصر أجينتر برس في العمل بشكل سري، والمشاركة في أنشطة مختلفة حتى الثمانينيات.
تأثير أجينتر برس
كان لأجينتر برس تأثير كبير على المشهد السياسي الدولي خلال فترة الحرب الباردة. فقد ساهمت المنظمة في:
- تصعيد التوترات: من خلال دعم الجماعات اليمينية المتطرفة، والمشاركة في العمليات السرية، ساهمت المنظمة في تصعيد التوترات بين الشرق والغرب، وزيادة خطر نشوب صراعات مسلحة.
- تقويض الديمقراطية: من خلال التدخل في الشؤون السياسية للعديد من البلدان، ساهمت المنظمة في تقويض الديمقراطية ودعم الأنظمة الاستبدادية.
- تعزيز أيديولوجيات اليمين المتطرف: من خلال نشر الدعاية والترويج لأيديولوجيات اليمين المتطرف، ساهمت المنظمة في تعزيز هذه الأيديولوجيات وانتشارها.
- خلق مناخ من عدم الثقة: ساهمت المنظمة في خلق مناخ من عدم الثقة والخوف، من خلال عملياتها السرية وتأثيرها على الرأي العام.
الجدل المحيط بأجينتر برس
لا تزال أجينتر برس موضوعًا للجدل والنقاش. يجادل البعض بأن المنظمة كانت ضرورية لمكافحة الشيوعية وحماية القيم الغربية، بينما يرى آخرون أنها كانت منظمة إرهابية متورطة في عمليات غير قانونية وانتهاكات لحقوق الإنسان. هناك أيضًا جدل حول مدى تورط وكالات الاستخبارات الغربية في أنشطة المنظمة، وعن المسؤولية التي تقع على عاتق هذه الوكالات.
خاتمة
كانت أجينتر برس منظمة مرتزقة دولية مناهضة للشيوعية لعبت دورًا هامًا في فترة الحرب الباردة. قامت المنظمة بتدريب المرتزقة، ودعم الجماعات اليمينية المتطرفة، والتدخل في الشؤون السياسية للعديد من البلدان. كان لأجينتر برس تأثير كبير على المشهد السياسي الدولي، حيث ساهمت في تصعيد التوترات، وتقويض الديمقراطية، وتعزيز أيديولوجيات اليمين المتطرف. على الرغم من تراجعها في السبعينيات، لا تزال أجينتر برس موضوعًا للجدل والنقاش، وتذكرنا بأهمية فهم التاريخ وأوجه التعقيد في الصراعات السياسية الدولية.