نشأته وتعليمه
ولد أختر حميد خان في أغرا بالهند البريطانية (أصبحت الآن جزءًا من الهند) في 15 يوليو 1914. تلقى تعليمه المبكر في المنزل ثم التحق بالكلية الحكومية في أغرا. أظهر تفوقًا أكاديميًا مبكرًا، وتخرج بدرجة البكالوريوس مع مرتبة الشرف في الأدب الإنجليزي. بعد ذلك، حصل على درجة الماجستير في التاريخ من جامعة أغرا.
في عام 1935، انضم إلى الخدمة المدنية الهندية المرموقة، والتي كانت بمثابة منصة انطلاق للعديد من الشخصيات البارزة في الهند البريطانية. ومع ذلك، سرعان ما شعر بالإحباط من البيروقراطية والجمود اللذين اتسمت بهما الخدمة المدنية. دفعه هذا الإحباط إلى البحث عن طرق أكثر فعالية لإحداث تغيير إيجابي في حياة الناس.
بداية مسيرته المهنية
قبل تقسيم الهند، عمل أختر حميد خان في مناصب إدارية مختلفة في البنغال. بعد التقسيم في عام 1947، هاجر إلى باكستان واختار خدمة بلاده الجديدة. واصل العمل في الحكومة الباكستانية، وشغل مناصب مختلفة في شرق باكستان (بنغلاديش الآن).
خلال فترة عمله في شرق باكستان، اكتسب فهمًا عميقًا للتحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها المجتمعات الريفية. أدرك أن النهج التقليدية للتنمية غالبًا ما تفشل في الوصول إلى الفقراء والمهمشين. بدأ في البحث عن بدائل أكثر مشاركة واستدامة.
مشروع أكاديمية التنمية الريفية (كوميلا)
في عام 1959، تم تعيين أختر حميد خان مديرًا لأكاديمية التنمية الريفية في كوميلا، شرق باكستان. كانت هذه نقطة تحول في حياته المهنية. تحت قيادته، أصبحت الأكاديمية مركزًا للابتكار والتجريب في مجال التنمية الريفية.
طور أختر حميد خان نموذج “نظام كوميلا”، وهو نهج شامل للتنمية الريفية يركز على بناء المؤسسات المحلية، وتوفير التدريب، وتشجيع المشاركة المجتمعية. شمل هذا النظام أربعة عناصر رئيسية:
- التعاونيات الزراعية: تم تنظيم المزارعين في تعاونيات لشراء المدخلات، وتسويق المنتجات، والحصول على الائتمان.
- مراكز التدريب: تم إنشاء مراكز تدريب لتزويد المزارعين بالمهارات والمعرفة اللازمة لتحسين ممارساتهم الزراعية.
- برامج الأشغال العامة: تم تنفيذ برامج الأشغال العامة لتوفير فرص العمل وتحسين البنية التحتية الريفية.
- التمويل الأصغر: تم توفير قروض صغيرة للمزارعين وأصحاب المشاريع الصغيرة لمساعدتهم على بدء أو توسيع أعمالهم.
نجح نظام كوميلا في تحسين الظروف المعيشية لملايين الأشخاص في شرق باكستان. تم اعتماده لاحقًا في أجزاء أخرى من باكستان والعالم النامي.
مؤسسة دعم برنامج آغا خان للتنمية الريفية (AKRSP)
بعد تقاعده من أكاديمية كوميلا في عام 1971، واصل أختر حميد خان عمله في مجال التنمية. في عام 1982، انضم إلى مؤسسة دعم برنامج آغا خان للتنمية الريفية (AKRSP) في شمال باكستان. لعب دورًا حاسمًا في تصميم وتنفيذ برنامج AKRSP، الذي أصبح نموذجًا ناجحًا آخر للتنمية الريفية المجتمعية.
