نشأته وتعليمه
ولد عزيز سانجار في منطقة صايمبيلي في محافظة ماردين، تركيا. تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في تركيا، ثم التحق بجامعة إسطنبول عام 1963 لدراسة الطب. بعد تخرجه عام 1969، عمل كطبيب في تركيا لمدة عامين قبل أن يقرر متابعة دراساته العليا في الولايات المتحدة.
في عام 1973، التحق سانجار بجامعة تكساس في دالاس، حيث حصل على درجة الدكتوراه في علم الأحياء الجزيئية عام 1977. ثم أجرى أبحاثًا ما بعد الدكتوراه في جامعة ييل قبل أن ينتقل إلى جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل، حيث عمل كأستاذ منذ عام 1982.
إنجازاته العلمية
تركزت أبحاث سانجار بشكل أساسي على فهم آليات إصلاح الحمض النووي، وهي العمليات الخلوية التي تكتشف وتصلح التلف الذي يلحق بالحمض النووي. هذه العملية ضرورية للحفاظ على استقرار الجينوم، والوقاية من الأمراض مثل السرطان.
أحد أهم مساهمات سانجار هو اكتشافه لآلية إصلاح الحمض النووي المسماة “إصلاح الاستئصال النووي” (NER). هذه الآلية مسؤولة عن إزالة أنواع مختلفة من التلف من الحمض النووي، بما في ذلك الأضرار الناجمة عن الأشعة فوق البنفسجية، والتي يمكن أن تؤدي إلى سرطان الجلد. حدد سانجار وزملاؤه الجينات والبروتينات المشاركة في عملية NER، وفهموا كيفية عملها على المستوى الجزيئي.
بالإضافة إلى عمله على NER، قام سانجار أيضًا بأبحاث مهمة حول دورة الخلية ونقاط التفتيش فيها. نقاط التفتيش هي آليات خلوية تضمن أن تكون دورة الخلية تعمل بشكل صحيح، وتوقفها إذا كان هناك تلف في الحمض النووي. فهم هذه الآليات أمر بالغ الأهمية لفهم كيفية تطور السرطان، حيث غالبًا ما تكون هذه الآليات معطلة في الخلايا السرطانية.
ساهمت أبحاث سانجار بشكل كبير في فهمنا لآليات إصلاح الحمض النووي، وكيفية ارتباطها بالصحة والمرض. وقد مهدت أعماله الطريق لتطوير علاجات جديدة للسرطان وغيرها من الأمراض.
جائزة نوبل
في عام 2015، حصل عزيز سانجار على جائزة نوبل في الكيمياء، بالاشتراك مع توماس ليندال وبول مودريتش، “لاكتشافهما الآليات الجزيئية لإصلاح الحمض النووي”. كان هذا التكريم بمثابة اعتراف بإسهاماتهم الرائدة في مجال علم الأحياء الجزيئية، وتأثير أبحاثهم على فهمنا للصحة والمرض.
أثناء إعلانه عن الجائزة، أشارت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم إلى أن عمل سانجار على NER قد قدم مساهمات أساسية في فهمنا لكيفية تفاعل الخلايا مع التلف الذي يلحق بالحمض النووي، وكيفية الوقاية من الأمراض مثل السرطان. وقد أشادوا أيضًا بمساعيه لشرح عملية إصلاح الحمض النووي، وتقديم رؤى قيمة حول عملها المعقد.
بالإضافة إلى جائزة نوبل، حصل سانجار على العديد من الجوائز والأوسمة الأخرى تكريماً لإنجازاته، بما في ذلك جائزة “العلماء الأتراك الأمريكيين المتميزين” عام 2009.
حياته الشخصية
عزيز سانجار متزوج من غوينتان سانجار، وهي عالمة في علم الأحياء أيضًا، وتعمل في نفس الجامعة. لقد تعاونا في العديد من المشاريع البحثية، وعادا معًا إلى تركيا لإنشاء مركز أبحاث باسم “مركز عزيز وسوين سانجار للعلوم الصحية”.
يعرف عن سانجار حبه لتركيا، وهو يحرص على الحفاظ على روابط قوية مع مسقط رأسه. كما يشارك بنشاط في تشجيع العلوم والتعليم في تركيا، ويعتبر قدوة للعلماء الشباب في جميع أنحاء العالم.
مساهماته في المجتمع العلمي
بالإضافة إلى أبحاثه، ساهم سانجار بشكل كبير في المجتمع العلمي من خلال التدريس والإرشاد. لقد أشرف على عدد كبير من طلاب الدراسات العليا وزملاء ما بعد الدكتوراه، وساعد في تطوير الجيل القادم من العلماء. كما نشر العديد من المقالات العلمية، وقدم محاضرات في جميع أنحاء العالم، وشارك في لجان تحكيمية لتقييم المشاريع البحثية.
يُعرف سانجار بالتزامه بالشفافية والنزاهة في البحث العلمي. وهو يشارك بنشاط في تعزيز أخلاقيات البحث، وتشجيع العلماء على العمل بأعلى المعايير. يعتبر مثالًا يحتذى به للعلماء في جميع أنحاء العالم.
أهمية أبحاث سانجار
لأبحاث عزيز سانجار أهمية كبيرة في مجالات متعددة. أبرزها:
- فهم السرطان: ساهم عمله في فهم آليات إصلاح الحمض النووي في الكشف عن كيفية تطور السرطان، مما يفتح الباب أمام تطوير علاجات جديدة وأكثر فعالية.
- علاج السرطان: من خلال فهم كيفية عمل آليات إصلاح الحمض النووي، يمكن للباحثين تطوير أدوية تستهدف هذه الآليات، مما يؤدي إلى تدمير الخلايا السرطانية أو جعلها أكثر عرضة للعلاج الكيميائي والإشعاعي.
- الوقاية من الأمراض: فهم آليات إصلاح الحمض النووي يساعد في تحديد العوامل البيئية التي تسبب تلف الحمض النووي، وبالتالي اتخاذ تدابير وقائية للحد من التعرض لهذه العوامل وتقليل خطر الإصابة بالسرطان والأمراض الأخرى.
- تطوير تقنيات جديدة: أدت أبحاث سانجار إلى تطوير تقنيات جديدة في علم الأحياء الجزيئية، مما أتاح للباحثين دراسة الحمض النووي وإصلاحه بطرق أكثر دقة وفعالية.
التحديات التي واجهها
مثل العديد من العلماء، واجه عزيز سانجار تحديات مختلفة خلال مسيرته المهنية. بعض هذه التحديات تشمل:
- الحصول على التمويل: الحصول على التمويل الكافي لإجراء الأبحاث العلمية هو تحدٍ دائم للعلماء. يتطلب ذلك كتابة مقترحات بحثية مقنعة والتنافس على المنح مع علماء آخرين.
- التعاون والعمل الجماعي: يتطلب البحث العلمي الحديث غالبًا التعاون مع علماء آخرين من مختلف التخصصات. يتطلب ذلك التنسيق الجيد والقدرة على العمل بفعالية في فريق.
- التواصل العلمي: توصيل نتائج الأبحاث العلمية إلى الجمهور العام و صانعي السياسات يعتبر تحدياً، خاصة وأن البحث العلمي يمكن أن يكون معقداً.
مستقبل أبحاث إصلاح الحمض النووي
لا تزال أبحاث إصلاح الحمض النووي مجالًا نشطًا للبحث العلمي. هناك العديد من المجالات التي يتم استكشافها حاليًا، بما في ذلك:
- فهم آليات إصلاح الحمض النووي المعقدة: لا تزال هناك العديد من جوانب عملية إصلاح الحمض النووي التي لم يتم فهمها بشكل كامل. يسعى الباحثون إلى تحديد الجينات والبروتينات الجديدة المشاركة في هذه العمليات، وفهم كيفية تفاعلها مع بعضها البعض.
- تطوير علاجات جديدة للسرطان: هناك اهتمام كبير بتطوير علاجات جديدة للسرطان تستهدف آليات إصلاح الحمض النووي. تتضمن هذه العلاجات الأدوية التي تثبط آليات إصلاح الحمض النووي في الخلايا السرطانية، مما يجعلها أكثر عرضة للعلاج الكيميائي والإشعاعي.
- دراسة دور آليات إصلاح الحمض النووي في الشيخوخة: يعتقد الباحثون أن تلف الحمض النووي يتراكم مع تقدم العمر، مما يساهم في ظهور الأمراض المرتبطة بالشيخوخة. تهدف الأبحاث في هذا المجال إلى فهم كيفية تأثير آليات إصلاح الحمض النووي على عملية الشيخوخة، وتطوير طرق لإبطاء هذه العملية.
- تطبيق تقنيات تعديل الجينات: مع التقدم في تقنيات تعديل الجينات، مثل CRISPR-Cas9، هناك إمكانية لتعديل آليات إصلاح الحمض النووي لتحسين الصحة والوقاية من الأمراض.
خاتمة
يُعتبر عزيز سانجار شخصية بارزة في عالم العلوم، حيث ساهمت أبحاثه بشكل كبير في فهمنا لآليات إصلاح الحمض النووي، وكيفية ارتباطها بالصحة والمرض. فوزه بجائزة نوبل عام 2015 اعتراف بإسهاماته الرائدة في هذا المجال. إن عمله على تحديد وفهم آلية إصلاح الاستئصال النووي، بالإضافة إلى أبحاثه حول دورة الخلية، قد مهد الطريق لتطوير علاجات جديدة للسرطان والأمراض الأخرى. من خلال استمراره في البحث والتدريس، يلهم سانجار الأجيال القادمة من العلماء، ويواصل المساهمة في تقدم المعرفة العلمية.
المراجع
- The Nobel Prize in Chemistry 2015 – Facts
- Aziz Sancar – Carolina Honors
- Aziz Sancar Kimdir? – Turkishhush
- Aziz Sancar – Biography
“`