ركز برنامج AKRSP على بناء منظمات مجتمعية قوية، وتوفير التدريب والدعم الفني، وتعزيز المشاركة المجتمعية في التخطيط واتخاذ القرارات. ساعد البرنامج في تحسين الدخل، والتعليم، والصحة، والبنية التحتية في المجتمعات الريفية في شمال باكستان.
مساهماته في مجال التمويل الأصغر
يعتبر أختر حميد خان رائدًا في مجال التمويل الأصغر. أدرك أن توفير الائتمان للمزارعين وأصحاب المشاريع الصغيرة يمكن أن يكون أداة قوية للحد من الفقر وتحسين سبل العيش. قام بتطوير نماذج مبتكرة للتمويل الأصغر التي كانت مستدامة وفعالة في الوصول إلى الفقراء.
أكد أختر حميد خان على أهمية بناء المؤسسات المحلية وإشراك المجتمعات في تصميم وتنفيذ برامج التمويل الأصغر. كما شدد على ضرورة توفير التدريب والدعم الفني للمقترضين لمساعدتهم على إدارة أعمالهم بنجاح.
فلسفته في التنمية
كان لأختر حميد خان فلسفة تنموية متميزة تركز على تمكين الناس وبناء المؤسسات المحلية. كان يعتقد أن التنمية يجب أن تكون عملية تشاركية يقودها المجتمع نفسه. كان ينتقد النهج من أعلى إلى أسفل التي غالبًا ما تستخدمها الحكومات والمنظمات غير الحكومية.
آمن أختر حميد خان بأن التعليم والتدريب ضروريان للتنمية المستدامة. كان يعتقد أن الناس بحاجة إلى اكتساب المعرفة والمهارات اللازمة لتحسين حياتهم ومجتمعاتهم. كما أكد على أهمية القيادة والابتكار في التنمية.
كان أختر حميد خان مدافعًا قويًا عن العدالة الاجتماعية والمساواة. كان يعتقد أن التنمية يجب أن تفيد جميع أفراد المجتمع، بمن فيهم الفقراء والمهمشون. كان يعمل بلا كلل لضمان حصول الجميع على فرص متساوية لتحسين حياتهم.
الجوائز والتكريم
حصل أختر حميد خان على العديد من الجوائز والتكريمات لعمله الرائد في مجال التنمية. تشمل بعض الجوائز البارزة التي حصل عليها ما يلي:
- جائزة رامون ماجسايساي (1963)
- الدكتوراه الفخرية من جامعة ميشيغان (1972)
- جائزة هيلين كيلر الدولية (1994)
بالإضافة إلى هذه الجوائز، تم تكريم أختر حميد خان من قبل العديد من المنظمات والمؤسسات الأخرى لعمله في مجال التنمية.
إرثه
لا يزال إرث أختر حميد خان يلهم ممارسي التنمية في جميع أنحاء العالم. أفكاره ونماذجه التنموية لا تزال ذات صلة اليوم كما كانت في الماضي. يعتبر عمله في مجال التمويل الأصغر والتنمية المجتمعية مثالًا يحتذى به للآخرين.
تستمر منظمات مثل مؤسسة دعم برنامج آغا خان للتنمية الريفية (AKRSP) في العمل على تعزيز رؤيته للتنمية المستدامة والشاملة. تظل مساهماته في مجال التنمية إرثًا دائمًا للأجيال القادمة.
خاتمة
أختر حميد خان كان شخصية بارزة في مجال التنمية، حيث ترك بصمة واضحة في باكستان والعالم النامي. من خلال عمله الرائد في التمويل الأصغر والتنمية المجتمعية، ساهم في تحسين حياة الملايين من الناس. تظل فلسفته التنموية، التي تركز على تمكين الناس وبناء المؤسسات المحلية، مصدر إلهام لممارسي التنمية في جميع أنحاء العالم. يعتبر أختر حميد خان بحق رائدًا في التنمية الريفية ومثالًا يحتذى به في العمل من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة.